أوكرانيا بالعربية | التقليل من الأطعمة الحامضية والقهوة يجنبك مرض البواسير... بقلم د. رامي أبو شمسية
كييف/أوكرانيا بالعربية/البواسير مرض قديم جداً، كان الإغريق قد وصفوا أعراضاً ناتجة عنها حتى إنه يروى أن جلوس نابليون على جنبه كان بسبب البواسير، أما العلماء المسلمين كابن سينا والرازي وغيرهم فقد تحدثوا عن البواسير وأسبابها وطرق علاجها والكثير الكثير، وظاهرة الإصابة بالبواسير شائعة جداً حيث زهاء 70% من البالغين يعانون أو عانوا من البواسير بشكل أو بآخر في مرحلة ما من حياتهم، وهناك 25% من السكان المعرضين لاضطرابات الحياة اليومية قد يعانوا من البواسير، وتقريبا لا يوجد احد إلا ويعرف مصاب بالبواسير سواء من محيطه الأسري أو الاجتماعي، وعلى الرغم من أن السبب الحقيقي لحدوث البواسير غير واضح تماماً إلا أن هناك الكثير من الأسباب التي قد تؤدي للإصابة بالبواسير أبرزها الإمساك الشديد والمزمن وكذلك الجلوس في وضعية خاطئة لفترات طويلة دون حركة، ومع هذا كله يصاحب الإصابة البواسير إحراج بالغ بسبب موقعها التشريحي، إذ يخجل المرضى من الحديث عنه أمام الآخرين؛ مع شريك الحياة وحتى مع الطبيب..!.
البواسير هي عبارة عن كتل من الأنسجة ضمن القناة الشرجية، وهذه الكتلة هي في الأصل أوردة متوسعة تحت بطانة الغشاء المخاطي للقسم السفلي للشرج وغالباً ما تتفتح نتيجة عملية الشد المتواصل خلال عملية التغوط وخاصة أثناء الإمساك أو عند النساء أثناء الحمل، ونتيجة رقة هذه الأوردة فإنها غالبًا ما تنزف عند مرور البراز الصلب بشكل خاص، وتسمى البواسير أيضاً بـ "دوالي المستقيم".
تصنف البواسير إلى عدة تصنيفات بناء على الحجم ومكان التموُضع ودرجة الإصابة، وأكثر التصنيفات قبولاً هي تقسيم البواسير إلى نوعين داخلي وخارجي، وقد يترافق النوعان لدى نفس المريض.
البواسير الداخلية
البواسير الداخلية تشمل الشبكة الداخلية للأوعية الدموية الشرجية أي داخل المستقيم وفتحة الشرج، وفي الأغلب فأن البواسير الداخلي التي توجد داخل المستقيم لا يمكن تشخيصها بدون منظار شرجي وتقسم البواسير الداخلية إلى أربع درجات:
الدرجة الأولى: موجودة داخل قناة الشرج وترى من الخارج.
الدرجة الثانية: تظهر أثناء التبرز وتعود تلقائيا إلى مكانها.
الدرجة الثالثة: تبرز أثناء التبرز وتعود إلى الداخل بالضغط عليها.
الدرجة الرابعة: تبرز إلى الخارج ولا تعود إلى الداخل.
البواسير الخارجية
البواسير الخارجية تشمل الشبكة الخارجية للأوعية الدموية الشرجية أي في نهايات فتحة الشرج ما قد يجعلها تتدلى إلى الخارج، ويمكن الشعور بها كانبعاج في الشرج، ولكنها عادة تسبب أعراض أقل من البواسير الداخلية.
تتضمّن الأعراض الشائعة للبواسير ظهور كتلة أو ورم مؤلم ملتهب على حدود الشرج ويبدأ المصاب بالشعور بها فيُحس بأن ثمة كتل تتدلى على فتحة الشرج نفسه، وتشمل الأعراض أيضاً الشكوى من حكة شرجية أو ألم في فتحة الشرج خاصة عند الجلوس، يزداد هذا الألم خلال عملية التبرز، وفي مرحلة لاحقة غالباً ما يظهر نزيف مع الإخراج، عندما تشعر بهذه الأعراض يفضل أن تحصل على فحص طبي لاستثناء حالات الإصابة بالأمراض الهضمية الأخرى الأكثر جدّية والتي قد تكون هي السبب في حدوث البواسير.
عند ظهور نزيف دموي في الغائط يجب عندها مراجعة الطبيب، والنزيف ليس عرض من أعراض البواسير فقط فهناك الكثير من أمراض الجهاز الهضمي التي يحدث فيها نزف دم بما في ذلك سرطان القولون، لكن ولكي يتم تحديد السبب الرئيسي وراء النزيف فأن هناك فحص تشخيصي يجرى من قبل الطبيب المختص، ويشمل الفحص التشخيصي للبواسير الخارجية معاينة خارجية لمنطقة الشرج.
يجري فحص تشخيص البواسير الداخلية باستخدام جهاز المنظار الشرجي (Anoscope)، وهو أنبوب مجوف ومضاء يسمح بالنظر نحو الداخل حتى عمق (7) سم تقريباً داخل المعي المستقيم، يحدد هذا الفحص وجود البواسير ودرجتها، حيث هناك (4) درجات أو مراحل بحسب حجمها وشدة بروزها.
هناك عدة مضاعفات محتملة لحالات البواسير منها تجمع الدم وتجلطه في تلك الإنتفاخات بالأوردة، ما يتسبب بحصول ألم شديد ومفاجئ في منطقة الشرج، وينجم عن هذا تلف الأغشية المحيطة بذلك التجلط الدموي، كما أن البواسير تعيق العناية الصحية بالمنطقة مما يزيد من تهيج وحساسية في المنطقة، وأيضاً قد تؤدي البواسير الداخلية إلى تضيق بالغ في ممر الغائط بالأخص إذا كان الغائط صلبا، مما يُشكل ضغط على الأوردة المحيطة بالشرج، وظاهرة أخرى منشأها من البواسير الداخلية بالترافق مع الإمساك وهي حدوث جرح في منطقة الشرج أو ما يعرف بالشرخ الشرجي (Anal Fissure)، فالغائط الصلب الذي يمر في الممر المتضيق بسبب البواسير يمزق الفتحة الضيقة (فتحة الشرج) ويسبب شق عميق، مما يؤدي إلى ألم شديد وإحساس بالحرق، ونزول قطرات دموية خفيفة غالباً، وكل هذا يجعل الأشخاص الذين يعانون من الشرخ الشرجي يتفادون التغوط بشكل منتظم وبذلك تزيد حالة البواسير الداخلية والخارجية سوءًا إلى درجة يحتمل معها حدوث نوبة.
وكذلك قد يُؤدي حصول نزيف حاد وكبير في البواسير أو تكرار حصول نزيف مزمن منها، إلى الإصابة بحالة من الأنيميا أو فقر الدم (anemia)، وهو ما يتطلب العناية بتناول الأطعمة عالية المحتوى من الحديد كاللحوم والأعضاء مثل كبد الدجاج والبيض ومشتقات الألبان والخضروات الورقية مثل السبانخ والجرجير والخس.
وقد يكون الإصابة بالبواسير موضوع محرج نوعا ما للمريض، فيكتم إصابته بالبواسير ولا يخبر احد ولا يذهب لطبيب مما يفاقم من هذه المشكلة الصحية وتزيد درجة الإصابة وبالتالي تزيد الحالة النفسية سوءً، كما أن العديد من المصابين بالبواسير يشكون من حدوث برود جنسي.
وإهمال علاج البواسير قد يسبب اختناقها أو التفافها حول نفسها مما يؤدي لانقطاع سريان الدم إلي هذه المنطقة وبالتالي موت الأنسجة بها وينتج عن هذا الآلام شديدة.
علاج البواسير في الدراجات الأولي والثانية يتم عن طريق الادواية والمحافظة علي الطعام و طريقة الحياة الصحية، وأما الدراجات الثالثة و الرابعة فيكون العلاج عن طريق الجراحة بجميع أنواعها الحديثة.
ما هي الطرق اللازمة للوقاية من البواسير؟..
معالجة حالات البواسير والأعراض المزعجة الناجمة عنها ممكن بسهولة في غالبية الحالات، لكن الإشكالية في كيفية منع عودتها وتكرار حصولها.. وهنا تتضح أهمية الوقاية حتى بالنسبة لغير المصابين بالبواسير، ويمكن تحقيق هذه الوقاية بتدابير كثيرة وسهلة التطبيق؛ ومنها:
1- تجنب كثرة الجلوس ولمدة طويلة.
2- مكافحة الإمساك حتى نسهل عملية إخراج البراز، وتسهيل إخراج البراز يتطلب الاهتمام بعدة أمور منها تناول الألياف النباتية ضمن وجبات الطعام اليومي، بالإكثار من تناول الخضار والفواكه الطازجة والبقول والحبوب الكاملة غير المقشرة، وتناول كميات جيدة من السوائل، أي حوالي ثمانية أكواب من الماء على أقل تقدير.
3- في المناطق معتدلة المناخ وعند ممارسة جهد بدني متوسط يجب الذهاب إلى الحمام متى ما شعر المرء برغبة في التبرز، أي عدم تأجيل ذلك.
4- تناول الملينات الطبيعية، وتجنب تناول مسببات حصول الإمساك.
5- تقليل التعرض للتوتر النفسي.
6- ممارسة رياضة المشي.
7- عدم الجلوس لمدة طويلة وممارسة الرياضة.
8- التقليل من الأطعمة المكررة مثل السكر الأبيض والرزّ والخبز الأبيض والمعجّنات والكعك والفطائر.
9- تجنب الكحول فهو يسبب الإمساك المزمن على المدى البعيد.
10- الترشيد والتقليل في تناول الأطعمة الحامضية مثل البروتين الحيواني والألبان والقهوة.
د. رامي ابوشمسية
الاستشاري الجراح استاذ جامعة الطب في كييف
المصدر : أوكرانيا بالعربية