أوكرانيا بالعربية | أم علي قلوب أقفالها... بقلم حسن زايد

المفترض ألا يجتمعا سوياً في مقال واحد ، لأن البون بينهما شاسعاً ، كما بين السماء والأرض . ولكن لضرورة الإيضاح يؤتي بالضد مع الضد ، لأن بأضدادها تستبين الأشياء ، وتتضح . ولدينا نقيضان ، أوضدان ، نعرض لهما سوياً ، لنكتشف الحقائق علي مرارتها .

كييف/أوكرانيا بالعربية/المفترض ألا يجتمعا سوياً في مقال واحد ، لأن البون بينهما شاسعاً ، كما بين السماء والأرض . ولكن لضرورة الإيضاح يؤتي بالضد مع الضد ، لأن بأضدادها تستبين الأشياء ، وتتضح . ولدينا نقيضان ، أوضدان ، نعرض لهما سوياً ، لنكتشف الحقائق علي مرارتها .

النموذج الأول ـ يزعم أنه صاحب فكرة ، ومنهج ، يعمل عليهما ليل نهار ، من أجل إصلاح الأمة الإسلامية بأسرها . هذا النموذج نظر في الدين الإسلامي ، وتكونت لديه نظرة ، تصور هو أنها نظرة فريدة ، متفردة بالريادة ، وأنها تقدم الدين ، كفكرة ومنهاج ، وأن ما عداها من نظرات أخري ، محدودة ، وقاصرة ، ومنقوصة .

وبلغ به الشطط حداً ذهب معه إلي القول بأن فكرته هي الدين ، وما عداها جاهلية . والنموذج الذي معنا ، قد ورث هذا الفكر عن أبيه ، ورضعه من ثدي أمه ، وتربي في كنفه ، وبلغ به ومعه أشده ، واستوي علي سوقه . وإلي جانب جنسيته الأصلية ـ وهي الجنسية المصرية ـ حمل الجنسية الأمريكية . هذا النموذج ، الذي سعي إلي تجسيد الإسلام ، بشر يمشون علي الأرض ، اشترك فور فقدان جماعته كرسي السلطان ، في جرائم ما عرف إعلامياً بـ : " غرفة عمليات رابعة " ، في محاولة بائسة ؛لاستعادة السلطة والسلطان . هذا النموذج صدر ضده حكم بالمؤبد ، من إحدي المحاكم المصرية ، نتيجة ما اقترفت يداه ، في حق المصريين ، من جرائم ثابتة . وكي يتخلص من عقوبته ، التي تعد تطهيراً له حال تنفيذها ، تقدم بطلب للتنازل عن جنسيته الأصلية ، كي يفرج عنه ، ويرحل إلي بلد جنسيته المكتسبة ، أمريكا . دعك من تراهات زعمه الإضراب عن الطعام ، والإشراف علي الموت ، وحمله علي كرسي متحرك ، فقد نهض من عليه في المطار ، وانكب علي الأراضي الأمريكية ساجداً ، وعاد إلي أمريكا عودة الإبن لأمه بعد غياب طال منه المدي ، واستطال الشوق .

هذا النموذج الغث هو محمد صلاح سلطان ، لأنه أحرص الناس علي حياة ، أي حياة . النموذج الثاني ـ هو مهندس البحرية الأمريكية المصري مصطفي أحمد عواد ، شاب لم يتجاوز منتصف العقد الرابع إلا بقليل ، ولد بالسعودية ، وتزوج من أمريكية ، وله طفلان ، ويسكن بيورك تاون ، بولاية فرجينيا . وطبقاً للمعلومات المتوفرة عنه من مصادر أمريكية ، أنه حاصل علي بكالريوس في الهندسة الكهربائية في ديسمبر 2013 م . تقدم بطلب للعمل في وظيفة مهندس مدني بالبحرية الأمريكية ، في مجال الهندسة النووية والتخطيط ، في إحدي القواعد الأمريكية ، في فبراير 2014 م ، وقد تم قبول طلبه ، وقد حصل علي الموافقة والتصريح الأمني اللازمين للعمل من الجهات الختصة ، وهو ما يتيح له الوصول إلي معلومات سرية ، خاصة بحاملة الطائرات العملاقة التي لم تدخل الخدمة بعد ، تتمثل في تصميم وتطوير وصيانة واصلاح محطات الدفع علي متن السفن التي تعمل بالطاقة النووية . فماذا فعل مصطفي عواد ، وفقاً للمصادر الأمريكية ، بعد أن وقع فريسة لعملية خداع ، قام بها عميل فيدرالي ، يجيد العربية ، زعم أنه ضابط كبير، بالمخابرات المصرية ؟ . تصور مصطفي بأنه يمكنه خدمة بلده مصر ، فقرر ـ بحسب المصادر الأمريكية ـ التضحية بدخل سنوي قدره 95 ألف دولار ، إذا ما التحق بالعمل في شركة لوكهيد مارتن ، في مقابل الوصول إلي المعلومات السرية .

وأنه قد قام بالتنازل عن جنسيته المصرية ـ الأصلية ـ بقصد تسهيل الأمر عليه في الحصول علي الموافقات الأمنية . وهنا لابد أن نتوقف عند ما أورده ممثل الإدعاء الأمريكي حين قال : بأن مصطفي عواد ، قد أخبر العميل السري ـ الذي كان يعتقد أنه ضابط مخابرات مصري ـ بأنه : " يري نفسه مواطناً مصرياً ، رغم تنازله عن جواز سفره المصري " . وبأنه : " سيقدم أقصي ما يستطيع لخدمة بلده مصر ، بتسليمها الرسومات الخاصة بحاملة الطائرات النووية " . كل ذلك بحسب المصادر الأمريكية. وأياً كان الأمر ، سواء افترضنا صحة الرواية الأمريكية ، أو عدم صحتها ، وسواء أكان ما أقدم عليه مصطفي عواد ، قد أقدم عليه ، من تلقاء نفسه ، تطوعاً لصالح بلده ، كما اعتقد وتصور ، أو جري استدراجه لهذا الأمر ، وتسهيل اختراقه للإجراءات الأمنية ، لإختباره ، ثم دعت ضرورة ما إلي كشفه ، أو أنه فخ قد نصب له لأسباب غير معروفة ، أولم يتم الكشف عنها ، فإن مصطفي عواد كان قد أراد خدمة وطنه من وجهة نظره . بالمقارنة بين النموذجين ، تقف علي الحقيقة . ومنها تنطلق إلي أحكام موضوعية ،علي النموذجين ، وعلاقتهما بالدين الإسلامي والوطنية ، ولو تم مد الخط علي استقامته في أعماق التاريخ لوجدنا ذات النموذجين ، وهما محمد مرسي ، وعبد القادر حلمي . النموذج الأول ـ وهو محمد مرسي ، رئيس الغفلة ،كان يعمل في وكالة ناسا ، ووكالة "ناسا" لاتسمح لغير الأمريكين بالدخول اليها ، فما بالكم بالعمل فيها ، وإن سمحت ، فإنه يكون بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية ، نظرآ لأهمية " ناسا " . قد حصل محمد مرسي على بطاقة الرقم القومى الأمريكى وأقسم يمين الولاء للولايات المتحدة الأمريكية عام 1990 قبل أن يتم إعتماده لدخول “ناسا" .

هذا النموذج كان صديقاً للنموذج الثاني ـ عبد القادر حلمي ، بطل قضية الكربون الأسود ، وقد تمثلت عمليته في شحن 470 رطلاً من مادة الكربون الأسود إلي مصر ، والحصول علي خريطة تطوير قنابل الدفع الغازي للصواريخ الأمريكية ، وقد تمت العملية بنجاح . وقد تم إلقاء القبض على الدكتور عبد القادر حلمى متلبسًا ، بمحاولة تهريب سبائك الكربون ، الخاصة بتغليف الصواريخ الباليستية المتطورة ، عام 1989م ؛ لحساب القوات المسلحه المصرية وصدر حكم عليه بالسجن المشدد 25 عام . بعد أن وشي به محمد مرسي للأمريكان ، وقد كان صديقاً له ، ويسكن معه في نفس المدينة . ألا يوجد رابط موضوعي بين القضيتين ؟ . من المؤكد أن الرابط موجود ، أفلا نتدبر الواقعتين ، أم علي قلوب أقفالها ؟ .


حسن زايد

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
دبلوماسية
تعزيز العلاقات الأوكرانية السعودية: تسليم أوراق اعتماد السفير الجديد
تعزيز الحوار بين أوكرانيا والمملكة العربية السعودية
سياسة
عملية إنقاذ أوكرانية ناجحة: عودة 31 مواطنًا إلى وطنهم بعد إجلائهم من سوريا
تحت إشراف زيلينسكي: أوكرانيا تنفذ عملية إنقاذ من سوريا
سياسة
كاللاس: الدعاية الروسية تهدد الديمقراطية العالمية
روسيا تستخدم المعلومات المضللة لتبرير عدوانها على أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
التشيك تعترف بترحيل شعب تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
آراء ومقالات
مركز موارد تتار القرم يطلق حملة في الشبكات الاجتماعية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
آراء ومقالات
القمع في شبه جزيرة القرم المحتلة: وحشية بلا حدود
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.