أوكرانيا بالعربية | اعتذار الابراهيمي للشعب السوري "شهادة" وفاة لمؤتمر جنيف.. وتحميل النظام مسؤولية الفشل تمهيد للعودة للخيار العسكري.. وتسخين الجبهة الجنوبية "توريط" للاردن... بقلم عبد الباري عطوان

فشل الجلسة الثانية من مؤتمر جنيف كان متوقعا بسبب الفجوة الواسعة بين مواقف الوفدين المفاوضين واصرار كل منهما على موقفه وتفسيراته لاولويات القضايا المطروحة على جدول الاعمال، فالنظام يريد البدء بقضية العنف والارهاب وعدم الانتقال الى النقطة الثانية اي هيئة الحكم الانتقالي الا بعد الانتهاء منها مهما طال زمن التفاوض، بينما يرى وفد المعارضة ان المسألتين، الارهاب والحكم الانتقالي يجب ان تسيران جنبا الى جنب.

كييف/أوكرانيا بالعربية/فشل الجلسة الثانية من مؤتمر جنيف كان متوقعا بسبب الفجوة الواسعة بين مواقف الوفدين المفاوضين واصرار كل منهما على موقفه وتفسيراته لاولويات القضايا المطروحة على جدول الاعمال، فالنظام يريد البدء بقضية العنف والارهاب وعدم الانتقال الى النقطة الثانية اي هيئة الحكم الانتقالي الا بعد الانتهاء منها مهما طال زمن التفاوض، بينما يرى وفد المعارضة ان المسألتين، الارهاب والحكم الانتقالي يجب ان تسيران جنبا الى جنب.

ما كان مفاجئا حقا هو اعتذار السيد الابراهيمي المبعوث الدولي للشعب السوري عن عدم تحقيق اي نتائج في جلستي المفاوضات، وكأنه يعلن وفاة "جنيف 2"، وانتهاء المفاوضات والعملية السياسية بالتالي، في الوقت الراهن على الاقل، وان اتفاق الطرفين على جولة ثالثة، دون تحديد موعد لها، من قبيل تجنب اعلان الفشل رسميا.

الاتجاه السائد الذي يمكن رصده في كواليس اجتماعات جنيف، ان هناك توجها غربيا لتحميل النظام السوري مسؤولية هذا الفشل، وبما يمهد للعودة الى الخيار العسكري ضده، وقد بدات الاستعدادات العملية والاعلامية لهذه العودة منذ ما قبل انعقاد مؤتمر "جنيف2"، وجلستيه اليتيمتين اللتين قد لا تلحقهما جلسة ثالثة في المستقبل القريب، الا اذا نجحت التهديدات العسكرية في اجبار النظام على الرضوخ لمطالب المعارضة وحلفائها في الانخراط بمناقشة هيئة الحكم الانتقالي، والتنازل عن السلطة في نهاية المطاف.

***

هناك عدة نقاط تؤشر الى احتمالات العودة الوشيكة الى الحل العسكري جزئيا، او كليا، في سورية في الاسابيع او الاشهر المقبلة.

*اولا: اللقاء الذي تم الجمعة بين العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الامريكي باراك اوباما في البيت الابيض والتركيز في جزء كبير من المباحثات على الملف السوري، وتأكيد الرئيس الامريكي على ضرورة اتخاذ خطوات قوية للضغط على النظام السوري للقبول بالحل السياسي.

*ثانيا: مطالبة السفير الامريكي روبرت فورد مسؤول الملف السوري في الادارة الامريكية وفد الائتلاف الوطني السوري اثناء لقائه قبل يومين، بتسخين الجبهة الجنوبية، اي منطقة درعا، وفتح معارك اشرس في مواجهة النظام. ومن المعروف ان الاردن هو بوابة هذه الجبهة ومفتاحها الاساسي، وهذا ما يفسر اللقاء بين العاهل الاردني والرئيس اوباما، وتقديم الاخير تسهيلات قروض للاردن بمليار دولار.

*ثالثا: كشف صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية السبت عن عزم المملكة العربية السعودية تقديم صواريخ مضادة للطائرات للمعارضة السورية المسلحة لتغيير الموقف العسكري على الارض لمصلحة المعارضة.

*رابعا: تأكيد نائبة وزير الخارجية الامريكي لوفد الائتلاف عن وجود "خطة ب" امريكية سيتم تطبيقها فورا في حال فشلت مفاوضات جنيف.

*خامسا: تسريب اوساط روسية حكومية انباء عن استعدادات عسكرية امريكية فرنسية للتدخل لوقف تقدم الجيش السوري في منطقة القلمون خصوصا، وان هذه الاستعدادات تشمل غارات جوية وتزويد كتائب المعارضة باسلحة متطورة جدا.

الادارة الامريكية وحلفاؤها الاوروبيون والعرب لا يستطيعون استصدار قرار عن مجلس الامن الدولي يدين النظام السوري ويتهمه بعرقلة المساعي السياسية لايجاد حل للازمة بسبب "الفيتو" الروسي، ومن غير المستبعد ان يتم اللجوء الى فشل مؤتمر جنيف، وتحميل النظام مسؤولية هذا الفشل، كغطاء للتدخل العسكري المقبل والمتوقع.

التدخل العسكري في حال حدوثه لن يكون واسعا على غرار ما حدث في ليبيا او العراق او افغانستان، وانما سيكون محدودا بهدف الضغط على النظام السوري للرضوخ للهدف الاساسي من مؤتمر جنيف بشقيه الاول والثاني، اي التنازل عن الحكم لهيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة.

***

فليس من قبيل الصدفة ان يتواجد حاليا في واشنطن اقرب حلفاء واشنطن في المنطقة اي العاهل الاردني من ناحية، والامير محمد بن نايف وزير الداخلية السعودي ورجل واشنطن القوي في المملكة، وبعد تردد انباء قوية بوراثته لدور الامير بندر بن سلطان في سورية، بعد سحب هذا الملف من الاخير، وتحويل معظم صلاحياته الامنية الى ابن عمه وزير الداخلية، وعقد اجتماع مغلق بين رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا وضيفه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير قطر الذي يزور تركيا حاليا.

الرئيس الامريكي اوباما سيزور المملكة العربية السعودية الشهر المقبل، في خطوة مصالحة، لترميم العلاقات بين البلدين التي توترت على ارضية الاتفاقين: النووي الايراني، والكيمائي السوري، ومن غير المستبعد ان يقدم "هدية" استرضائية" للعاهل السعودي تتمثل في تصعيد عسكري ضد النظام في سورية.

السؤال هو حول موقف روسيا من كل هذه التطورات؟ من المؤكد ان الرئيس فلاديمير بوتين يتابع هذه التطورات ويدرك جيدا ان واشنطن "مجروحة" من مكاسبه في المنطقة العربية وآخرها الزيارة التاريخية للمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والرئيس القادم لمصر، وصفقة الاسلحة التي جرى توقيعها بقيمة ثلاثة مليارات دولار لتعزيز الجيش المصري وكسر اعتماده على الاسلحة الامريكية لاكثر من اربعين عاما.

ولا نعتقد انه، اي بوتين، سيسمح لاوباما بنسف هذه الانجازات والمكاسب عبر بوابة الازمة السورية.

التسخين لن يقف عن حدود الجبهة الجنوبية في سورية مثلما طلب روبرت فورد بل قد يمتد الى جبهات اخرى كبيرة داخل سورية وخارجها، سياسيا وعسكريا، في ظل العودة الى الحرب الباردة بين روسيا وامريكا بعد عشرين عاما من الهدنة.

المشهد السوري مرشح لمفاجآت عديدة في الاسابيع المقبلة، وقد يعود الى المربع الاول، مربع الحشود العسكرية والاستقطابات السياسية وقطعا سيكون دور الاردن كبيرا جدا في هذا الاطار.


عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
دبلوماسية
تعزيز العلاقات الأوكرانية السعودية: تسليم أوراق اعتماد السفير الجديد
تعزيز الحوار بين أوكرانيا والمملكة العربية السعودية
سياسة
عملية إنقاذ أوكرانية ناجحة: عودة 31 مواطنًا إلى وطنهم بعد إجلائهم من سوريا
تحت إشراف زيلينسكي: أوكرانيا تنفذ عملية إنقاذ من سوريا
سياسة
كاللاس: الدعاية الروسية تهدد الديمقراطية العالمية
روسيا تستخدم المعلومات المضللة لتبرير عدوانها على أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
التشيك تعترف بترحيل شعب تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
آراء ومقالات
مركز موارد تتار القرم يطلق حملة في الشبكات الاجتماعية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
آراء ومقالات
القمع في شبه جزيرة القرم المحتلة: وحشية بلا حدود
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.