أوكرانيا بالعربية | عن "الخطاب المشؤوم" لتصفية الزعيم.. قبل 12 عاما!... بقلم حسن عصفور
كييف/أوكرانيا بالعربية/قبل 12 عاما من اليوم بالتمام والكمال، في يوم 24 حزيران/يونيو عام 2002 اطلق الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن مبادرته للبدء بـ"تصفية ياسر عرفات"، تلك المبادرة التي حملت من الأوهام والأكاذيب التي لا زال البعض الفلسطيني، يتجاهلها باعتبارها اشارة البدء العلنية للتخلص من الزعيم الخالد ياسر عرفات، ولفرض "قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة حتى يمكن أن تولد دولة فلسطينية"، تلك الكلمات جاءت نصا في الخطاب المشؤوم..
ويضيف بوش الابن، "إنني أدعو الشعب الفلسطيني إلى انتخاب زعماء جدد لا يشينهم الإرهاب. أدعوهم إلى بناء ديمقراطية حقيقة تقوم على التسامح والحرية"، وفعلا بدأت الحركة العالمية للضغط اولا على ياسر عرفات لتغيير طبيعة "القانون الأساسي" وتعيين رئيس للوزراء يقتنص ما يمكن من صلاحيات تؤدي في النهاية الى تقليص دور ومكانة ياسر عرفات، وتحقق ذلك في بداية عام 2013 عندما تم الاتفاق على ترشيح محمود عباس رئيسا للوزراء، أدى لتوزيع الصلاحيات بين الرئيس الزعيم ورئيس الوزراء، وتقزيم صلاحيات الرئيس، دون أن يدرك من كان وراء فكرة حصار ابو عمار السياسي بعد حصارة العسكري، ان الزعامة والقيادة ليس نصا أو نصوصا، وصلاحيات ابو عمار لم تكن يوما بما هي في القانون أو الميثاق أو اي نظام، بل كانت علاقة ارتباط خاصة بينه وشعبه..
الخطاب المشؤوم حدد طبيعة ونوعية "القيادة" التي يريد لتحقيق "السلام"، والوصول في نهاية الأمر الى اقامة "دولة فلسطين"، ولكن الواقع أدى الى اغتيال الرئيس المؤسس واب الوطنية المعاصرة، ورغم انتخاب "قيادة جديدة لا يدينها ارهاب" وتسامحها فاق الحد والوصف، لكنها لم تحصل على شيء سوى وضعها في موقف حرج مع شعبها، وادخلها في "دوامة سياسية" عبر مفاوضات مستمرة منذ سنوات بلا أي طائل ، مقابل تسريع النشاط الاستيطاني وفتح باب "التهويد على مصراعيه" خاصة في القدس وما حولها، واستجابت لكل ما طلب منها بعدم التوجه الى الأمم المتحدة واستكمال الحق الفلسطيني في الانضمام الى المؤسسات الدولية، وتتجاهل كليا طلب شعبها في التوقيع على اتفاقية روما لتفتح الباب بالانضمام الى عضوية المحكمة الجنائية الدولية، صاحبة الولاية في محاكمة مجرمي الحرب ولا يوجد قادة ودولة لها من تلك الجرائم ما لدولة الاحتلال..
وفعلت "القيادة المنتخبة الجديدة" بعد تصفية الزعيم، كل ما يمكنها تحت شعار "تحقيق السلام" و"حل الدولتين"، ووصل بها الأمر الى اعتبار أن "التنسيق الأمني مقدس"، وحرمت القتل اي كان مصدره، بل اعتبرت عبر لسان وزير اوقفاها السابق، وقاضي قضاتها الراهن أن "قتل الاسرائيلي حرام"، رغم انه محتل وغاصب وقاتل ووجوده غير شرعي"، الا أنها لا تود أن "يشينها الارهاب"..فماذا حصلت مقابل كل ذلك "التسامح غير الطبيعي"!
ولذا بعد سنوات من الاعلان الأميركي الرسمي باغتيال القائد المؤسس والزعيم التاريخي ياسرعرفات، بات مطلوبا أن يتم اعتبار الادارة الأميركية جزءا من اطراف الاتهام المشاركة في اغتيال الزعيم، واعتبار خطاب بوش الابن يوم 24 يونيو/حزيران 2002، وثيقة الاتهام الرسمية التي يجب أن تضم الى وئاثق الجريمة الكبرى، او "أم الجرائم" ضد زعيم الشعب الفلسطيني وقائد ثورته الوطنية..
وليت البعض المنافق سياسيا، ويستخدم بين حين وآخر مظلة "زعيم الشهداء" ان يجري مراجعة لمسار الحدث السياسي العالم وفقا لذلك الخطاب المشؤوم، وأن يكون الاخلاص للقائد بضم تلك الوثيقة الى ما لدى لجنة التحقيق من وثائق، وأن تعلن ذلك رسميا للشعب الفلسطيني باعتبار واشنطن أحد الأطراف المتهمة في اغتيال الخالد ابو عمار..
حسن عصفور
وزير فلسطيني سابق
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
المصدر: أمد