أوكرانيا بالعربية | الإعـــــــدام وأصــحــاب الــقـــلــوب المـرهـفـــــة... بقلم حسن زايد

أنا أتفهم ما أبدته بعض الدول من إنزعاج ، بشأن أحكام الإعدام التي صدرت في حق أعضاء جماعة الإخوان ، وكذا تنفيذ حكم الإعدام في عناصر البؤرة الإرهابية المعروفة إعلامياً ببؤرة عرب شركس .

كييف/أوكرانيا بالعربية/أنا أتفهم ما أبدته بعض الدول من إنزعاج ، بشأن أحكام الإعدام التي صدرت في حق أعضاء جماعة الإخوان ، وكذا تنفيذ حكم الإعدام في عناصر البؤرة الإرهابية المعروفة إعلامياً ببؤرة عرب شركس .

فبعض هذا البعض ليس لديهم أحكام إعدام في تشريعاتهم ، وهذا هو منطلق اعتراضهم ، وهؤلاء يتمتعون بالإستقامة في مواقفهم . وبعض هذا البعض هي دول ترعي هذه الجماعات الإرهابية تخطيطاً ، وتنظيما ، وتنسيقاً ، وتوجيهاً ، وتسليحاً ، وتدريباً ، وبالتالي فإن موقفهم في الإعتراض متوقعاً ، وما أصاب استثماراتهم في الإرهاب من فشل قد أصابهم بالهلع ، والإرتباك ، وهيستريا ردود الأفعال العشوائية ، ومن المتوقع أن تزداد ردود أفعالهم ضراوة ، سواء علي مستوي الأعمال الإرهابية ، أو علي مستوي الإرهاب الإعلامي ، علي المستوي الدولي ، في محاولة مستميتة لإنعاش استثمارتهم ، واستعادة ما فقدوه منها حتي الآن .

أما علي مستوي المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، فقد أدرك القاصي والداني أنها تعمل وفقاً لأجندات ، سواء أجندات تابعة لأنظمة حكم ، أو تابعة لأجهزة مخابرات ، أو تعمل لحساب مصادر تمويلها . والقصة برمتها لا علاقة لها بحقوق الإنسان من قريب أو بعيد ، ويتبين ذلك من خلال رصد المواقف المتباينة لهذه المنظمات من حقوق الإنسان . لأنه من المفترض نظرياً علي الأقل ، أنها تستهدف في نشاطها ،مطلق إنسان ، دون تفرقة بين إنسان وإنسان ، أو بين دولة ودولة ، أو بين مكان ومكان داخل الدولة الواحدة . أما حين تصطبغ حقوق الإنسان بالصبغة السياسية فإنه يصعب حمل الحديث عنها علي محمل الجد .

ومصر من الدول التي تعتد بعقوبة الإعدام كعقوبة مقررة في تشريعاتها ، لا لأن مصر دولة دموية ، تسعي إلي قتل مواطنيها ، وإنما لأن مصر تعتد بالشريعة الإسلامية في تشريعاتها ، والشريعة الإسلامية تقر عقوبة الإعدام . والشريعة الإسلامية هنا لا تمثل قيداً يستهدف الإنتقام والتنكيل وسفك الدماء لمجرد الرغبة في ذلك ، أو لأنها بطبيعتها دموية ، فهي حين أقرت الإعدام ، أقرته قصاصاً ، وأقرته لأن فيه حياة ، وفيه رحمة ، وفيه إنسانية ، وذلك ما قاله المولي  عزوجل : " ولكم في القصاص حياة " . فهل هناك من يزايد علي الله في الرحمة والعدل ؟ .

أعتقد أنه لا محل للمزايدة . وما لا أتفهمه ـ لأنه عسير علي الهضم ـ موقف بعض السياسيين ، والإعلاميين المصريين ، من إعدام أعضاء بؤرة عرب شركس الإرهابية ، فقد قرأت لهم عبارات علي مواقع التواصل الإجتماعي تشي بما يعتمل في صدورهم من مواقف سياسية ، لا علاقة لها بحقوق مطلق إنسان ، كلمات تنطوي علي غمز ولمز في الأحكام ، تخدم توجهات الدول والمنظمات المناهضة لمصر ، من باب حقوق الإنسان المصطبغة بصبغات سياسية ، وسواء كان هذا الغمز واللمز عن قصد أو غير قصد ، فإنه يدل دلالة واضحة ، وفادحة ، وفاضحة ، علي جهل هؤلاء بأحكام القانون ، وإجراءات التقاضي . فرغم أن مصر تراعي في إقرارها لعقوبة الإعدام أحكام الشريعة الإسلامية ، فإنها قد أحاطت عقوبة الإعدام  بضمانات تكفل معها إصابة الحكم فيها عين الحقيقة . فمبدئياً تتيح للمتهم جنائياً توكيل محامي يتولي الدفاع عنه ، فإن لم يتوفر له ذلك ، انتدبت المحكمة من تلقاء نفسها ـ بموجب القانون ـ محامياً للدفاع عنه . والتحقيق في الحكم يتم من خلال هيئة محكمة مكونة من ثلاثة قضاة ، وليس قاضياً واحداً .

وأن يصدر حكم الإعدام بالإجماع وليس بالأغلبية . وفي ذلك تغليب لحكم الأقلية ، لأن اعتراض قاض واحد علي حكم الإعدام ، ينزل به إلي الدرجة الأدني من العقوبة مباشرة . وله حق الطعن علي الحكم أمام محكمة النقض ، ولا يضار الطاعن بطعنه . فإن رأت محكمة النقض ، باعتبارها محكمة قانون ، تحاكم حكم محكمة الجنايات ، وليست محكمة موضوع  ، أن القاضي قد خالف في حكمة أحكام القانون ، أعادت القضية إلي دائرة أخري للفصل فيها ، وكأن الحكم الأول فيها لم يكن ، وهو والعدم سواء . أبعد كل ذلك يسوغ عقلاً ومنطقاً التشكيك في حكم بات ونهائي ، استنفذ كافة سبل الطعن ؟ . فإن حدث ذلك ، فإن النية تكون مدخولة .

وآفة الأحكام المتأخرة ، أن الناس حين يرون إنفاذ الحكم علي الجاني ، تأخذهم الشفقة والرحمة لما يرونه ، لأنه قد غاب عن أذهانهم مشهد المجني عليه ، أما لو استحضر المرء مشهد المجني عليه ، حين ينفذ الحكم علي الجاني ، لوقر في قلبه أن في هذا القصاص مطلق الرحمة والعدالة ، ولما وجد أصحاب القلوب المرهفة موضع قدم بيننا .


حسن زايد

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية



مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
أوستن: ستبدأ طائرات إف-16 ستبدأ في الوصول إلى أوكرانيا هذا العام
سياسة
إسبانيا واليونان ترفضان تسليم أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا
سياسة
اللجنة الأمنية في البرلمان السويسري تؤيد تخصيص 5.5 مليار دولار لأوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.