أوكرانيا بالعربية | أسباب قيام ثورات الربيع العربي... بقلم د. عادل عامر

09.12.2013 - 02:00 #مصر, #د. عادل عامر
إن الثورة الشعبية العربية المعنونة تحت اسم «ثورة الربيع العربي» شكلت محطة انتقالية نوعية في مسار حركة التحرر العربية، التي بدأت في منتصف القرن الماضي، بعد الحرب العالمية الثانية، في سبيل الثالوث المطلوب والمتناغم (الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية)، للان حركة التحرر العربية، أخفقت في استكمال الاستقلال، وتحقيق الديمقراطية وتوفير العدالة الاجتماعية.للانالاحتلال الأجنبي استناداً للمعطيات

كييف/أوكرانيا بالعربية/إن الثورة الشعبية العربية المعنونة تحت اسم «ثورة الربيع العربي» شكلت محطة انتقالية نوعية في مسار حركة التحرر العربية، التي بدأت في منتصف القرن الماضي، بعد الحرب العالمية الثانية، في سبيل الثالوث المطلوب والمتناغم (الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية)، للان حركة التحرر العربية، أخفقت في استكمال الاستقلال، وتحقيق الديمقراطية وتوفير العدالة الاجتماعية.

للانالاحتلال الأجنبي استناداً للمعطيات القائمة، ما زال جاثماً على أرض فلسطين وسوريا ولبنان والعراق، إضافة إلى أن بلدان الخليج العربي محمية بالقواعد العسكرية والأمنية الأجنبية الأميركية والأوروبية، ومصر والأردن «مكبلتان» باتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة «المجحفتين». أن النظام العربي خالٍ من الديمقراطية وأدواتها الانتخابية (الأحزاب والبرلمان وصناديق الاقتراع وتداول السلطة)، فالهيمنة للقائد والعائلة والطائفة والقومية والديانة الواحدة على حساب المواطنة والتعددية والانتخابات وتداول السلطة وفق نتائج صناديق الاقتراع. أن الشعوب العربية التي تفتقد للديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وترزح تحت ثقل الفقر والجوع والمرض وسوء الخدمات،

 قامت الثورة على أرضها ومن قبل شعوبها رداً على هذه العوامل واحتجاجاً عليها، فقد بدأت في تونس واحتدمت في مصر، وتواصلت في ليبيا واليمن وسوريا، للان ستتواصل بأشكال مختلفة في البلدان العربية التي تفتقد للاستقلال أو الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية أو لمجموع هذه العناوين الثلاثة من التطلعات والأهداف. وهذا ما بدأ يحدث لشعوب الربيع العربي، واحداً تلو آخر. وحالة التونسي محمد البوعزيزي البائع المتجول، الذي أحرق نفسه إحباطا وضيقاً من ملاحقة شرطة البلديات له، مطالبين إياه بالرشوة أو الإتاوة الدورية، وإما منعه من ممارسة تجارته المتواضعة، التي كان يكسب منها ما يكفي بالكاد لإعالة أسرته، لم تكن هذه الحالة تونسياً، أو عربياً حالة فريدة، فهناك مئات الآلاف، إن لم يكن عشرات الملايين، مثل محمد البوعزيزي خريج مدرسة ثانوية، أو كلية جامعية، ولكنه لا يجد عملاً نظامياً، لا في الحكومة ولا القطاع الخاص. فيلجأ، مثل محمد بوعزيزي، إلى عمل خاص، حتى لو كان متواضعاً، ودون مستوى مؤهلاته الدراسية، أو قدراتها العلمية.

وما صدق في حالة التونسي محمد بوعزيزي، هون نفسه ما صدق على حالة المصري خالد سعيد، الذي كان يمارس نشاطاً مشروعاً في أحد مقاهي الانترنت، ولكنه بالصدفة وقع على فيلم تم التقاطه بواسطة ضباط شرطة، لعملية اقتسام ومضبوطات من المخدرات، كان ينبغي إعدامها أو تحريزها والتحفظ عليها في مخازن أمانات الشرطة. فقام المتورطون في هذا العمل غير الشرعي بمصادرة جهازه الحاسب، والاعتداء على خالد سعيد، اعتداء مبرحاً، أفضى إلى الموت.

أسباب الثورة بعاملين أولهما: اقتصادي اجتماعي، أنتج الفقر والجوع وسوء توزيع الثروة وتدني الخدمات وانتشار البطالة وغياب حقوق المواطنة المعيشية العادلة.

وثانيهما: سياسي، يتمثل بغياب الديمقراطية وتدني مواصفات حقوق الإنسان، وعدم الاعتماد على صناديق الاقتراع، وعدم احترام نتائج الانتخابات وغياب تداول السلطة.

الصنف الأول: مجموعة البلدان العربية التي تحتاج للمساعدات المالية أو الاقتصادية من الدول المانحة (الولايات المتحدة وأوروبا)، وهذه البلدان هي موريتانيا والمغرب وتونس ومصر وجيبوتي واليمن والأردن ولبنان. وهي بسبب حاجاتها للمساعدات، تستمع بشكل أو بآخر للنصائح الأميركية الأوروبية.

والصنف الثاني: مجموعة البلدان الخليجية الستة التي لا تحتاج للمساعدات المالية، لكنها تحتاج للحماية الأمنية والعسكرية الأميركية والأوروبية، لذلك فأنها تستمع أيضاً للنصائح الأميركية الأوروبية.

أما الصنف الثالث: البلدان العربية التي لا تحتاج للمساعدات المالية والاقتصادية ولا تحتاج للحماية الأمنية والعسكرية، وهي بلدان ذات سياسات متمردة، لكنها تتوسل رفع أسمائها عن قائمة الدول «الشيطانية» أو «الراعية للإرهاب» وتتعرض لضغوط مختلفة وتواجه الحصار بأشكاله المختلفة، وهي الجزائر وليبيا والسودان والصومال والعراق وسوريا.

أن هناك ثلاثة عوامل مجتمعة إضافة للعوامل السابقة، أدت إلى نضوج عملية التغيير وإنجاحها وهي أولاً: الاحتجاجات الجماهيرية وقادتها مؤسسات المجتمع المدني التي تملك القدرة على استعمال الشبكة العنكبوتية، وتدعو إلى الديمقراطية والعصرنة، ولديها علاقات دولية تحميها، كما تتوفر لها القدرة المالية والإعلام.

 أن هذه البلدان تستمع للنصائح الأميركية لحاجتها للمساعدات المالية والأمنية من واشنطن، لذلك جاء التغيير استجابةً لمطالب الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات التي قادتها مؤسسات المجتمع المدني بما لا يتعارض مع المصالح الأميركية المتمثلة بأربعة عناوين: «استمرار تدفق النفط، أمن إسرائيل، محاربة الإرهاب، السوق والمال العربيان»، للان ذلك عودةَ التفاهم الأميركي مع حركة الإخوان المسلمين، الذي كان سائداً طوال الحرب الباردة في مواجهة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي وحلفائه في العالم العربي، مشيراً إلى أن هذا التفاهم كان واضحاً وملموساً في ذروة «الربيع العربي»، فقد لعب كل من خيرت الشاطر نائب المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين وعصام العريان، دوراً في هذا المجال بوصفهما مسئولين عن ملف العلاقات الأميركية والدولية في مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين.

إن القوى السياسية في العالم العربي، من ذوي الاتجاهات الوطنية والقومية واليسارية، تُسجّل مأخذاً على حركة الإخوان المسلمين بوصفها أقوى الحركات السياسية العربية «العابرة للحدود»، وتسعى لإدانتها تحت حجة إعادة تحالفها مع الولايات المتحدة الأميركية. وأنة بالرغم من أنهم يرفضون خيار هذه الحركة كما كان خلال سنوات الحرب الباردة، إلا أنهم يسلّمون بأنها نجحت في أن تكون أقوى الحركات السياسية العربية بفعل تحالفها مع الأميركيين وحلفائهم وأصدقائهم في العالم العربي، بدلالة نتائج صناديق الاقتراع في تونس والمغرب ومصر ومن قبلها في فلسطين، ورأى أن الانتخابات لو أجريت بشفافية لكانت حصيلة دورهم متقدمة في الأردن وسوريا واليمن أيضاً.

أن التفاهم بين واشنطن وحركة الإخوان، جاء نتيجة كونه يخدم مصالح الطرفين، من خلال محورين: حق الحركة وفروعها في المشاركة في الحكم، أو في إدارته وفق نتائج صناديق الاقتراع، كما حصل في تونس والمغرب ومصر، واعتماداً على حصيلة شراكتهم في الجزائر والصومال والسودان والعراق، حيث أثبتوا بالأفعال حُسن سلوكهم وتفهمهم للظروف الإقليمية والدولية، وواقعيتهم، وفتحهم آفاق التعامل والتعاون الأميركي الأوروبي معهم. أما المحور الثاني فهو: «احترام» حركة الإخوان  المصالحَ الأميركية في المنطقة العربية، والمتمثلة بتسهيلات تدفق النفط للاحتياجات الأميركية والأسواق العالمية، وبقاء الأسواق العربية مفتوحة للبضائع والسلع الأميركية، وكذلك الحفاظ على أمن إسرائيل وعدم تهديدها، إضافة إلى محاربة «الإرهاب» ونبذه ورفع الغطاء عنه وتعرية أصحابه ومنفذيه، مشيراً بذلك إلى تقاطع تصريحات قادة الحركة وبياناتهم من المغرب وتونس ومصر، وتماثلها مع بعض، إذ تحمل المضمون نفسه، وإن اختلفت التعابير والمفردات؛ من احترام الاتفاقات الدولية، إلى التأكيد على الخصوصية المحلية والأولويات الوطنية وغيرها، والتي تعكس تفهماً للمعطيات القائمة، وتعكس حسهم بالمسؤولية ورغبتهم في نجاح إدارتهم أو مشاركتهم في الحكم، سواءً  تم ذلك بقناعة نتيجة التغيير في قواعد اللعبة، أو لأسباب تكتيكية براجماتية تمليها رغبة «الإخوان» في تسويق أنفسهم، بعد هزيمة اليسار العربي والشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، إضافة إلى فشل التيار القومي في تقديم نموذج يحتذي به، بعد احتلال العراق وحصاره وإسقاط نظامه، وكذلك فشل سوريا في تحرير أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي، وعدم قدرة نظامها على توسيع قاعدة الشراكة والتعددية والجبهة الوطنية.


د. عادل عامر

دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام

 رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية

 عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية

 والسياسية بجامعة الدول العربية


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
رياضة
تصنيف: الأوكراني أوسيك أفضل ملاكم في العالم
سياسة
زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى أكثر من 100 إف-16
سياسة
مسؤول بالناتو يؤكد ضرورة دعم أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.