معهد دراسة الحرب: روسيا تضع أوكرانيا أمام خيارات تعجيزية لوقف إطلاق النار

تقرير أمريكي يكشف أن "مذكرة التسوية السلمية" التي قدمها الوفد الروسي المفاوض في إسطنبول تطالب أوكرانيا بالاستسلام
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ خلص معهد دراسة الحرب (ISW) في تقريره الصادر يوم الإثنين 2 حزيران/ يونيو إلى أن الجولة الجديدة من المحادثات بين أوكرانيا وروسيا الاتحادية في إسطنبول، بالإضافة إلى "المذكرة" الروسية التي تضمنت مطالب بإنهاء الحرب، أكدت أن روسيا لا تزال ملتزمة بمطالبها، وتُصرّ على استسلام أوكرانيا الكامل، وستواصل السعي لتحقيق هذا الهدف ما دام بوتين يعتقد أن روسيا قادرة على هزيمة أوكرانيا عسكريًا.
وأشار خبراء المعهد إلى أن رفض روسيا تسليم أوكرانيا مذكرتها التي تتضمن شروط "التسوية السلمية" قبل الجولة الجديدة من المحادثات في إسطنبول أدى إلى عدم جدوى هذا الاجتماع إلى حد كبير، وزاد من تأخير عملية التفاوض، وأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق سوى بشأن عملية التبادل الكبيرة التالية لأسرى الحرب وجثث القتلى.
ورفض الوفد الروسي قطعيا الاتهامات الموجهة إلى روسيا باختطاف الأطفال الأوكرانيين. لذلك، أكد معهد دراسة الحرب في تقييمه بأن روسيا تسعى لعرقلة عملية السلام وإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب إضافية في ساحة المعركة.
كما قام خبراء معهد دراسة الحرب بسرد وتحليل الأحكام الرئيسية لمذكرات التفاهم بين أوكرانيا وروسيا، والتي نُشرت نصوصها في وسائل الإعلام يومي 1 و2 حزيران/ يونيو.
وأشاروا إلى أن "المذكرة" الروسية مُقسّمة إلى ثلاثة أقسام: يُحدد القسم الأول مطالب روسيا لما يُسمى "التسوية النهائية" للحرب؛ ويُقدّم القسم الثاني مجموعتين مُختلفتين من الشروط المسبقة التي تشترطها روسيا لوقف إطلاق النار؛ ويُحدد القسم الثالث شروط المفاوضات التي ترغب روسيا في تحقيقها.
ويُحدّد القسم الأول من "المذكرة" الروسية المتطلبات التي تطالب بها روسيا من أوكرانيا كجزء من اتفاقية سلام طويلة الأمد:
• الاعتراف الدولي باحتلال روسيا لكامل مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم، والانسحاب الكامل للقوات الأوكرانية من هذه المناطق.
• التزام أوكرانيا غير المحدود بالحياد (وعدٌ بعدم الانضمام أبدًا إلى تحالفاتٍ وائتلافاتٍ عسكرية)، وحظر على النشر المستقبلي للقوات والبنية التحتية العسكرية الأجنبية في أوكرانيا، وإنهاء جميع الاتفاقيات الأمنية الأوكرانية القائمة، وحظر دائم على امتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية.
• حماية "حقوق وحريات ومصالح" الروس والسكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا، بالإضافة إلى "حظرٍ تشريعيٍ على تمجيد النازية والنازية الجديدة والدعاية لهما، وحل المنظمات والأحزاب القومية" (حسب الصياغة الروسية).
ويتطلب القسم الثاني من "المذكرة" الروسية اختيار أحد "مسارين" لوقف إطلاق النار، من وجهة نظر روسيا. يتطلب المسار الأول من أوكرانيا سحب قواتها بالكامل من المناطق غير المحتلة في مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون إلى مسافة غير محددة خارج حدود هذه المناطق. ويتطلب المسار الثاني من أوكرانيا الموافقة على مجموعة مختلفة من المطالب الروسية، بما في ذلك:
• حظر إعادة انتشار جميع وحدات قوات الدفاع الأوكرانية، باستثناء انسحاب القوات من مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون؛
• يجب على أوكرانيا وقف جميع الجهود الرامية إلى تعزيز قواتها، والبدء في تسريح القوات، ورفع الأحكام العرفية، وتنظيم انتخابات رئاسية في غضون 100 يوم من رفع الأحكام العرفية، بالإضافة إلى انتخاب حكومة جديدة؛
• يجب وقف جميع المساعدات العسكرية الأجنبية لأوكرانيا، بما في ذلك توفير صور الأقمار الصناعية والمعلومات الاستخباراتية، وحظر أي انتشار لقوات أجنبية في أوكرانيا.
ويوصي القسم الثالث من "المذكرة" الروسية بأن توقع روسيا وأوكرانيا اتفاقية وقف إطلاق نار طويل الأمد بعد تبادل جثث الجنود القتلى، ووقف إطلاق نار قصير لمدة يومين إلى ثلاثة أيام لجمع جثث القتلى من ساحة المعركة. كما تطالب "المذكرة" أوكرانيا بسحب قواتها بالكامل من مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون في غضون 30 يومًا من بدء وقف إطلاق النار، وأن تنتخب أوكرانيا حكومة جديدة قبل توقيع روسيا وأوكرانيا اتفاقية سلام رسمية.
وأكد معهد دراسة الحرب في تعليقه على هذه المطالب الروسية أن "المذكرة" الروسية تعكس مطالب الكرملين العلنية الراسخة بتقديم تنازلات إقليمية وسياسية كبيرة من أوكرانيا، بينما لا تقدم موسكو أي تنازلات من جانبها. وقال خبراء معهد دراسة الحرب: "إن المذكرة الروسية مشبعة بمطلب روسيا الراسخ بأن أي تسوية سلمية يجب أن تأخذ في الاعتبار "الأسباب الجذرية" للحرب، كما تراها روسيا"، وأشاروا إلى أن موسكو قد أشارت سابقًا من بين هذه "الأسباب الجذرية" إلى توسع الناتو شرقًا منذ أوائل التسعينيات والتمييز المزعوم ضد السكان الناطقين بالروسية والثقافة الروسية في أوكرانيا. وبناءً على ذلك، دعا الكرملين إلى "اجتثاث النازية" و"نزع السلاح" من أوكرانيا منذ بداية الغزو الشامل في شباط/ فبراير 2022.
كما أشار معهد دراسات الحرب مرارًا وتكرارًا إلى أن هذه الشروط تُعادل مطالب بتغيير السلطة وإقامة حكومة عميلة موالية لروسيا في أوكرانيا، كما أنها تُقيد قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان روسي مستقبلي.
وذكّر معهد دراسات الحرب بأن مسؤولي الكرملين طالبوا باستمرار بتغيير السلطة في أوكرانيا، وادّعوا زورًا أن جميع الحكومات الأوكرانية الموالية للغرب منذ ثورة الكرامة عام 2014 كانت "غير شرعية". وقد صرّح بوتين ومسؤولون آخرون في الكرملين مرارًا وتكرارًا بأنه لا ينبغي لروسيا إبرام أو احترام أي اتفاقيات مع الحكومة الأوكرانية الحالية التي يُزعم أنها "غير شرعية". ولهذا السبب، صرّح معهد دراسات الحرب سابقًا بأن أي اتفاق سلام حقيقي بين روسيا وأوكرانيا يجب أن يتضمن اعترافًا روسيًا واضحًا بالسلطات الأوكرانية الحالية، فالحكومة الأوكرانية الحالية شرعية وتستمر في الالتزام بالدستور الأوكراني، واعتبر أن مطالبة روسيا بأن تنتخب أوكرانيا حكومة جديدة قبل إبرام اتفاقية سلام طويلة الأمد هي مجرد مطالبة بتغيير القيادة الأوكرانية.
بالإضافة إلى ذلك، بحسب تقرير المعهد، طالب بوتين في حزيران/ يونيو 2024، قبل قمة السلام في سويسرا، بأن تبدأ القوات الأوكرانية "انسحابًا كاملاً" من الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا في مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون (التي أعلن الكرملين ضمها بشكل غير قانوني في أيلول/ سبتمبر 2022). كما طالب أوكرانيا بالتخلي رسميًا عن هدفها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل أن تتمكن روسيا من الموافقة على وقف إطلاق النار ومحادثات السلام.
وقدّر معهد دراسة الحرب أنه اعتبارًا من 14 حزيران/ يونيو 2024، احتلت روسيا ما يقرب من 75% من المناطق الأربع، واعتبارًا من 2 حزيران/ يونيو 2025، تحتل روسيا 79.8%من المناطق الأربع. وتسيطر أوكرانيا حاليًا على نسبة 20% المتبقية من مناطق لوهانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، والتي تبلغ مساحتها حوالي 21616 كيلومترًا مربعًا من الأراضي. وتضم هذه النسبة البالغة 20% من الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا في المناطق الأربع على خمس مدن كبيرة (المركزان الإقليميان خيرسون وزابوريجيا، بالإضافة إلى كراماتورسك وكوستيانتينيفكا وسلوفيانسك) التي بلغ إجمالي عدد سكانها قبل الحرب أكثر من 1.3 مليون نسمة، ناهيك عن آلاف الأشخاص الذين يعيشون في المدن والبلدات الأصغر في جميع أنحاء هذه المناطق.
وذكر معهد دراسة الحرب أن القوات الروسية لم تُظهر القدرة على الاستيلاء على مدن بهذا الحجم منذ أوائل عام 2022. لذلك، من شبه المؤكد أن الجيش الروسي غير قادر على شن هجوم ناجح للاستيلاء على إحدى هذه المدن بعد ثلاث سنوات من الحرب وإرهاق الجيش الروسي.
المصدر: أوكرانيا بالعربية