أوكرانيا بالعربية | الفصل المبين في الفوركس اللعين !... بقلم سامح سمير
كييف/أوكرانيا بالعربية/كثر الكلام في الفترة الأخيرة حول الفوريكس ومزاياه ومصائبه وما له وما عليه في وسائل الإعلام المختلفة ومواقع الإنترنت. ولكن الى الآن لا يوجد من وضع يده على المشكلة بالضبط!
ما معنى كلمة فوركس؟
(Foreign Exchange Market) فوريكس هي اختصار لجملة (سوق تبادل العملات الأجنبية)
وطبعا تجارة العملات هي تجارة مشروعة ومطلوبة ولكن لمن يستطيع القيام بها بالشكل الطبيعي حيث يكون هناك بيع وشراء وتبادل حقيقي وهذا بالطبع يكون للبنوك الكبيرة والمؤسسات المالية الضخمة وشركات الصرافة حيث تملك المال الكافي وهذا مجال عملها الطبيعي.
إذا كلمة فوريكس في حد ذاتها ليست كلمة سيئة أو مخيفة ومجال تجارة العملات على هذا النحو عمل شرعي ومحترم، إذا أين تكمن المشكلة؟
المشكلة ان هناك مجالين للعمل:
أولا:- المجال الشرعي كما سبق وهو ليس للأفراد بل للبنوك الكبيرة وشركات الصرافة لانه يتطللب سيولة مالية كبيرة جدا وقنوات مصرفية حتى يكون حقا هناك بيع وشراء وربح وتمليك وتمّلك، حيث هامش الربح ضئيل جدا في الوحدة الواحدة من العملة.
ولأن هامش الربح ضئيل فمن يملك 100 دولار او الف او 100 الف لايمكنه تحقيق ربح ولهذا تم ابتكار مايسمى بالهامش (المارجن) والرافعة المالية قد تصل الى 500 ضعف يعنى من معه الف دولار يكون وكأن معه 500 الف دولار ليتم إيهامه انه يمكنه التجارة في العملات والذهب والنفط أو الأسهم والسندات بكميات كبيرة.
وهذا يقودنا الى المجال الثاني.
ثانيا: المجال الغير شرعي والغير محترم الذي يستغل كلمة ومصطلح الفوريكس،
بما أنه لا يوجد رأس المال الكبير جدا ولا توجد القناة الشرعية كبنك او مؤسسة مالية كبيرة مايحدث في هذا المجال هو ليس تجارة ولا بيع ولا شراء أساسا حيث لايمكن لاي شخص تملك او حيازة ذهب او نفط او سكر او شاي او يورو او دولار أو أسهم، ما يحدث هو فقط مراهنة ومقامرة على مايحدث في السوق الحقيقي لتجارة العملات بين البنوك والمؤسسات المالية الضخمة جدا. تماما مثل بضعة اشخاص جلسوا في شقة بجانب سوق لسلعة ما ثم أخذوا يتراهنون معا على مستويات سعر السلعة أحدهم يراهن على الصعود لكم معين من السلعة ويقول انه اشترى واخر يراهن على الهبوط ويقول انه باع ليخدع نفسه ويوهم نفسه انها تجارة وليست مراهنة، ويكسب احدهم ما يخسره الاخر وصاحب شقة المراهنة والمقامرة ياخذ عمولته مقابل توفير المكان والملتقى.
فما يحدث هو مثلا يدخل العميل في صفقة مراهنة على شراء اليورو وبيع الدولار اوالذهب ويضع مبلغ المراهنة الذي يعتقد انه اشترى به اليورواذاارتفعاليورويربحالرهانواذاانخفضيخسر،هولايمكنهانيقولمثلاحسنااليورواوالذهبالذياشتريتهانخفضلااريدانابيعاعطونياياهلاحتفظبهاواستفيدبه. لنيحدثطبعالانهلميشتريهأساسالاهوولاالشركةالتييقامرويراهنمنخلالها. اذاالربحوالخسارةمنالرهانعلىالسعروليسمنالبيعوالشراء. ومما يؤكد هذا أنه عند اعطاء العميل مثلا رافعة 500 ضعف وراس ماله الف دولار اذن معه 500 الف دولار يشتري مثلا 500 اونصة ذهب الاونصة بالف دولار ثم يهبط السعر 50 دولار ، هل يمكنه الاحتفاظ بالذهب بالطبع لا لو قام باغلاق الصفقة وباع من سيتحمل خسارة 25 الف دولار هل سيتحملها من اعطوه الرافعه طبعا لا، لأنه اساسا لايوجد تمويل حقيقي لماذا؟لأنه لا يوجد بيع وشراء حقيقي هو تمويل على الشاشة فقط يصلح للمقامرة والمراهنة وليس للبيع او الشراء وحينما يحدث خسارة الشركة لا تخسر اي شئ لانه لم يتم شراء اي شئ العميل يخسر الرهان فقط.فهوقمارمقنّعومتجّملبأدواتالتجميلالتجاريةليخفيقبحه.
لابيع ولا شراء ولا تمليك ولا تملّك، منتهى الوقاحة والسفاهة والإستخفاف بعقول وكرامة الإنسان.
حيث ان من يتوّهم انه يتاجر في سوق العملات ويقامر ويراهن عن طريق الهامش والرافعة هو في الواقع كالنملة او البرغوث لا يؤثر في السوق الحقيقي قيد أنملة لاهو ولا كل من على شاكلته من السفهاء لأنه أساسا لا يتعامل مع السوق الحقيقي سوى معرفة الاسعار الحقيقية في احسن الاحوال ولأن راس ماله محدود ولا يوجد تمويل حقيقي هي رافعه رقمية وهمية على الشاشه فقط ليقامر ويراهن ويتوقع وليس ليتاجر.
ارتفاع وانخفاض الأسعار يحدث من قوى العرض والطلب بين البنوك الكبيرة والمؤسسات المالية الضخمة جدا والدول والحكومات نفسها أيضا التي تعمل في هذا السوق عمل حقيقي وتؤثر فيه وليس من تأثير السفهاء والمقامرين الجالسين وراء الشاشات دون عمل حقيقي.
ويجب معرفة أيضا أن هذا المجال الغيرشرعي يندرج تحته 3 مستويات فرعية يمكن التفريق بينها:
1_ شركات النصب والإحتيال المباشر:
وهذه مثل شركات توظيف الأموال توحي للضحايا انها تعمل في مجال الفوركس وانها يمكن ان تعطي العميل نسبة ثابته شهريا تصل الى 10% او أكثر وتعطي فعلا شهرين او اكثر من المال الذي يتم جمعه ثم بعد ذلك تختفي ومعها المال طبعا.
أو شركات وهمية لها مواقع على الانترنت تقول انها تعمل او تمكن الضحايا من العمل في مجال الفوركس ويقوم العميل بفتح حساب وتحويل الأموال ثم لايرى ماله مرة أخرى أبدا.
وهذه شبيهة بصالة القمار أو شقة الدعارة التي يتم اغراء الضحايا بما فيها من مزايا ويدفع الضحايا بالفعل ولكن دون لعب قمار او ممارسة المتعة الحرام أساسا.
2_ شركات النصب والإحتيال الغير مباشر:.
منها مايسمى ( الماركت ميكر) اي صانع السوق ومرخصة في بريطانيا وامريكا او قبرص وغيرها ولها مواقع على الانترنت بكل اللغات وموظفين من الشباب الذي لم يجدوا فرصة عمل محترمة، ويفتح الضحية فيها حساب عادي ويقوم بتحويل المال ويقوم بالفعل بالمقامرة والمراهنة ولا اقول المتاجرة او حتى المضاربة من خلال منصتهم التي غالبا لا يكون لها علاقة بالسوق الحقيقي ثم يحدث التلاعب الذي يضمن في النهاية ضياع جزء كبير من أموال الضحايا والطامعين في المكسب بدون عناء او عمل حقيقي حيث يكون ( الإسبريد) عالي وهو الفرق بين سعر البيع والشراء وأساسا لايوجد بيع ولا شراء ويحدث اعادة تسعير وتلاعب في الصفقات وتغيير في حدود وقف الخسارة او اخذ الربح وهكذا مع الوقت يضيع جزء كبير من اموال العملاء بالغش والخديعة.
تماما مثل صالة القمار أو شقة الدعارة التي تمّكن زبائنها من اللعب او ممارسة الجنس حقا ولكن يتم سرقتهم بطرق مختلفة ليخرجون كما ولدتهم أمهاتهم بعد ان حظوا بشئ من المتعة والإثارة.
3_ شركات وبنوك عدم النصب والإحتيال في العمل الغير شرعي:
وأشهرها موجودة في سويسرا والدنمارك وتعمل بنظام ( الإي سي إن) يعني توفر الإتصال المباشربأسعار السوق الحقيقي وليس بالعمل في السوق الحقيقي، ولايحدث فيها أساليب الإحتيال المباشرة والغير مباشرة.
ولكن يظل العمل غير شرعي وهو أنه لاتوجد هناك تجارة ولا بيع ولاشراء، الشركات الأخرى لا توفر الإتصال بأسعار السوق الحقيقي لانهم يكسبون من هذا ومن ذاك، من الغش والغش في الغش.
هذه البنوك توفر الإتصال بأسعار السوق الحقيقي نعم ولكن العميل لايبيع ولايشتري ولا يؤثر في السوق الحقيقي.هوفقطيراهنويقامرعلىمايحدثمنتغيرفيأسعارالسوقالحقيقي.
إذن هذه البنوك توفر لك المقامرة والمراهنة على اسعار السوق الحقيقي. وتأخذ عمولتها من ربحك او خسارتك حيث تربح مايخسره غيرك ولا تقدم لك اي تمويل حقيقي أيضا بل رفع على الشاشة فقط.
تماما مثل صالة القمار أو شقة الدعارة التي تقدم خدمتها الحرام والغير مشروعه لزبائنها وتأخذ عمولتها دون النصب عليهم وسرقتهم بالإكراه أوعدمه أي الشرف في عدم الشرف.
ناهيك عن شئ هام وخطير وهو الأبعاد النفسية والإجتماعية الخطرة للعمل في المجال الغير شرعى تحت إستغلال مسمى الفوركس حيث كما سبق الفوركس ليس لنا نحن الإفراد هو للدول والبنوك الكبيرة والمؤسسات المالية الضخمة.
لانه لا يوجد بيع ولا شراء بل مراهنة ومقامرة على مايحدث في السوق الحقيقي اذن لا توجد قيمة لهذا العمل لا للإنسان ولا للمجتمع، حينما يصنع الإنسان شئ ويبيعه ويربح هو في النهاية قدّم شئ للمجتمع واخذ مقابل أما انت ايها الجالس امام شاشة الكومبيوتر تقامر وتراهن على ما لا تملك اذا ربحت ما هي القيمة المضافة التي أضفتها لنفسك او للمجتمع ما الذي أعطيته لتأخذ هذا إن أخذت فسوف يذهب ما تأخذه بالتدريج لشركات وبنوك المقامرة والمراهنة وليس المتاجرة ولا حتى المضاربة.
فالنتيجة هي وجود نفس خاملة دنيئة أنانية مقتول فيها روح حب العمل الحقيقي والإنتاج، ثم أيضا حدوث إدمان على هذا العمل مثل القمار بالضبط حيث طبيعة الأداء في هذا العمل لابد وأن تخلق هذه النفسية المدمنة في حالة الخسارة الرغبة في الإنتقام والتعويض وفي حالة المكسب الرغبة في المزيد.
فهل هذه نفسية رجل يصلح لبناء مجتمع وأسرة ويكون زوج وأب ، أم هذه نفسية إمرأة تصلح ان تكون زوجة أو أم هل هؤلاء مواطنون صالحون.
تخيّلوا لو ان كل الناس فتحوا حساب وجلسوا يراهنوا امام شاشة الجهاز ليكسبوا مكسب كبير دون تعب، وأي مستثمر او تاجر من الأفضل له ان يضع امواله في هذا العبث حيث هامش الربح يصل الى 50% في الشهر افضل من اي مشروع تجاري على الإطلاق، من الذي سيعمل عمل حقيقي؟ لن نجد ما نأكله وما نلبسه حيث اوقات فتح البورصات الرئيسية لندن الساعة العاشرة صباحا بتوقيت مصر مثلا وبورصة نيويورك الثالثة عصرا.
وكما قلنا المقامرون والمراهنون ليس لهم علاقة بهذه البورصات الحقيقية سوى المراهنة على ما يحدث فيها من عمل حقيقي دون تمليك او تملك،فمنسيعملوهذههياوقاتالربحفيالمراهنةعلىمايحدثفيالفوركس.
أيها الأخوة والأخوات العاملين في هذه الشركات والبنوك عودوا الى ضميركم وصوابكم و كفوا عن هذا العمل الدنيئ وكفوا عن إغراء اخوة لكم في الدول العربية وغيرها دفعتهم الحاجة وعدم وجود فرص عمل حقيقية لان يعملوا في هذا المجال الغير شرعي أم عندهم مال ولا يعرفون قيمته وابحثوا لكم عن عمل حقيقي شريف.
ويا أيها الشباب الباحث عن تحقيق ذاتك الضائعة وعن فرصة عمل وعن الربح الكبير، ابحث عن هذا بالشكل الحقيقي والجد والإجتهاد وان وجدت باب مغلق ابحث عن غيره ولا تكون لقمة سائغة وتبتلع الطعم بسهولة حيث الشعور الوهمي أنك رجل اعمال وتتكلم في العملات والبورصات العالمية والذهب والنفط ، فالوهم لن يغني ويسمن ولن يحل المشكلة بل سيزيدها مع الوقت.
وأقول لمن يقامر ويراهن في هذا المجال لا تخدع نفسك وتقول انا اعمل في الفوركس وتداول ومضاربة السلع والعملات فأنت تقامر وتراهن على مايحدث في الفوركس الحقيقي من خلال شركات وبنوك تعتبر ملتقي لممارسة هذاحيث تكسب ما يخسره غيرك اليوم وتخسر ما يكسبه اخر الغد وهذه الشركات والبنوك طبعا دائما رابحه كماسبقولاتقولانهامرخصةمنجهاتحكومية ورقابيةفصالاتالقماروشققالدعارةايضامرخصة، المهم هو طبيعة العمل نفسه، عُد الى صوابك وعالج نفسك من إدمان هذا البلاء اللعين وأعد صياغة نفسك لتكون إنسان بمعنى الكلمة وإعلم أن كل دولار تكسبه تخسر أمامه أشياء كثيرة ناهيك عن الخسارة لك وللاخرين.وأخيرا قد يقول قائل: فعلا نحن لا نعمل في الفوركس الحقيقي ولكن نعمل في المراهنة والتوقع والتنبوءلما سيحدث في سوق الفوركس الحقيقي وهذا يتطلب أيضا نفس القدر من المهارة الاقتصادية ومتابعة وتحليل الأخبار وكأننا حقا نعمل في السوق الحقيقي لا يوجد فرق، وهذا ليس قمار لأن المكسب والخسارة في القمار بكل أشكاله تأتي من الحظ بالدرجة الأولى ولكن هنا المكسب والخسارة تأتي من تغيّر الأسعار الحقيقي في السوق الحقيقي الذي نحن نعمل بالتوازي معه وليس عن طريق الحظ. نقول له نعم الخسارة والمكسب عندكم لا تأتي من الحظ ولكن لا تهرب من النقطة الأساسية وهي أن من يعمل في السوق الحقيقي يمتلك ما يشتريه ويقبض ثمن مايبيعه فلو اشترى سلعه ما أوعملة أوسهم وأنخفض سعره يمكنه الاحتفاظ به الى ان يرتفع ويبيعه ولا يخسر بل يمكن ان يربح أو يمكنه الأستفادة به او استخدامه بشكل أو بأخر.
أمّا أنت ايها المسكين المغرر بك يا من تعمل برافعة الوهم لا تبيع ولا تشتري ولا تملك الا الوهم لانك تعمل في عالم الوهم والظلام وفي سوق الوهم الموازية للسوق الحقيقي ولهذا انك لا يمكنك الاحتفاظ بأي شئ إلا بخيبة الأمل عند الخسارة وبتغذية روح المقامرة عند المكسب ،فانت معرّض دائما لضياع كل رأس مالك ليذهب في (كرش) شركات وبنوك سوق الوهم والظلام الذين تراهن وتقامر من خلال منصاتهم وشاشاتهم، ولهذا يبقى هذا العمل شكل من أشكال الرهان و القمار ناهيك عن عدم وجود قيمة مضافة للمجتمع وما إلى ذلك كما سبق.
هل عرفنا الان حقيقة وطبيعة هذا العمل ومن يعمل فيه؟ والله من وراء القصد.
سامح سمير
كاتب عربي مصري في أوكرانيا
المصدر: أوكرانيا بالعربية