"واشنطن بوست": أوكرانيا تخاطر بخسارة الحرب

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية مقالاً تحدثت فيه عن واقع الحرب في أوكرانيا وآخر التطورات الميدانية، وعن صفقة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب لإنهاء الحرب.

وفيما يلي ما ورد في المقال:

لقد وصل الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، والذي يقترب من نهاية عامه الثالث الدامي، إلى نقطة تحوّل. فقد فقدت أوكرانيا أراضيها وقواتها ووقتها. وسوف تحدد الأسابيع القليلة المقبلة ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على الاستمرار في الوجود كدولة ذات سيادة داخل حدودها قبل الغزو، أو بالقرب منها، مع ضمانات أمنية كاملة لمواطنيها، أو ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يكافأ ويشجع في حربه الرامية إلى التوسع الإقليمي.

الطريقة التي سيتم بها حل هذا الصراع سوف تكون لها تداعيات تتجاوز أوكرانيا إلى حد كبير، ما يتناقض مع الفكرة التي عبّر عنها البعض، بمن فيهم الانعزاليون الأميركيون، بأنّ هذه مشكلة أوروبا. إنّ ما هو على المحك الآن هو مصداقية الولايات المتحدة ومنظّمة حلف شمال الأطلسي، التي ساعدت أوكرانيا وتعهدت بمواصلة دعمها "ما دام الأمر يتطلب" هزيمة روسيا.

أوكرانيا ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي، وبالتالي فإنّ التعهد لم يكن مدوناً في ضمانات المعاهدة بل كان مشروطاً بالإرادة السياسية في واشنطن والعواصم الأوروبية. والانسحاب الآن من شأنه أن ينقل رسالة مفادها أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها يفتقرون إلى القدرة على البقاء، وأنّ وعودهم تأتي مختومة زمنياً على أنها صالحة فقط حتى موعد الانتخابات المقبل. فكيف ستستقبل الصين مثل هذه الرسالة في حين يفكر رئيسها شي جين بينغ في ما إذا كان ينبغي له أن يقوم بتحرك عسكري في تايوان؟

تلقت أوكرانيا طائرات مقاتلة متقدمة ودبابات غربية حديثة وصواريخ بعيدة المدى. لكن الكثير من الأسلحة متأخرة، ما أعطى روسيا الوقت لتعزيز مكاسبها في ساحة المعركة.

والآن، تتقدم القوات الروسية عبر منطقة دونباس، وتحرز تقدماً تدريجياً وتسيطر على المزيد من الأراضي أكثر من أيّ وقت مضى. تسيطر روسيا الآن على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية وتتقدم ببطء نحو الغرب كل يوم، وخاصة حول بوكروفسك وكوراخوف. كما خسر الجنود الأوكرانيون الذين احتلوا منطقة كورسك الروسية في آب/أغسطس نحو 40% من الأراضي التي استولوا عليها في هجومهم المفاجئ ويخاطرون بالحصار بينما تتقدم القوات الروسية.

كما تخسر أوكرانيا قواتها بمعدل يتجاوز كثيراً قدرتها على تحمل القتال ومواصلته. ويُعَد تقدير الخسائر الرسمي الذي يبلغ 400 ألف قتيل أو جريح أقل كثيراً من العدد الحقيقي. ويهجر آلاف الجنود الأوكرانيين المنهكين خطوط المواجهة. وفي العام الماضي فقط، بدأت أوكرانيا في تجنيد الرجال الذين تبلغ أعمارهم 25 عاماً أو أكثر؛ وكان السن السابق 27 عاماً. وقد ضغط البعض، بمن فيهم المشرعون الأميركيون، على أوكرانيا لبدء تجنيد الرجال الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، لكن الرئيس فولوديمير زيلينسكي قاوم حتى الآن، خوفاً من إبادة الجيل القادم وإعاقة بسبب نقص المعدات لتسليح القوات الجديدة.

ومع ذلك، فإن الوقت هو السلعة الأكثر أهمية التي تخسرها أوكرانيا.

يتولّى الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 كانون الثاني/يناير ووعد بإنهاء الحرب بسرعة، لكنه لم يقدّم تفاصيل محددة عن خطته. وقد أدلى ترامب بتصريحات متناقضة، قائلاً إنّه سيقطع المساعدات عن أوكرانيا، لكنه لن يتخلى عن البلاد تماماً. وقد نقلت تقارير إعلامية عن بعض مساعدي الانتقال اقتراحهم بوقف إطلاق النار على طول خطوط المواجهة القائمة، مع نشر قوات أوروبية كقوات لحفظ السلام لفرض الهدنة وتجميد عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي لمدة عشرين عاماً. ورفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذه الأفكار بشكل قاطع في 29 كانون الأول/ديسمبر.

والقيد الزمني الآخر الذي تواجهه أوكرانيا هو التعب المتزايد في أوروبا، والرغبة في إيجاد نهاية للصراع الذي يلتهم العديد من مخزونات المعدات العسكرية النادرة في القارة. ويتجه الأوروبيون إلى فكرة المفاوضات القائمة على صيغة "الأرض مقابل السلام" باعتبارها أفضل طريقة لحل الحرب في حالة قطع المساعدات الأميركية. وهناك حالة من عدم اليقين السياسي في ألمانيا، أحد أشد المدافعين عن أوكرانيا تحت قيادة المستشار أولاف شولتز الذي يواجه محاولة صعبة لإعادة انتخابه في شباط/فبراير، في ظل صعود أحزاب أقصى اليمين، التي غالباً ما تكون أكثر تقبلاً لموسكو.

أوكرانيا لن تستطيع الصمود لمدة عام آخر من هذه الحرب المدمّرة. ولكن التسرع في إيجاد تسوية تفاوضية قد يؤدي إلى تسوية سيئة تكافئ بوتين على استيلائه على الأراضي وتضمن له شن هجوم جديد من أجل المزيد من الأراضي بمجرد أن تتاح له الفرصة. كما أنّ التسوية السيئة من شأنها أن تترك الأوكرانيين يشعرون بالمرارة بعد أن رأوا منازلهم ومدارسهم ومصانعهم مدمرة، وأصدقاءهم وأفراد أسرهم يقتلون. وسوف يوجهون  الكثير من غضبهم نحو الداعمين الغربيين الذين خانوهم.

المصدر: وكالات + أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
أخبار مشابهة
سياسة
كيلوغ: هدفنا إيجاد حل للحرب في أوكرانيا
خلال 100 يومن من تنصيب ترامب
صحف عالمية
تقرير صحفي: عام 2025 سيكون صعباً على أوروبا على ضوء الحرب في أوكرانيا
سياسة
إنجاز تاريخي: طيار أوكراني يسقط 6 صواريخ روسية في طلعة واحدة
رقم قياسي عالمي: طائرة F-16 أوكرانية تسقط 6 صواريخ كروز روسية
سياسة
الرئيس الأوكراني يحدد الخسائر الروسية في كورسك
منذ بدء عملية الجيش الأوكراني فيها
الأخبار الرئيسية
سياسة
الأمين العام للناتو يحدد ثلاث مهام للمشاركين اجتماع رامشتاين لدعم أوكرانيا
روته: الأهم هو ضمان حصول أوكرانيا على كل ما تحتاجه لمواصلة القتال والفوز بهذه الحرب
سياسة
زيلينسكي في اجتماع رامشتاين: أفعل كل شيء لضمان انتهاء الحرب بكرامة لأوكرانيا وأوروبا
زيلينسكي يحث الغرب للاستثمار في إنتاج المسيرات الأوكرانية
سياسة
الولايات المتحدة تعلن عن حزمة المساعدات الأخيرة لأوكرانيا في عهد إدارة بايدن
مساعدات أمريكية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار أمريكي
أخبار أخرى في هذا الباب
صحف عالمية
تقرير صحفي: عام 2025 سيكون صعباً على أوروبا على ضوء الحرب في أوكرانيا
صحف عالمية
المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا أمر لا مفر منه
بهدف وقف الحرب
صحف عالمية
"فايننشال تايمز" تنشر توقعاتها لعام 2025
تحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.