صراع الجبابرة في أوكرانيا يحتدم و الدوائر تدور حول زعيمة المعارضة
كييف/أوكرانيا بالعربية/تتأجج نار صراع حاد بين جبابرة الساسة في أوكرانيا، فزعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو، رئيسة الحكومة الأوكرانية السابقة، التي تقضي حاليا عقوبة السجن سبع سنوات في أحد سجون البلاد، مهددة اليوم بأن تبقى حبيسة القضبان مدى الحياة إثر اتهامها بالتخطيط لقتل رجل الأعمال، النائب السابق في البرلمان الأوكراني"الرادا" يفغيني شيربان عام 1996 .من جهتها توجه تيموشينكو الاتهام نفسه للرئيس الحالي فكتور يانوكوفيتش ورجل الأعمال الأوكراني رينات أحمدوف.
خلال سيرهذه المعركة تتعرى حقائق كثيرة لحيثيات الصراع على السلطة، الذي لطالما ظل محتدما خلال "الثورة البرتقالية" وما بعدها.
إلى يومنا هذا كان لعملية اغتيال رجل الأعمال يفغيني شيربان وزوجته في الثاني كانون الثاني/يناير عام 1996 خصوصيتها في سلسلة الحوادث المأساوية التي حدثت في أوكرانيا في تسعينيات القرن الماضي خلال مرحلة الخصخصة وتراكم رؤس الأموال، في حين يؤكد المحللون أن هذه القضية غيرت، دون مبالغة، سير التاريخ المعاصر لأوكرانيا.
قبل 15 عاما كشفت النيابة العامة الأوكرانية المتهمين بالتخطيط لمقتل شيربان، وهم رئيس الحكومة السابق بافل لازارينكو (وقد خرج من أحدى السجون الأمريكية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد أن قضى عقوبة السجن لمدة 10 سنوات بتهمة الاختلاس) و شريكته آنذاك يوليا تيموشينكو، لكن قائمة المتهمين كانت مطاطة، وكان من الممكن، برأي الخبراء، أن تستوعب أسماء ساسة ورجال أعمال من تلك الحقبة ومن الحقبة الحالية على حد سواء.
تقول النيابة العامة الأوكرانية في معرض اتهامها: "لازارينكو كان يغطي عمليات الفساد التي كانت ترتكبها تيموشينكو في منظومة الطاقة الموحدة لأوكرانيا، وقد كان متعارفا عليه دائما ربط اسميهما بما يعرف بـ "تنظيم أو جماعة دنيبروبيتروفسك" في السياسة الأوكرانية، وقد وقف يفغيني شيربان حائلا دون دخول لازارينكو وتيموشيكو إلى سوق توريد الغاز إلى معامل ومصانع المعادن في دونباس، ما أدى بالنتيجة إلى مقتله".
وأكد النائب العام الأوكراني فيكتور بشوكنا أن لازارينكو موّل عملية اغتيال شيربان البالغة حوالي 3 مليون دولار، فيما تولت تيموشينكو تحويل الأموال للمنفذين."
لاشك أن لازارينكو نفى كل ما نسب إليه، فيما يحاول محامو تيموشينكو الإشارة إلى التناقضات في حيثيات هذه القضية.
لكن الأهم من ذلك كله هو أن محامي تيموشكينكو يحاولون اليوم التركيز على مسألة غاية في الأهمية وهي " انتقال ملكية شركة "اتحاد دونباس الصناعي" بالكامل إلى الرئيس الحالي فيكتور يانوكوفيتش ورجل الأعمال رينات أحمتوف بعد وقت قصير جدا من اغتيال 3 من أصحابها الأساسيين"، وكذلك تولي يانوكوفيتش منصب محافظ منطقة دونيتسك بعد مقتل شيربان .
هذه الإشارات التي أرسلها محامو تيموشينكو نفاها محامو رينات أحمدوف، أكثر رجال الأعمال الأوكرانيين ثراء، من أساسها، أما فيكتور يانوكوفيتش فيؤكد الإعلام الروسي أنه تخوف من أثارها السلبية على محادثاته خلال منتدى دافوس، مااضطره إلى مغادرة المنتدى قبل الموعد المقرر رغم ازدحام أجندته بلقاءات مع ممثلي صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي
وهنا يؤكد المحللون أن يانوكوفيتش تخوف من أن يغوص محاوروه، ليس في قضية تيموشينكو، بل وفي قضايا أكثر غموضا من مخلفات التسعينات، حينها كانت عمليات تخصيص الشركات الكبرى تجري بفعالية توازي عمليات خطف وقتل رجال الأعمال.
وكي يحمي شيربان نفسه حينها دخل عالم السياسة وأسس الحزب الليبرالي، الذي ترأسه أوليغ سوسكين، لكن عالم السياسة لم ينقذه من الموت المبكر.
وهنا يؤكد سوسكين الذي يشغل اليوم منصب مدير معهد التحولات المجتمعية في أوكرانيا أن هذه الجريمة غيرت موازين القوى في البلاد وأن "محاولة ربط تلك الحقبة بيومنا الحالي يمكن أن تفضي إلى نتائج وخيمة شبيهة بمرحلة الاغتيالات تلك".
وقال في إشارة إلى السلطة الأوكرانية الحالية " لقد ظنوا أنهم حفروا قسما واحدا من القبر، حيث ترقد زوجة شيربان وقرروا دفن تيموشينكو ولازارينكو بجانبها، لكن تبين لاحقا أنهم حفروا تلة كبيرة ومقبرة كاملها"، داعيا السلطات الأوكرانية إلى "التوقف عن حفر هذه المقبرة، وإلا ستخرج منها الأموات لتجرنا جميعا إلى جانبها".
المصدر : ريانوفوستي