أوكرانيا بالعربية | الرئيس الجاسوس... بقلم هيام محي الدين
كييف/أوكرانيا بالعربية/حين نشرت الصحف قرار النائب العام المستشار هشام بركات بإحالة المعزول محمد مرسي وعشرة من مساعديه وأعضاء جماعته إلى المحاكمة الجنائية بتهمة التخابر مع دولة أجنبية وتزويدها بمعلومات ووثائق على قدر كبير من الخطورة والسرية تمس الأمن القومي حصل عليها بحكم منصبه كرئيس للجمهورية أقسم بأن يحافظ على سلامة الوطن ووحدة أراضيه أحسست بمزيج من الاحتقار والقرف والغضب وانتابتني حالة من الغثيان كانت تزداد يوما بعد يوم حين نشرت الصحف تحقيقات النيابة واعترافات المتهمين وكم المعلومات الخطيرة والعالية السرية التي استولى عليها هؤلاء الخونة بتعليمات من رئيسهم الذي ائتمنه الشعب على مقدراته والتي احتوت على مستندات صادرة من المؤسسات السيادية للدولة تتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة " تسليحا ؛ وتدريباً ؛ وانتشاراً ! " وتقارير المخابرات العامة للرئاسة والهيكل التنظيمي لوزارة الإنتاج الحربي ومصانعها وخطط القوات المسلحة وعناصر القوة بها ومناطق انتشار القواعد الجوية وقوات الدفاع الجوي ومعلومات عن شبكة الاتصالات العسكرية ؛ ومعلومات ووثائق المخابرات العامة عن أعضاء الحكومة الإسرائيلية ؛ وخطط المخابرات الحربية لاستعادة الأمن بسيناء ؛ وحتى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات بالمخالفات المالية لاستخدامها ضد مصر دعائياً وتم نسخ كل هذه المستندات السرية وغيرها وتسليم هذه الصور على فلاشة كمبيوتر إلى مخابرات دولة قطر ومسئولي قناة الجزيرة مقابل وعد بمليون دولار لعصابة مساعدي المعزول وأعضاء جماعته قبضوا منها ستين ألف دولار فقط ؛ لأنهم كانوا يريدون الأصول أيضاً والتي ضبطت بحوزة كريمة الصيرفي ابنة أمين الصيرفي سكرتير المعزول .. اعترافات يشيب لهولها الولدان وتزلزل الأرض ؛ وتثير في نفس كل مصري يحب هذا الوطن ما أثارته في نفسي من احتقار وقرف وغضب وغثيان مازال يلازمني حتى وأنا أكتب هذا المقال.
ولأني من مدمني قراءة التاريخ فقد بحثت في أضابير ذاكرتي التاريخية ونثرت حولي أسفار مكتبتي التي تحتل كتب التاريخ وموسوعاته الجانب الغالب عليها لكي أجد ملكا أو رئيساً لدولة ارتكب جريمة ذلك القرداتي الذي حكم مصر عاما كاملا ؛ فوجدت ملوكا ورؤساء أعدمتهم شعوبهم لجرائم اعتبرتها خيانة عظمى ولكني لم أجد بين جرائمهم ما يطابق جريمة مرسي وجماعته فقد قطعت فأس جلاد البرلمان الإنجليزي رأس الملك شارل الأول وبتر حد مقصلة الثورة الفرنسية رقبة لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت وأعدم الرومانيون رئيسهم " شاوشيسكو " وزوجته رميا بالرصاص وقبلهم قتل الإيطاليون " موسيليني " وعشيقته " كلارا بياتشي " وعلقوهما من أرجلهما في حانوت جزار ؛ نتيجة جرائم تتصل بالطغيان والاستبداد وسرقة وتبديد ثروات الشعوب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية كالإرهاب والتعذيب والقتل أحياناً ؛ ولكني لم أجد ملكا ولا رئيساً واحداً عبر التاريخ الإنساني تخابر مع دولة أجنبية وزودها بكافة المعلومات عن أخطر أسرار بلاده وأن يتم ذلك بمعرفته وعلمه بل بأوامره وتعليماته ولعل أقرب مثال في التاريخ لرئيس تعاون شبه كامل مع أعداء بلاده هو نموذج الماريشال الفرنسي " بيتان " بطل فرنسا في الحرب العالمية الأولى والذي حقق لها النصر ضد الألمان في موقعة " فردان " الشهيرة سنة 1918 لكنه حين غزا الألمان فرنسا في الحرب العالمية الثانية " مايو 1940 " تعاون معهم تعاوناً كاملاً وألف حكومة تابعة لهم كان مقرها مدينة " فيشي " وزود ألمانيا النازية بكل أسرار ووثائق فرنسا وحلفائها طواعيه واختيارا ورغم أننا يمكن أن نتفهم موقف الماريشال " بيتان " على أنه انهيار شخصي ونفسي أمام العسكرية الهتلرية الساحقة واعتقاده بانتصار ألمانيا النهائي في الحرب إلا أن الشعب الفرنسي لم يغفر وأعدمه بعد نهاية الحرب بانتصار الحلفاء مشيعاً بطله العسكري بلعنة الخيانة إن جريمة جماعة الخوان غير المسلمين بنقل خطط المخابرات الحربية والقوات المسلحة إلى دولة أجنبية راعية للإرهاب تسببت في مقتل العشرات من جنودنا البواسل في سيناء ، كما تكلف تغيير ما تم إفشاؤه من أسرار الدولة وتحجيم أضراره الكثير من الوقت والجهد والمال لإصلاح ما أفسده إفشاء الأسرار وتغيير ما احتوته بعض المستندات ؛ ولكن أي جهد لن يجبر ما حدث من أضرار بالغة على الأمن القومي للوطن.
وإذا كانت هناك قطرة واحدة من دماء في عروق من يدافع عن جماعة الخوان غير المسلمين فعليه أن يخجل من غبائه وانسياقه وراء أكاذيبهم وتضليلهم وتجارتهم بالدين واستغلال إيمان البسطاء من المصريين وتدينهم فلا يمكن لمن يخون وطنه بهذه الصورة المستهترة الفجة أن يدعى الإيمان ؛ فجماعة الخوان الإرهابية لا تؤمن بالوطن ؛ ولا تعترف بالوطنية فالوطن لديهم كما قال إمامهم " سيد قطب " في كتابة " معالم في الطريق " أن الوطن ليس إلا حفنة من تراب عفن ؛ وتابعه مرشدهم السابق " مهدي عاكف " حين قال " طظ في مصر " فأرض الوطن وترابه وشعبه وجيشه وأسراره وأمنه القومي وسلامته ووحدة أراضيه سلع قابلة للبيع ، والتفريط فيها لصالح تمكين الجماعة وفرض سطوتها مباح بل مطلوب وواجب ؛ وهذا ما نفذه القرداتي الخائن الجاهل الغبي الأحمق الذي أصبح رئيسا لمصر عاما أسود ارتكب فيه من الجرائم الفاضحة والتصرفات الحمقاء والرؤية الجاهلة ؛ ما لم يرتكبه رئيس أو حاكم قبله فأصبح " كلاكيت لأول مرة " ولا أظن أنها قابلة للتكرار فقد حظرت ثورة 30 يونيو تصوير الرواية ودمرت كاميرات التصوير ووضعت الممثلين والمهرجين والخونة في مكانهم الطبيعي من مزبلة التاريخ : السجن فالمحاكمة فإرسالهم إلى جهنم مشيعين بلعنة الخيانة.
ولا أملك إلا أن أصرخ بملء صوتي في وجه كل خوان أو متعاطف مع جماعة الخوان ؛ أن يبتلع لسانه ، وأن يراجع مواقفه وأن يعترف بأنه كان غبيا تم خداعه وجره إلى التعاطف مع خونة وجواسيس لا يعترفون بالوطن ولا يحملون لمصر إلا الشر والدمار والتفتيت والتقسيم ؛ فإذا كان مازال يحمل لهذا الوطن قدراً من الانتماء فعليه أن يعود إلى صفوف الشعب وإلى أحضان الوطن ؛ وأن يكفر عن تأييده للخونة واستسلامه وانخداعه بأكاذيبهم بالعمل الجاد والإنتاج والإسهام مع إخوته في الوطن في القضاء على الإرهاب ، فسوف يظل هذا الوطن محفوظاً بعناية الله ورعايته.
فمصر الكنانة من رامها .. بسوء وهى ظهره وانقصم
وقد أرادت لها جماعة الخوان الدمار فدمرهم الشعب ؛ وأرادوا لها الخراب والذل فأذلهم الله ؛ وأرادوا أن يسيطروا عليها ويفتتوا وحدتها فشردهم الله بين هارب وسجين ، وهذا جزاء الخونة الظالمين.
هيام فوزى محى الدين
كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية