أوكرانيا بالعربية | الشعب يريد الغطاء... بقلم سامح سمير

تكاد تصرخ الحروف التي أكتب بها المقالات وتقول أنا عربية ولكن هل أجد عين عربية تقرأني أو أذن عربية تسمعني أو يد عربية تلمسني . كلنا نعرف معنى كلمة الغطاء ، فمنا من يتغطى ليتقّي البرد ويوجد من يتغطى ليتقّي المطر أو حرارة الشمس

كييف/أوكرانيا بالعربية/تكاد تصرخ الحروف التي أكتب بها المقالات وتقول أنا عربية ولكن هل أجد عين عربية تقرأني أو أذن عربية تسمعني أو يد عربية تلمسني .

كلنا نعرف معنى كلمة الغطاء ، فمنا من يتغطى ليتقّي البرد ويوجد من يتغطى ليتقّي المطر أو حرارة الشمس .... ولكن المقصود هنا هو الغطاء السياسي الذي يحمي من الأطماع والتدخلات ويضمن تحقيق الأهداف والغايات ويحمي من الدمار والصراع والحروب الطائفية والأهلية.  

يبدو أن الاحداث التي يمر بها الوطن العربي اليوم تفرض على المواطن العربي البسيط أن يٌلمّ بالمصطلحات السياسية ويحاول أن يستوعب كل مايدور حوله فلم يعد هناك وقت للدروشه أو الإتكال على زعيم أو قائد أو شيخ أوحد، أو ترك الامور للأحداث قائلين بجهل وسخافة أننا نتركها لله وللقضاء والقدر.

وحتى الخيانة والعمالة لن تفيد ولن تنفع ولن تقدم اي غطاء وحماية حقيقية، ولا ما يمكن تسميته تحالف الأصدقاء وإلتقاء المصالح أيضا لن يدوم طويلا فالمقاييس والمصالح والمطامع تتغير وتختلف حسب المشاريع المرحلية المطلوبة. 

 

لو تأملنا حال الأمة العربية بعد سقوط الدولة العثمانية الإسلامية ، نرى ماحدث من تكالب الدول الغربية على الدول العربية واحتلالها احتلالا خارجيا صريحا وكان غطاؤها في ذلك آلتها وقوتها العسكرية واتفاقها على تقاسم تركة الرجل المريض.

ثم نجد ماحدث من انقلابات عسكرية وحروب أسفر عن وجود ما سُمّي في بعض الدول بإحتلال داخلي حيث أصبح لكل نظام حاكم غطاء معيّن يحميه ويحمي نظامه حيث ضمن الغرب ان الدول العربية أصبحت مقسّمة ومحددة وكل له غطاؤه السياسي فمن الدول العربية من إتخذ من الاتحاد السوفيتي سابقا وروسيا لاحقا غطاءا ومنها من إتخذ اسرائيل ومنها من إتخذ أمريكا ومنها من إتخذ أوروبا حتى أن منها من إتخذ إيران وهكذا...

  والآن بعد أن طفح الكيل بهذه الشعوب المسكينة والمقهورة والمهدرة ثرواتها والمكسورة نفوسها وكبرياءها ، حدث ما سمّي بالربيع العربي كرد فعل طبيعي.

فنجد الغرب والدول المغرضة مرة أخرى يحاول أن يكرر محاولة الاحتلال المعهودة ولكن هذه المرة سيكون (كوكتيل) إحتلال داخلي وخارجي وصريح وغير صريح حيث المطلوب هو تفتيت الدول العربية لتكون دويلات شبه عربية. 

 

وتمضي هذه الشعوب من جحيم إلى جحيم ومن تعاسة إلى تعاسة ومن إحتلال إلى إحتلال ثم إلى دمار. فلابد أن تعي ذلك الشعوب العربية حيث أن الأمل اليوم معقودا عليها فهي التي قامت بالثورات وهي التي دفعت ثمنها.

يجب أن تعلم هذه الشعوب وتؤمن إيمانا مطلقا بأنه يجب عليها أن تبادر وتسارع إلى الوحدة العربية وإقامة الإتحاد العربي على غرار الإتحاد الأوروبي حيث كل دولة لها نظامها الخاص والمستقل ولكن يوجد إتحاد سياسي ومواقفي وجغرافي وإقتصادي وهكذا...

ويكون أساس ومرجعية هذه الوحدة هو أن هذا خيار حياة أو موت أي على أساس استراتيجي ومصلحة وجودية مشتركة فرضتها علينا الظروف وموقعنا الجغرافي وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا وليس على أساس عرقي أو ديني، أي أننا سنتحد ليس لأننا عرب وليس لأننا معظمنا مسلمون وليس لأنه يوجد روابط ثقافية وإجتماعية كثيرة بيننا، أكيد هويتنا العربية والإسلامية وروابطنا المختلفة ستعلب دور هام ولكن حتى لا نعود الى مربع الطائفية والعرقية ونفقد الهدف الإستراتيجي الأساسي وهذا مايريده الأعداء والمنافسين.   

 

هذا فقط  سيكون هو الغطاء الذي سيحمي ثوراتنا وأهدافنا وإستقرارنا في الدول التي لم تقم فيها ثورات ويقينا شر الكلاب الضالة التي تتربص بنا لتنهش لحمنا وعظمنا.

إذا فكرت أي دولة عربية سواء حدث فيها ثورات أم لا، أن تتخذ لنفسها أي غطاء خارجي على أي أساس طائفي أو عرقي أو نفطي أو غيره أو أخذها طموحها وطمعها وغرورها لان تلعب دور أكبر مما يجب على حساب دول عربية أخرى شقيقة فلن ينفعها وإن نفع سيكون نفعا قصير الأجل جدا ثم يُلقى بها في سلة المهملات بعد أن تكون قد رُكبت واستُخدمت كمطية مجانية.  


لابد أن تستمر الشعوب العربية في مطالبها ولكن بشكل أعمق وأكبر وأرشد ويجب على الكتّاب والمفكرين المخلصين لله وللوطن أن يوجّهوا هذه الطاقة في الطريق السليم ليكون مطلبها وشعارها الشعب يريد إقامة الإتحاد العربي فهذا هو الغطاء الذي سيحمي شعار الشعب يريد تغيير النظام أو إصلاح النظام في الدول التي لم تحدث فيها ثورات.   

فلا تغيير ولا إصلاح آمن، بدون غطاء عربي عربي، إذا لم نُغطّ بعضنا البعض فلن يُغطّينا أحد. وحتى لن نستطيع أن نفعل مثل ادم وحواء حيث نداري سوءاتنا بأوراق الشجر لأنه لن يكون هناك أوراق ولا شجر.

فالمستقبل مظلم والطريق موحل والدمار قادم لامحالة بدون غطاء من الوحدة العربية مُتمثلا في الإتحاد العربي.


سامح سمير

كاتب عربي مصري في أوكرانيا


المصدر : أوكرانيا بالعربية



مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
بولندا وليتوانيا مستعدتان لمساعدة أوكرانيا على إعادة الرجال في سن الخدمة العسكرية
سياسة
لوكاشينكو: الحرب قد تنتهي بإنهاء وجود أوكرانيا
سياسة
وزير خارجية بولندا: لفيف أوكرانية
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.