يحدث في العالم: فيسبوك في معضلة كبيرة
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ يرى اختصاصيون نفسيون أن أزمة موقع فيسبوك تستلزم المسارعة لتنظيم قواعد عمل أكثر شفافية لاستعادة الثقة، ورغم تفاؤل بعضهم بإمكان تدارك الأزمة رأى آخرون أنه يمكن حدوث هجرة جماعية كبيرة من أكبر مجتمع افتراضي بالعالم.
واعتبر البروفيسور آندرو برزيبلسكي أن فضيحة "كامبريدج أناليتيكا-فيسبوك" هي أهم لحظة واجهها فيسبوك منذ أصبح عاما في 2012، مشبها تردد الشركة في الاعتراف بإمكانيات التدمير لوسائل التواصل الاجتماعي بقول أبي القنبلة الذرية روبرت أوبنهايمر "الآن أصبحت الموت، مدمر العوالم".
وأوضح برزيبلسكي، الذي يعمل بجامعة أوكسفورد وهي من أبرز المؤسسات في العالم التي تعنى بعلم نفس التواصل الاجتماعي، أن "ما يحدث في فيسبوك ليس بطبيعته سيئا"، وأن المشكلة تكمن في أن الموقع يستخدم بيانات الأفراد لمنتجات وخدمات دون الكشف عن هذه النوايا.
ودعا إلى وضع قواعد تنظيم وإطار أخلاقي لحماية حقوق المستخدمين، وأن تجري الدراسات بشفافية وتصب في مصلحة العامة، معتبرا أن أزمات مشابهة أدت إلى وضع معايير أخلاقية في مجالات أخرى، كما حدث في مجالي الكيمياء والفيزياء بعد اختراع الديناميت والأسلحة الكيميائية والنووية.
وأوضح برزيبلسكي أنه قضى اليومين الماضيين في مقر فيسبوك بمدينة سان فرانسيسكو، وأنه قدم رأيه لإدارة الشركة لتغيير أسلوب عملها، وأضاف "أنا متفائل. إنهم متجاوبون ويشعرون بالتهديد ولديهم عقلية استباقية".
في المقابل، أبدى الباحث في شركة غوغل فرانسوا شوليه شكوكه، وقال في تغريدات نشرها هذا الأسبوع إن المشكلة مع فيسبوك لا تكمن فقط في فقدان الخصوصية واستخدامها "كسجن شمولي"، بل في استخدامه استهلاك المعلومات الرقمية "كقوة موجهة للسيطرة النفسية".
من جهتها، أوضحت الخبيرة الاجتماعية الفرنسية ناتالي نادود ألبرتيني أنه مع الكشف عن الفضيحة الأخيرة تم تجاوز الحدود التي اعتادها الناس في استخدام بياناتهم لتحقيق المكاسب التجارية، معتبرة أن "استخدام المعلومات في الحملات السياسية هو أمر مقلق أكثر بكثير".
ورغم الدعوات العالمية المتصاعدة للتخلي عن فيسبوك، ما زال الملايين عاجزين عن مقاومة إدمان الموقع، ففي دراسة أجراها البروفيسور إيرك باومر لجامعة كورنيل عام 2015 تبين أن العديد من مستخدمي فيسبوك الذين أرادوا تركه استمروا لا شعوريا في التوجه للضغط على رمز التطبيق لدى تشغيل حواسيبهم وهواتفهم، وحتى أولئك الذين تركوه فعلا وجدوا أنفسهم منجذبين للعودة.
وأوضح أنه لا يوجد موقع تواصل اجتماعي يمتلك هذا العدد الكبير من المستخدمين، لكن ذلك قد يتغير، خصوصا للمستخدمين الأصغر سنا الذين يبدون ميلا للتخلي عن فيسبوك.
لكن هناك مشكلة أخرى تكمن في غموض مجموعات الشركات المالكة لوسائل التواصل الاجتماعي، فعندما يهجر الشباب فيسبوك ويتوجهون إلى إنستغرام لا يدركون أن الأخير مملوك كذلك لشركة فيسبوك، حسب باومر.
وبعد اندلاع فضيحة استغلال شركة كامبريدج أناليتيكا بيانات خمسين مليون مستخدم لفيسبوك لصالح حملة الرئيس دونالد ترمب الانتخابية، أقر مارك زوكربيرغ بأن شركته ارتكبت أخطاء، ووعد بإجراء تغييرات جذرية للحؤول دون تكرارها.
ويبدو أن اعتراف زوكربيرغ لن يكون كافيا، حيث أكد الناشط النمساوي لحماية البيانات ماكس شريمس أنه عقد في عام 2012 اجتماعا مع ممثلين للشركة للتباحث في المخاوف التي يثيرها استخدام "تطبيقات الجهات الثالثة"، وأنهم أكدوا له أنهم لا يرون أي مشكلة في الموضوع.
وتقدمت مكاتب محاماة أميركية اليوم بشكاوى جماعية باسم مواطنين ومالكي أسهم ضد فيسبوك، بينما يزداد التفاعل عبر وسم "#حذف_فيسبوك" الذي أصبح من الأكثر رواجا على تويتر، حيث انضم إليه مشاهير يطالبون المستخدمين بالتخلي عن فيسبوك نهائيا.
وترى صحيفة "وول ستريت جورنال" أن فيسبوك لا يستحق هذا التضييق، حيث تخطط المفوضية الأوروبية لفرض ضريبة على عائدات الإعلانات الرقمية مما سيقلص من أرباح الشركة، وقد يكرر مشرعون أميركيون هذه الخطوة في بلادهم، ما يعني أن انقلابا هائلا سيحدث في شركات التكنولوجيا الكبرى يماثل انهيار أسعار النفط، لا سيما وأن أسهم فيسبوك انخفضت بنسبة 7% تقريبا الاثنين.
المصدر: وكالات بتصرف