كييف ذات المباني الزاهية والقباب الذهبية... بقلم وليد النصف
كييف/أوكرانيا بالعربية/بعد سبعة عقود من السيطرة السوفيتية، برزت كييڤ، عاصمة أوكرانيا، كواحدة من أكثر المدن الأوروبية حيوية في القرن الحادي والعشرين. فهي تتميز بوجود ساحة مزدهرة للفن المعاصر، وظهور جيل جديد من الطهاة المشهورين ممن تعاملوا بصورة مبتكرة مع المطبخ الأوكراني التقليدي، وحياة ليلية حيّة. وكانت كييڤ قد استضافت في العام الماضي بطولة أوروبا لكرة القدم، حيث استضافت الآلاف من مشجعي الكرة الأوروبية، كما تستقبل كييڤ خلال عطلة نهاية الأسبوع محبي كل جديد في الموضة من الأوروبيين والروس.
غير أن بروز أساليب المطبخ الحديث والحياة العصرية الشابة تعد فقط آخر السمات الثقافية في هذه المدينة، التي لديها الكثير لتقدمه الى زائرها من كنائس وسراديب، ونصب قديمة. وعلى الزائر الا تثار لديه حقيقة أن كييڤ اشتهرت بأنها «مهد السلاڤ» الصورة النمطية للصرامة والقسوة السلاڤية. فمنذ البداية سيلاحظ أن المدينة تزهو بالألوان، كأنها قد رسمت بطريقة تلوين بيض الفصح الأوكراني بمبانيها ذات الألوان الزاهية، وقبابها الذهبية المتلألئة التي تصل من التلال فوق نهر الدنيبر.
وهناك أيضاً أهل كييڤ أنفسهم بحركتهم ونشاطهم، وحس الفكاهة لديهم، وشغفهم الذي لا يشبع بكل ما يحدث المرح. ويعكس ذلك انتشار المقاهي التي تعج بالرواد، والشواطئ المزدحمة.
وتعتبر ساحة الاستقلال التي تبدو في شكل استاد مستدير المركز الأساسي التقليدي لكييف الذي يجسد تاريخ كييف - فالمباني التي تعود الى العهد القيصري، والستاليني تمثل القديم بينما تعكس مجمعات التسوق الفخمة الزجاجية الجديدة في هذه المدينة، وتقف الآن الآلة السلافية بيريهينيا على اعلى العمود المرتفع بدلا من النصب الذي كان يمجد لينين. ويستطيع الزائر الجلوس في احد المقاهي المحيطة بالساحة ويتأمل اجواءها وحركتها، فالجميع يأتي إليها من مقدمي عروض الشوارع والطلاب والباعة، والمشاركين في التظاهرات السياسية ولا ننسى انها كانت الموقع الذي انطلقت منه الثورة البرتقالية التي اتت بالتغيير الديموقراطي الى البلاد في عام 2004.
ولابد في كييف من زيارة متحف التحف الدقيقة التي لا يمكن مشاهدتها الا عن طريق المجهر، فهو يضم لوحة شطرنج بكامل قطعها فوق رأس دبوس، ومحرك في حجم ذرة رمل يعمل، وبرغوثة ترتدي حذاء ذهبيا. وهذه فقط بعض الأعمال الدقيقة المذهلة من انتاج الفنان مايكولا سياد ريستي وهو فنان علم نفس، واشتهر في جميع دول الاتحاد السوفيتي السابق. واعماله الفنية البالغة الصغر والدقة يمكن لرواد المتحف مشاهدتها فقط. كما ذكرنا، عن طريق المجهر.
وفي باحة الدير المجاور للكتدرائية غالبا ما يكون الفنان سيادريستي متواجدا ليناقش مع رواد المتحف افكاره حول اعمال ووصف الطريقة التي ينفذ بها تلك الأعمال البالغة الصغر.
وعلى بعد عشر دقائق سيراً على الأقدام من ذلك الدير تجد في ممر احدى الحدائق تمثالاً يمجد مقاتلي الحرب العالمية الثانية كما يوجد ايضا تمثال ضخم للبلد الأم من تصميم الفنان يفجين فوتشيتيك الذي يطل على متحف التاريخ الوطني للحرب الوطنية العظمى، ومعروضات المتحف تحيط بقاعدة ذلك التمثال وهي معروضات تعبر عن وحشية تلك الحرب، وعن الاعمال البطولية التي قام بها المقاتلون ومن بين معروضات الاسلحة التي تم الاستيلاء عليها والرايات وغيرها من مخلفات الحرب التي تعطي لمحة عن آثار تلك الفترة على أوكرانيا.
والمطبخ الاوكراني مطبخ منوع وفريد ويعتبر الاوكرانيون بانهم ايطاليو أوروبا الشرقية، والتجول في سوق الخضروات المركزي الذي بني في عام 1912 حيث تجد كل انواع الخضروات والفواكه الطازجة والمحفوظة.
وليد عبداللطيف النصف
رئيس التحرير جريدة القبس