أوكرانيا بالعربية | العوامل المتحكمة في المسار العربي... بقلم د. عادل عامر

21.02.2014 - 12:00 #د. عادل عامر
أن الرئيس بوش الابن هددهم بـ « الفوضى الخلاقة» كونهم لم يتجاوبوا، وذلك بعد عمليات «أيلول» في قلب الولايات المتحدة (نيويورك وواشنطن) على أيدي تنظيم القاعدة، لكن الحكام العرب بحسب فراعنة لم يستمعوا للنصائح ولم يفهموا الدعوة الأميركية لسببين: أولهما فشل برنامج بوش في أفغانستان والعراق رغم الاحتلال الأميركي لهما ورغم إسقاط نظامَي الحكم فيهما.

كييف/أوكرانيا بالعربية/أن الرئيس بوش الابن هددهم بـ « الفوضى الخلاقة» كونهم لم يتجاوبوا، وذلك بعد عمليات «أيلول» في قلب الولايات المتحدة (نيويورك وواشنطن) على أيدي تنظيم القاعدة، لكن الحكام العرب بحسب فراعنة لم يستمعوا للنصائح ولم يفهموا الدعوة الأميركية لسببين: أولهما فشل برنامج بوش في أفغانستان والعراق رغم الاحتلال الأميركي لهما ورغم إسقاط نظامَي الحكم فيهما.

وثانيهما: اعتقاد الحكام العرب أن حاجة الغرب لهم أقوى من تطلعاته لتغيير أنظمتهم، إضافة إلى وجود أجهزة أمن قوية بين أيديهم، إلى جانب عدم قدرة الجيش على القيام بانقلاب كون القرار الدولي لم يعد يسمح بالانقلابات، والقوى المحركة في المجتمعات العربية من يساريين وقوميين وليبراليين ضعيفة، وقواه المحركة تكاد تكون معدومة، إضافة إلى أن التيار الأصولي الإسلامي «غير مرغوب فيه» عالمياً، ويمكن وصمه بالتطرف والإرهاب ليتم عزله. وهكذا استكان الحكام العرب، ولم يكونوا يتوقعون أن شباب «الفيس بوك» ومجرد مظاهرات واعتصامات يمكن أن تطيح بهم، ولم يكونوا يتوقعون أن «رشيد عمار» التونسي، و»حسين الطنطاوي» المصري، يمكن أن يملك شجاعة القرار والنطق بكلمة المنتفضين ويقول لرئيسه الخالد وربّ نِعمَتهِ وصاحب قرار وظيفته: «لقد انتهى دورك...ارحل».

أن حركة الإخوان المسلمين كغيرها من الأحزاب الأصولية الفاعلة في الوطن العربي، لا تؤمن بالديمقراطية أو التعددية أو احترام الآخر للان ما حصل من عمليات اغتيال، هو تعبير عن غياب هذه التعددية، كما أن قطاعاً واسعاً من الكتّاب والمراقبين لا يتوقف عند التجربة الفلسطينية بحكم وجود الإسلاميين في قطاع غزة، ووجود تصادم مع الاحتلال، أن المستقبل «سيكون للتعددية»

.أن لكل بلد عربي خصوصيته، بدلالة ما يحدث في سوريا منذ أكثر من عامين، فهنالك مذابح متبادلة وجرائم يشترك فيها النظام والمعارضة المسلحة، للان ما يجري مأساوي، ومن السهولة أن يرفع المرء صوته لإدانة النظام، ويدين المعارضة المسلحة، وفي كلتا الحالتين فإن الشعب السوري هو الذي يدفع الثمن.

للان هناك عوامل ليست محلية تتحكم بمسار الربيع، للان القيادة الخلاّقة الذكية تدرك كيفية تجميع القوى وبناء الجبهات الوطنية لمواجهة الخصم وحصره في الزاوية من أجل تحقيق النتائج، وأن يكون هناك استقلال كامل وديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية. أن الحراك الشعبي في الدول العربية يعود إلى أن هناك أهدافاً معروفة، منها الدكتاتورية والعامل الاقتصادي وفقدان العدالة الاجتماعية، في حين أن مؤسسات المجتمع المدني جاءت متأخرة، والحراكات كانت عفوية،

أن الأحزاب السياسية جاءت وركبت الموجة وتحديداً في مصر، وأن المتتبع لخطابات وتصريحات الإدارة الأميركية حول مصر يجد أنها تؤيد الحراك الشعبي فيها، فهناك مصالح للولايات المتحدة في المنطقة، مطالباً فراعنة بتفسير لذلك؟

إن هناك رابحين وخاسرين من الربيع العربي، فالرابح الأول هو أميركا التي عادت صورتها مشرقة بعد أحداث 2001، فنتيجة لمساندة أميركا لإسرائيل المغتصِبة لفلسطين، ودعمها للأنظمة السلطوية التي تضيق الحريات على الشعوب، تغيرت القاعدة الاجتماعية لمؤيدي أميركا في الوطن العربي، وصارت قاعدة النظم الحاكمة تكره أميركا خشية من إسقاط أنظمتها التي كانت مستفيدة منها، كما أصبحت القوى الشعبية التي كانت تكره أميركا مؤيدة لها، وذلك بعد أن وجدت أن الحلم الأميركي قد تحقق.

 أن الرابح الثاني هو إسرائيل، فقد «صدقت نبوءة شمعون بيريز»، للان ما يرمز له العلم الإسرائيلي بأن دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، مضيفاً أنه عندما ظهر في التسعينات مصطلح «الشرق الأوسط الجديد»، تبدّل شعار إسرائيل من «إسرائيل الكبرى» إلى «العظمى»، فكل الأقطار المحيطة بدولة إسرائيل أصبحت تعاني من الهوية الوطنية، ولم تعد  القضية الفلسطينية هي الأهم، فكل دولة انشغلت بقضاياها الداخلية.

أما الرابح الثالث، فهو تركيا التي يراد لها أن تكون قائداً للإسلام السني، وأن تكون كل الدول العربية تابعة لها. أنه إذا كان المخطط يجري بحسب نظرية صدام الحضارات لـ «همنتنغون» الذي رشح تركيا أن تكون قائدة للعالم الإسلامي، فقد احتاجت تركيا لتنظيف الطريق من النظم القُطْرية التي تتولى الأيديولوجية في المنطقة الغربية لكي تدخل إلى المنطقة العربية، عبر إسقاط نظام البعث العراقي والبعث السوري، ولتكون تركيا أمام الدولة الشيعية (إيران).

 أن الثورات في العالم أخذت منحى «أجمل» مما أخذته في وطننا العربي، إذ كانت الدماء عنوانها الرئيس في بعض الدول العربية. للأنة بالرغم من ذلك فإن القواسم المشتركة بين هذه الثورات هي العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والحريات. ، وأنني أري إن المسائل بحسب وجهة نظر أصحابها، سواءً كانوا قوميين أو من الإخوان المسلمين أو اليساريين، للاننا  نعيش في واقع واحد ضمن حدث واحد رغم كل اختلافاتنا، فنحن جميعاً شركاء.

 أن الخليجيين –وقطر خصوصاً–  يتخذون قراراتهم من أميركا، إذ لم تدفع قطر الدعم للفلسطينيين إلا بعد قرار أميركي بذلك، وبعد أن دفع أوباما للسلطة الفلسطينية 500 مليون دولار، وفرض على نتنياهو إعادة الأموال الفلسطينية، في حين أن قطر تدفع شهرياً 4.5 مليون دولار إذا أجريت مقابلة مع محمد حسنين هيكل أن الكل مجمعون على كره السياسة الأميركية بسبب انحيازها ودعمها للمشروع الاستعماري التوسعي ولأنها مع الدكتاتوريات العربية. أن الدوافع الاقتصادية والاجتماعي1992،ياسية وغياب الاستقلال والتدخلات الأجنبية في العالم العربي، هي التي أدت إلى «هذا الانفجار»، ولا فضل لطرف على آخر في ذلك، فليس الفضل للجماهير وحدها، بأنها فجرت الثورة وانتصرت، فالجيش لعب دوراً أساسياً كذلك، للأنة لولا القرار الدولي لسحق الجيش المصريين والتوانسة بالدبابات و»لم يسأل عنهم أحد»، فالقرار الدولي رفع الغطاء عن زين العابدين بن على مع أنه صديق جداً للأميركيين والأوروبيين وكذلك كان حسني مبارك، والآخرون

 كما أن السياسة التعليمية في الشرق الأوسط ماعدا إسرائيل تسير بشكل تقليدي في التلقين وعدم إعطاء الطالب فرصة للتفكير المفتوح ، وهناك عدم الاهتمام بالبحث العلمي في الجامعات مما يعني أن أزمة البحث العلمي في العالم العربي تعني التخلف العربي عن ركب الحضارة والنهضة العلمية ، والملاحظ أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي لم تتعد 0.5% في الأقطار العربية كافة لعام 1992، بينما في إسرائيل فأن الإنفاق على البحث العلمي عدا العسكري حوالي 9.8 مليارات "شيكل" يوازي 2.6% من الناتج القومي  .

إن معظم بلدان الشرق الأوسط هي ذات نظم تسلطية واستبدادية يقع بعضها في جغرافية العالم العربي ، وبالتالي في ظل هذه الأنظمة تنعدم مظاهر التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية التعبير والإعلام  ، وبالتالي كلها أسباب أدت إلى اندلاع ثورات الربيع العربي .


د. عادل عامر

دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام

 رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية

 عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية

 والسياسية بجامعة الدول العربية


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
رياضة
زيلينسكي: أوكرانيا فعلت كل ما يلزم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
سياسة
رئيس أوكرانيا: شركاؤنا لا يضغطون علينا للتفاوض مع روسيا
سياسة
سينغ: لا نخطط لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.