الازمة تتفاقم في ‫مصر‬ بسرعة وهذه خريطة طريقي للخروج منها... بقلم عبد الباري عطوان

قبل الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس محمد مرسي وحكومته كانت هناك هوية واحدة للمظاهرات تمثل تحالفا رخواً يضم انصار جبهة الانقاذ المعارضة وانصار الرئيس محمد حسني مبارك، الآن تغير المشهد كلياً، وعادت حرب الميادين اكثر شراسة وقوة، وبات ميدان رابعة العدوية هو ميدان التحرير الجديد الى جانب الميدان المقابل لجامعة القاهرة، حيث يتجمع الاسلاميون الذين يرفعون شعار عودة الشرعية الانتخابية الديمقراطية المتمثلة في الرئيس محمد مرسي.

كييف/أوكرانيا بالعربية/قبل الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس محمد مرسي وحكومته كانت هناك هوية واحدة للمظاهرات تمثل تحالفا رخواً يضم انصار جبهة الانقاذ المعارضة وانصار الرئيس محمد حسني مبارك، الآن تغير المشهد كلياً، وعادت حرب الميادين اكثر شراسة وقوة، وبات ميدان رابعة العدوية هو ميدان التحرير الجديد الى جانب الميدان المقابل لجامعة القاهرة، حيث يتجمع الاسلاميون الذين يرفعون شعار عودة الشرعية الانتخابية الديمقراطية المتمثلة في الرئيس محمد مرسي.

الانقلاب العسكري من المفترض ان يكون جاء من اجل وضع حد لحالة الانقسام في الشارع وما يترتب عليها من الفوضى، ولكن ما حدث، مثلما نرى حاليا، هو العكس تماما، فحالة الفوضى ازدادت، وكذلك الانفلات الامني، وتعمق الانقسام.

مخططو الانقلاب وواضعو استراتيجيته ينطبق عليهم حال الغراب الذي اراد ان يقلد طائر الحسون صاحب الصوت الجميل، فلا هو بقي غرابا ولا اصبح حسوناً، أي انه خسر هويته وهيئته دون ان يكسب الهوية الجديدة التي ارادها لنفسه.

بمعنى آخر نقول ان المؤسسة العسكرية المصرية التي ما زالت مجروحة من الشعارات التي ترددت في الشارع وتقول بسقوط حكم العسكر اثناء تولي المشير حسين طنطاوي زمام الامور بعد اجبار الرئيس مبارك على التنحي طوال المرحلة الانتقالية التي سبقت الانتخابات، هذه المؤسسة ارادت ان تضفي طابعاً مدنياً على انقلابها وتتخفى خلف ثورة شعبية لتبرير تحركها هذا، عندما عينت السيد عدلي منصور رئيساً للجمهورية، والدكتور محمد البرادعي نائباً له، فلم تقنع الكثيرين بهذا "القناع" بمن في ذلك حلفاؤها الاوروبيون والامريكان، بل وضعتهم في موقف اكثر حرجا.

المؤسسة العسكرية المصرية ارتكبت خطأين رئيسيين في نظري، الاول عندما انحازت الى معسكر المعارضة الليبرالية ضد المعسكر الآخر الاخواني، فانسحبت على طرف ضد آخر، وكل هؤلاء مصريون اولاً واخيراً، اما الخطأ الثاني عندما لم تسم انقلابها انقلاباً.

الجيش المصري يجب ان يكون حكماً وليس طرفاً، وان يتعامل مع جميع المصريين على قدم المساواة، فهذا هو الطريق الاقصر والانجع لخدمة الامن القومي المصري والحفاظ على المؤسسة العسكرية ووضعها فوق كل الشبهات والاعتبارات الحزبية الضيقة.

كان الانسب للجيش المصري، طالما قرر التدخل عسكريا لوضع حد لحال الفوضى، ان يقوم بانقلاب عسكري واضح، يستولي فيه على السلطة ويعلن حالة الطوارئ، ويشكل حكومة عسكرية، كمرحلة اولى، ثم بعد ذلك يدعو الى انتخابات حرة، اما الاقدام على انقلاب، وترقيعه بواجهة مدنية مزورة فهذا خطأ كبير قد يعطي نتائج عكسية بدأت تطفو على السطح بوضوح.

ربما يكون دافع الجيش لمثل هذا التصرف، اي عدم الاستيلاء على السلطة من انقلاب واضح صريح، هو الحفاظ على المعونة الامريكية والعلاقات الوثيقة مع واشنطن، ولكن مصر التي تلقت 12 مليار دولار من السعودية والكويت والامارات تستطيع الاستغناء عن هذه المعونة الامريكية المهينة وتكسب في الوقت نفسه استقلالها وسيادتها الوطنية.

الازمة التي عاشتها مصر قبل الانقلاب العسكري استمرت بعده، وقد يجد الجيش نفسه مضطرا، الى اعلان حالة الطوارئ مجددا وبشكل علني صريح في الاسابيع او الاشهر المقبلة في ظل تفاقم حالة الانقسام الحالي، واستمرار سوء التقدير لقوة الطرف الآخر، اي الاخوان المسلمين.

من الواضح ان المظاهرات في مصر باتت "حالة ادمان" قد يصعب التخلص منها بسهولة، فنحن نفهم ان يتظاهر الاخوان من اجل استعادة حكم سلب منهم بقوة العسكر، ولكن لماذا تستمر مظاهرات واحتجاجات جبهة الانقاذ وحركة تمرد بعد ان حقق الانقلاب العسكري مطالبها؟

الجيش مصر على المضي قدما في خريطة طريقه، والاخوان مصرون على عودة رئيسهم مرسي، واعمال التظاهر والاعتصامات مستمرة من قبل طرفي المعادلة السياسية المصرية، وكل هذا يعني تفاقم الازمة لا انفراجها.

الحل هو اما ان يتحول الانقلاب الى انقلاب فعلي واو ان يعود الرئيس المنتخب الى قصر الاتحادية وتتبع عودته انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة مع تعهد باحترام صناديق الاقتراع ونتائجها ايا كانت وعدم تدخل الجيش في المستقبل، ووضع دستور توافقي يضبط هذه المبادئ. 

انا شخصياً افضل الخيار الثاني اي عودة مرسي الى الحكم ولو مؤقتا، فهو اقل الخيارات خسارة لمصر وشعبها وللمنطقة باسرها، وهو الرئيس الشرعي لمصر اختلفنا معه او اتفقنا، فالحكم دائماً لصناديق الاقتراع وللشعب الذي هو مصدر كل السلطات.



عبد الباري عطوان

رئيس تحرير القدس العربي سابقا

محلل سياسي وكاتب عربي


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
في يوم الكرامة: أوكرانيا تخلّد ذكرى من ناضلوا من أجل استقلالها
زيلينسكي: نضال الأوكرانيين من أجل الحرية سيبقى مصدر إلهام للعالم
سياسة
الصين تدعو روسيا وأوكرانيا لضبط النفس
الصين تجدد دعوتها للحل السياسي في الحرب الروسية الأوكرانية
سياسة
وكالات: تحذيرات من استهداف روسيا للبرلمان الأوكراني
تحذير من هجوم محتمل يُلغي اجتماع البرلمان الأوكراني
أخبار أخرى في هذا الباب
Others for arabic and russian
رغم صعوبة الخيار بين العملاقين الشرقي والغربي الا أن الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش يصرح بأن خيار أوكرانيا الاستراتيجي هو الشراكة مع أوروبا
Others for arabic and russian
أوكرانيا تسعى لتهدئة المخاوف الروسية بشأن الاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبي
Others for arabic and russian
أمريكا تغازل ايران علنا والعرب اضحوكة مجددا ً... بقلم عبد الباري عطوان
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.