كييف/اوكرانيا بالعربية/أخيرا افاقت جامعة الدول العربية من غيبوبتها وقررت دعوة وزراء خارجية حكوماتها الى اجتماع طارئ لبحث الازمة السورية وتطوراتها في ضوء مشاورات موفد الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي لعقد مؤتمر "جنيف2" حسب تصريح للسيد احمد بن حلي نائب امينها العام.
فشل الجامعة العربية اكثر خطورة في نظرنا من نظيرتها الدولية، لانها تمثل الدول العربية وحكوماتها، وعمرها اطول من عمر الامم المتحدة، وواجباتها اكبر والتزامها بالقضايا العربية اعمق والا عليها ان تسقط كلمة "العربية" من اسمها وشعارها.
لا نعتقد ان الامير سعود الفيصل سيقاطع الاجتماع، ولا اي وزير خارجية عربي آخر، اعترافا بالفشل، ورغبة في قرع الجرس، كمقدمة لاجراء مراجعة شاملة لسياسات هذه الجامعة ومواقفها التي باتت عبئا، هي وانظمتها، على الشعوب العربية بأسرها.
هناك قائمة طويلة بالمحطات والمواقف المخجلة لهذه الجامعة، تجاه الازمة السورية التي يريد وزراء خارجيتها بحثها، ونحن هنا لا نريد ان نتطرق للقضية الفلسطينية، ليس لانها غير مدرجة على جدول اعمال الاجتماع المقبل فقط، ولكن لانه ليس لدينا جديدا نضيفه في هذا المجال، ولا نريد ان نكرر انفسنا، ويمكن ان نلخص محطات الفشل هذه في النقاط التالية:
وها هي الولايات المتحدة نفسها "عمة" الجميع تتفاوض مع النظام السوري، وحليفه الايراني وتوجه له دعوة رسمية، بل تستجديه لحضور مؤتمر جنيف، وها هو السيد وليد المعلم وزير خارجية النظام السوري يعتلي منبر الجمعية العامة ويلقي خطابا من اهم الخطابات التي القيت في الدورة الحالية، اي ان شرعية النظام السوري لم تهتز، بل الجامعة العربية وشرعيتها هي التي اهتزت بل انهارت.
ثانيا: راهنت الجامعة العربية، ووزراء خارجيتها على انهيار النظام السوري في اسابيع او اشهر معدودة، وها هو النظام يقترب من اكمال العام الثالث وايامه لن تعد معدودة، ويكسر الحصار الدولي السياسي والاعلامي المفروض عليه.
رابعا: اعتقدت الجامعة، او بعض وزراء خارجيتها النافذين ان مجلس الامن الدولي اداة من ادواتهم، يمكن ان يوجهوا قراراته وفق اهوائهم ورغباتهم في الازمة السورية، من حيث اصدار قرار بالتدخل العسكري لاسقاط النظام على غرار ما حدث في ليبيا، ليعودوا من نيويورك بخيبة الامل، فقد اخطأوا الحساب كعادتهم دائما، واصطدموا بالفيتو المزدوج الروسي الصيني، وعندما حاولوا ترقيع فشلهم، ورشوة القيادة الروسية بصفقات اسلحة وعشرات المليارات الاستثمارية، قوبلوا بالاحتقار.
سادسا: حتى السيد الابراهيمي نفسه تنصل من هذه الجامعة، وتمثيله لها، واكتفى بالقول انه ممثل الامم المتحدة فقط، خجلا وقرفا منها ومن سياساتها، وتحداها، ووزراء خارجيتها، عندما ذهب الى طهران ووجه دعوة لحكومتها للمشاركة في مؤتمر "جنيف 2" ولم يوجه حتى الآن اي دعوة مماثلة لاي حكومة عربية.
وزراء الخارجية العرب يجب ان يعترفوا بفشلهم المخجل، ويقروا بخطأ حساباتهم، وسوء تقديرهم للموقف في سورية وغيرها، ويتوقفوا عن بيع الوهم للشعب السوري، وتوفير الغطاء لذبح اكثر من مئتي الف من ابنائه من خلال اعمال التضليل السياسي والاعلامي التي مارستها، وما تزال تمارسها حكوماتهم.
وزراء الخارجية العرب، او اولئك الذين تورطت حكوماتهم في الازمة السورية، هم مجرمو حرب يجب ان يحاسبوا على قدم المساواة مع النظام السوري، لان مسؤوليتهم في تحمل النتائج الدموية لتدخلاتهم لا تقل عن مسؤولية النظام نفسه.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي