حماس وإيران "عودة الابن الضّال"... بقلم أكرم عطا الله
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم نكد ننتهي من قراءة تداعيات مغادرة "حماس" للمحور الإيراني حتى فاجأتنا الحركة بعودتها إلى المائدة الإيرانية بعدما بدا أنه طلاق هادئ أكدته جملة من تصريحات مسؤوليها بانحسار الدعم الإيراني، وذلك حين تبدي أن حركة حماس حسمت أمرها ضد النظام السوري "قلب ذلك المحور بعد إعلانه كعدو من قبل حركة الإخوان المسلمين، وتزامن ذلك مع اتهامات سوريا لحماس بالمشاركة مع المعارضة والتدخل في الشأن السوري وكان سبق ذلك موقف هو الأكثر وضوحا وأعلنه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية من الأزهر يعلن وعمه "للثورة السورية".
بقى تيار في حركة حماس لم يكن متوافقا مع انتقالها السياسي، لكنه تيار ضعيف بالكاد تمكن من تعليق لافتات في غزة بعد العدوان الأخير يعبر فيها عن شكره لإيران فيما كانت قطر تفتح أذرعتها لاحتضان الحركة فقد كانت الدوحة تقوم بعملية إزاحة وإحلال لطهران من قطاع غزة ومن حسابات المكتب السياسي للحركة الذي كان يغير تحالفاته بسرعة كبيرة صحيح أن التغيير في المنطقة كان هائلا لكن انتقال تحالفات الحركة من طهران للدوحة كان سريعا فالتغيير لم يكن ينتظر التبرير وكأن قطارا جديدا على وشك أن يقلع في المنطقة ولم يبق سوى مقعد واحد في مقصورته الأخيرة وهنا كانت حركة حماس مع هذه التغييرات تدخل لعبة المحاور الإقليمية ومربعاتها الخطرة وما بين طهران والدوحة كثير من الاختلاف، ومن الأسئلة التي كانت بحاجة لتفسير أكثر ومع الزمن ولعبة المحاور وتبدلات الإقليم تجد حماس نفسها أمام حالة من الارتباك وخصوصا بعد القاهرة مشتتة بين خصومات تنهال عليها من العواصم.
حماس دعمت ثورة "لتحرير" سورية من الجيش السوري، والآن تريد تحرير مصر من الجيش المصري وهذا خارج منطق الأشياء والمصالح الفلسطينية وخارج الرصانة الأيدلوجية التي ميزت حماس حين كانت بعيدة عن حسابات السياسة عندما تفردت دون غيرها في الساحة الفلسطينية بالحياد الإيجابي أثناء قيام صدام حسين باحتلال الكويت فيما اندفع آخرون بتأييده ليدفع الشعب الفلسطيني فاتورة ذلك الانحياز وقد كانت كبيرة .. وكبيرة جدا.
يفترض أن الخماسية التي كان على حماس أن تجري معها مصالحات بدءا من حزب الله ومرورا بالدولة المصرية وأبو مازن عناصر قوة حركة حماس وحلفاءها الوطنيين والقوميين والإقليميين من أجل استكمال مشروع تحرير فلسطين وليسوا خصومها فكيف تحول كل هؤلاء مضافا إليهم دمشق وطهران إلى خصوم؟ وأليس هذا مدعاة للتساؤل حول صناعة السياسة لدى حركة حماس وخصوصا في السنوات الأخيرة هل يتم صياغتها ارتباطا بمصالح الشعب الفلسطيني أم بمصالح حركة الأخوان المسلمين والتي بدا أن تبدلات المواقف لدى حركة حماس تمت بعد تغييرات الإقليم وتصدر حركة الأخوان للمشهد في المنطقة العربية وأهمها القاهرة وخصوصا في الملف السوري عندما أعلنت حركة الأخوان المسلمين عن تشكيلها قوات "للجهاد" في سورية كانت حركة حماس بعدها مباشرة تطالب قوات حزب الله بالانسحاب من سورية والآن يتكرر الأمر في القاهرة وإن كان في كلا الموقفين ما يعرض الفلسطيني للملاحقة ورفع الغطاء عنه في عاصمتين اعتبرتا الأكثر دعما للقضية الفلسطينية وترجمت هذا الدعم بأعز ما تملك من شبابها وبجيشين وقعا بالدم على عريضة دعم فلسطين وكان التاريخ شاهدها الأبرز والميادين والشوارع لكن مصالح حركة الإخوان تعارضت في هذه اللحظة حد العظم مع هذه الجيوش.
لا يمكن التقليل من حجم الاهتزاز الذي تعرضت له حركة حماس إثر سقوط تجربة الإخوان المسلمين إلى الحد الذي يمكن أن يفقدها توازنها في لحظة ما فيزيد على أخطاء السياسة الخارجية على مستوى الإقليم أخطاء أخرى على مستوى الإدارة كأنما النجاح يمهد للنجاح كما يقولون، والخطأ يجر أخطاء أخرى. هكذا تبدو الأمور على الأقل للمراقب لسياسة حماس هذا الأسبوع في قطاع غزة من إغلاق مكاتب وكالة معا الإخبارية وقناة العربية وكذلك احتجاز صحافيين ومنع تظاهرة للمرة الثانية كانت هدفها الاحتجاج على قانون برافر الإسرائيلي وتضامن مع الفلسطينيين في النقب.
أكرم عطا الله
المصدر: صحيفة الايام