رسائل الأسد للعرب واسرائيل... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/ثلاث رسائل اراد الرئيس السوري بشار الاسد ان يوجهها الى الداخل السوري اولا، والى الجوار العربي ثانيا، من خلال المقابلة التي خصّ بها تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله اللبناني:
*الرسالة الثانية: التأكيد على انه ذاهب الى مؤتمر جنيف الثاني اذا ما تقرر عقده من اجل الحضور فقط، وليس من اجل تطبيق اي قرارات تصدر عنه فورا، لانه سيعرض هذه القرارات على استفتاء شعبي، من المتوقع ان تكون نتائجه معروفة سلفا مثل كل الاستفتاءات السابقة.
في الانتقال الى التفاصيل يمكن القول ان ثقة الرئيس السوري الواضحة من خلال السخرية من الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، والعزم الأكيد على الترشح لانتخابات الرئاسة بعد عام، اي 2014، تعود الى عدة امور ابرزها تقدم قواته في جبهة القصير بشكل ملحوظ، والحصول على الصواريخ الروسية المتقدمة التي من الممكن ان تلغي التفوق الاسرائيلي الجوي، بل وتفرض حظرا جويا على اسرائيل نفسها، لان مداها يمكن ان يصل الى اكثر من مئة كيلومتر، والاطمئنان في الوقت نفسه الى الدعم الروسي السياسي والعسكري، غير المحدود لنظامه، في مقابل التردد الامريكي الغربي في التدخل العسكري المباشر.
في المقابل لم يقدم الرئيس السوري اجابات مقنعة على الكثيرمن الاسئلة المحرجة التي طرحتها مذيعة المنار، وعلى غير العادة، مثل عدم فتح جبهة الجولان طوال الاربعين عاما الماضية، وعدم الرد على الغارات الاسرائيلية المتكررة على اهداف سورية، واستعانة الجيش السوري الذي يزيد تعداده عن 400 الف بعناصر من حزب الله اللبناني لخوض معركة القصير.
هذه المقابلة في مجملها هي اعلان وفاة مؤتمر جنيف الثاني قبل انطلاقته، فالرئيس السوري نسف كل اقوال وزير خارجيته وليد المعلم التي ادلى بها الى محطة ‘الميادين’ اللبنانية، وقال فيها ان سورية ستذهب الى مؤتمر جنيف دون شروط، فقد فرض اكثر من خمسة شروط من الصعب، بل من المستحيل تلبيتها، او القبول بها مجتمعة، او منفردة، سواء من قبل المعارضة او الدول الداعمة لها، مثل التنازل عن صلاحياته كرئيس دولة لأي حكومة انتقالية، مثل الامن والدفاع وقيادة القوات المسلحة، وسخريته من المعارضة التي قال انها ستعود الى فنادق الخمس نجوم، على عكس ممثلي النظام الذين سيعودون الى وطنهم، او قوله انه يتفاوض مع الاصل وليس الصورة، اي مع الدول الداعمة للمعارضة، واخيرا عزمه على الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة اذا شعر ان الشعب يريد ذلك، ومن المؤكد انه، اي الشعب الذي يقصده، وحسب التجارب السابقة، سينزل بمظاهرات تطالبه بالترشح والاستمرار في الحكم بالتالي.
الرئيس السوري وبعد عامين من الانتفاضة ما زال يتمسك بالمواقف نفسها ولم يتغير مطلقا، وكأن سورية هي واحة من الاستقرار والأمان ولا تشهد حربا اهلية شرسة اودت حتى الآن بحياة اكثر من مئة الف انسان من الجانبين.
اعلان الرئيس الاسد المبطّن حول الصواريخ الروسية المتطورة الى سورية سيرعب اسرائيل التي اعتبرت هذا الوصول هو بمثابة ‘اعلان حرب’، واكدت انها على لسان وزير دفاعها موشيه يعالون انها ستضربها، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة عما اذا كانت قادرة فعلا، على الرد وتحمل تبعاته بالتالي، والتي اقلّها تحمل سقوط 200 الف صاروخ، والدخول في مواجهة مباشرة معروسيا الدولة العظمى التي كشرت عن انيابها، ورفضت البلطجة الاسرائيلية الوقحة بعدم تزويد سورية بالعتاد المتطور الذي يشلّ فاعلية تفوقها الجوي في المنطقة؟
من الواضح ان الاسد يتأهب عسكريا، ويقود هجوما اعلاميا مضادا، لعله يستعيد الفضاء، او جزءا منه، مثلما بدأ يستعيد بعض الارض التي فقدها خاصة في مدينة القصير الاستراتيجية.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي