فساد ترامب أسوأ من الفساد في أوكرانيا

آن أبلباوم: أوكرانيا تُظهر التزامًا بالشفافية بينما يستغل رجال أعمال أمريكيون وروس مؤسسات الدولة لمصالحهم الخاصة
كييف/أوكرانيا بالعربية/ في مقالٍ تحليلي نُشر في مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، قارنت الصحفية والمؤرخة آن أبلباوم بين أساليب مكافحة الفساد في أوكرانيا وبين الممارسات التي يعتمدها بعض رجال الأعمال الأمريكيين والروس في استغلال مؤسسات الدولة لتحقيق مصالح شخصية. ورأت أبلباوم أن المجتمع الأوكراني اليوم أكثر تصميمًا على الشفافية والمساءلة من العديد من النخب السياسية في الغرب.
تناولت الكاتبة في مقالها قضية "عملية ميداس" التي يُحقق فيها المكتب الوطني الأوكراني لمكافحة الفساد (NABU)، والمتعلقة بفساد في قطاع الطاقة النووية. وأوضحت أن التحقيقات أدت إلى إقالة وزيرين واستقالة أندريه يرماك، أحد المقربين من الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بعد تفتيش منزله من قِبل المحققين.
وأكدت أبلباوم أن نشاط المكتب وردّ المجتمع الأوكراني القوي على قضايا الفساد، يُظهر متانة مؤسسات الدولة الأوكرانية حتى في ظل الحرب. واستذكرت الكاتبة كيف أدت محاولة الرئيس العام الماضي لتقليص صلاحيات مكتب مكافحة الفساد إلى موجة احتجاجات شعبية واسعة، أُلغيت بعدها الخطوة الحكومية تحت ضغط الشارع.
ونقلت الكاتبة عن كبير المحققين أولكسندر أباكوموف قوله:
"الفساد هو روسيا، ونحن لسنا روسيا."
فيما قالت الناشطة داريا كالينيوك: "التحقيق الحالي فرصة لإنقاذ البلاد وتعزيز قوتها."
وعلى النقيض من التجربة الأوكرانية، أشارت أبلباوم إلى أن روسيا تُجرّم أي تحقيقات تتعلق بثروة فلاديمير بوتين، مستذكرةً قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني، الذي كشف عن “قصر بوتين” في فيلم وثائقي، وتوفي لاحقًا في سجن روسي في ظروف غامضة.
كما لفتت الكاتبة إلى المفاوضات الجارية في موسكو بمشاركة رجلي الأعمال الأمريكيين ستيفن ويتكوف وجاريد كوشنر، إلى جانب كيريل ديميترييف، رئيس صندوق الاستثمار الروسي، حيث ناقش الطرفان قضايا اقتصادية وتجارية في قطاعات الطاقة والمعادن النادرة، إلى جانب ملف أوكرانيا.
وترى أبلباوم أن هذه الممارسات لا تُصنَّف ضمن “الفساد الكلاسيكي”، بل هي شكلٌ جديد من استغلال النفوذ السياسي الأمريكي لتحقيق مكاسب محدودة لفئات من رجال الأعمال، بما يضر بالمصالح الإستراتيجية الأمريكية وحلفائها.
وأضافت الكاتبة أن أوكرانيا، على الرغم من الحرب، قادرة على فتح تحقيقات ضد مسؤولين رفيعي المستوى وحتى المقربين من الرئيس، في حين يُعدّ مثل هذا السيناريو مستبعدًا في روسيا، و"شبه مستحيل" في الولايات المتحدة إذا تعلق الأمر بفريق الرئيس السابق دونالد ترامب.
وأوضحت أبلباوم:
"في أوكرانيا، يمكن للدولة التحقيق في أنشطة مجلس الوزراء وأقرب مستشاري الرئيس. أما في واشنطن، فمن غير المتصور أن يُحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي بقيادة كاش باتيل في إدارة ترامب. الروس يُسجنون لمجرد التحقيق في بوتين."
وختمت الكاتبة بالقول إن كلمة “فساد” تحمل في أوكرانيا معنىً أوسع وأكثر خطورة، إذ يعتبره الأوكرانيون تهديدًا وجوديًا للأمن القومي، بينما في الولايات المتحدة أصبح مرتبطًا بمصالح النفوذ والمال السياسي.
وفي سياقٍ متصل، اعتبر نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس أن فضيحة الفساد الأخيرة في قطاع الطاقة الأوكراني قد تجعل كييف أكثر ميلًا للقبول بـ خطة السلام الأمريكية المؤلفة من 28 بندًا، التي لا تزال قيد النقاش مع الجانب الأوكراني.
المصدر: أوكرانيا بالعربية
