أوكرانيا بالعربية | الكيل بمكيالين ... بقلم هيام محي الدين
كييف/أوكرانيا بالعربية/ثار الشعب المصري بأغلبية ساحقة ووعي وطني ورؤية تاريخية ثاقبة وعميقة ضد حكم جماعة الإخوان التي ركبت الموجة الثورية في فبراير 2011 واستخدمت تنظيمها الإرهابي بشكل يتسم بالكذب والنفاق والمراهنة والخداع ثم العنف والإرهاب والتعذيب والقتل والاستبداد والتمكين لجماعتهم وإبعاد وتهميش كل القوى السياسية حتى من كانوا حلفاء لهم ؛ فأدرك الشعب مدى ما وقع فيه من خداع حين صدق أنهم تغيروا وصار واضحاً لكل مصري وطني أن هذه الجماعة تقود الأمة إلى هاوية سحيقة من الخراب والتقسيم وكشف تحالفها واستعانتها بأعداء الوطن لتمكين أنفسهم من السيطرة ، على حساب وحدة الشعب وقدسية الأرض ، وبدأ المصريون ثورتهم بعد إصدار الرئيس المعزول محمد مرسي إعلانه الدستوري الذي يحول به نفسه إلى طاغية لا يحاسب ولا يناقش في نوفمبر 2012 ، فكشفت الجماعة عن وجهها القبيح واستعادت تاريخها الأسود في الإرهاب والاغتيال والطغيان والتعذيب لكل من عارضهم وسقط عشرات الشهداء في الاتحادية والتحرير ؛ فصعد الشعب من نضاله وجمع زهاء ثلاثين مليون توقيع برفض حكم الجماعة من خلال حملة تمرد وحدد الشعب يوم 30 يونيو 2013 للاحتشاد في الميادين لإسقاط الجماعة ؛ وقد بلغ الغباء والغرور بقيادات الجماعة أنهم لم يصدقوا أن الشعب جاد في رفضهم وإسقاطهم الجماعة ؛ وقد بلغ الغباء والغرور بقيادات الجماعة أنهم لم يصدقوا أن الشعب جاد في رفضهم وإسقاطهم وظنوا أن تحالفهم مع مشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة سوف يعطيهم حليفا قويا يضمن بقاءهم ؛ كما أغتروا بجماعات الإرهاب المسلح التي نشروها في شمال سيناء ؛ وبعناصر حماس التي أخرجتهم من السجون وهاجمت أقسام الشرطة في 2011 ، ولكن ذلك كله لم يمنع الشعب المصري من أن يخرج في اليوم الذي حدده بأعداد أسطورية جاوزن الملايين الثلاثين في كل ميادين مصر في حشود أذهلت العالم وبهرته بسلميتها وإصرارها وتجميعها لكل عناصر الأمة بل وكل مؤسسات الدولة مما دفع الجيش الوطني إلى الانحياز للإرادة الشعبية في اليوم الرابع للحشود وقام بعزل الرئيس المرفوض وجماعته.
ولكن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة التي رأت مشروعها لتفتيت المنطقة وتمزيقها تمهيدا للسيطرة الكاملة عليها يسقط نهائيا بسقوط حلفائها الذين اعتمدت عليهم ، تجاهلت بصورة مثيرة للسخرية حشود الشعب المصري بكل طبقاته ومؤسسات الدولة المصرية بكل عناصرها المتمثلة في القضاء والإعلام والشرطة والمثقفون والعمال والفلاحون ؛ وسمت ما حدث انقلابا عسكريا واتخذت مع حلفائها في الاتحاد الأوربي إجراءات مضادة لإرادة الشعب المصري ؛ وجمدت المعونة العسكرية ومنعت توريد الأسلحة المتفق عليها مسبقا (طائرات أف 16 ، ومروحيات الأباتشي ، وقطع الغيار الضرورية وبعض القطع البحرية ) عقابا للشعب المصري الذي ثار وأسقط حلفاؤهم الخونة ومارس الإعلام الغربي بمساعدة تركيا وقطر حربا إعلامية ضارية ضد إرادة الشعب المصري وظلت تصف ما حدث بأنه انقلاب عسكري.
ومنذ أيام قليلة ثار جانب من الشعب الأوكراني ضد رئيسه المنتخب بتمويل من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وسيطروا على العاصمة " كييف " وأجبروا الرئيس على الفرار إلى روسيا بينما شرق البلاد كله الذي يتكلم الروسية وشبه جزيرة القرم التي تتمتع بالحكم الذاتي ويشكلان أكثر من نصف البلاد مساحة وسكانا ترفض ما حدث وصوت برلمان القرم على إجراء استفتاء للانضمام إلى روسيا الاتحادية يوم 16 مارس الحالي ، أي أن الوضع في أوكرانيا بالنسبة للرفض الشعبي للرئيس المنتخب لا يصل أبدا إلى الوضع في مصر للرفض الشعبي لرئيس الإخواني وجماعته ، ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يصفون ما حدث بأنه ثورة شعبية وإرادة شعب أوكرانيا بينما كان وصفهم لما حدث في مصر بأنه انقلاب عسكري.
إذن هي المصالح ، وليس الانحياز لإرادة الشعوب ؛ أو لتمكين الديمقراطية أو احترام الحرية ، أو حقوق الإنسان ، التي طالما تشدق الغرب بها ، وادعى أنه يدافع عنها ويناضل من أجلها.
فهل كان حكم الإخوان في مصر يتسم بالديمقراطية أو يرعى حقوق الإنسان ؟!
هل من الديمقراطية إصدار إعلان دستوري يكرس الدكتاتورية والطغيان وتفصيل دستور يؤدي لحكم فصيل واحد واستبعاد بقية الفصائل السياسية ويمهد لدولة دينية غير مدنية ؟! وهل من الديمقراطية محاولة السيطرة والتمكن من مفاصل الدولة بعناصر الجماعة لتحكم وحدها ؟! وهل من الديمقراطية العفو عن الإرهابيين المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة والإعدام وحشدهم في سيناء لخطف وقتل جنود الجيش والشرطة وإرهابهم ؟!
وهل من الديمقراطية فرض نائب عام من أعضاء الجماعة المنحازين لها فكريا ليكيل بمكيالين ؛ رغم رفض الهيئة القضائية وغالبية أعضاء النيابة له ؟! وهل من الديمقراطية قتل المتظاهرين والتحريض على الفتنة الطائفية والمذهبية وحرق الكنائس وقتل الشيعة بدم بارد ؟!
كل هذا ارتكبه الإخوان خلال عام واحد من حكمهم الأسود وتدعى الولايات المتحدة أن وجودهم واستمرارهم في الحكم هو الديمقراطية !!
بينما الواضح في الحالة الأوكرانية أنها مظاهرات ممولة من الغرب وخداع لشعب أوكرانيا أو لجزء منه بأحلام الرفاهية التي تعيشها دول الاتحاد الأوربي وهي أحلام كاذبة وغير قابلة للتحقق نتيجة لكثير من الظروف الجغرافية والاقتصادية والتاريخية واللغوية التي تجعل تحقيق حلم الرخاء الأوربي في أوكرانيا سرابا خادعاً.
إن هذا التناقض في الموقف الغربي درس يجب أن يستفيد منه كل مصري مازال يرى في الغرب راعيا للديمقراطية والحرية.
إن هؤلاء لا تعنيهم سوى مصالحهم وإن أدت إلى خراب كامل وتدمير شامل لكل من يقف ضد هذه المصالح ، وعلى المصريين أن يتفهموا هذا الأمر جيدا ويكون رائدهم المصلحة الوطنية المصرية وحدها لا الانبهار بنظم تتمتع بالحرية والديمقراطية ولا ترضاها لغيرها من الأمم.
هيام فوزى محى الدين كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية
رئيسة تحرير جريدة شبكة أخبار المشاهد المصرى الإلكترونية
المصدر: أوكرانيا بالعربية