الرائد يرعى مؤتمرا دوليا حول ظاهرة كراهية الإسلام والاعتداءات على المسلمين في القرم
كييف - اوكرانيا بالعربية / وسط أجواء مشحونة عكست حجم التوتر الذي يسببه توسع ظاهرة كراهية الإسلام والاعتداء على المسلمين في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، عقد يوم الأمس مؤتمر دولي في المركز الثقافي الإسلامي بمدينة سيمفروبل عاصمة الإقليم حول الظاهرة وتأثيرها على مستقبل القرم الذي يعيش فيه نحو نصف مليون تتري مسلم.
رعى المؤتمر اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، وشارك بتنظيمه المركز القرمي للدراسات الإسلامية، وذلك بالتنسيق مع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، الأمر الذي عكس حجم الاهتمام بهذه الظاهرة "المتفاقمة" في القرم، بحسب بعض المشاركين.
ويأتي تنظيم المؤتمر في إطار حرص "الرائد" على بذل كل الجهود الحضارية الممكنة للحفاظ على وحدة المجتمع المجتمع القرمي، والحفاظ على روح التعايش السلمي بين مختلف فئاته وأطيافه، إضافة إلى حرصه على مصالح المسلمين التتار وحل قضاياهم.
شارك بفعاليات المؤتمر علماء ونشطاء اجتماعيون وحقوقيون من أوكرانيا وروسيا وجروجيا وتركيا، وهي الدول المجاورة التي تشعر بالقلق من توسع رقعة انتشار هذه الظاهرة في القرم، أو تتهم بها.
ومن بين الضيوف والمشاركين كان وفعت تشوباروف نائب رئيس مجلس شعب تتار القرم، الذي دعا في كلمة افتتاحية إلى توحيد الجهود بين جميع من يحرص على مستقبل الإقليم لانتشاله من آفاته المختلفة، ومن بينها ظاهرة كراهية الإسلام والاعتداءات عليهم.
وتعد الظاهرة تهديدا لفسيفساء المجتمع القرمي متعدد الأعراق والديانات، حيث يشكل الروس المسيحيون فيه نسبة تقدر بنحو 40 من إجمالي عدد سكانه البالغ 2.5 مليون نسمة، ويشكل الأوكرانيون المسيحيون نسبة 30%، بينما يشكل التتار المسلمون نسبة تقارب 20%، إضافة إلى وجود قوميات وديانات أخرى.
وقد تكررت مؤخرا حوادث الاعتداء على مقابر وممتلكات التتار هدما وكتابة وعبثا، وطالت الاعتداءات أطفال التتار في رياض الأطفال، حيث قام مجهولون بخطف عدد منهم ثم إعادتهم بهدف الإساءة والترهيب.
* الأسباب
كشفت حدة النقاش عمق الأزمة وتشعب أسبابها، فاعتبرت البروفيسورة مارينا غورينكا المحامية والحقوقية أن أصل المشكلة هو عدم وجود قوانين أوكرانية تعالج الخلافات بين المواطنين على أسس دينية أو عرقية إذا كانت كذلك، الأمر الذي يسبب تفاقمها مع الأيام.
وربط عمار كاناخ أستاذ الفلسفة وعلوم الاجتماع في جامعة مدينة سيفاستوبل الأسباب بظهور وانتشار تيارات إسلامية تعادي الغرب، ومصطلحات تثير مخاوف غير المسلمين على المستقبل في القرم، في إشارة على ما يبدوا إلى أصوات تترية نادت بإعادة القرم ولاية إسلامية كما كان زمن الخلافة العثمانية.
ورأى كاناخ أن وسائل الإعلام الغربية ساهمت بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا بتأجيج كراهية المسلمين عالميا، تماما كما أججتها وسائل الإعلام الأوكرانية والقرمية. واعتبر أندريه مارتينكين أستاذ التاريخ بجامعة سيفاستوبل الروسية أن كراهية الإسلام في القرم غير مبررة، فهو لم يدخلها بحد السيف كما حدث مع دول أخرى، ولم تشهد المنطقة سابقا عداء على أساس ديني، على حد قوله.
* اتهامات
وأجمع المشاركون على أن تقصير الحكومة الأوكرانية والقرمية وصل بالحال إلى ما هو عليه من سوء وخطورة، وانتقدوا بشدة اعتذار جميع الجهات الرسمية المعنية عن حضور المؤتمر في اللحظات الأخيرة.
واتهم بعض من حضر المؤتمر من التتار حكومة بلادهم بممارسة سياسية "الإهمال" لهم عمدا، هربا من إيجاد حلول عادلة لقضاياهم العالقة منذ عودتهم من بلاد المهجر بعد الاستقلال.
وقال عزت خيروف عضو تجمع حكماء التتار إن صبر التتار على واقعهم حال دون تفجر الأوضاع وتحول القرم إلى نقطة نزاع ساخنة، لكن هذا الصبر ينفذ، وخاصة بين أوساط الشباب الغاضب.
واتهم البعض أيضا روسيا بدعم حركات روسية عنصرية متطرفة ضدهم، معتبرين أن ذلك يأتي ضمن سياسة تمارسها للاستحواذ التدريجي على القرم، من خلال توزيع الجنسية على ساكنيه ودعم المسيحية وانتشار اللغة.
ولفت سيران عريفوف المفكر الإسلامي إلى أن روسيا منعت كتبا إسلامية أساسية بحجة أنها تدعم الإرهاب، كرياض الصالحين وسيرة ابن هشام وحصن المسلم وغيرها، ولهذا تداعيات مباشرة على المسلمين ونظرة الغير لهم، يشعر بتبعاتها التتار في القرم حيث يعتبر الروس أكثرية نسبية.
وفي سياق متصل، أشار أسلانيدزي أبيسالوم ممثل الحكومة الجورجية إلى المؤتمر إلى أن جورجيا عانت أواسط العقد الماضي من ذات الظاهرة بتحريض من روسيا، وعالجتها بالإعلام والتوعية والتثقيف حفاظا على وحدة المجتمع ومسلميه البالغ عددهم نحو 500 ألفا.
* نحو حلول
وعزما على مكافحة الظاهرة، قدم المشاركون اقتراحاتهم وتوصياتهم لرفعها إلى الجهات الحكومية المعنية ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
ومن أبرز ما قدموه كان إعداد وتنفيذ مناهج دراسية تعرف بالديانات لتعزز التفاهم والتعايش بين طلاب الإقليم على اختلاف أعمارهم، وبرامج حكومية لتوعية أتباع الديانات بخطورة الكراهية على وحدة المجتمع ومستقبله.
ودعا ديلافير سايداخميتوف نائب رئيس جمعية أمل "إميل" التترية الشبابية إلى تركيز حملات التوعية على فئة الشباب، مشيرا إلى أن من يعتدون على التتار هم ممن لا تزيد أعمارهم عن 30 عاما، ويتبنون أفكارا عنصرية متطرفة.
ودعت أولغا فريندلك رئيسة جمعية "معا والقانون" الحقوقية إلى العمل مع باقي الجمعيات المماثلة على رصد الانتهاكات بحق المسلمين وغيرهم، وحث الحكومة على سن قوانين تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الدينية في معالجاتها.
المصدر : أوكرنيا بالعربية