سفير العراق لدى أوكرانيا: الحكومات الأوكرانية منذ عام 2003 أدانت الاعمال الارهابية في بغداد وغيرها من المحافظات العراقية
كييف/أوكرانيا بالعربية/شهدت العلاقات الاوكرانية-العراقية في السنوات الاخيرة نشاطا ملحوظا و تبادلا تجاريا متزايدا، كما و تحل في هذه الايام الذكرى 25 لمجزرة حلبجة الشهيدة، اضافة الى مرور عقد من الزمان (بحلول نيسان/ابريل المقبل) على التغيير في العراق بعد الاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين، كما و احتفلت البلدان في نهاية العام الماضي بعشرين عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية... هذه ارقام تاريخية منها غير وجه الشرق الاوسط و منها غير الخارطة السياسية و الاقتصادية و الدبلوماسية للعراق... اسئلة كثيرة و هامة طرحتها صحيفة "أوكرانيا بالعربية" الالكترونية في حواراً موسعاً مع سعادة سفير جمهورية العراق شورش خالد سعيد، و الذي تناول مختلف القضايا المتعلقة بالاوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية في العراق وعلاقاته الدبلوماسية مع أوكرانيا ومواقفه من تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط والعالم، فيما يلي نص الحوار:
- سعادة السفير، ما هي اهم الانجازات التي حققتها البعثة الدبلوماسية العراقية لدى أوكرانيا خلال فترة ترأسكم لها؟
- لقد أحتفلنا في اواخر العام الماضي بمرور عقدين على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين العراق واوكرانيا، ومنذ عام 2007 حينما تم الافتتاح الرسمي لسفارة جمهورية العراق في اوكرانيا ولغاية يومنا الحاضر ونحن نقوم بواجبنا الدبلوماسي الرسمي.
وخلال هذه الفترة عملنا جاهدين على تطوير العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع الجانب الاوكراني، حيث تم على هذا الصعيد توقيع العديد من الوثائق ومذكرات التفاهم بين البلدين في شتى الاتجاهات، فقد ابرمنا اتفاقيات في الجانب الثقافي والعلمي والرياضي وغيرها ...
وبالطبع هنالك الجانب التجاري النشيط بين الجانين، فلو اوردنا ان ناخذ مثالاً من باب المقارنة يمكننا ان نشير الى حجم التبادل التجاري بين العامين 2009 و 2012، ففي العام 2009 كان التبادل التجاري يقدر بنحو 243 مليون دولار ولكن في نهاية العام 2012 بلغ حجم التبادل التجاري 870 مليون دولار، ونحن نطمح الى رفع سقف التبادل التجاري. وكلي ثقة بان الرقم الحقيقي يجب ان لا يقل عن المليار دولار.
وأشير الى أن البضائع الاوكرانية كانت تصل الى بغداد عبر وسطاء بتغيير منشئها، وذلك بسبب الحظر الذي كان مفروضاً على بعض المواد الغذائية الاوكرانية، وفي هذه الفترة عملنا على تحجيم الوسيط بين اوكرانيا والعراق ونسعى الى التبادل التجاري المباشر، وذلك من خلال المؤتمرات واللقاءات المشتركة بين الشركات من كلا البلدين.
ومن الجوانب الهامة، التي نسعى دائماً الى تطويرها مع أوكرانيا هو الجانب الثقافي والعلمي، لاسيما مسألة الاعتراف بالجامعات والمعاهد الاوكرانية، فلا يجب ان ننسى ان قسماً كبيراً من الطلبة العراقيين قد تخرجوا من جامعات اوكرانيا وعدد منهم الان يشغلون مناصباً مهمة في العراق الحديث. ففي العام الماضي اصبحت لدينا آلية في تنظيم الاعتراف بالجامعات الاوكرانية، فبعد ان كنا نعترف بـ 225 جامعة اوكرانية قلصنا العدد الى 100 و حالياً الى 28 جامعة رصينة من اوكرانيا، والهدف من ذلك هو ان يحصل الطالب العراقي على شهادة جيدة من جامعة رصينة.
و قد حققنا تقدما في مجال تبادل الزيارات، فخلال العام الماضي تمت زيارات على مستوى رفيع من الجانبين، فقد قام وفد من البرلمانين العراقيين بزيارة اوكرانيا وفي المقابل قام وزير الخارجية الاوكراني بزيارة جمهورية العراق وانعقاد الدورة الرابعة للجنة المشتركة الحكومية العراقية والاوكرانية فالزيارات مستمرة. وفي هذا العام من المؤمل وبأذن الله ان تتم زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي الى أوكرانيا فقد تم استلام دعوة رسمية من الطرف الاوكراني.
- في السابع من شباط العام الحالي، وافق العراق على استلام 40 آلية مدرعة أوكرانية، فكيف ترون العلاقة العسكرية بين بغداد وكييف؟
- العلاقات بين العراق وأوكرانيا تعود الى زمن الاتحاد السوفييتي، حيث كانت نسبة 60% الى 65% من البضائع السوفييتية المصدرة الى العراق منشأها اوكراني، والعلاقات العسكرية بين البلدين هي مهمة جداً، خاصة وان الاوكرانيين شاركوا في استتباب الامن والاستقرار في العراق، من خلال ارسال 1700 جندي أوكراني الى العراق، وكانت العلاقة بين اهالي الكوت والجنود الاوكرانيين ممتازة و مثالاً يحتذى به.
ولدينا في المجال العسكري عقدان، الاول لتزويد العراق بست طائرات من طراز "أنتونوف 32" وهي طائرات شحن عسكرية قصيرة المدى، والعقد الثاني ينص على تزويد العراق بناقلات عسكرية مدرعة والتي تدخل هذه الاربعين ناقلة كجزء منه.
- هل توجد نية لدى الجانب العراقي لبناء مصنع "انتونوف" في العراق على غرار التجربة الايرانية؟
- حتى الان ليست هنالك مفاوضات لبناء مثل هذا المصنع، ولكن هناك مباحثات عامة حول اعادة ترميم المصانع الموجودة في العراق واعادة تشغيلها. وبالطبع، ان الحكومة العراقية مهتمة ببناء المصانع سواء مصانع السيارات او الاجهزة الثقيلة وغيرها، فقدرات االعراق المالية تسمح له بمثل هذا البناء.
- ما هي المجالات الاستثمارية التي تجذب رؤوس الاموال العراقية للسوق الاوكرانية و بالعكس؟
- من الجانب العراقي لدينا عدة اتجاهات، ومن بينها مجال البناء والاعمار، حيث انه يتمتع بحيوية خاصة لجذب رجال الاعمال والشركات الاوكرانية المختصة ببناء الوحدات السكنية. وللحقيقة اقول، ان الاوكرانيين ليس فقط لديهم خبرة واسعة في مجال الاسكان والبناء، وانما كذلك في المجالين الزراعي والطاقة وخاصة مسألة مد الانابيب ذات القطر الكبير والتوربينات، فهي متقدمة وحديثة لديهم لتوليد الطاقة الكهربائية، والحاجة تتفاقم يومياً الى الطاقة الكهربائية في العراق.
فبعد أن كنا نستهلك 4000 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، استطعنا خلال السبع سنوات الماضية ان نرفع هذا الرقم الى 8000 ميغاوات، وذلك نتيجة الحاجة المتزايدة الناتجة عن انشاء المصانع الجديدة والوحدات السكنية الجديدة وغيرها... و لكن حاجتنا اليوم هي 12000 ميغاوات، اضافة الى ذلك الاهتمام بموضوع الفضاء والرصد الفلكي، فنحن بانتظار قيام وفد عراقي بزيارة اوكرانيا، لبحث القضايا العلمية ذات الاهتمام المشترك.
ونحن نركز على جلب الاستثمارات الى العراق، حيث ان قانون الاستثمار الجديد يمنح مزايا مهمة للمستثمر. ونهتم كذلك في مجال السياحة الى العراق، سواء السياحة الطبيعية او الدينية او المعالم التاريخية فلدينا مشاكل حقيقية في هذا المجال نتيجة الحرب والحصار الاقتصادي الذي عانينا منه طويلاً. ونلاحظ نشاط السياحة الدينية في العراق الان، فالملايين يقدمون للعراق من باكستان واذربيجان وايران وغيرها من الدول، اما السياحة الطبيعية فالعراق يتمتع بمناظره الخلابة لا سيما في اقليم كردستان والتي تنشط في فترة الاعياد فالجبال تجلب الالاف من السياح بسحرها ومناظرها الخلابة. ونحن بحاجة الى خبرة الجانب الاوكراني لتحديث المتاحف العراقية وترميمها و تطويرها.
- هل هنالك اتفاقيات استثمارية تم ابرامها عبر مجلس رجال الاعمال العراقي – الاوكراني المشترك ؟
- بالنسبة لهذا المجلس فهو حديث الانشاء ومن الصعب ان نلمس له نتائج خلال هذه الفترة، ولكن هنالك حوار ومفاوضات ورغبة من الطرفين، وخاصة في مجال الاسكان.
- سعادة السفير، كيف تعرفون الطرف الاوكراني بالثقافة العراقية؟ وهل لديكم برنامج للفاعليات الثقافية لهذا العام؟
- المجال الثقافي هو مجال حيوي ومهم جداً. وما يسمى بصراع الحضارات نسميه نحن بحوار الحضارات، ولدينا اكثر من مناسبة بدءاً فعاليات (بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013) وخلال هذه الفترة سنعرف الجانب الاوكراني والعالم بالثقافة العراقية. كما ان هناك اتفاقية ثقافية تم التوقيع عليها في العام الفائت خلال زيارة معالي وزير الخارجة الاوكراني الى العراق، سنعمل على تفعيلها عبر اقامة عدة معارض وفاعليات ثقافية متنوعة، وبالطبع كانت الفرق الفنية الاوكرانية تشاركنا احتفالاتنا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبأذن الله سنفعل هذا الجانب من جديد حالما تتوفر الارضية المشتركة.
فالعراق يحتضن العديد من المهرجانات الضخمة مثل مهرجان بغداد ومهرجان بابل ومهرجان المربد في البصرة ومهرجان اربيل للثقافة وغيرها ... واود هنا ان اشير الى ان الاوكرانيين هم شعب مبدع وذواق ومثقف. وحينما كنت في روسيا كانت لدي فكرة بان الثقافة الروسية متقاربة من الثقافة الاوكرانية ولكن بعد قدومي الى اوكرانيا وزيارتي لعدة محافظات أوكرانية تبين لي التنوع الثقافي الثري للجانب الاوكراني.
- في شهر نيسان المقبل، تمر عشر سنوات على العراق بدون صدام حسين، ألم يكن من الافضل الابقاء عليه والتغيير بشكل آخر؟ وما هي أهم الانجازات التي حققها هذا التغيير؟
- أهم شيء في الحياة هي الحرية.. حرية التعبير والكلام والحركة لاي شخص مهما كان، فقد كنا نشعر دائماً بالحزن والآسى بكوننا عراقيين ابناء بلد غني ومهم ولكننا محرمون من ابسط شيء وهو الحرية. وكأنك عصفور داخل قفص مرصع بالذهب والاحجار الكريمة، فلا تلمس رونقها ولا تتمتع بها بلا حرية. ففي هذه المدة الزمنية القصيرة حققنا انجازاً كبيراً جداً في ضمان حرية الراي والحركة. وبعد أن كان المواطن العراقي ليس له خيار مشاهدة الا احدى القناتين التلفزيونيتين الحكوميتين، أصبح اليوم بمقدوره اختيار القنوات التفلزيونية التي يريدها. واود التذكير بان العراق لغاية عام 2003 كان يمنع استخدام اللاقطات التلفزيونية الفضائية وكان المواطن العراقي محروماً من التلفون النقال (الموبايل) والانترنت. بينما اليوم يوجد لدينا كم كبير من المحطات التلفزيونية الفضائية وكم هائل من الصحف والمجلات اليومية والاسبوعية والشهرية، فقد اصبح العراق في الوقت الحاضر من اكبر الدول التي تعج بها وسائل الاعلام المنوعة، اضافة الى وجود شبكات الاتصال الخليوي والانترنت.
لقد اهدر النظام السابق اموالاً طائلة على عسكرة المجتمع وشراء الاسلحة ليعتدى بها على دول الجوار مثل ايران والكويت، وليقمع شعبنا بها.. في الوقت الذي كان فيه المواطن العراقي يعيش ظروف معيشية صعبة، حيث كانت المدن الكبرى مثل العاصمة بغداد والانبار والبصرة واربيل تفتقر الى شبكات الصرف الصحي.
ولكن في هذا العقد المنصرم استطعنا بجهود الخيرين والوطنيين والمختصين من ابناء الشعب والشركات الاجنبية أن نبني الكثير والكثير.. وبالطبع ان الطريق للحرية والديموقراطية لم تكن معبدة بالورود بل كانت مليئة بالاشواك والمصاعب، بسبب الارهاب و الجماعات المتطرفة التي ظهرت في العراق بالاضافة الى الفساد المستفحل. فبعد ان انهينا نضالنا ضد الدكتاتورية نناضل الان ضد الفساد والمفسدين، وقد حققنا اليوم تطوراً في موضوع الصلاحيات المناطة للمحافظات العراقية، حيث يمنح الدستور الجديد لكل محافظة صلاحية أبرام الاتفاقيات مع الشركات الاجنبية بما يخدم المصالح الوطنية العليا.. وهنا تبرز أهمية الادارة المدنية المحلية.
وقد قطعنا شوطاً كبيراً في موضوع الاعمار واعادة البناء رغم الصعوبات. فاننا نرى يومياً خطوات جيدة وناجحة على هذا الصعيد رغم ما يتطلبه تحقيق ذلك من زمن طويل نسبياً. كما استطاع العراق، بعد سنوات من الانقطاع، ان ينهض مجدداً للعب دوره الكبير كقوة اقتصادية وسياسية، وقام باحتضان مؤتمر القمة العربية وكذلك المؤتمرات الاقتصادية التي تعقد في مختلف المدن العراقية. وقطعنا اشواطاً مهمة في جلب الاستثمارات الى العراق.
اضافة الى ذلك الانجاز الكبير الذي حققناه باعادة العلاقات الدبلوماسية مع اغلب دول العالم. فاليوم لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة بالمقابل لدينا علاقات مماثلة مع ايران وعلاقات مع روسيا الاتحادية تماثلها علاقات مع الاتحاد الاوربي وأوكرانيا ودول عديدة اخرى. وقد بذلت الخارجية العراقية جهداً استثنائياً كبيراً من اجل اعادة الثقة مع الدول التي قطعت العلاقات معها جراء تصرفات النظام السابق وسياساته الهوجاء. فمثلا مع الكويت الشقيق قطعنا شوطاً كبيراً في هذا المجال، ونلاحظ تفهم الطرف الكويتي لاوضاعنا وبدأت الدول الاخرى بفتح سفاراتها في العراق وهذه مؤشرات ايجابية لتطوير العلاقات.
أما في المجال الاقتصادي، فقد توصلنا الى تصدير ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً وسنرفع هذا الحجم خلال السنوات القادمة الى اربعة وخمسة ملايين برميل نفط يوميا.
وأود الاشارة الى ان العراق لم يصدر الغاز حتى الان وتعمل الحكومة على البدء بهذا المشروع لتصدير الغاز في العام 2015 .
ومن الانجازات الاخرى هو التصويت الشعبي الواسع على الدستور الدائم للعراق واجراء ثلاثة انتخابات عامة.. ويمكننا القول ان الربيع العربي بدأ في العراق منذ 2003.
وكذلك أعطيت المرأة العراقية حقها في ممارسة السياسة وهذة التجربة فريدة في العالم، اذ ان الدستور العراقي الجديد يكفل للمرأة 25% من عضوية مجلس النواب العراقي - أي 83 مقعداً في البرلمان، بينما في أقليم كوردستان مضمون لها نسبة 30% من مقاعد البرلمان المحلي.
و كثير من الانجازات مثل ثورة الاتصالات و المعلومات وغيرها ...
- ألا يشعر المواطن العراقي بالحنين الى ايام النظام السابق؟
- بالنسبة لي فقد كنت في المعارضة ولا اشعر بالحنين الى تلك الايام السوداء، بل أعتبر أن اسوأ ديموقراطية هي أفضل من أعدل ديكتاتورية.. وهذا لان الديموقراطية تعني الحوار والديكتاتورية تعني القتل والقمع والاستبداد. وهكذا نرى اليوم ان الشعب العراقي يتعلم ويمارس الثقافة الديموقراطية.
وهل من المعقول ان نرجع الى زمن كان يتقاضى به الاستاذ الجامعي راتب أربعة دولارات ؟!
فالوضع الاقتصادي حالياً هو أفضل بكثير، وغالبية العائلات العراقية حصلت على اراضي من الدولة، حيث اصبح أي موظف لديه الحق في الحصول على قطعة ارض او تقسيط للمسكن.
ربما يحن بعض البعثيين الى النظام السابق وبعض المواطنين المنتفعين منه.
- بين الحين والاخر نسمع عن عمليات ارهابية في العراق او تصادم بين ابناء الطوائف المختلفة مما ينعكس سلباً على العراق ومستقبله، ما هو الحل للخروج من هذه الازمات؟
- لا اعتقد بان هنالك صدامات بين الطوائف فقد تخطينا هذه المرحلة الاليمة، التي مرت خلال فترة السنتين (2006 و2007)، عندما كان القتل على الهوية والحمد لله تخلصنا منها و انشاء الله للأبد.
نحن الان نمر في مرحلة الحوار بين القوى السياسية العراقية المختلفة، أما الاعمال الارهابية ضد الشعب العراقي فالتخلص منها يتم عبر ضبط الحدود مع دول الجوار والعمل على تطوير المؤسسات الامنية والتعاون مع الدول التي لديها خبرة في هذا المجال وكذلك لا بد من مشاركة المواطن الى جانب الحكومة للقضاء على الارهاب .
- كيف تُقيمون مستوى العلاقات السياسية بين البلدين؟
- بما يخص العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين العراق وأوكرانيا، فهي علاقة جيدة ولا توجد مشاكل بين البلدين ولا نرى خلاف في المواقف او وجهات النظر في معظم القضايا، فالحكومات الاوكرانية المتعاقبة منذ العام 2003 أدانت كل الاعمال الارهابية سواء في بغداد وغيرها وادانت كذلك العملية الارهابية التي استهدفت وازارة الخارجية والاماكن الاخرى، فالعلاقات متميزة وهنالك استعداد حقيقي من الجانب العراقي للتطوير والارتقاء بهذه العلاقات، وتلمست هذا الاستعداد من الجانب الاوكراني في العامين والنصف الماضيين خلال ترأسي للبعثة الدبلوماسية العراقية.
- العراق هو من الدول العربية القليلة التي لم تدعو الى تنحي الرئيس بشار الاسد كخيار لحل الازمة السورية، فما هو الموقف الرسمي العراقي اليوم من الملف السوري؟
- الموقف العراقي من القضية السورية كان ولايزال الدعوة الى الحوار. فقد كان هذا موقفنا منذ البداية وحذرنا من الاقتتال، ونوهنا الى عدم تغليب الاجندة الخارجية التي لا تخدم المصلحة الوطنية ولن توصل بالوطن السوري الى بر الامان. فنحن العراقيين مهتمين بالوضع السوري الداخلي فوجود حوالي 600 كيلومتراً من الحدود المشتركة مع الجانب السوري الشقيق تحتم علينا السعي الى الامن والامان في سوريا، فأي اضطرابات تنعكس على العراق.
فمن مصلحة العراق ان يستتب الامن والاستقرار في سوريا الشقيقة. فنحن مع الحوار وجمهورية العراق مستعدة للتوسط بين الطرفين اذا طلب منا ذلك، ولدينا حوارات في هذا المجال مع الاطراف المختلفة. وانا أتألم كثيراً عندما اشاهد على شاشات التلفاز هذا الكم المحزن من القتل والدمار. ان الشعب السوري شعب ذواق ومثقف ومسالم ومكافح، نتمنى للشقيقة سورية الاستقرار والسلام والازدهار.
- العراق يقع في مركز الشرق الاوسط ان لم يكن في قلبه، ومن هنا يتحتم عليه اقامة علاقات صديقة مع جيرانه، فكيف وعلى اي أسس يبني العراق علاقاته مع دول الجوار؟
- تعمل حكومة العراق على بناء علاقات جيدة مع دول العالم وبالذات مع دول الجوار. فبعد سنوات من الحرب مع الجارة ايران وغزو لدولة الكويت الشقيقة، وعلاقات شائكة مع تركيا وعلاقات متوترة ومقطوعة مع سوريا لاكثر من 30 عاما .. استطعنا في هذه المرحلة ترميم هذه العلاقات واستئنافها مع سوريا وايران وتركيا والكويت والاردن والسعودية. ومبدئنا في ذلك هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لاية دولة، والبحث عن المصالح المشتركة مع هذه الدول. لطالما نحافظ على هذا المبدأ، فلن نرى بأذن الله شوائب في علاقاتنا. وهي مستمرة في النمو و التبادل التجاري بين العراق وايران اذ تتجاوز 8 مليارات دولار، والتبادل التجاري مع تركيا بلغ 9 مليارات دولارات فهذه الارقام الضخمة تعبر عن الكثير.
وقد قطعنا شوطاً طويلاً في ترميم العلاقات مع الشقيقة الكويت.. وهاهي الجروح تلتئم وتشارف على الشفاء. ومؤخراً ارجعنا للكويت الارشيف الوطني الذي اختطفه النظام السابق، وتم معالجة مسالة تعويض الخطوط الجوية الكويتية واستؤنفت بتاريخ 27 شباط/فبراير 2013م. رحلات الخطوط الجوية العراقية لاول مرة الى الكويت منذ 23 عاماً.
- تعتبر جمهورية العراق هي الدولة الوحيدة التي حصلت بها الاقلية الكوردية على الحكم الذاتي، فكيف انعكست هذه التجربة الفريدة على جمهورية العراق ككل، وماهي الانجازات في هذا المجال؟
- طوال فترة تعاقب الحكومات على العراق كان هنالك اقتتال بين الحكومات المركزية والثورة الكوردية، اسفر عن دمار في العراق وكوردستان العراق. وخلال الفترة من عام 1986 ولغاية عام 1990، دمرت حوالي 5000 قرية كوردستانية، اضافة الى استخدام الحكومة المركزية للسلاح الكيمياوي ضد شعبها الكوردي. وهذه اول مرة يشهد فيها التارخ لمثل هذه الوحشية، وفي الايام القادمة ستحل الذكرى 25 لمجزرة حلبجة الاليمة والتي راحت ضحيتها اكثر من 5000 شهيد اغلبهم اطفال ونساء ولازالت اثار التشوه والمشاكل الصحية يعاني منها اكثر من 70 الف شخص.
فخلال فترة حكم النظام السابق، لم نسمع يوماً ما بانفجار قامت به جماعة كوردية في بغداد. وذلك لان الثورة الكوردية كانت مؤمنة بالحوار مع المركز.
ومنذ العام 1991 حتى العام 2003 كانت مرحلة الحكم الذاتي ورغم المشاحنات والاقتتال بين الاحزاب الكوردستانية، الا ان الاقليم شهد تطوراً وانتعاشاً اقتصادياً ملحوظاً رغم شحة الموارد ورغم الحصار الدولي وحصار النظام عليه. ثم ظهرت المرحلة المهمة بعد سقوط النظام السابق في عام 2003 والتي كتب فيها الدستور الجديد والتي حددت صلاحيات وظروف كل الشعب العراقي ونشهد حالياً نشاطاً معمارياً متميزاً في مدن و قصبات اقليم كوردستان.
وقد تطور الاقليم في المجالات الاقتصادية والتجارية والعمرانية، وتعمل فيه حالياً العشرات من الشركات الاستثمارية المحلية والاجنبية، خاصة في مجال الطاقة والكهرباء والبناء. وكذلك في مجال منظمات المجتمعات المدني، وهو الجانب الذي حرم منه العراق طويلاً، فالكورد الان هم شركاء في الحكم.. وهنالك عدد كبير من المسؤولين الكورد في الحكومة العراقية وهذا يعكس حجم التفهم للقضية الكوردية والواقع الكوردي.
واود التنوية الى ان الانتخابات التي جرت في الاقليم عام 1992 صوت فيها الناخبون على خيار بقاء الاقليم ضمن العراق، واكدت حكومة اقليم كوردستان على وحدة العراق ولم تدعو للاستقلال. واليوم ينعم العراق بشراكة جميع ابنائه في نهوضه و قراره .
- في تشرين الثاني من العام الماضي حصلت فلسطين على عضو مراقب في الامم المتحدة فما هو موقف العراق من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي؟
- موقفنا من القضية الفلسطينية واضح ولا يقبل المجاملات.. فالقضية الفلسطينية بالنسبة لنا هي قضية محورية، ولدينا علاقات متينة مع اشقائنا الفلسطينيين ودعمنا غير مشروط لنضال الشعب الفلسطيني الشقيق من اجل اقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
- يشهد العراق حالياً حراك شعبي واسع فالى اين سيصل هذا الحراك بجمهورية العراق؟
- مادامت الخلافات ليست عرقية فالتظاهر هو حق مشروع ومكفول دستورياً، والحكومة على استعداد لسماع مطالب المتظاهرين والتفاعل معها. وقد شكلت لجنة لهذا الامر برئاسة معالي نائب رئيس مجلس الوزراء السيد حسين الشهرستاني لمناقشة هذه القضايا وبحث سبل تحقيق مطالب المتظاهرين، حيث تم تلبية جزء من هذه المطالب وجزء آخر هو ليس من صلاحيات الحكومة وانما من صلاحيات مجلس النواب العراقي وقسم آخر هي من صلاحيات القضاء، خاصة المتعلقة بقانون المساءلة والعدالة وموضوع العفو الشامل، الذي هو امر صعب جدا وذلك لانه لا يمكن ان يتم العفو عن الارهابيين الذين تلطخت أيديهم بالدم العراقي فهم سيعودون لنفس الممارسة. وأنوه هنا بان المظاهرات هي سلمية ولكن لدينا مخاوف من التدخل الخارجي وزج أجندات خارجية داخل العراق.
- كيف تقيمون وضع الجالية العراقية في أوكرانيا؟ وكم يُقدر تعدادها؟
- الجالية العراقية في اوكرانيا ليست كبيرة نسبياً، ولكنها جالية مثقفة لكون غالبية ابنائها من خريجي المعاهد والجامعات الاوكرانية، وهم مندمجون في الحياة الاجتماعية في أوكرانيا ولدينا تواصل مع الجالية ولدى الحكومة العراقية اهتمام كبير بوضعهم، وهنالك برنامج لمساعدة الجالية وارجاع العقول لمن يريد ذلك ضمن برنامج عودة الكفاءات ونفتخر بهذه الجالية التي تقدر بحوالي 500 شخص، اضافة الى الطلاب الذين يزيد عددهم نحو اكثر من 3500 طالباً، والذين نوليهم اهتماماً كبيراً وعنايةً خاصةً ونتفقد اوضاعهم من خلال الزيارات المستمرة الى الجامعات والمعاهد الاوكرانية التي يدرسون فيها ونتابع باهتمام تحسين مستواهم العلمي.
- هل هنالك جالية أوكرانية في العراق؟
- لا تتوفر لدينا حالياً احصائية دقيقة عن عدد المواطنين الاوكرانيين المقيمين في العراق، ولكن المعروف انه توجد عندنا عوائل كثيرة من الزواج المختلط.
- سعادة السفير نشكركم على هذا اللقاء الثمين.
- ونحن نشكركم ايضاً على نشاطكم الاعلامي ونثمن هذا الجهد المبارك، متمنين لكم الموفقية والنجاح في تمكين القارئ العربي، سواء الدبلوماسي او المواطن العادي غير الناطق باللغة الروسية او اللغة الاوكرانية، من متابعة أخبار أوكرانيا واوضاع جاليات البلدان العربية فيها.
من هو سعادة سفير جمهورية العراق لدى اوكرانيا؟
الاسم الثلاثي: شورش خالد سعيد.
مواليد: عام 1965/ مدينة (كويسنجق) في محافظة (اربيل).
الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه ولد وبنت.
يحمل الشهادات الأكاديمية التالية:
عام 1987 درس اللغة الروسية في جامعة "غورني" في مدينة "سان بطرسبورغ" / روسيا الاتحادية.
خلال اعوام 1988/1993 درس في جامعة "غورني" الروسية وحصل على شهادة الماجستير في الهندسة المدنية / اختصاص المسح الطبغرافي.
الوظائف التي تقلدها:
خلال اعوام 1997- 2007 ممثل حكومة اقليم كوردستان في روسيا الاتحادية.
خلال اعوام 1999- 2004 ترأس تحرير جريدة "نوفي كوردستان" باللغة الروسية الصادرة في العاصمة الروسية (موسكو).
عام 2009 عين سفيراً في مركز وزارة الخارجية العراقية.
عام 2010 اصبح سفيراً لجمهورية العراق في اوكرانيا
المصدر: أوكرانيا بالعربية