تاتيانا ديمتشينكو : "يوم الثقافة الفلسطيني لعب دورا كبيرا لاندماج الجالية الفلسطينية في المجتمع الاوكراني"
كييف/أوكرانيا بالعربية/ بمناسبة يوم المرأة العالمي و بهدف إبراز الشخصيات المهمة العربية و الأوكرانية المرتبطة بالأسر العربية و أهمية ما حققته السيدة تاتيانا ديمتشينكو في حياتها العملية و الاجتماعية التقينا بها لتهنئتها بيوم المرأة العالمي و قمنا بالحوار التالي :
أوكرانيا بالعربية: ماذا يعني بالنسبة لك يوم المرأة العالمي ؟
* ديمتشينكو: أستطيع القول في البدء بان هذا العيد هو عيد الربيع و عيد للحب و عيد لكل النساء و هو ذلك اليوم الذي يتذكر و يتفكر به الرجل للمرأة و دورها في حياته و كذلك اللحظة التي يهدي بها الزهو و الدفئ و الاهتمام بهذه المرأة التي تتشوق لذلك الحنان. و أنا لا اعتقد ان هذا العيد سياسي بل هو مجرد الذكرى لجميع النساء.
أوكرانيا بالعربية: السيدة تاتيانا لقد أصبحت شخصية معروفة على المستوى الفلسطيني و نحن نعتز بالدور النشط التي قمت به من خلال إدارة يوم الثقافة الفلسطيني. حدثينا عن هذا الدور و عن يوم الثقافة. و انعكاسه على المجتمع الأوكراني ؟
ديمتشينكو: أنا اعتقد بأن هذا الحفل و هذا العيد لعب دورا كبيرا لاندماج الجالية الفلسطينية في المجتمع الأوكراني و ساعد بشكل كبير لتغيير الفكرة التي تكونت لدى المواطن الأوكراني عن فلسطين و هذا أمر في غاية الأهمية بسبب الفكرة الخاطئة لدى المواطن الأوكراني هي ارتباط كلمة فلسطيني بكلمة إرهابي و هذا بسبب الإعلام الذي ينقل هذه الفكرة وليس للمواطن العادي مصدر آخر للمعلومات ... و هذا أمر محزن جدا.
اما الحضور و الذين يقدرون بألف شخص في هذا المهرجان و الذين قرؤوا و شاهدوا في وقت لاحق ما كتب و ما قيل عن هذا الحفل و الكثير منهم راجعوني فيما بعد و كنت سعيدة جدا في عندما رأيت الانطباع الايجابي لديهم و عندها شعرت بالفرح لان الهدف الذي وضعته قد تحقق. أما عن الدور الذي قمت به فهو أدارة عملية العرض للوحة و الحشد الإعلامي و كذلك عملية إدارة و التحضير لهذا الحفل . و قد استغرقت عملية التحضير شهور و قد تكللت المجهودان بنجاح و هذا هو المهم. أما نجاح و روعة هذا العيد فانا أريد ان استمع لوجهة النظر من الأطراف الأخرى و تقييمهم لهذا العمل.
أوكرانيا بالعربية: باعتبار أن الجالية الفلسطينية تسعى دائما للاندماج في المجتمع الأوكراني و أنت متزوجة من فلسطيني و لديكم طفل مشترك. كيف تنظرين إلى هذا الموضوع كاندماج فلسطيني أو عربي في المجتمع الأوكراني ؟ و هل تنصحين بهذا الاندماج ؟ و هل أولادنا هم اقدر على مخاطبة المجتمع الأوكراني ؟
* ديمتشينكو: أود أن أشير بأنه لو نظرنا من جهة علمية بحته فان أطفال الزيجات المختلطة هم حتى على المستوى الجيني أكثر عبقرية و ذكاء يسبق أعمارهم بل يمكني تسميتهم "انديغو" . و من جهة الزيجات المختلطة فان هؤلاء الأطفال يصبحون مباشرة جسر للتواصل بين الثقافتين و العالمين فهم منذ ولادتهم يتلقون لغتين و ثقافتين و هم بشكل مباشر يندمجون في المجتمع العربي و الأوروبي و هؤلاء الأطفال هم الأقدر على تأسيس علاقات وطيدة بين المجتمعين و سيكون لهم ثمار عاجلا أم آجلا و هم الأقدر على التعايش في عالمنا المعاصر .
أما الاندماج فانا انصح بذلك فكل شعب يحمل في طياته قيم ربما تكون مفقودة لدى شعب آخر أي أن كل شعب هو متميز بنفسه و يتمتع بقيم لا تتكرر لدى الآخر فالتبادل لهذه القيم و غيرها بين الشعب لا تضر بالعكس فهي من الضروريات لإخصاب المجتمعين فالفائدة تعود على الجميع من ذلك. و الاندماج يدفع الشعوب إلى فهم الآخر و التعايش معه و هذا يسهل عملية الحوار و البعد عن الفكر الخاطئ عن الآخر بسبب لون البشرة أو الشعر أو غير ذلك و كما هو شائع في مجتمعنا بان كل البشر هو مخلوقين من أب واحد و أم واحدة.
أوكرانيا بالعربية: ما هي واجبات الوالدين في الأسر المختلطة حتى لا يتم ضياع احد الثقافات ؟
* ديمتشينكو: أستطيع ان اسمي هؤلاء الأطفال بأنهم أطفال السلام و أطفال العالم . و لا اعتقد أنهم سيفقدوا احد الثقافتين فهم متأثرين دائما بوالديهم و لديهم القدرة المضاعفة على امتصاص من الطرفين للثقافتين و لن يشعروا بالغربة في احد هذين المجتمعين و هذا ممتاز . و بالتأكيد بان الأطفال سيشعرون بأكثر ارتياح في البلد الذين نشئوا فيه. بل سيلعب هؤلاء الأطفال في المستقبل دورا هاما لإلغاء الحدود بين المجتمعات لتصبح مفهوما وهميا.
أما بدور الوالدين فهو بشكل عام عليهم أن يربوا أولادهم بحيث يكونوا أناسا بالحرف الكبير و المرتبة الأولى هي الإنسانية فنحن كلنا من جنس واحد و مهما حاولنا بالتميز العرقي او غيره فهذا التمييز يزول تلقائيا لدى الأبناء من الزيجات المختلطة.
أوكرانيا بالعربية: برأيك كيف يمكن تطوير الاستثمارات العربية في أوكرانيا ؟
* ديمتشينكو: ألعالم العربي و أوكرانيا هما بذاتيهما متميزين و مهمين لبعضهما البعض في مجال الاستثمار أما بالنسبة للاستثمار العربي في أوكرانيا فللأسف انا مضطرة للقول بان أوكرانيا ليست في الحالة الأفضل للاستثمارات و ليس هنالك الآن مناخ مناسب للاستثمار في أوكرانيا فهنالك استطلاع عالمي للرأي حول الدول و قابليتها للاستثمار حيث كانت أوكرانيا في المرتبة الأولى عالميا بكمية الضرائب . و هذا عائق كبير لرجال الأعمال و لكنني أبقى متفائلة بان أوكرانيا ستتوجه بإصلاحاتها تخفف ضرائبها لتكون دولة يشعر بها المستثمرين بالارتياح فأوكرانيا هي دولة غنية و لها مستقبل مشرق بالذات في المجال الزراعي و السياحي و مهما حاولنا إظهار أوكرانيا كدولة صناعية فانا اعتقد بان ثروة أوكرانيا هي في زراعتها و خصبة تربتها. و هنا يكون الاستثمار الناجح. فحسب التطلعات في ظل الأزمة العالمية لنقص المواد الغذائية يمكننا أن نصبح سلة الغذاء ليس فقط لأوروبا و انما لدول اكبر و لكن يجب علينا ان نتعامل في هذا المجال بحكمة و بشكل صحيح.
أوكرانيا بالعربية: كان هنالك قبل فترة ندوة بخصوص الحوار الإسلامي الأوكراني . هل تعتقدين أن مدخلنا إلى أوكرانيا هو مدخل ديني أم ثقافي أم سياسي ؟
* ديمتشينكو: كان دائما و مازال عالميا بان المدخل الأسهل و الأفضل هو الثقافي و هذا المجال يفتقر كثيرا للعمل فلو كان هنالك عمل ثقافي عربي قوي في أوكرانيا لسهل كثيرا عملية فهم الشعوب لبعضها . فالناس لدينا و لديكم ينظرون بطريقة مختلفة للأديان و ليسوا جاهزين للانفتاح على البعض في هذا المجال . و هنالك تفكير خاطئ حول الاسلام لدينا و انا أؤكد بان الإسلام هو ديانة حب و سلام و كلي أسف و حزن على المفهوم الخاطئ لدينا . أوكرانيا دولة ينفصل فيها الدين عن الدولة لذلك أفضل مدخل هو ثقافيا و بالتعرف على ثقافتنا و ثقافتكم و هذا عن طريق التبادل الثقافي و العمل المشترك لفعاليات ثقافية مستمرة.
أوكرانيا بالعربية: لقد قمنا من فترة بتحليل ثقافي فلسطيني – أوكراني و دُهشنا للتشابه الكبير في التطريز الفلسطيني و الأوكراني . فمها هو تفسيرك لذلك ؟
* ديمتشينكو: نعم لقد لاحظت التطابق في ذلك ايضا و هذا بسبب مشاعر الأمومة فروح المرأة هو واحد فنسائنا و نسائكم يرون هذا الجمال و هن يصنعنه على الواقع . و السبب في الفرقة هو ليس النساء و إنما الرجال و بالتحديد طموحاتهم اما النساء فهن بحنانهن و عطفهن دائما يعملن على التوحيد و المحبة فلذلك هن يرمزن لهذا عن طريق الخياطة و التطريز و غير ذلك . فروح الأم المتفانية هي واحدة و شعورها واحد.
أوكرانيا بالعربية: لقد أصبحت جزئا من النسيج الفلسطيني فما هو تقييمك لدور سفارة دولة فلسطين لدى أوكرانيا و كذلك دور الجالية الفلسطينية في أوكرانيا ؟ سواء بشكل عام أو بشكل خاص بالموضوع الثقافي و إحياء يوم الثقافة الفلسطيني في كييف في العام الماضي ؟
ديمتشينكو: كما أشرت سابقا بان هذا اليوم أصبح عيدا مشهورا و مشرفا فكان هنالك الكثير من التعليقات الايجابية و الانطباع المتميز لدى المواطن الأوكراني الذي تغير لديه حول الواقع الفلسطيني و هذا كان اكبر هدية بالنسبة لي. أما عن دور المؤسسات فأريد ان أشير بأنني على علاقة طويلة مع مجتمعكم و أنا سعيدة جدا بهذه الخطوات التي لامسناها في الفترة الأخيرة ووضوحها و قوتها و نشاطها و الاتجاه الصحيح الذي تسلكه هذه المؤسسات من اجل الاندماج في المجتمع الأوكراني و هذا لعب دورا كبيرا للتعريف ببلدكم فلسطين في أوكرانيا .
أما بالنسبة لعمل و دور السفارة الفلسطينية فاستطيع القول بأنه عمل ممتاز و دور متميز و لدي ما أقارن به و شاهدت الكثير من نجاحاتهم و ليس لدي إلا كلمات الشكر و الثناء لدور السفارة الفلسطينية و لسعادة سفيرد دولة فلسطين د. محمد الاسعد شخصيا و لدوره الهام لابراز الدور الفلسطيني في أوكرانيا. أما الجالية فاعتقد بأنه مازال هنالك الكثير من العمل ينتظرهم و لابد من أن يولون اهتمام اكبر للعلاقات الثقافية. فإذا قلنا بان عمل الدبلوماسيين هو إرساء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين و الشخصيات الرسمية فان مهمة الجالية هو تقريب المجتمعين لبعضهما البعض و ذلك عن طريق النشاطات الاجتماعية و الثقافية المستمرة أي ليست لمرة أو مرتين و إنما تفريغ طاقم خاص مشترك بين الطرفين للتنسيق و العمل المستمر.
أوكرانيا بالعربية: هنالك جالية أوكرانية كبيرة في فلسطين فماذا تريدين القول لهذه الجالية هناك ؟
ديمتشينكو: أعتقد بان الغالبية العظمى لهذه الجالية هي من النساء فلذلك أريد ان أوجه لهن تهاني الحارة باليوم العالمي للمرأة و أتمنى لهن سعادة و صحة دائمة و لأسرهن و انا سعيدة جدا بان فلسطين أصبحت لهن الوطن الثاني.
أوكرانيا بالعربية: لقد كان هنالك مؤتمر استثمار في فلسطين العام الماضي و الذي شارك به زوجك الكريم هل لديك رغبة للمشاركة في المؤتمر لهذا العام بصفتك سيدة أعمال ؟
ديمتشينكو: أذا تمت دعوتنا فلم لا .
أوكرانيا بالعربية: وراء كل رجل عظيم امرأة فما هو الدور الذي قمت به لإنجاح عمل زوجك الفنان جمال بدوان ؟
ديمتشينكو: أنا اعتقد بأنه من الأفضل ان يتحدث جمال بدوان عن هذا الدور و لكن أقول باختصار بان دوري كان أداري و تحضيريا و إعلاميا و لا أريد الحديث بالتفصيل حتى لا يكون مديح ذاتي و لقد قمت بكل وسعي و طاقاتي.
أوكرانيا بالعربية: باعتبارك جزئا من نسيجنا حديثينا عن نفسك لقراء أوكرانيا بالعربية .
ديمتشينكو: ولدت في مدينة بوريسلاف في محافظة لفوف الغربية حيث أتممت هناك المدرسة المتوسطة و من ثم التحقت بجامعة كييف للاقتصاد . أنهيت المرحلة الجامعية في عام 1998م . ثم عملت في الأكاديمية الرئاسية للإدارة الكوادر و شعرت بأنني على أبواب عمل في المجال الحكومي و لكنني عملت في مجال الأعمال الحرة حتى يومنا هذا . حيث كان هذا المجال يشدني دائما و عندما تزوجت حصلت على دفعة قوية من قبل زوجي لأكون سيدة أعمال ناجحة.
المصدر : أوكرانيا بالعربية