V2U: الطائرة الروسية بدون طيار المزوّدة بالذكاء الاصطناعي... تحوّل نوعي أم نسخة هجينة؟

كشفت الاستخبارات الأوكرانية عن طائرة روسية بدون طيار هجومية جديدة من طراز V2U، مزوّدة بقدرات ذكاء اصطناعي تتيح لها اختيار الأهداف تلقائيًا. الطائرة تُجمع من مكونات صينية ويابانية وأمريكية، وتعتمد على أنظمة رؤية حاسوبية بديلة عن الـGPS
كييف/أوكرانيا بالعربية / كشفت المديرية العامة للاستخبارات الأوكرانية (GUR) عن معلومات تفصيلية حول طائرة هجومية روسية جديدة بدون طيار من طراز V2U، تتميز بقدرات ذكاء اصطناعي متقدمة، في تطور يسلّط الضوء على سباق التسلح التكنولوجي المتصاعد في ساحة الحرب الأوكرانية الروسية.
القدرة التمييزية: اختيار الأهداف ذاتيًا بالذكاء الاصطناعي
الميزة الأبرز التي تميّز طائرة V2U عن غيرها من الطائرات بدون طيار الروسية التقليدية هي قدرتها على البحث عن الأهداف واختيارها تلقائيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي. إذ لا تكتفي الطائرة بنقل الصور أو تنفيذ أوامر موجهة من المشغّل، بل تستخدم تقنيات الرؤية الحاسوبية وخوارزميات التعلم الآلي لتحديد وتصنيف الأهداف المحتملة في الوقت الحقيقي، ما يمنحها مستوى من الاستقلالية التشغيلية يعتبر غير مسبوق في الذخيرة الروسية المعروفة.
نواة حوسبية هجينة: صينية، أمريكية، يابانية، وأخرى
تتكون البنية الإلكترونية للطائرة من مزيج عالمي يعكس تعقيد سلاسل الإمداد الحديثة، رغم العقوبات الغربية. وتعتمد الطائرة على:
حاسوب Leetop A203 الصيني كوحدة معالجة مركزية.
وحدة تجميع بيانات بصرية من نوع NVIDIA Jetson Orin الأمريكية، وهي وحدة متقدمة قادرة على معالجة فيديو عالي الدقة بوقت فعلي، ما يتيح لها تنفيذ مهام التعرف على الأهداف أثناء التحليق.
مستشعر بصري من سوني اليابانية، يُستخدم لتحسين قدرة الرؤية في ظروف الإضاءة المنخفضة.
مرحّل كهرومغناطيسي من شركة Te Connectivity الأيرلندية.
ولعل ما يلفت النظر أن المودم المسؤول عن الاتصال، وهو Microdrive Tandem-4GS-OEM-11، يستخدم بطاقة SIM تابعة لمشغّل أوكراني، ما يثير تساؤلات عن آليات التحكم وحتى الاحتمالات الأمنية المتعلقة باستخدام معدات غير مؤمنة داخل مسرح العمليات.
بديل GPS: رؤية حاسوبية ضد الحرب الإلكترونية
تشير البيانات الاستخباراتية إلى أن V2U مزودة بوحدة GPS واحدة فقط، وهي نقطة ضعف ظاهريًا، إلا أن GUR ترجّح أن هذا الأمر يعكس توجهاً روسياً للتخلي عن الاعتماد الكامل على أنظمة الملاحة بالأقمار الصناعية، خصوصاً في ظل فعالية أنظمة الحرب الإلكترونية الأوكرانية في تشويش إشارات GPS.
بدلاً من ذلك، تستعين الطائرة بما يُعرف بـ"الرؤية الحاسوبية" — حيث تُقارن الصور الملتقطة من الكاميرا الحيّة بصور مرجعية للمناطق المستهدفة، وهو أسلوب يوفّر دقة أعلى في الاستهداف حتى في بيئات معادية إلكترونيًا.
سلاح روسي بمكونات غير روسية: بين الضرورة والتحدي
رغم العلامة الروسية الظاهرة، فإن التحليل الفني يُظهر أن غالبية مكونات V2U مستوردة من الصين، بما في ذلك المحرك، السيرفو، وحدة GPS، وحدات التحكم، ومصادر الطاقة. كما كشفت GUR عن شركات روسية وصينية تعمل بالتعاون لتجميع وتصنيع هذه الطائرات. ما يُظهر أن موسكو، رغم العقوبات، ما زالت قادرة على الوصول إلى مكونات حساسة لتقنيات عسكرية متقدمة، إما عبر أطراف ثالثة أو بأساليب التفافية.
واللافت، بحسب الاستخبارات الأوكرانية، أن المكوّنات الأمريكية في الأسلحة الروسية تشهد تراجعًا تدريجيًا، بينما تظهر مكوّنات صينية وهندية بشكل متزايد، كما في الحالة التي تم توثيقها سابقًا في أبريل/نيسان 2025، عندما عُثر على أول مكوّن هندي في سلاح روسي.
هل يشكّل V2U تهديدًا نوعيًا؟
رغم التقدم الظاهري، تبقى قدرة V2U على تغيير مسار الحرب محل نقاش. فوجود الذكاء الاصطناعي لا يعني بالضرورة تفوقًا قاطعًا، خاصة إذا كانت أنظمة الحرب الإلكترونية الأوكرانية قادرة على اعتراض الإشارة، أو اختراق شبكات الاتصال الضعيفة مثل LTE المستخدمة عبر مودم تجاري.
لكن في المقابل، تمثّل V2U بداية مرحلة جديدة في التكامل بين الذكاء الاصطناعي والقدرات القتالية الذاتية في الترسانة الروسية. وإذا تمكنت موسكو من إنتاج هذه الطائرات على نطاق واسع، فقد تشكّل ضغطًا تكتيكيًا على الدفاعات الأوكرانية، خصوصًا في الجبهات المفتوحة مثل منطقة سومي حيث أفيد باستخدامها فعليًا.
طائرة V2U ليست مجرد تطور تقني، بل هي انعكاس لطبيعة الصراع المعقّد بين أوكرانيا وروسيا، حيث تتقاطع التقنيات التجارية مع الاستخدامات العسكرية، وتُختبر قدرات الذكاء الاصطناعي في ميادين القتال لأول مرة بهذه الكثافة. تبقى فاعليتها النهائية مرهونة بقدرة الجيش الروسي على دمجها ضمن منظومة عملياتية أكبر، وكذلك بقدرة كييف على التصدي لها تقنيًا وعملياتيًا.
المصدر: أوكرانيا بالعربية
