أوكرانيا بالعربية | الأسد يضع برنامجه الانتخابي ولقاء كيري المعلم غير مستبعد!... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/باستثناء الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي يتزعمه السيد احمد الجربا، لم نعد نسمع من الادارة الامريكية الحالية، صقورها وحمائمها، او زعماء الدول الاوروبية العبارات النارية التي تطالب برحيل الرئيس بشار الاسد ونظامه، بل بتنا نسمع كلمات المديح والثناء التي جاء آخرها على لسان جون كيري وزير الخارجية الامريكي بسبب تعاونه مع فريق خبراء الامم المتحدة المكلف بتدمير الاسلحة الكيماوية السورية.
الرئيس بشار الاسد بدأ يدرك جيدا وبعد عامين ونصف العام من الحرب الشرسة ضد نظامه ان الاوضاع الدولية بدأت تميل لصالحه واستمراره ونظامه لاطول فترة ممكنة، وهناك العديد من المؤشرات في هذا الصدد:
اولا: وجود توجه امريكي اوروبي قوي، بتشجيع الرئيس الاسد على خوض الانتخابات الرئاسية صيف العام المقبل، او التمديد له لعام او عامين آخرين تحت ذريعة صعوبة تنظيمها في ظل الاوضاع الامنية الصعبة خاصة في الاماكن الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية، وبعد استعداده للتخلص من اسلحته الكيماوية.
ثالثا: عودة الورقة الفلسطينية تدريجيا الى دمشق بعد عامين ونصف العام من القطيعة، فقد زار دمشق قبل ايام السيد عباس زكي مبعوث الرئيس محمود عباس، والتقى الرئيس الاسد، بينما زار وفد من حركة حماس طهران بقيادة محمد نصر عضو مكتبها السياسي، واتفق الجانبان على عودة العلاقات الى صورتها الطبيعية وعودة قيادة "حماس" الى دمشق مجددا، وهو ما رحبت به سورية باستثناء خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي، وفاجأ مشعل الكثيرين عندما طلب المقاتلين في سورية توجيه اسلحتهم الى فلسطين وأيد سلمية الانتفاضة في سورية.
خامسا: تراجع ادوار اعداء سورية العرب ودول الجوار لمصلحة تعزز مكانة ونفوذ حلفائها على الساحتين الاقليمة والدولية، ونحن نتحدث هنا عن السعودية وتركيا وقطر وتونس عندما نتحدث عن الاعداء، وايران وروسيا وحزب الله عندما نتحدث عن الحلفاء.
سادسا: تصاعد المؤشرات التي تفيد باجراء حكومة السيد رجب طيب اردوغان التركية مراجعة لموقفها من سورية الاسد، حيث بدأت هذه المراجعة بفرض قيود على حركة التنظيمات الجهادية عبر الاراض التركية وتجميد حسابات بعضها البنكية بعد تصاعد الضغوط الامريكية والداخلية التركية والتهديد باتهامها بدعم "الارهاب".
سابعا: تصاعد الخلافات بين اطياف المعارضة السورية المسلحة، وعدم وجود مظلة تمثيلية جامعة وموحدة لها، فالائتلاف السوري يحتضر بعد سحب التأييد له من قبل معظم الجماعات المسلحة، الجهادية والعلمانية على حد سواء، وتآكل التأييد الشعبي له في الداخل والخارج باعتراف الدكتور برهان غليون اول رئيس للمعارضة بذلك في صفحته على "الفيسبوك". وحدوث اشتباكات بين الجيش السوري الحر والدولة الاسلامية في العراق والشام. وبدء تأسيس مجالس الصحوات السورية لحرب القاعدة والجماعات الجهادية.
الرئيس الاسد الذي بات نجما اعلاميا هذه الايام، كسب معركة الفضاء دون ان يخسر مكاسب على الارض، ومن يراقب تصرفاته واحاديثه يكتشف انه لم يعد ذلك الرئيس المحاصر ذو الايام المعدودة في الحكم، وانما الرئيس الواثق من نفسه واستمرار نظامه لسنوات قادمة، حسب اراء معظم المراقبين.
ثقة الرئيس السوري انعكس بوضوح في حديثه لمجلة "دير شبيغل" الالمانية المعروفة، فلم يكتف بالقول انه لن يتفاوض مع المسلحين الا بعد ان يلقوا اسلحتهم جانبا، وانما ذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما اعترف انه ارتكب اخطاء، جنبا الى جنب مع المعارضة المسلحة، ولم يعد من الممكن النظر الى الامور من زاوية الابيض والاسود وان الحقيقة تكمن في المنطقة الرمادية.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي