أوكرانيا بالعربية | فكأنك ترى الاسلام هنا كعهده في زمن المصطفى عليه الصلاة والسلام
كييف/أوكرانيا بالعربية/في يوم عطلة رسمية في أوكرانيا، كنا على لقاء مع بيت من بيوت الله مسجد الرحمة في العاصمة كييف، وقبل الوصول كان يراودنا الشعور باننا سنجد المسجد بحضور بعض المصلين... فهذا ليس يوم الجمعة الذي تعود المسلمون على تكثيف لبيوت الله... ولكن سرعان ما تبدد هذا الشعور ورأينا عكس ما توقعنا.
فكان مسجد الرحمة يفعم بالحياة... يفعم بالعمل والعلم ومرح الاطفال فاستذكرنا ما قرأناه في الطفولة عن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وكيف كان المسلمون يرتادون مسجد الحبيب عليه افضل الصلاة والسلام فقد كان المسجد جامعا للعلم والعمل و اللقاء و شتى مناحي الحياة.
فهنا رأينا في مسجد الرحمة ابناء الاسلام والمسلمين منهم من كان يشغل وقته بقراءة القرآن الكريم و منهم من جاء للعبادة والصلاة ومنهم من كان يقوم بواجب الدعوة لدين الله وفي الجانب الاخر أطفال يتعلمون اللغة العربية وأخوات يتعلمن أحكام العلم الشرعي وأخوة يعملون بامور حياتهم وعملهم وأطفال يلعبون ويمرحون بعدما شعروا بالطمأنينة في بيت الرحمن.
و قدر الله لنا ان التقينا ببعض المسلمين الذين قدموا من الشرق و الغرب وجهتهم واحدة وهدفهم واحد ... مرضاة المولى عزوجل.
فقد التقينا بالاخت ناتاليا و التي غادرت العاصمة الاوكرانية كييف قبل حوالي عشرين عاما متجهة الى ألمانيا مع زوجها البوسني والتي أسلمت فيما بعد واستقر بها المكوث مع أسرتها المسلمة في البوسنة والهرسك بالقرب من العاصمة سراييفو، فقد قالت في حيث أجرته "أوكرانيا بالعربية" معها:"عندما غادرت كييف قبل حوالي عقدين من الزمان وانا على ابواب الاسلام لم أكن احلم يوما بأن أرى مسجدا هنا، وبعد زيارتي هذه الى بلدى الاصل أوكرانيا سألت عن ثمة وجود مسجد في كييف ؟ فدهشت عندما كانت الاجابة بنعم"... فلم تتأخر الاخت ناتاليا بالاسراع في زيارة المسجد الاول و الوحيد الذي له مئذنه وقبة في العاصمة كييف فبعد زياتها أعربت عن فرحتها وسرورها بهذا الصرح الاسلامي حيث قالت:"أنني اشعر بالفرح وانشراح الصدر لهذا الصرح الاسلامي العظيم وستكون فرحة زوجي أكبر وأعظم من فرحتي بكثير عندما اصل اليه في البوسنة لاخبره عن هذا المسجد، ولا اعلم بماذا اقول للتعبير عن شعوري هذا ... فبارك الله في كل من قام على هذا العمل"...
و كذلك أنعم الله علينا بلقاء أحد زوار مسجد الرحمة من الشرق العربي، فقد التقينا بفضيلة الشيخ يحيى عراجي امام بر الياس من البقاع اللبناني الذي قدم من لبنان لزيارة أخوته في أوكرانيا، فقد قال في حديثه لـ "أوكرانيا بالعربية" :"لقد قدمت الى أوكرانيا ولم أكن أعتقد بأنني سأجد منحلة الاسلام التي تنتج أطيب شهد وعسل بنشر الايمان، فقد تفاجأت بوجود هذه المؤسسة (الادراة الدينية لمسلمي أوكرانيا) و التي تشعر بوجود الاسلام بها حي بينما أنني في بعض الدول أجد العمل الاسلامي مهترئ و ثوبه مهترئ واهله متشتتين في حين وجدته هنا يُبنى بشكل قوي ، فقد سررت بأن جمعني الله بهذا المسجد (الرحمة) و أهل هذه المؤسسة والتي سر نجاحها كما رأيته هو الاخلاص فهذا العمل عندما كان منذ البداية خالصا لوجه الله تعالى وصل الى ما هو عليه وسيصل الى أكثر من ذلك باذن الله فما كان لله سيبقى وهو المتصل و ما كان لغير الله سينقطع وهو المنفصل فالانس الذي تجده في هذا المسجد و النجاح الذي تجده في هذا المسجد والرحمة التي تراها فيما بين الناس هنا تمثل قيم الاسلام، فانك ترى الرحمة بين الناس وترى بانه لافرق بين عربي او عجمي الا بالتقوى وانت ترى بينهم الرحمة التي هي جزء من رسالة الاسلام ، فقال تعالى :( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) و ترى فيها الرقي و الحضارة فهي أمة اقرأ فترى في هذا المسجد التعلم وحلقات العلم وترى الوافدين لهذا المسجد من مسلمين وغير المسلمين ، فكانك ترى الاسلام هنا كعهده في زمن المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث كان المسجد مركز الدعوة الى الله والتعريف بالاسلام فوجدنا هذا في غير بلد اسلامي وفي غير بلاد العرب ووجدنا اهتمام المسلمين بدينهم خارج بلاد الاسلام اكثر مما يهتمون به في بلاد الاسلام، فقد وجدنا الاسلام بحضارته في غير بلاد الاسلام ...".
وأضاف فضيلة الشيخ يحيى حول أسباب سر ونجاح هذا العمل فقال:"ان دل ذلك فانما يدل على اخلاص المؤسس و نجاح المؤسس ويدل على اتقان العمل فقد قال رسول لله صلى الله عليه وسلم (ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه) فقد رأيت اتقان العمل موجود هنا وهذا يضمن النجاح باذن الله تعالى فهو عمل لوجه الله والنفس لا حظوظ لها في هذا العمل فعندما تدخل ترى ان مسجد الرحمة باحة للمرح و اللهو للاطفال فهم يفرحون عندما يدخلون للمسجد وترى النساء و الرجال يلتزمون بالتعاليم الشرعية فالنساء يصلين في الخلف بكل راحة ويقرأن القرآن بكل راحة وترى في المقابل الرجال يلتزمون بالادب و يلتزمون بالعلم والتعليم وتراهم في خدمة أهل هذا الدين نساء ورجالا فأنك ترى حضارة الاسلام بشكل مصغر في هذا المسجد الذي يشع منه النور ويحيط به الانس في كل جوانبة فنعيما وهنيئا لمن قام على ذلك ونهنئ المسلمين على هذه المؤسسة العملاقة الادارة الدينية لمسلمي اوكرانيا وعلى هذا المسجد أول مسجد (بُني بقبة ومئذنة) في كييف عاصمة أوكرانيا".
ومعربا عن شعوره ودهشته الاولى بزيارة المسجد يقول:"من تشريف الله لي ومن كرم الله علي اني زرت هذا المسجد وزرت هذا البلد الذي سأنقل صورة المسلمين من هذه البلاد الى بلاد العرب و المسلمين .. فالناس تأتي الى أوكرانيا لاهداف دنيوية ولمطامع دنيئة ولكن من يزور هذا المسجد وهذه المؤسسة يُغير من نظرته للثقافة في أوكرانيا فلقد وجدت بلد الرقي و الترقي و الذي يزينه هذا المسجد بحضارته وثقافته وانفتاحه على الجميع والذي يمثل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انما بعثت للتوادد و التراحم بين الناس) فأنك تجد ادارة هذا المسجد تعمل على التوادد و التحابب بين الناس من جميع اطيافهم فكم نحن بحاجة الى هذا اليوم وكم نحن بحاجة الى مثل هذه الادارات الناجحة... فانني أهنئ المسلمين واهل اوكرانيا و أهل كييف بهذه المؤسسة التي تدعوا الى الحضارة و الرقي و السلام و الامن و الامان وتطهير النفس والجسد وتحرير الروح من الشهوات الى اطلاق الروح لخالقها فالحمد لله على وجود هذا المسجد ونشكر فضيلة المفتي الشيخ أحمد تميم على مابذله في هذا العمل ونقول له جزاك الله خيرا و نشكر اخانا الشيخ حسام حلواني القيم على هذا العمل ونقول له جزاكم الله خيرا ".
و حول رسالة فضيلة الشيخ لمسلمي أوكرانيا قال:"أقول لهم كلمة ان الوحدة هي سر النجاح فالاسلام يدعو الى الوحدة فالله عزوجل قال : (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) فتوحيد الامه و وحدتها هو الاساس فقد قال تعالى:(اياك نعبد واياك نستعين) و هذا يدل على توحيد المسلمين في العبادة ويظهر ذلك في ضمير الجمع (نعبد) فوحدة المسلمين امر عظيم عند الله فكلنا نعبد الله عزوجل اينما كنا و من جميع الاماكن متجهين الى قبلة واحدة و هذا يشير الى الوحدة لمعتقدك مع غيرك فانت تتحد بقبلة واحدة وبكتاب واحد وبكلمة واحدة فانت تقول (اياك نعبد) وان كنت منفردا في عبادتك فروح الجماعة تجمعك مع غيرك ولا يجب ان تبعدك شهواتك او أراؤك او تحزباتك عن غيرك من المسلمين و أوجه الكلمة الاهم الى اخواني المسلمين في اوكرانيا ان اتحدوا فيما بينكم ولا تشتتوا ولا تفرقوا فهذا هو الاسلام الذي جمع بين عمر القرشي وبلال الحبشي... هذا هو الاسلام الذي يتواضع به الاخ لاخيه امتثالا لقوله تعالى :(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
شاهد - شارك - ناقش على شبة الفيسبوك للتواصل الاجتماعي
المصدر: أوكرانيا بالعربية