أوكرانيا بالعربية | العـرب والـجـُحْـر وإعـلان الـقـاهــرة... بقلم حسن زايد

لا ريب أن هناك سحب داكنة قد عبرت سماء العلاقات المصرية السعودية، بعد وفاة الملك عبد الله رحمه الله ، نتيجة الإختلاف في بعض الرؤي والمواقف بين قيادتي البلدين . ولا سبيل إلي إنكار ذلك ، لأن هناك اختلاف في الرؤية ، وفي طرق المعالجة ، في الموقف من الإخوان وتوابعها ، وفي الموقف من تركيا وقطر ، وفي الموقف من سوريا وليبيا .

كييف/أوكرانيا بالعربية/لا ريب أن هناك سحب داكنة قد عبرت سماء العلاقات المصرية السعودية، بعد وفاة الملك عبد الله رحمه الله ، نتيجة الإختلاف في بعض الرؤي والمواقف بين قيادتي البلدين . ولا سبيل إلي إنكار ذلك ، لأن هناك اختلاف في الرؤية ، وفي طرق المعالجة ، في الموقف من الإخوان وتوابعها ، وفي الموقف من تركيا وقطر ، وفي الموقف من سوريا وليبيا .

وأخيراً ، في الموقف من الإتفاق النووي الإيراني مع الستة الكبار في العالم . وما الدخان الذي تصاعدت أعمدته في بعض الصحف والمواقع إلا مؤشراً علي وجود رماد ، وأن تحت هذا الرماد لا تزال هناك جمرات لم تفقد وهجها بعد . وقد استغل نافخو الكير ـ ولكل زمان نافخو كير ـ وجود هذا الجمر ، لينفخوا في وهجه ، ويعيدو اشتعاله ، حتي يحدث حرائقه ، التي يتعيشون عليها ، دناءة أو تآمراً أو جهلاً . فهناك بالقطع من لم يرد بهذا البلد خيراً ، وعلي رأس هؤلاء الجماعة الإرهابية وتوابعها ، ومن لم يجد له دور في مصر الجديدة ـ مكان في السلطة ـ ويري أن ذلك مدعاة للقدح في النظام ، وأن في سقوطه رفعة له ، وانتصاراً لوجهة نظره ، ولو علي أنقاض الوطن .

ومنهم من تقاضي أجره مسبقاً ممن لا يريدون بمصر خيراً . ولذا فقد وجدنا أن هناك أقلاماً قد شحذت ، وألسنة قد سُنَّت لتوسيع هوة الخلاف ، وزيادة الشقة اتساعاً ، وتقطيع كافة الجسور المحتملة بين الفجوات ، فوجدنا تراشقاً غير مبرر يالشتائم والسباب ، والمعايرة بالفقر والعوز ، وبما قدمته كل دولة للأخري . وأمثال هذه المسالك تدفع إلي التخاصم والتدابر في ظل ظروف عربية تفضي إلي الهلاك ، إذا لم يُتَدارك الأمر ، ويجري تفويت الفرصة علي المتربصين . فالترويج لمساعي سعودية ـ لا تخلو من ضغوط ـ للتصالح مع جماعة الإخوان ، واحتضان السعودية لقطر ـ بعد الضغوط التي تعرضت لها في عهد الملك عبدالله ـ واعتبارها عضو للتحالف العربي العربي لمواجهة الحوثيين وأتباع علي عبدالله صالح في اليمن ، وذلك لمصلحة إخوان اليمن .

واستقبال السعودية لرجب طيب أردوغان ، رغم موقفه من مصر ، وعلاقته بجماعة الإخوان . وقد كانت القشة المتوهمة هي زيارة خالد مشعل للسعودية ، وقد جرت حولها التحليلات والإستنتاجات ، أقلها كانت ممارسة السعودية ضغوطاً علي مصر لمصلحة حماس من بينها إلغاء حكم قضائي بشأن إرهابيتها ، وفتح معبر رفح ، وأعلاها ضم حماس إلي التحالف السني في مواجهة المد الشيعي الإيراني بعد توقيع الإتفاق النووي . وقد واكب ذلك دعوة البعض إلي قيام التكتل السني بدعم يفضي في النهاية إلي الإطاحة بالنظام في مصر .

وفي الجانب الآخر من المعادلة ، وجدنا من يدفع مصر دفعاً ، نحو الهرولة إلي الجانب الإيراني ، من منطلق أن الإتفاق النووي سيفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع الجانب الإيراني ، سواء في مجال السياحة أو الطاقة ، وغيرهما . واشتغل المنظرون علي هذا الجانب اشتغال الوسواس الخناس ، الذي يعدد المنافع والفرص المتاحة أمام مصر ، والمصالح تتصالح ، وطالما أن العرب قد انتووا التخلي عن مصر في ظروفها الراهنة بدعوي تضارب المصالح ، فلا أقل من أن تبحث مصر عن مصالحها ، حتي ولو كانت علي حساب الجانب العربي . وقد تصور كل طرف أنه قد وصل إلي مبتغاه ، دون نظر لمصلحتي البلدين ، أو مصلحة العرب .

وأن لا أتصور أن من مصلحة مصر ، إعادة العلاقات ـ طبيعية أو حميمية ـ مع إيران بمعزل عن المخاوف العربية ، المتولدة بطبيعة الحال من طبيعة النظام الإيراني بعد الثورة ، وما مثله هذا النظام من مخاطر علي الأمن القومي العربي ، استناداً إلي ما اعلنه بشأن اعتماده مبدأ تصدير الثورة ، وإعلانه عن طموحات غير محدودة في المنطقة ، خاصة بعد توقيع الإتفاق النووي . وذلك بالقطع لأن مصر في النهاية هي جزء لا يتجزأ من نظام الأمن القومي العربي ، فمصر هي قلب الأمة العربية ، والعرب هم الصدفة المحيطة بهذا القلب .

وأي إختراق للصدفة لاشك سيمثل اختراقاً للقلب ، أو إضعافاً له في الحدود الدنيا ، وتلك الصدفة هي الحدود السياسية لمصر . كما أنه وبنفس القدر ، لا يمكنني أن أتصور، أن تعيد السعودية تجربة إحتضان الأفعي ، وتغذيتها، وتسمينها ، حتي يمتليء جوفها بالسموم ، ثم تعيد بثه في أجسادنا من جديد . وقد خضنا ـ مصر والسعودية ـ تجربة أفغانستان ، ونتائجها ما زالت ماثلة في الأذهان ، وتكاد تفقأ العيون ، وتصم الآذان .

فقد عادت إلينا كتائب المجاهدين مدربة تدريباً راقياً علي استخدام السلاح ، وتكتيكات المعارك ، وفعلت بنا الأفاعيل . انقلبوا علينا شعوباً وأنظمة ، وأعملوا فينا أدوات القتل والتخريب والذبح والحرق والسبي ، باسم الجهاد في سبيل الله . لاشك أن الجميع يدرك ذلك . ومن هنا فإن التعاون والتنسيق والخروج من حالة التناقض المفتعلة أو المتوهمة أصبح فريضة وضرورة .

وقد جاءت زيارة ولي ولي العهد السعودي إلي مصر ، وفي هذا التوقيت ، بمثابة البرد والسلام ، الذي أطفأ نيران الكيد والوقيعة . وقد مثل إعلان القاهرة خطوة ضرورة في الإتجاه الصحيح ، حيث تم الإتفاق علي حزمة من الآليات التنفيذية في مجالات : تطوير التعاون العسكري ، والعمل علي إنشاء القوة العربية المشتركة . وتعزيز التعاون المشترك والإستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل . وتحقيق التكامل الإقتصادي بين البلدين ، والعمل علي جعلهما محورا رئيسياً في حركة التجارة العالمية . وتكثيف الإستثمارات المتبادلة بهدف تدشين مشروعات مشتركة . وتكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي لتحقيق الأهداف المرجوة ومواجهة التحديات والأخطار . وأخيراً ، تعيين الحدود البحرية بين البلدين . وأنا أعتبر أن إعلان القاهرة مجرد خطوة في الإتجاه الصحيح ، نتمني أن تعقبها خطوات أُخَر .


حسن زايد

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
أوستن: ستبدأ طائرات إف-16 ستبدأ في الوصول إلى أوكرانيا هذا العام
سياسة
إسبانيا واليونان ترفضان تسليم أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا
سياسة
اللجنة الأمنية في البرلمان السويسري تؤيد تخصيص 5.5 مليار دولار لأوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.