ثمانية وأربعون ساعة حاسمة في تاريخ الازمة السورية... والاسلحة الكيماوية قد تعجل بالحرب او الحل السياسي
كييف/أوكرانيا بالعربية/ترأس الرئيس الامريكي باراك اوباما اجتماعا طارئا لقادة اجهزته الامنية والعسكرية لبحث تطورات الازمة السورية بعد استخدام الاسلحة الكيماوية في غوطة دمشق ومقتل المئات من الابرياء نتيجة لذلك، وترجيح استخدام النظام لها، دون انتظار اي تحقيق دولي مستقل ونتائجه بالتالي.
المعارضة السورية تقول انها تملك الادلة والبراهين، وتتحدى النظام ان يسمح لفريق المفتشين الدوليين المتواجد حاليا في احد فنادق دمشق بزيارة المنطقة المنكوبة، والنظام ينفي هذه الاتهامات ويؤكد امتلاكه ادلة مضادة تؤكد تورط المعارضة، واعلن وليد المعلم وزير خارجية سوريا على الاستعداد للتعاون مع فرق التفتيش الدولية والسماح لها بمعاينة الموقع، في تطور جديد ربما جاء كمحاولة عاجلة لتطويق الازمة وتجنب الحرب.
وليم هيغ وزير الخارجية البريطاني يتبنى وجهة نظر المعارضة، وحسم امره باتهام النظام وطالب بتدخل خارجي، وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي يقف الى جانب رواية النظام ويزيد عليها امتلاك بلاده لادلة موثقة تدين المعارضة، وتتخذ الصين وايران مواقف متطابقة.
كما ان النظام السوري، وطالما ان الحكم صدر بادانته، وتعرض للقصف تطبيقا له، اي الحكم الامريكي، فقد لا يتورع عن استخدام هذه الاسلحة على نطاق اوسع، سواء ضد معارضيه او اسرائيل، لخلط الاوراق، على اساس انه لن يسقط وحده، وسيأخذ اخرين معه، مثلما هدد اكثر من مرة.
اعداء النظام معروفون، والتدخل الخارجي معروفة هوية اصحابه (اسرائيل وامريكا وصف تصنيفه)، وهذا التدخل قد يكون وشيكا حسب تحركات السفن الحربية الامريكية التي تتدفق حاليا الى البحر المتوسط قبالة السواحل السورية، والنظام فعلا قد لا يستخدم هذه الاسلحة ضد الشعب السوري، ولكنه قد يستخدمها ضد المعارضة السورية وتجمعاتها التي لا يعترف بانها من هذا الشعب، وانما قوى ارهابية دموية مرتبطة بالغرب.
نحن امام تطور جديد وخطير فالجميع يقفون حاليا على حافة الهاوية ويحبسون انفاسهم خوفا ورعبا في انتظار الرصاصة الاولى، او الصاروخ الاول الذي سيفتح ابواب جهنم على المنطقة والعالم باسره.
النظام السوري يجب ان يصل الى قناعة راسخة بانه لا يمكن ان يحسم هذه الحرب الى صالحه، مهما حقق تقدما في بعض الجهات، ويجب ان يتذكر جيدا ان ضعف المعارضة المسلحة لنظامه وتفاقم الانقسامات بينها امر لا يمكن الرهان عليه.
لا بد من الحكمة والتبصر بالاخطار التي يمكن ان تحرق الجميع اذا ما استمر البعض في التعاطي مع الملف السوري في المعسكرين المتواجهين، من منطق الاحقاد والنظرات الطائفية البغيضة والتعطش للانتقام وتصفية الحسابات، فما جرى في لبنان من تفجير مساجد سنية في طرابلس ردا على تفجيرات سيارات مفخخة الضاحية الجنوبية "الشيعية" من بيروت، وما يجري حاليا من حرب طائفية في العراق، هو العنوان الابرز لمحيط دموي ينتظر المنطقة.
لا نستطيع ان نتجاهل سيناريو العراق، والتذكير بأن هذا البلد جرى تدميره تحت اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، واستبدال نظامه بالفوضى والتفتيت نتيجة للاحتلال الامريكي، وتقديم بعض شخصيات المعارضة ادلة دامغة حول امتلاك نظام الرئيس صدام حسين لها وبقية القصة معروفة.
السؤال الذي لا يمكن ان نتجنب طرحه، هو اذا اكتشفنا بعد التدخل الامريكي العسكري في سورية، في حال وقوعه، ان النظام فعلا لم يستخدم هذه الاسلحة الكيماوية في غوطة دمشق، وان طرفا ثالثا استخدمها لتبرير التدخل الامريكي؟
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
محلل سياسي وكاتب عربي