في الذكرى الـ 48 للانطلاقة على العهد باقون ... بقلم د. معاذ بشارات
كييف/أوكرانيا بالعربية/يحتفل الشعب الفلسطيني اليوم الاول من كانون الثاني/يناير في الوطن والشتات بعيد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، و في هذا العام تحل الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة حركة 'فتح' التي وحدت الفلسطينيين حول الهوية والهدف، وارتقت بهم من حالة الشتات والتشتت إلى مستويات الكفاح من اجل تحقيق الأماني بالتحرر من نير الاحتلال وتقرير مصيره .
ففي تاريخ حركات التحرر الوطني تنفرد دائماً اسماء قوى نضالية يعود لكفاحها الفضل في قيادة المشروع الوطني أو الاسهام في بعث الحراك الشعبي لمواجهة المحتل.. ففي فيتنام – مثلاً - هناك الفيت كونج وهوشي منّه، وفي الجزائر هناك أحمد بن بيلا وجبهة التحرير الوطني، كما هناك أن نيلسون مانديلا والمجلس الوطني الأفريقي (ANC) في جنوب أفريقيا، أما في إيرلندا فهناك مايكل كولينز والجيش الجمهوري (IRA)، وهلمَّ جرا.
وفي فلسطين، هناك أبو عمار وحركة التحرر الوطني (فتح) والتي كانت و ما زالت لها قصب السبق في تنظيم الجهود وتحريك الطاقات الفلسطينية في الوطن والشتات، وحشدها خلف فكرة العمل المسلح من أجل هدف التحرير والعودة وقيام الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة.
فحركة فتح هي جزء رئيسي من الطيف السياسي الفلسطيني وأكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية فهي في يسار الوسط حركة فتح حركة وطنية أعلنت انطلاقتها في 1 كانون الثاني/يناير 1965 "يوم تفجر الثورة الفلسطينية" حيث لم يكن أي فصيل أو حركة فلسطينية بل يرى البعض أن فتح أول حركة وطنية مقاتلة للكيان الصهيوني وما تزال.
وبقدر ما تكون محطة من أجل تجديد العهد والوفاء لقائدنا ورمزنا أبو عمار ولقادة فتح الشهداء منهم والأحياء على أننا على دربهم لسائرون، ولتحرير أرضنا وبناء دولتنا لماضون، وبقدر ما هي انطلاقة متجددة نحو المستقبل الأفضل والمشروع التحرري وللتأكيد على أننا لم ولن نفرط في ثوابتنا الوطنية ، وللتعبير عن الوفاء لدماء الشهداء وعذابات الأسرى ولملايين المناضلين والمناضلات الفلسطينيين والعرب والثوريين في العالم،إن مشوار الفتح وعبر انطلاقتها وعملها المتواصل والمستمر من أجل استعادة الأرض والحقوق ، جعلها تدفع زهرات قلبها ثمنا من أجل تحرير فلسطين فقدمت الشهداء والقادة الكبار العظماء في مسيرة طويلة ومعارك ودروب شاقه من أجل تحقيق العودة وإنجاز مشروع التحرير وبناء الدولة وعاصمتها القدس الشريف ولا تزال حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تعرف عن هويتها باعتبارها مفجرة الثورة وصانعت القرار، فهي دائما تسعى من أجل فلسطين ومستمرة في العطاء والتضحية والعمل على إخراج أسرانا ومعتقلينا من سجون الاحتلال واستعادة حقوقنا وأرضنا المحتلة .
وفي ذكرى الانطلاقة المجيدة نجدد اسمى آيات الوفاء والحب والعهد للقائد الرمز ياسر عرفات أبو عمار، كما أتقدم بالتهاني إلى الرئيس محمود عباس أبو مازن والى كل أبناء الفتح في الداخل والخارج إننا في ذكرى الانطلاقة نقول لقيادتنا الفتحاوية وعلى رأسهم الأخ الرئيس أن الفتح بحاجة إليكم أكثر مما مضى ، نطالبكم بالعمل الجاد لإعادة اللحمة إلى الوطن وإعادة حركة فتح لتكون صمام الأمان لشعبنا، لأن انطلاقة حركة فتح جاءت للتحرر من قيد الاستعمار والمحتل.
إن انطلاقة حركة فتح مثلت منعطفا تاريخيا هاما لشعبنا ولأمتنا العربية و الإسلامية ولباقي شعوب العالم ، لأنها جاءت لترفع الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني، كما أن شعوب العالم وقفت إلى جانبنا وأيدت ثورتنا وانطلاقتنا المجيدة ثورة الياسر ابوعمار فمن يجهل تاريخ حركة فتح من النضال والكفاح والمقاومة، لا يستحق العيش على أرض فلسطين لأن حركة فتح هي التاريخ، والتاريخ هو فتح ومن ينكر التاريخ ينكر فتح ،إن فتح وعبر سنين طويلة من الكفاح سطرت أسطورة من المقاومة والتصدي للعدو الصهيوني ، فهي صاحبة الانجازات والبطولات والثورات والشهداء الأبطال القادة، فتح عيلبون والكرامة فتح ميونخ وجنين وغزة.
لقد سعت حركة فتح وعبر مشوارها النضالي على مدار السنين الطويلة إلى العمل على أن تعترف شعوب الأرض بدولة فلسطين وأحقيت شعبها بأرضه، وقد نالت فتح مرادها واعترف العالم كله بحق فلسطين و بشرعية مقاومة شعب فلسطين للاحتلال الإسرائيلي واستمر الكفاح الفلسطيني بقيادة حركة فتح عدة عقود ومازالت تقود الكفاح واستطاعت خلال هذه العقود إلى يومنا هذا تكبيد العدو خسائر فادحة وتلقينه دروسا في التحدي والصمود، مما جعل العالم اجمع يعترف بهذه القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني وبحركة فتح التي وجدت لتبقي ولتنتصر وهنا لا بد أن نستذكر أبطال العاصفة، وأبطال كتائب شهداء الأقصى ، والعودة، ومجموعات فتح الضاربة المناضلة، التي قدمت الشهداء والقادة العظماء من أجل إكمال مسيرة التحرر والحرية من الاستعمار والاحتلال.
و لا يسعني الا ان اذكر بأن النجاح في التصدي للمشروع الصهيوني الاستيطاني يحتاج إلى رصِّ الصفوف وتوحيد الجهود والتحرك على هدى بوصلة واحدة تصل ما انقطع من علاقات بين أبناء الوطن الواحد. إن الوقت ليس في صالح أحد، والمستفيد الوحيد هو دولة الاحتلال، التي سرّعت من وتيرة عملياتها الاستيطانية في الضفة الغربية وداخل القدس الشرقية بهدف تهويد المدينة المقدسة.
أتمنى بعد هذه الانطلاقة، وقبل أن يطوي شهر كانون الثاني - من العام الجديد - أشرعته ويغادرنا إلى سجل الذكريات، أن تعود لعلاقاتنا الوطنية طهارتها وصدقيتها، وأن نخرج معها من ثوب النرجسيات و"الأنا" الفصائلية إلى فضاء الوطن، وأدبيات الوطن، واحتفاليات الوطن ومناسباته الوطنية والدينية.
د. معاذ بشارات
ناشط فلسطيني في كييف/أوكرانيا
رئيس قسم الطلبة لدى البيت العربي في كييف
المصدر : أوكرانيا بالعربية