أوكرانيا بالعربية | السفير السوداني لدى كييف: نسعى لإلغاء التأشيرة الدبلوماسية مع أوكرانيا.. والسودان أُدرج بالقائمة سيئة السمعة بسبب سياسات البشير
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ بمناسبة الذكرى السنوية لثورة الشعب السوداني والتي اطلق عليها تسمية "ثورة ديسمبر المجيدة" وما لحقها من تغيرات جذرية في الواقع السوداني، ثم تبلور مجلس السيادة وحكومة انتقالية مؤقتة والمساعي الحثيثة نحو رفع العقوبات عن السودان وغيرها من التطورات الهامة، نطلعكم عليها في حوار صريح مع سعادة سفير جمهورية السودان لدى أوكرانيا السيد محمد عيسى إسماعيل.
أوكرانيا بالعربية: سعادة السفير، شكرا لكم على منحنا شرف للقاء لنقدّم للقارئ رؤية السودان الجديدة وتوضيح لما يجري في السودان حاليا، كما أود أن أشير إلى أنه يوجد في صحيفة "أوكرانيا بالعربية" بابا خاصا يدعى "أوكرانيا والسودان" ويحظى باهتمام القراء، وأشكركم مجدداً على منحنا هذه الفرصة
السفير السوداني:ـ بارك الله فيكم على جهودكم وأشكركم بدوري على هذا اللقاء، فمن المهم جداً بالنسبة لي كدبلوماسي التواصل مع الصحافة والإعلام لا سيما الصحافة العربية، اذ نعتبر ذلك من مهامنا الأساسية في عملنا الدبلوماسي، كما ونُشيد بما تولونه من تغطية اعلامية كبيرة واهتمام بالعلاقات الثنائية الأوكرانية – السودانية وان شاء الله سنكثف التعاون معكم لاثراء هذا الباب.
أوكرانيا بالعربية: سعادة السفير قبل أن يُغادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما منصبه صادق على قرارين تنفيذيين، أحدهما رفع اسم السودان عن قائمة العقوبات، وحينها تنفس السودانيين الصعداء ورجال الأعمال في أوكرانيا والعالم، إلا أن الأمر لم ينفّذ حتى الآن، وحالياً يستدعي هناك استغراب لدى الشعب السوداني والمجتمع الدولي فهناك بنوك كثيرة لا زالت لا تتعامل مع السودان، مع أن بلدكم أكد بأنه دولة غير راعية للإرهاب، إلا أن الأمريكيين وللأسف لم ينفذوا القرارات الرئاسية، فماهو تفسيركم لهذا الأمر؟
السفير السوداني:ـ أشكرك على هذا السؤال الهام المتعلق بالسياسة الإقتصادية الأمريكية ضد السودان، خاصة في الفترة السابقة، نحن الآن على مشارف فترة جديدة في السودان، وتغيير سوداني كبير، وبالتالي يُصاحب هذا التغيير تغييرات كبيرة جدا على صعيد علاقات السودان الخارجية وعلاقاته مع أمريكا ومع أوكرانيا ومع الدول الأوروبية الأخرى.
ونحن نستشرف عهد جديد، وهذه هي نقطة الإرتكاز بالنسبة لنا، ففي السودان الآن تجري المرحلة الإنتقالية، فهناك تغيير كبير حدث في السودان، سياسيا وتاريخيا ثوريا كبيرا، ونحن نعتقد أن ثورة ديسمبر المجيدة - وقبل أن أسترسل في موضوع العلاقات السودانية – الأمريكية، كانت ثورتنا فريدة من نوعها، وأصبحت مثالا لكثير من الدول، ليس فقط في المحيط الأفريقي والعربي بل على المستوى الدولي كذلك، وأصبحت مثالاً يحتذى به في دول أخرى، وانتم ترون ما حدث في بعض الدول العربية بعد الثورة السودانية المجيدة "ثورة ديسمبر المجيدة" والتي أفضت إلى انتقال ثوري وكبير ضد النظام السابق، بسياساته العقيمة، وولوج آفاق مغايرة ومختلفة في شتى مناحي الحياة السودانية.
فهناك خطط اقتصادية استراتيجية وسياسية جديدة، وهناك تطلعات كبيرة وآمال لدى الشعب السوداني بأن هذه الثورة ستؤدي إلى رفاه وتحسين الإقتصاد ومستوى المعيشة، وتحسين العلاقات الدولية للسودان مع الدول الأخرى، وأنتم تعلمون بأن النظام البائد كان محاصراً دولياً نتيجة لبعض السياسات التي كان يختطها، فهذه الثورة أفرزت الآن حكومة انتقالية...
أوكرانيا بالعربية: حكومة جديدة، تقصدون حكومة بصفحة بيضاء؟
السفير السوداني:ـ نعم، الشعب السوداني يعول آمالا كبيرة على الحكومة الجديدة بسياساتها الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالعمل الخارجي، انا كسفير للسودان في العام الأول من عملي هنا أكدت بأنه قد حصل انفتاح كبير في العلاقات، وتغيير في سياسات السودان الخارجية في مرحلة ما بعد اسقاط النظام السابق، ونحن الآن في عهد الحكومة الإنتقالية التي سوف تستمر حوالي ثلاثة أعوام ونيف، اذ يتقاسم فيها مكون السلطة مجلس السيادة ومجلس الوزراء برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك، الذي نثق به كثيراً.
حيث قام معالي حمدوك بزيارات خارجية، لتدشين سياسة خارجية جديدة، فخلال شهرين فقط زار فرنسا ومثّل السودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وإلتقى ببعض المسؤولين الأمريكيين، وبعض الشخصيات الدولية، وحضر اجتماعات خاصة بأصدقاء السودان في واشنطن، وكذلك عقد اجتماع لأصدقاء السودان في الخرطوم خلال ديسمبر الجاري.
أما وزير المالية ابراهيم البدوي فقد قام بجهود كبيرة لمقاربات وجهات النظر مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في اتجاه إعفاء الديون المترتبة على السودان التي بلغت حوالي اكثر من 50 مليار دولار في الفترة السابقة، وتُمثل عبء كبير جداً على السودان، وبالتالي فان الحكومة بقيادة عبدالله حمدوك رئيس الوزراء، ستقود البلاد نحو انطلاقة مختلفة في المجال الإقتصادي والتجاري والإنفتاح على الدول الأوروبية، ونحن سعيدون جداً بذلك، إنه قبل نحو أسبوع، زار السيد عبدالله حمدوك الإتحاد الأوروبي في بروكسل، وكانت زيارة هامة للغاية تعبّر برمزيتها عن أن الدول الأوروبية تريد مساعدة السودان، وتريد جعل السودان يندمج مرة أخرى في المجتمع الدولي، والتقى برئيسة المفوضية الأوروبية وبمسؤولين كثر في بروكسل، وتم بحث العلاقات الثنائية وكيفية خروج السودان من المأزق الإقتصادي المتأثر بعلاقة السودان بالولايات المتحدة الأمريكية.
أوكرانيا بالعربية: في الأمس القريب صرّح رئيس الوزراء الإنتقالي حمدوك بأن هناك جهود كبيرة بذلت لرفع الحظر الاقتصادي عن السودان، ولكن هل هناك جدول زمني يمكن على أساسه أن ينتظره رجال الأعمال لرفع هذا الحظر حيث سيتمكنون من العمل بحرية مع السودان؟
السفير السوداني:ـ إن التصريحات الأخيرة التي أطلقها كل من رئيس الوزراء السيد عبدالله حمدوك، ووزير المالية ابراهيم البدوي تصفّ في خانة تفاهم كبير جداً حول أنه في على المدى القصير والمتوسط سوف تتم معالجة قضية العقوبات الإقتصادية على السودان، خاصة المرتبطة منها بفرض أو إدماج او وضع اسم السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب، وقد أدرج اسم السودان منذ التسعينيات في هذه القائمة سيئة السمعة بسبب السياسات الخاطئة للنظام السابق...
أوكرانيا بالعربية: أي أن الشعب عُوقب بسبب سياسات النظام السابق؟
السفير السوداني:ـ نعم، بسبب سياسات حكومة البشير وأخطائه، المعروفة للجميع، والآن نتحاور مع الولايات المتحدة الأمريكية من منطلق أن هذه السياسات وصمت السودان بالإرهاب وقد حان وقت تغييرها، وأنها انتهت بانتهاء النظام السابق وبالتالي نحن حكومة جديدة لديها سياسات جديدة، منفتحين على العالم الخارجي وعلى التعاون مع الدول كافة، على أساس النديّة والإحترام المتبادل، وبالتالي توجهنا لواشنطن لإزالة أسم السودان من هذه القائمة.
فقد تباحث السيد رئيس الوزراء مع عدد من المسؤولين الأمريكيين بهذا الخصوص، وزار وفد من الكونغرس الأمريكي الخرطوم ، وهنالك مبعوث أمريكي خاص وصل السودان اقصد دونالد بوث، حيث التقى برئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والسيد رئيس الوزراء في إطار البحث عن انجح السبل لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
صحيح إن الأمركيين، في آخر تصريح لمسؤول الشؤون الأفريقية في الخارجية الأمريكية السيد تيبور ناجي، مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، قال: "إن الهدف هو رفع العقوبات ورفع اسم السودان من القائمة، ولكنها عملية قرار سياسي، نعم، إنها عملية وليست إجراء يمكن اتخاذه بكبسة زر"، هذا ما قاله بالتحديد، وقال الآن نعتبر السودان شريك للولايت المتحدة، وهذه العبارة جديدة لم نسمعها منذ سنين طويلة، وهي تعطينا أملاً بأن الولايات المتحدة فعلاً، أو الإدارة الأمريكية تفكر الآن بجدية برفع اسم السودان من القائمة، وبالتالي ينفتح العمل الإقتصادي، والإستثمار الدولي والإقليمي، تجاه السودان بعد إزالة اسمه، لأنه قبل حوالي بضعة أيام تناقلت وكالات الأنباء خبراً مفاده أن الولايات المتحدة اتفقت مع السودان على إمكانية إستئناف علاقته الإقتصادية ومسألة القروض من المؤسسات الدولية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بالتوازي مع عملية رفع العقوبات، أي أن العلاقة مع صندوق النقد الدولي لا تنتظر مسالة رفع العقوبات. وهذا بمثابة توجيه إلى هذه المؤسسات الدولية بالتعامل، أي أنتم الآن في حلٍّ من تلك القيود السابقة المرتبطة بمسألة إلحاق اسم السودان بالقائمة الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، ويمكن أن تتعاونوا معه في مسألة الغاء الديون، خاصة وأنه يعني موافقة الولايات المتحدة على إلغاء مبلغ ثلاثة مليارات دولار، كانت ديون مستحقة للصندوق والبنك الدولي على السودان.
حيث كانت تمثل الديون عائقاً في وجه قروض ميسّرة أخرى، وبالتالي هذا الشرط قد انتهى، ونعتقد أن هذا تقدم كبير جداً في علاقة السودان مع المؤسسات الدولية، وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبإشارة أو توجيه من الولايات المتحدة الأمريكية.
أوكرانيا بالعربية: بالطبع يجب العمل على الشراكة مع القوى العظمى، ولكن يجب التعويل على العمل داخليا والإعتماد على الذات، فقد اشرتم سعادة السفير، بان بلادكم نجحت بثورة مجيدة مختلفة بنوعها ونتج عنها مجلسا سياديا أصبح بإمكان الشعب أن يوصل صوته اليه، وكذلك مجلس الوزراء الإنتقالي. ولكن ماهي أهم خطط الحكومة الجديدة والتي ينتظرها رجال الاعمال والمستثمرين سواء في أوكرانيا او في دول أخرى، والتي قد تكون عامل جذب للإستثمار في السودان حالياً؟
السفير السوداني:ـ ان هذه النقطة هامة جداً، خاصة بالنسبة لموقعنا هنا في أوكرانيا، فقد التقيت الأسبوع الماضي برئيس غرفة التجارة والصناعة الأوكرانية السيد هينادي تشيجيكوف، وهذا بداية للعمل الإستثماري والعمل التجاري المشترك بين البلدين، ولقد فكرنا سوية بكيفية جذب الإستثمارات الأوكرانية إلى السودان، وأنتم تعلمون كذلك أن علاقتنا طيبة جداً مع أوكرانيا، رغم بعض المنغصات في العلاقات والتي تعتبر شيء طيبيعي وتحدث بين الدول، والآن وخاصة بعد العهد الجديد في السودان، وبعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة، وضعنا خطة مع وزارة الخارجية الأوكرانية، على هيئة خارطة طريق، لتعزيز العلاقات بين البلدين.
وعقدنا، حتى قبل سقوط النظام، اجتماعات الدورة الأولى للجنة السياسية المشتركة بين وزارتي الخارجية في البلدين، وكان ذلك في يونيو من العام 2018. حيث عقدت اللجنة مشاوراتها السياسية هنا في كييف، وتم بحث أوجه التعاون في المجالات المختلفة الزراعية والتجارية والاقتصادية وغيرها، كما تم تبادل مسودات مذكرات التفاهم والاتفاقيات لدراستها والتوقيع عليها، بالإضافة إلى الإتفاقيات السابقة الموقعة بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وعلى سبيل المثال يدرس الجانبان الآن مسودة حول اتفاقية تشجيع وحماية الإستثمار بين البلدين. ونحن نعتقد أنها اتفاقية نمطية وأساسية جداً لفتح المجال للعمل التجاري والإستثماري بين السودان وأوكرانيا، وكذلك يتم الآن العمل على اتفاقية أخرى، تتم دراستها بين الجانبين وهي الإتفاقية الخاصة لتجنب الإزدواج الضريبي، وهاتين الإتفاقيتين، باعتقادي، نمطيتين وأساسيتين لفتح العمل التجاري والإقتصادي.
ولقد ذكرت ذلك للسيد رئيس غرفة التجارة والصناعة الأوكرانية، بأننا نعمل على تقنين وتأطير العلاقة من حيث التوقيع على الإتفاقيات الثنائية، واقترحتنا معاً إنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال بين السودان وأوكرانيا، لأن المجلس المشترك سوف يساعد على اختيار وإنتقاء مجالات التعاون الهامة لرجال الأعمال الإستثماري والتجاري ، وطرحت عليه أن نوفد مجموعة من رجال الأعمال من الغرفة التجارية في السودان، لكي يزوروا أوكرانيا، ويجروا اجتماعات ثنائية مشتركة، بحيث يضعوا اللبنة الأولى لتطوير أوانطلاق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
أوكرانيا بالعربية: سعادة السفير، كيف تقيمون الوضع حالياً في السودان؟ إذ تصلنا الأخبار من عدة مصادر، بعضها قد يكون دقيق، وبعضها قد يكون مغلوط، هل يمكنكم القول بأن السودان الآن قد وصل إلى بر الأمان؟ ام هل هو على الطريق الصحيح؟ هل أصبح هنالك نضوج في العلاقة بين الشارع والحكومة؟
السفير السوداني:ـ ـ اشكركم لهذا السؤال، من الناحية الأمنية ومن الناحية الإقتصادية، يعيش السودان لحظة لا تخلو من بعض الصعوبات، فلا يمكن كنس آثار ثلاثين عاماً من الحكم الفاشل في شهرين أو ثلاثة، والحكومة الإنتقالية الآن عمرها شهرين ونصف فقط، وهناك مهام جسام موضوعة على طاولة مجلس الوزراء، ومجلس السيادة، ولكن الجميع يشعرون بالتغيير، فلما بدأت الثورة، بدأت بشعارات حرية وسلام وعدالة، والآن الناس سعداء جداً بأنه قد تحققت شعارات هذه الثورة الخاصة بالحرية والسلام والعدالة، وحتى السلام لم يتحقق بسرعة، ومئة بالمئة، وفي هذا الشهر سوف تعقد مفاوضات في جوبا لتحقيق السلام مع بقية الحركات المسلحة، من الجبهة الثورية وغيرها، وجميع الناس في السودان، على مستوى الشارع متفائلون كل التفاؤل بأنه سيتحقق السلام كمطلب رئيس للثورة، حرية وسلام وعدالة، أما عن الحرية فحدّث ولا حرج، فكل الصحف تكتب ما تشاء، وأصبح الجو في السودان حر وليبرالي مغاير تماماً لما كان عليه في السابق، وفيما يتعلق بالعدالة كذلك، الآن تم تعيين أول قاضية إمرأة، رئيسة للقضاء في السودان، والآن تم تعيين النائب العام، وحصل، تقريباً، إعادة هيكلة لمعظم المؤسسات القانونية والعدلية في السودان، لصالح تحقيق هدف الثورة المتعلق بالعدالة، وبالتالي نحن سعداء، الناس كلهم متفائلون، لأن الأهداف الرئيسة للثورة، رغم بعض المصاعب، فلا يمكن حل المشكلة الإقتصادية في شهرين، ولا يمكن حل بعض المصاعب، حتى دولة التمكين، كما نقول في السودان، فإن معظم المؤسسات ومعظم الوزارات لا زال فيها بعض الجيوب الخاصة لدعم النظام السابق، وهي تعمل على تقويض النظام الجديد، لأنه ضد مصالحها، وحتى المسائل الأخرى المتعلقة بالفساد، وسوء التخطيط والأداء، فتوجد برامج محددة لمكافحتها، وبالتالي ثق بأن السودان في عهد جديد ومغاير، وحكومة الثورة أو الحكومة الإنتقالية ماضية بخطى ثابتة لتحقيق كل الأهداف المتعلقة برفاه البلد وإقتصاده والعدالة الإنتقالية.
أوكرانيا بالعربية: سعادة السفير هل هنالك رغبة أو مساعي لتدشين زيارات لكبار المسؤولين بين البلدين سواء من أوكرانيا إلى السودان، أو من قبل كبار المسؤولين السودانيين إلى أوكرانيا؟
السفير السوداني:ـ من حسن الطالع أننا في إطار خارطة الطريق لتطوير العلاقات السودانية – الأوكرانية، ولقد وضعنا جدول من بنوده العمل على ترقية وتائر تبادل الزيارات بين المسؤولين والتواصل على المستوى الكبير، وعلى المستوى السياسي، وقبل فترة قصيرة، تم إخطارنا بأن القيادة الأوكرانية قررت إرسال وفد يرأسه مبعوث رئاسي إلى السودان في الفترة القادمة، ونحن نتوقع إرسال المبعوث الأوكراني إلى السودان في فترة قريبة، وأكدنا على أهمية هذا التواصل، وأهمية الزيارات على مستوى مسؤولين وأنه في إطار عمل لجنة التشاور السياسي المشتركة يجري العمل على ترفيع مستوى الزيارات لتكون على مستوى وزراء الخارجية، خاصة وأن الإجتماع القادم والدورة القادمة، والتي اقترح الجانب السوداني عقدها في الخرطوم، في النصف الأول من العام 2020 المقبل.
ونحن نعمل على أساس أن تترفع إلى مستوى لجنة وزارية مشتركة، وليس لجنة سياسية فقط، بل لجنة وزارية مشتركة، بحيث أن تشمل في طياتها جميع الوزارات الخاصة بالتعاون بين الجانبين، مثل وزارة الزراعة، ووزارة الإقتصاد والتجارة، ووزارة التعليم والعلوم والتكنولوجيا وغيرها.
و كذلك، نعمل الآن، بالتوافق ما بين الجانبين، على عقد الملتقى التجاري والإستثماري المشترك بين السودان وأوكرانيا، والذي سيتم عقده في الخرطوم في ذات فترة، ونتوقع أن يتم عقده في النصف الأول من العام 2020 القادم، وأن يشهد تطوير للعلاقات خاصة في المجالات الإقتصادية والتجارية، وقد شرحت هذا للسيد رئيس غرفة التجارة والصناعة الأوكرانية وأبدى تجاوباً وتعاوناً بأنه سيساعد في اختيار الشركات والشخصيات التي يمكن أن تشارك في هذا الملتقى التجاري والإستثماري.
أوكرانيا بالعربية: ليس سراً على أحد بأنه لا توجد سفارة أوكرانية في الخرطوم، ولا حتى قنصلية، ومن المعلوم أن المواطن السوداني يعاني في الاجراءات القنصلية، حين يتوجه إلى القاهرة أو الى أديس ابابا للحصول على التأشيرة الأوكرانية، وما يترتب عليه من صعوبات كالسفر والإقامة وغيرها، فهل يجري العمل على افتتاح قنصلية أوكرانية على الأقل أو مركز تأشيرات أوكراني في الخرطوم؟ وهل طرح السودان هذا الموضوع على أوكرانيا؟
السفير السوداني:ـ أنت تعلم أن السودان بادر بافتتاح سفارة مقيمة في كييف منذ عام 2013، وكنا نعمل دائماً في لقاءاتنا الثنائية على أن يبادلونا هذه الخطوة، كشيء أساسي، على أساس التعامل بالمثل، وأن تفتتح أوكرانيا سفارة مقيمة لها في الخرطوم، وحتى في لقاءاتي العديدة مع المسؤولين الأوكرانيين طرحت هذا الموضوع، من حيث أهمية وجود تمثيل دبلوماسي مقيم لأوكرانيا في الخرطوم، ونحن لا تكتفي بالتمثيل غير المقيم اقصد في القاهرة، وهناك تفاصيل كثيرة، لا يتسع المجال لشرحها، ولكننا نعمل معاً على تأكيد مسألة السفارة المقيمة، خاصة وأننا نلاحظ أن لأوكرانيا عدد قليل من السفارات، وخاصة في الدول الأفريقية، ونحن كدولة عربية أفريقية، أشرنا لأهمية وجود سفارة أوكرانية في المنطقة، وأن السودان يمكن أن يكون بوابة لأوكرانيا في الدول الأفريقية المجاورة، لا سيما وأنه تحده أكثر من ثمانية أو تسعة دول أفريقية، ويمكن أن تكون فرصة من الناحية السياسية والدبلوماسية والإقتصادية لأوكرانيا، بأن يكون لها وجود في أفريقيا وفي الدول العربية كذلك.
بالنسبة لموضوع القنصلية بيننا وبين أوكرانيا، تبادلنا مسودات لإتفاقيات قنصلية، لأنه كما ذكرت هناك بعض الصعوبات في التأشيرات تواجه الطلاب، أو طالبي العلاج وغيرهم، وبحثنا مع الطرف الأوكراني هذا الموضوع على المستوى الدبلوماسي، ومن المتوقع أن نبرم في الإجتماعات القادمة اتفاقية خاصة بتبادل إعفاء شرط التأشيرة لحملة الجوازات الدبلوماسية والرسمية بين البلدين، وهذه أصبح من المؤكد بأننا سنوقع على هذه الإتفاقية في الإجتماعات المقبلة التي ستكون في الخرطوم.
وكذلك هنالك إحتمال التوقيع على اتفاقية قنصلية، وسوف تتضمن بعض البنود المتعلقة بتيسير منح التأشيرات للفئات التي ذكرناها في السابق، وأنتم تدركون الحساسية الموجودة في أوكرانيا والمتعلقة بملف الهجرة واللجوء، والتي في تقيّد بعض الحالات، أو تضع الشروط الصارمة التي تتعلق بمنح التأشيرة لكل الأفارقة، والدول العربية، والسودان ليس بمنأى عن ذلك.
أوكرانيا بالعربية: سعادة السفير، هل سيُحاكم البشير في السودان أم سيتم تسليمه للمحكمة الدولية؟
السفير السوداني:ـ البشير الآن، كما تعلمون، موجود في سجن كوبر في الخرطوم ويخضع للمحاكمة في الخرطوم الآن، لبعض الجرائم التي قام بها، وكذلك هناك بلاغات عديدة ضد البشير لا زالت على الطاولة، ومسألة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية لبعض الجرائم المعروفة الخاصة بالـ(آي سي سي)، فهذا موضوع تقرره السلطة، والآن هو محل بحث في السلطة، على كل مستويات السلطة الإنتقالية الجديدة في السودان، مجلس السيادة، مجلس الوزراء، وقوى الحرية والتغيير التي بادرت بهذه التظاهرات وأنجحت هذه الثورة، والآن، كل هذه المكونات الثلاثة سوف تقرر مسألة تسليمه أو عدم تسليمه.
حيث اننا ننتظر نتائج المحاكمات على المستوى الداخلي، هل أنت تعلم أنه على مستوى المحكمة الجنائية الدولية هنالك نصوص تقول بإمكانية المحاكمة داخلياً، وهذا مسألة تكميلية، في القانون الخاص بالـ(آي سي سي) بأنه يمكن أن يحاكم داخلياً لذات الجرائم إذا ضمنت المحكمة والمجتمع الدولي نزاهة هذه المحاكمة، وهذا ما نسعى إليه.
أوكرانيا بالعربية:. سعادة السفير، ما هل الكلمة التي توجهونها لرجال الأعمال وللجالية العربية والسودانية في أوكرانيا، و للقارئ عموما؟
السفير السوداني:ـ من منبر "أوكرانيا بالعربية" الإعلامي، أتوجه بكلمة أساسية للمجتمع التجاري والإقتصادي والإستثماري الأوكراني، وللجاليات العربية التي تعمل في هذا المجال، بأن هذه فرصة سانحة وكبيرة جداً ، خاصة في عهد ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة، أن يأتوا كلهم، ويتوجهوا إلى السودان، ونحن سنقدّم للجميع كل التسهيلات، وهنالك تعديلات في قوانين الإستثمار، وكذلك الإتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها بين الجانبين الأوكراني والسوداني بحيث نتمكن من حشد كل الإستثمارات الأوكرانية وجذبها إلى السودان، خاصة في العهد الجديد، ومن المعروف أن السودان يذخر بالإمكانيات الطبيعية كالمعادن والذهب والأراضي الزراعية الممتدة، ونرحّب بالجانب الأوكراني للقدوم والإستثمار في السودان، وحتى للمشاركة في الملتقى الإستثماري، الذي سوف يعقد في النصف الأول من العام المقبل إن شاء الله.
أوكرانيا بالعربية:.. شكراً لكم على هذا اللقاء الصريح والشافي الوافي.
حاوره الدكتور محمد فرج الله
المصدر: أوكرانيا بالعربية