أوكرانيا بالعربية | الإســراء والمعـــراج... بقلم حسن زايد

قديماً شكك الكفار في رحلة الإسراء والمعراج ، التي وقعت يقيناً للنبي المصطفي . وكانت حجتهم التي استندوا إليها ، ودليلهم الذي بنوا عليه حكمهم ، أنهم كانوا يضربون أكباد الإبل ، إلي بيت المقدس ، شهراً . بينما زعم محمد ـ في زعمهم ـ أنه قد أتاها في ليلة واحدة . وقد سعوا جاهدين إلي تعجيزه ، فطلبوا منه ، أن يصف لهم بيت المقدس ، مع علمهم بعدم رؤيته له من قبل ، ففعل . يقول المصطفي : " لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " . ولا يُفهم من ذلك أن الإسراء لم يقع ، وإنما الأمر متعلق بطلب دليل يتعذر تحقيقه ، بل يستحيل ذلك واقعاً ، لأن الأمر تم ليلاً . وقد قامت عليهم الحجة ، لأنه صح خبره ، ومن صح خبره لزم تصديقه . وحديثاً جاء المستشرقون بقوافل التشكيك في هذه الواقعة ، باعتبارها ضرب من الخيال ، الذي لا محل معه للتصديق أو القبول .

كييف/أوكرانيا بالعربية/قديماً شكك الكفار في رحلة الإسراء والمعراج ، التي وقعت يقيناً للنبي المصطفي وكانت حجتهم التي استندوا إليها، ودليلهم الذي بنوا عليه حكمهم، أنهم كانوا يضربون أكباد الإبل ، إلي بيت المقدس ، شهراً . بينما زعم محمد ـ في زعمهم ـ أنه قد أتاها في ليلة واحدة . وقد سعوا جاهدين إلي تعجيزه ، فطلبوا منه ، أن يصف لهم  بيت المقدس ، مع علمهم بعدم رؤيته له من قبل ، ففعل . يقول المصطفي : " لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " . ولا يُفهم من ذلك أن الإسراء لم يقع ، وإنما الأمر متعلق بطلب دليل يتعذر تحقيقه ، بل يستحيل ذلك واقعاً ، لأن الأمر تم ليلاً .  وقد قامت عليهم الحجة ، لأنه صح خبره ، ومن صح خبره لزم تصديقه . وحديثاً جاء المستشرقون بقوافل التشكيك في هذه الواقعة، باعتبارها ضرب من الخيال، الذي لا محل معه للتصديق أو القبول .

بل إنهم قد ذهبوا في استخفافهم إلي حد الإستهزاء بالبراق باعتباره كائناً خرافياً، الذي هو فوق الحمار ودون البغل . وبالقطع فإن الدراسات الإستشراقية لم تكن تستهدف الوصول إلي الحقيقة ، وإنما فقط التشكيك في الإسلام كدين سماوي ، وفي نبوة محمد  بالتشكيك في مصداقيته . والطريف أن هؤلاء المستشرقين ـ بحكم عقيدتهم ـ يؤمنون بقضايا وحوادث أشد غرابة، وأدني إلي الإستحالة العقلية . فلدي اليهود واقعة نقل عرش بلقيس من اليمن إلي الشام في أقل من غمضة عين . ونحن بالواقعة من المؤمنين ، وقد ورد ذكرها في كتابنا المقدس . ولدي النصاري واقعة مولد السيد المسيح عليه السلام بغير أب . وقد ورد ذكرها كذلك في كتابنا المقدس . وفي الوقت الراهن جاءنا العلم الحديث بما يصدق محمد ويؤيده . فإن كان التشكيك من حيث الزمن الذي تمت فيه الرحلة، فلا ريب أن وسائل المواصلات الحديثة قد اختصرت الزمن بين مسافتين بشكل يكاد يكون خرافياً، وآخرها القطار الفائق السرعة ، أو ما يعرف بالقطار الطلقة . فمن كان قديماً يقول بهذا الكائن الخرافي المسمي قطاراً ؟ .  

فمن يقول الآن ، أنه قد انتقل من مدينة إلي مدينة ، يفصل بينهما مئات الفراسخ ، لن يكذبه أحد . وإنما التكذيب قد ورد في الأذهان ، نتيجة عدم تناسب الوسيلة، في قطع تلك المسافة ، في ذلك الزمن . وفي الرد علي ذلك نقول ، بأن القطار الفائق السرعة ، الذي لا يقوم بشأنه أي تكذيب ، قد صنعه البشر للبشر ، بقدرات وإمكانيات بشرية ، فما بالنا بما صنعه رب البشر للبشر . فذلك البراق هو الوسيلة التي خلقها الله لمحمد لآداء هذه المهمة  ، وهو الذي خلق الزمن ، وهو الذي خلق المكان الذي هو حيز المسافة ، فهل يصح مع كل ذلك تكذيب أو تشكيك ؟ .  وما القطار الذي ذكرنا سوي مثال واحد فقط . وقد واكب رحلة الإسراء رحلة المعراج . والمعراج لغوياً : هو المصعد ، واصطلاحاً : هو ما صعد عليه النبي المصطفي إلي السماء . وقد استصعب القدماء الأمر ، فقال بعضهم أنه تم مناماً ؛ ولذا جادلت قريش في الإسراء ، ولم تجادل في المعراج ؛ ولأن نفي الإسراء يستتبع بالضرورة نفي المعراج . وواقعة المعراج قد جرت ، وحكي عنها القرآن الكريم . وقد قيل بأن مجادلة قريش في الأمر، دلالة واضحة علي وقوعه بالروح والجسد معاً ، وفي حالة اليقظة التامة الكاملة الواعية ، وإلا لما جادلوا فيها ، لأنه لا جدال حول الأحلام والرؤي . والقضية برمتها قضية غيبية في زمن ومكان وكيفية وقوعها ، والإيمان متعلق بالقضايا الغيبية دون قضايا المشاهدة ، لأنه ليس مع العين أين .

ولأن الأمر كان غيبياً ، فمناط الإيمان به هو التصديق والتسليم ، ومناط الكفر به هو التكذيب والإستنكاف . وقد أثارت هذه الواقعة لغطاً شديداً، وأحدثت فتنة عظيمة، علي نحو لا يدع مجالاً للتشكيك فيها أو إنكارها . ومن باب الإيمان المطلق والتسليم الكامل ، ما فعله الصديق رضي الله عنه، حين قيل له بأن صاحبه، يزعم أنه ، أسري به إلي المسجد الأقصي ، وعرج به إلي السماء في ليلة واحدة . فسأل : أهو قال ذلك ؟ . قيل له : نعم . فقال : أما وقد قال ، فإنه قد صدق . وواقعة المعراج المحمدي قد سبقها تاريخياً، رفع عيسي عليه السلام حياً إلي السماء في العقيدة الإسلامية ، ورفعه بعد قيامه من قبره في العقيدة المسيحية . فمن ينكر هذه يلزمه إنكار تلك  بالضرورة .

وما فعله المستشرقون في الإسراء ، فعلوه في المعراج . وكل المنكرون للمعجزات المؤيدة لأنبياء الله ، ما أنكروها إلا لقياسهم إياها علي قدراتهم ، وهذا خطأ منهجي ، لأن أحداً لم يقل بأن الأنبياء أتوا بالمعجزات بقدراتهم الذاتية ، وإنما جيء لهم بها بقدرات إلهية ، ومن ينكر الثابت منها يقيناً ، إنما ينكرها علي الله . فإن كان مؤمناً بالله ، فلا يستقيم له ذلك، وإن كان جاحداً لوجوده فلا يلزمه شيئاً منها ؛ لأنه ليس بعد الكفر ذنب . ولكن قبل أن ينكر ذلك علي الله ، يتعين عليه إنعام النظر فيما وصل إليه الإنسان بقدرات الإنسان، فقد صعد الإنسان إلي القمر، ونظر إلي الأرض من خارجها، ورآها وهي تسبح في الفضاء كنقطة زرقاء ، وأطلق الأقمار الصناعية حولها ، وتحكم فيها ، وتحكم من خلالها ، وسبح في الفضاء الخارجي خارج نطاق الجاذبية ، ومن المزمع إرسال رحلات إلي المريخ . أليس هذا هو العلم التجريبي ، الذي يؤمن به أصحاب العقول الرشيدة ، الذين يجحدون وجود الله . لهؤلاء نقول أن الله يتجلي في عصر العلم ، وصدق الله إذ يقول : " سّنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " .

حسن زايد

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية



مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
وزير خارجية بريطانيا يعارض إرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا
سياسة
في ذكرى الأحداث المأساوية في أوديسا ..أوكرانيا ترد على المعلومات المضللة
سياسة
رئيس أوكرانيا يلتقي وزير خارجية بريطانيا في كييف
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.