السفيرة الأوكرانية شيرباتيوك: رسالة أوكرانيا في عيد الاستقلال من النضال إلى القوة

السفيرة الأوكرانية في عمان: تقدير عميق لموقف الأردن الداعم لسيادة أوكرانيا وأهمية تصويته في الأمم المتحدة

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ كتبت السفيرة الأوكرانية لدى الاردن ميروسلافا شيرباتيوك كلمة بمناسبة يوم الاستقلال وقالت فيها: تحتفل أوكرانيا بعيد استقلالها في الرابع والعشرين من أغسطس/آب،ولطالما كان هذا العيد رمزًا للحرية ولكنه اكتسب خلال السنوات الأخيرة معنىً جديدًا وأكثر عمقًا. بالنسبة للأوكرانيين اليوم، ليس الاستقلال مجرد فكرة عابرة من الماضي، بل هو كفاح يومي من أجل البقاء والكرامة والحق في الوجود كدولة ذات سيادة. إنه أعلى قيم ما يملكون في وقتٍ يحاول فيه المعتدي الروسي منذ ما يقرب من أحد عشر عامًا تدميره.

قبل أربعة وثلاثين عامًا، وُلدت أوكرانيا من جديد على خريطة العالم. واليوم، يدافع الأوكرانيون عن استقلالهم في ساحة المعركة، صامدين بفضل شجاعة قوات الدفاع وروح الشعب التي لا تكسر. على الرغم من الصعوبات، أثبتت أوكرانيا للعالم أن الدفاع عن الدولة ممكن، وأن الحرية تستحق كل تضحية.

لا يزال الوضع على خط المواجهة متوترًا وصعبًا، ومع ذلك فإن روسيا لا تكسب هذه الحرب، وأوكرانيا لا تخسرها. لقد خسر المعتدي بالفعل أكثر من مليون جندي، بمعدل يزيد عن ألف جندي يوميًا منذ بداية هذا العام، ومع ذلك فشل في تحقيق هدف استراتيجي واحد. تواصل روسيا قصف مدن أوكرانيا وبنيتها التحتية الحيوية بالصواريخ والطائرات المسيرة والقنابل الجوية، مما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين، بمن فيهم الأطفال. وقد أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا أن أفعال روسيا ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إذ تنشر الرعب عمدًا بين السكان المدنيين. تكشف صور الأقمار الصناعية من الأراضي المحتلة مؤقتًا عن مقابر جماعية بالقرب من ماريوبول ومدن أخرى - شهادة صامتة على فظائع روسيا.

إن التكلفة البشرية لهذه الحرب لا تُحصى، لكنها حملت أيضًا رسالة قوية: لن يستسلم الأوكرانيون. وبدلاً من ذلك، يُظهرون صمودًا وابتكارًا. تضرب عمليات الطائرات المسيرة الأوكرانية أهدافًا عسكرية في عمق الأراضي الروسية، مما يثبت أنه يمكن احتواء المعتدي، وأن العدالة ممكنة.

حتى في هذه الظروف العصيبة، تظل أوكرانيا مساهمًا حيويًا في الاستقرار العالمي. على الرغم من تدمير ما يقرب من ثلث قدرتها الزراعية واحتلال خُمس أراضيها الزراعية، تواصل أوكرانيا توفير الغذاء للعالم. فهي تُوفر الغذاء لأكثر من 100 دولة، حيث يبلغ عدد المُستفيدين أكثر من 400 مليون شخص. ومن خلال المبادرة الإنسانية "حبوب من أوكرانيا"، تم إيصال القمح وزيد عباد الشمس إلى فلسطين وسوريا ودول أخرى، مُساندةً الفئات السكانية المُستضعفة، بما في ذلك في الشرق الأوسط. تُعدّ أوكرانيا، حتى في زمن الحرب، ضامنةً للأمن الغذائي.

مع ذلك، يجب أن تُرافق العدالة الصمود. وقد مثّل هذا العام علامةً تاريخيةً بارزةً في ضمان المساءلة. ففي 25 يونيو/حزيران 2025، وقّع الرئيس فولوديمير زيلينسكي والأمين العام لمجلس أوروبا آلان بيرسيه في ستراسبورغ اتفاقيةً لإنشاء محكمة خاصة لجريمة العدوان ضد أوكرانيا في لاهاي. هذه أول هيئة قضائية دولية منذ الحرب العالمية الثانية مختصة بمحاكمة جريمة العدوان نفسها، حيث تُحاسب أعلى القادة السياسيين والعسكريين في روسيا على بدء الغزو عام 2014. إنها إشارة قوية على وجوب عدم الاكتفاء بإعلان القانون الدولي، بل إنفاذه.

أوكرانيا مستعدة لأن تصبح منصة للتطوير التدريجي للقانون الإنساني الدولي. بعد أن دفعت ثمنًا باهظًا من أجل الحرية، تستطيع أوكرانيا مساعدة العالم على سدّ الثغرات القانونية، واقتراح الإصلاحات، وتعزيز آليات الإنفاذ لضمان عدم إفلات أي معتدٍ من العدالة في المستقبل.

الجهود الدبلوماسية الدولية بالغة الأهمية أيضًا. فقد رفضت موسكو مرارًا مقترحات وقف إطلاق النار. علاوة على ذلك، لم تمتثل حتى للمبادرات المتعلقة بوقف إطلاق النار قصير الأجل أو محدود، بما في ذلك تلك التي اقترحتها روسيا نفسها. وهذا لا يُظهر إرادة حقيقية للسلام. تشير تقييمات الاستخبارات إلى أن روسيا تواصل التخطيط لعمليات عدائية حتى ضد دول أخرى في أوروبا. وهذا يؤكد ما يعرفه الأوكرانيون منذ زمن طويل: روسيا تُشكل، وستظل، تهديدًا وجوديًا ليس فقط لأوكرانيا، بل لأوروبا والأمن العالمي.

رؤية أوكرانيا للسلام واضحة. يجب أن يكون شاملاً وعادلاً ودائماً. يجب أن يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة، وعلى الاحترام الكامل للسيادة وسلامة الأراضي. أية تسوية تتجاهل هذه المبادئ لن تكون سلاماً، بل مجرد هدنة قبل عدوان جديد. لن يعترف الأوكرانيون أبداً بأي أراضٍ محتلة على أنها روسية، ولن يقبلوا أبداً بأي قيود على سيادتهم أو قدرات قواتهم الدفاعية. هذه خطوط حمراء غير قابلة للتفاوض.

في هذا النضال، تُقدّر أوكرانيا دعم شركائها. ويُقدّر موقف الأردن المبدئي في الدفاع عن سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها وحدودها المعترف بها دولياً تقديراً عميقاً. تُعرب أوكرانيا عن امتنانها لتصويت الأردن لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة "تعزيز سلام شامل وعادل ودائم لأوكرانيا"، اعتُمد في 24 فبراير 2025، بدعم من 93 دولة. أعاد هذا القرار التأكيد على أهم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة: السيادة، وحرمة الحدود، وحظر استخدام القوة، والمسؤولية عن العدوان. هذه المبادئ مهمة ليس فقط لأوكرانيا فحسب، بل للشرق الأوسط وجميع المناطق التي تعاني من النزاعات.

يقف ملايين الأوكرانيين اليوم شامخين متحدين، يدافعون عن استقلالهم ويؤمنون بمستقبلهم. إنهم يعلمون أن الحرية ستنتصر، وأن السلام سيعود. يمتلك العالم النفوذ والوسائل لتحقيق ذلك. لا يمكن التغلب على حرب روسيا العدوانية إلا بالوحدة والقوة.

أثبتت القمة الأخيرة في واشنطن، التي حضرها الرئيس زيلينسكي إلى جانب قادة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، مرة أخرى أن العالم الديمقراطي يسعى بنشاط إلى إيجاد سبل لإنهاء هذا الصراع. تُثبت هذه الجهود المشتركة أن نضال أوكرانيا ليس وطنيًا فحسب، بل عالميًا بحق - نضال من أجل مستقبل النظام الدولي القائم على القواعد بأكمله. في يوم الاستقلال هذا، ترسل أوكرانيا رسالة أمل وعزيمة: الحرية سوف تنتصر، والعدالة سوف تتحقق، والسلام سوف يعود - ليس فقط إلى أوكرانيا، ولكن إلى كل من يناضل من أجله.


المصدر: أوكرانيا بالعربية
 

مشاركة هذا المنشور:
أخبار مشابهة
سياسة
وزراء مجموعة السبع يعقدون اجتماعا عبر الإنترنت بمناسبة يوم استقلال أوكرانيا
يجتمع وزراء خارجية دول مجموعة السبع في يوم استقلال أوكرانيا، الموافق 24 أغسطس/آب. وسيعقد الاجتماع عبر الإنترنت
سياسة
ترامب وروبيو يهنئان الأوكرانيين بيوم الاستقلال: شجاعتكم تلهم الكثيرين
ترامب: "يتمتع شعب أوكرانيا بروح لا تُقهر، وشجاعة بلدكم تُلهم الكثيرين. في هذا اليوم المهم، اعلموا أن أمريكا تحترم نضالكم، وتُقدّر تضحياتكم، وتؤمن بمستقبلكم كدولة مستقلة"
سياسة
زيلينسكي في يوم الاستقلال: نحتاج إلى سلام عادل، وسنقرر كيف سيكون
أوكرانيا بحاجة إلى سلام عادل، ولن تساوم على روسيا. الأوكرانيون وحدهم من يقررون مستقبل بلادهم
سياسة
زيلينسكي في يوم الاستقلال: نبني أوكرانيا التي ستتمتع بالقوة الكافية للعيش بأمان وسلام
الرئيس الأوكراني يلقي خطاباً بمناسبة يوم الاستقلال يؤكد فيه أن أوكرانيا تمكنت من الصمود أمام العدوان الروسي وأصبحت أقوى وأكثر احتراماً لذاتها، ولن تقبل بحلول وسطى تمس بسيادتها.
الأخبار الرئيسية
سياسة
النفط يرتفع بعد هجمات أوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية
أوكرانيا إستهدفت خط أنابيب دروجبا النفطي في منطقة تامبوف بوسط روسيا
سياسة
إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين
المسيرات الأوكرانية تلعب دور كبير في الإقتصاد الروسي، بسبب تجوالها بشكل يومي في العمق الروسي
سياسة
تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود
النفط الروسي سيكون هدف للقوات المسلحة الأوكرانية أينما كان
أخبار أخرى في هذا الباب
دبلوماسية
بولندا تعيد فتح معبرَيْن على الحدود مع بيلاروسيا وسط مخاوف اقتصادية
الحكومة البيلاروسية، هي اليد اليمنى لروسيا
دبلوماسية
سفيرة أوكرانيا تقدم أوراق اعتمادها إلى سلطان عُمان
سيليخ: إنه لشرفٌ عظيمٌ لي أن أكون أول امرأةٍ تُمثل أوكرانيا في سلطنة عُمان ومنطقة الخليج العربي
دبلوماسية
قطر تنضم إلى التحالف العالمي للدراسات الأوكرانية
قطر أول دولة في العالم العربي ومنطقة الخليج تنضم إلى التحالف العالمي للدراسات الأوكرانية
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.