أوكرانيا بالعربية | اللـغــط حــول قــضــيــة الـقـــرن... بقلم حسن زايد
01.10.2014 - 18:36
أمرٌ مثيرٌ للدهشة والإستغراب، أن يصبح ما تتخذه المحكمة من إجراءات ، وما تُصدره من قرارات ، محل شد وجذب في وسائل الإعلام ، في دولة المفترض فيها أن استقلال القضاء أحد المطالب الرئيسة لثوارها . فقد أفزعتني تلك الهجمة الشرسة ، التي مارسها البعض علي هيئة المحكمة ، لأسباب مختلفة . خاصة وأن الرأي العام قد تأثر كثيراً بتلك الصورة السلبية التي صدَّرتها جماعة الإخوان للقضاء والقضاة ، إبان فترة حكمها ، حيث صورت القضاة بأنهم فاسدون ، مسيسون ، وأن القضاء في حاجة إلي تطهير ، شأنه في ذلك شأن كافة مؤسسات الدولة التي كانت تسعي الجماعة إلي تقويضها ، وهدمها ، وبناء مؤسسات الجماعة علي أنقاضها . حيث حُرِّض شباب الجماعة علي احتلال قاعات المحاكم ، والهتاف بداخلها ، وافتعال المعارك الكلامية ، بل والإشتباك بالأيدي مع خصومها في القضايا المنظورة ، والهدف النهائي نزع الهيبة المفترضة للقضاء والقضاة ، وإزاحة الإحترام الواجب لهما من النفوس ، فيسهل بذلك هدمهما ، دون أن يترك ذلك أثراً للتعاطف معهما، أو الأسي عليهما . كييف/أوكرانيا بالعربية/أمرٌ مثيرٌ للدهشة والإستغراب، أن يصبح ما تتخذه المحكمة من إجراءات ، وما تُصدره من قرارات ، محل شد وجذب في وسائل الإعلام ، في دولة المفترض فيها أن استقلال القضاء أحد المطالب الرئيسة لثوارها . فقد أفزعتني تلك الهجمة الشرسة ، التي مارسها البعض علي هيئة المحكمة ، لأسباب مختلفة . خاصة وأن الرأي العام قد تأثر كثيراً بتلك الصورة السلبية التي صدَّرتها جماعة الإخوان للقضاء والقضاة ، إبان فترة حكمها ، حيث صورت القضاة بأنهم فاسدون ، مسيسون ، وأن القضاء في حاجة إلي تطهير ، شأنه في ذلك شأن كافة مؤسسات الدولة التي كانت تسعي الجماعة إلي تقويضها ، وهدمها ، وبناء مؤسسات الجماعة علي أنقاضها . حيث حُرِّض شباب الجماعة علي احتلال قاعات المحاكم ، والهتاف بداخلها ، وافتعال المعارك الكلامية ، بل والإشتباك بالأيدي مع خصومها في القضايا المنظورة ، والهدف النهائي نزع الهيبة المفترضة للقضاء والقضاة ، وإزاحة الإحترام الواجب لهما من النفوس ، فيسهل بذلك هدمهما ، دون أن يترك ذلك أثراً للتعاطف معهما، أو الأسي عليهما .
فقد سبق لها التشكيك في أحكام المحكمة الدستورية العليا ، والتطاول علي قضاتها ، ووصل الأمر إلي حد محاصرتها بعصابات مسلحة من جماعة حازمون ـ نسبة إلي حازم أبو اسماعيل ـ حتي لا يتسني لها الإنعقاد ، والنظر في القضايا . بل إن هؤلاء المغيبون طلبوا من الرئيس الأسبق ـ مرسي ـ أن يعطيهم الإشارة ، كي يُحضرُونهم ـ قضاة المحكمة الدستورية العليا ـ له في شيكارة . إن هذا العته لا ريب أنه ترك في نفوس العوام أثراً سلبياً تجاه القضاء والقضاة . هذا الأثر لم يندمل بعد ، وما زال يسري في النفوس ، بفعل وَهْم أن ما كان يأتي من هؤلاء المعاتيه هو الدين . ورغم أن موقف القضاة كان الشرارة الأولي التي أطلقت ثورة يونيه ضد نظام الجماعة الفاشي ، إلا أن ذلك وحده لا يعد كافياً لإعادة بناء جسور الثقة بين سلطة القضاء والشعب المصري . فليس من المعقول ، ولا المقبول ، أن يقوم نفر منا ، باللهاث وراء الدعاية الإخوانية المغرضة ، متبنياً وجهة نظرهم ، بحسن نية ، أو بجهلٍ ، أو بقصدٍ مغرضٍ ، محققين بذلك مراميهم وأهدافهم الخبيثة في النيل من القضاة والقضاء . فمحاولة الإخوان وأذنابهم ، ومن لف لفهم ودار في فلكهم ، النيل من قضاة محاكمة القرن ـ محاكمة مبارك ورموز نظامه ـ بتصورات ساذجة ، لكنها مقصودة ، هي محاولة بائسة من أناس لفظهم الزمن ، ويتحركون خارج أُطُر التاريخ . إذ لابد أن ندرك ابتداءًا أن الحكم الذي مُدَّ أجل النطق به ، لأسباب قانونية متعلقة بعدم استيفاء أسباب وحيثيات الحكم ، هو حكم مطعون عليه بالضرورة في الحالتين اللتين لا ثالث لهما : حالة الحكم بالبراءة ، وفي هذه الحالة ستقوم النيابة العامة ـ ممثل المجتمع ـ بالطعن عليه أمام محكمة النقض .
أو في حالة الحكم بالإدانة : وفي هذه الحالة سيقوم الدفاع عن المتهمين بالطعن علي الحكم أمام محكمة النقض . وفي الحالتين ستنظر محكمة النقض في القضية كمحكمة موضوع ، أي هي التي ستنظر القضية بنفسها . ولا ريب أن كل ذلك سيستغرق وقتاً ، سواء صدر الحكم في الجلسة الحالية ، أو في الجلسة القادمة . وبالتالي يصبح من السخف إشاعة أنه يتم تأجيل القضية ، أو النطق بالحكم ، حتي تنقضي الدعوي الجنائية بوفاة الجاني ـ مبارك ـ بالنظر لتدهور حالته الصحية تطبيقاً للمادة (14 ). وفي إطار المصارحة والمكاشفة والشفافية وعلانية الجلسات التي اعتمدتها هيئة المحكمة منهجاً لها ، ارتأت دحض المزاعم الشائعة بقصد إحداث البلبة بين أبناء الشعب الذي تُفتَتَح الجلسات ، وتصدُر الأحكام باسمه ، فأفصحت عن المادة (14) من قانون الإجراءات الجنائية ، والتي تنص علي : " تنقضي الدعوي الجنائية بوفاة المتهم ، ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة في الحالة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة ( 30 ) من قانون العقوبات إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوي " . فأُخِذَ علي هيئة المحكمة أنها صَرَّحت بذلك ، وهي غير ملزمة ببيان ذلك للرأي العام ، وبالتالي فهي قد تأثرت ـ وهو ما لا ينبغي لها ـ بما جري إشاعته ، وقد يمثل ذلك مطعناً علي الحكم . وهو في الواقع كلام متهافت ، لأن كون المحكمة تدرأ هذه الشبهة ، لا يعني أنها قد تأثرت بما يثار في الشارع ، وأنا أميل إلي درء الشبهات .
أما عن القول بأن تأثرها يمثل مدخلاً للطعن علي الحكم ، فهو أيضاً كلام محل نظر ، لأن من يتقول بذلك غير مأذون له بهذا الطعن ، باعتباره غير ذي مصلحة . وأصحاب المصلحة طرفان لا ثالث لهما هما : النيابة العامة ، وهيئة الدفاع عن المتهمين ، وكلاهما لا مصلحة له في إطالة أمد الدعوي ، ولن يكون هذا المدخل هو مدخلهما للطعن الحاصل بالضرورة من أي منهما بحسب الحكم . وبيان المحكمة بأن أسباب وحيثيات الحكم ستكون مثبتة بالضرورة بغض النظر عن انقضاء الدعوي من عدمه ، لأن الأجل المضروب هو تمديد لأجل النطق بالحكم ، والحكم هو سابق علي أسبابه وحيثياته ، حيث تتكون عقيدة الحكم ، ثم يجري البحث في أسبابه ، هو بيان لإزالة ما قد يطرأ من التباس علي أذهان الناس ، وليس تأثراً بهم . ومما أثير حوله اللغط دون لزوم منطقي لذلك ، ما ذهب إليه البعض من أن إدخال كاميرات التصوير إلي مقر وجود ملفات القضية ، وإذاعتها علي الهواء مباشرة ، يعد تدخلاً في القضية من غير ذي اختصاص من ناحية ، وبحثاً عن الشهرة الإعلامية من ناحية أخري ، وإن كان ولابد من ذلك ، فلتكن للتلفزيون الرسمي للدولة من باب أولي ،من ناحية ثالثة .
وهذا الكلام فيه افتئات صارخ علي الحقيقة ، وتزيّد لا لزوم له . فلابد من القول أن علانية الجلسات هو الأصل من الناحية القانونية ، ومن ثم فإن قرار نقل جلسات المحاكمة علي الهواء مباشرة ليس بدعة ، ولا مخالفاً لصحيح القانون ، ولا بحثاً عن الشهرة الإعلامية لأنه عمل بالأصل المقرر . وقد كان نقل الجلسات مُسْنَداً للتلفزيون الرسمي للدولة ، حتي امتنع عن نقل مرافعات الدفاع عن المتهمين ، وهو ما يناقض مبدأ العدالة ، والشفافية ، والأمانة ، وعندما طُلِب منه تعديل موقفه أبَي . فجري سحب هذا الإختصاص منه ، وإسناده إلي إحدي القنوات الخاصة المصرية التي تمكنت من توفير الإشتراطات الموضوعة ، ومن بينها إعطاء شارة البث لمن يرغب مجاناً . والنقل الحي لجلسات المحاكمة لايعد تدخلاً في سير القضية ، ولا مؤثراً عليها ، ولا تأثراً باتجاهات الرأي العام ، وإنما كما قلنا عملاً بالأصل .
وقد أفاد هذا النقل الرأي العام ، وجعله مطمئناً إلي سير القضية ، وإعطاء النيابة ، ودفاع المتهمين ، والشهود ، سواء شهود النفي أو شهود الإثبات ، والمتهمين ، الفرصة الكاملة في عرض وجهة نظرهم الكاملة غير المنقوصة ، وغير المقيدة بأي قيد ، قد حقق العدالة ، وأزال أي شك في سلامة وصحة إجراءات المحاكمة من صدر أي من طرفي الموضوع ، سواء المؤيد لمبارك أو المعارض له . كذلك كان السماح لإحدي الفضائيات بتصوير ملفات القضية دون الخوض في تفاصيل ما تحتوي عليه ، ودون التدخل في الشئون القضائية كتصوير الجلسات ، الهدف الأسمي منه هو إطلاع كافة الأطراف ، بما في ذلك أحاد الناس من المشاهدين ، علي أسباب التأجيل بمد أمد النطق بالحكم ، الذي هو حق أصيل للمجتمع . أما القول بأن تصوير فيلم تسجيلي لملفات القضية يعني حتمية الإطلاع عليها ، وهي ليست طرفاً في القضية ، مما قد يفتح الباب للطعن أمام النيابة حال الحكم بالبراءة ، هو قول تعوزه الدقة ، لأن تصوير الملفات لا يعني الإطلاع عليها بحال من الأحوال . وفي النهاية لا يسعنا سوي القول بأن احترام القضاء ، وعدم التعليق علي أحكامه ، وقراراته ، هو السبيل الوحيد لبناء دولة القانون ، لأن القاضي في النهاية يستند في قراراته وأحكامه لأحكام القانون ، وهومما لا يجوز التعليق عليه بآراء شخصية ، وإلا أصبحت الأحكام القضائية محلاً للتشكيك ، وعرضة للإستفتاء الشعبي عليها ،وهو أمر لا يستقيم لدولة تسعي جاهدة أن تدخل في إطار دولة القانون ، بل تنهدم بذلك دولة القانون ، وهو ما لا نرغبه ، ولا نسعي إليه ، ولا نشجع من يسعي إليه أو يدعمه .
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية
الأخبار الرئيسية
سياسة
الرئيس الأوكراني يقيل سفراء بلاده بعدد من الدول والمنظمات
سياسة
فيتسو: زيلينسكي عرض علي 500 مليون يورو مقابل دعم انضمام أوكرانيا للناتو
سياسة
المستشار الألماني يعلن إمدادات عسكرية جديدة لأوكرانيا
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.