أوكرانيا بالعربية | نائب وزير الخارجية الأوكراني: كيفية الرد على انتهاك حقوق مواطنينا على الحدود الإسرائيلية
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ نشر نائب وزير الخارجية الأوكراني سيرهي كيسليتسا مقالة تناول فيها موضوع الأزمة القائمة بين أوكرانيا وإسرائيل بشأن السماح المتبادل لمواطني البلدين بالسفر وعبور النقاط الحدودية قال فيها:
نشأت بين أوكرانيا وإسرائيل أزمة دبلوماسية على خلفية الفضائح التي حدثت في مطاري باريسبول الأوكراني وبن غوريون الإسرائيلي، حيث تتم "إعادة" الأوكرانيين من مطار بن غوريون على مدى السنوات الأخيرة، ويتم احتجاز بعضهم لساعات قبل السماح لهم بدخول إسرائيل، وتبرر وزارة الخارجية الإسرائيلية هذه التصرفات بتزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين من أوكرانيا.
وبعد أن أصبح من غير المقبول السكوت عن هذه المشكلة نتيجة تزايد عدد الممنوعين من الدخول ليصل إلى 50 مواطنا في الرحلة الواحدة.
قررت أوكرانيا الردعلى ذلك واللجوء إلى المعاملة بالمثل وفي 15 شباط/ فبراير الجاري تم منع 35 إسرائيلياً من دخول الأراضي الأوكرانية، إما لعدم توفر المبلغ المالي المحدد معهم، أو لعدم إمكانهم تأكيد سبب زيارتهم.
قامت بعدها إسرائيل، بإحتجاز طائرة كاملة ومنعت ركابها البالغ عددهم 140 أوكرانياً من دخول أراضيها، وعلى الرغم من أنه تم فيما بعد حل هذه المشكلة، إلا أن الأمر يتطلب التدخل على المستوى الحكومي.
الكثير من الناس، في أوكرانيا وفي الدول الأخرى يعتقدون أن جل ما تفعله كييف هو أن تمد يدها وتتوسل التأشيرة الحرة، أو إلغاء التأشيرة للرحلات القصيرة.
وفي الواقع ليس الحال اليوم على هذا الشكل، ففي السنوات الأربع الأخيرة استطاعت كييف فعل الكثير من أجل من تسهيل سفر المواطنين إلى الخارج، فكل دول أوروبا مفتوحة للأوكرانيين الحائزين على جوازات سفر بيومترية، عدا عن الكثير من دول آسيا وأمريكا اللاتينية.
و كل شهر تقريباً يتم إضافة بلد حيث يمكن للأوكرانيين السفر بدون تأشيرة. وفي هذا الأسبوع ، دخلت الاتفاقية مع الأوروغواي حيز التنفيذ.
ولدى وزارة الخارجية العديد من الاتفاقيات التي تعمل عليها، كما وتناشد الكثير من الحكومات الأجنبية أوكرانيا وتقدم مقترحاتها لتحرير نظام التأشيرات للرحلات المتبادلة معها.
ومن المعروف، على سبيل المثال، بأن الاتحاد الأوروبي يقوم بانتظام بمراجعة تنفيذ اتفاقات السفر بدون تأشيرة، وخاصة مع أوكرانيا.
ولكن على ما يبدو أنه حان الوقت لنقوم بتحليل عميق خاص بنا لمجريات تنفيذ هذه الاتفاقيات الثنائية ومراجعتها وربما إعادة النظر فيها. كما يجب القيام بالتحليل المتعمق عند إبرام اتفاقيات جديدة بشأن التأشيرات الحرة.
فهناك بعض الحالات التي تستدعي القلق بسبب عدم رغبة بعض الحكومات الالتزام بالقوانين الخاصة بها ولا بالاتفاقات المبرمة مع أوكرانيا، وهذا يؤدي إلى انتهاكات واسعة لحقوق مواطني دولتنا في أراضي هذه الدول.
وأحياناً يتم تسجيل هذه الإنتهاكات بالآلاف في السنة الواحدة.
ومن المثير للإهتمام، بأنه يتم وضع اللوم على المواطنين الأوكرانيين في أغلب الأحيان، على الرغم من أن المصدر الرئيسي للخلل يتمثل في التقاعس أو الانتقائية في تطبيق المؤسسات الحكومية وأرباب العمل في البلدان الأجنبية لتشريعاتهم الخاصة والالتزام بها.
وهكذا، في بعض البلدان، تعمد هيئات الدولة إلى إغماض أعينها عن حقيقة بأنهم يشغّلون لديهم عدداً كبيراً من المواطنين الأوكرانيين بشكل غير قانوني. ويشغلونهم بشروط تنتهك حقوقهم الإجتماعية والإقتصادية على السواء، وهو ما يؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بشكل عام.
وأنا لا أقبل نهائيا ً فرضية أن كل الذنب يقع على عاتق على الأوكرانيين ، ففي نهاية المطاف، لو لم تقم الكيانات القانونية الأجنبية والأفراد بتوظيف المواطنين الأوكرانيين ، لما كان هناك انتهاكات جسيمة لتشريعات العمل والهجرة، فمن غير المعقول أن يعمل الآلاف من الأوكرانيين لدى الأفراد أو المؤسسات الفردية من تلقاء نفسهم.
ومن المثير للاهتمام أن هناك بلداناً، وعلى الرغم من الاتفاقات الثنائية المبرمة معها بشأن التوظيف القانوني للمواطنين الأوكرانيين ، فإنها تواصل توظيف المئات والآلاف لتجنب هذه الاتفاقات. لأن التوظيف بهذه الطريقة أرخص، فأنت تدفع للأوكرانيين جزءاً صغيراً مما يجب أن تدفعه للموظف القانوني، مثل صناديق التقاعد والتأمين الاجتماعي، بالإضافة إلى الضرائب.
فيما يتعلق بدول الاتحاد الأوروبي فإن الصورة مفهومة إلى حد ما، وإن كانت ضبابية. وفي بعض الدول هناك عقوبات كبيرة على العمالة غير القانونية بحيث لا يجرؤ أي صاحب عمل على تشعيل الأوكرانيين. كما أن انتهاكات نظام التأشيرة الحرة فتعد على الأصابع.
ولكن توجد بعض البلدان حيث يمكن إيجاد "صيغة للإتفاق" فيها، وفي البلدان من فئة "ممكن أيجاد صيغة للاتفاق" تجري انتهاكات واسعة النطاق.
وهذه ليست فقط بلدان وسط وشرق أوروبا ، حيث يساهم العمال الأوكرانيون في الحفاظ على وتيرة النمو الاقتصادي، وتقوم العمالة الأوكرانية في الواقع برفع مستوى الناتج الوطني والرفاهية فيها، على الرغم من أن سياسيوها المحليون لا يعلنون ذلك خجلاً.
كما توجد دول تقف بقوة على أقدامها ، وناتجها المحلي الإجمالي مستقل عن تدفق العمالة الأوكرانية.
وعامل الجذب لا يتوقف فقط على رخص اليد العاملة الأوكرانية،"believe it or not" فإن أن هناك كذلك إعتبارات عنصرية لذلك، فإن المربية أو عاملة المنزل الأوكرانية المسيحية المتعلمة البيضاء "مريحة" أكثر من الإفريقيات والآسيويات، وليس سراً بأنه في التسعينيات استقدمت العديد من العائلات الإسبانية والإيطالية عاملات المنازل الفليبينيات إلى أن ظهرت العاملات الأوكرانيات"الأوروبيات".
وفي هذه البلدان يتحاشون عادة تناول هذا الموضوع خجلاً، أو أنهم يعملون على إثارته عند الحاجة، لإعتبارات إنتخابية على سبيل المثال.
ولكني أريد أن أذكر الجميع بحقيقة أنه في كل حالة تشغيل غير قانوني للمواطنين الأوكرانيين في الخارج إن كان من قبل المصانع أوالشركات أو لدى الأسر، فإن هذه الشركات والعائلات تنتهك حقوق المواطنين الأوكرانيين وفق قوانين دولهم فيما يقرب نسبة 100 % من الحالات. وهذا حقيقة! ويقع عبء تقديم المسئولية المادية والشخصية القانونية على عاتق حكومات وبرلمانات هذه الدول. و على سياسييهم كذلك!
وتمس هذه القضية بشكل خاص الدول غير الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، وفي المجلس الأوروبي. والتي تفخر بعضها بأن ديمقراطيتها "راسخة " أو "معترف بها" على أنها ديمقراطية، ولكنها في واقع الأمر هي ملتزمة لا بمعايير بروكسل و لا بمعايير ستراسبورغ وآليات الحماية التي تقدمها.
ولذلك ، لا يوجد مكان يلجأ إليه الأوكرانيين، باستثناء هيئات إنفاذ القانون أو الهيئات القضائية المحلية، وهناك يتم "غسل اليدين". ويفاجئني زملائي الأجانب من الدول الصغيرة عندما يقولون أنه من الصعب جداً على الشرطة والأجهزة الأمنية تحديد من هو غير قانوني هناك.
وفي الوقت نفسه ، وكما يقول المثل الأوكراني: "من المذنب؟ الكنّة!" والكنّة، بالطبع ، هي الأوكرانية.
وسنعمل بإصرار كبير لكي تتم محاكمة منتهكي الحقوق، وسيتم تقييم طبيعة وحجم هذه الإنتهاكات بحق الأوكرانيين في تلك الدول، وكذلك درجة استعداد وفعالية حكومات الدول الأجنبية في التعامل مع الأفراد والشخصيات الإعتبارية الذين ينتهكون حقوق المواطنين الأوكرانيين ويستغلونهم بتشغيلهم بطرق غير قانونية.
كما أنه من غير المقبول أن ينظر إلى كل سائح أوكراني على أنه مهاجر غير شرعي، بسبب عدم الجهوزية أو عدم الرغبة أو الطابع الإنتقائي لإجراءات الحكومات الأجنبية التي تنتشر فيها العمالة غير القانونية على نطاق واسع.
وفي حال لم تقم الحكومات الأجنبية بمعالجة مشكلة تشغيل العمالة الأوكرانية بشكل غير قانوني مع أرباب العمل بالطريقة المناسبة، وإذا استمر انتهاك حقوق السياح والمسافرين الأوكرانيين بشكل منتظم، وبشكل خاص في المراكز الحدودية فسيكون من الضروري إعادة النظر في شروط السفر، بما في ذلك جدوى الحفاظ على نظام التأشيرة الحرة لمواطني تلك الدول التي تنتهك فيها حقوق مواطنينا.
ولا يجب أن يمنح حق السفر بدون تأشيرة إلى أوكرانيا لأبناء لتلك الدول التي تضمن حقوق الإنسان لمواطنيها فقط وتحقق لهم مستويات معيشة مرتفعة، بل ينبغي أن يتاح السفر بدون تأشيرة إلى أوكرانيا لمواطني البلدان التي تحترم مواطني أوكرانيا وتراعي حقوقهم وكرامتهم.
ويجب على الأوكرانيين الذين يزورون الدول الأجنبية، أن يمثلوا دولتهم بشكل لائق، وأن يحترموا قوانين الدول المضيفة، وأن يتحملوا مسؤلياتهم بهذا الشأن، وفي حال إذا كانت لا تعجبهم تقاليد وعادات الشعوب الأخرى، فالأفضل أن يبقوا في بيوتهم.
المصدر: أوكرانيا بالعربية