أوكرانيا بالعربية | مقال سفير أوكرانيا لدى الجزائر بمناسبة انعقاد قمة منصة القرم

تشهد أوكرانيا في23 آب/أغسطس من العام الجاري انعقاد أول مؤتمر دولي مكرس لقضية تحرير شبه جزيرة القرم، وبهذه المناسبة يطيب لي بصفتي سفيرا لأوكرانيا لدى الجزائر أن أعرف الجمهور الجزائري الموقر بأجندة وأهداف ذلك الحدث الدولي البارز الذي أطلق عليه اسم “منصة القرم” CRIMEAN PLATFORM والذي سوف يشارك فيه العديد من قادة وزعماء الدول الأجنبية فضلا عن رؤساء الحكومات و البرلمانات ووزراء وصحفيين وممثلين عن المجتمع المدني.

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ تشهد أوكرانيا في23 آب/أغسطس من العام الجاري انعقاد أول مؤتمر دولي مكرس لقضية تحرير شبه جزيرة القرم، وبهذه المناسبة يطيب لي بصفتي سفيرا لأوكرانيا لدى الجزائر أن أعرف الجمهور الجزائري الموقر بأجندة وأهداف ذلك الحدث الدولي البارز الذي أطلق عليه اسم “منصة القرم” CRIMEAN PLATFORM والذي سوف يشارك فيه العديد من قادة وزعماء الدول الأجنبية فضلا عن رؤساء الحكومات و البرلمانات ووزراء وصحفيين وممثلين عن المجتمع المدني.

إن منصة القرم الدولية هي أداة رئيسية للسياسة الخارجية الأوكرانية الهادفة إلى تعزيز عملية تحرير القرم بالتزامن مع حماية قواعد ومبادئ القانون الدولي على الصعيد العالمي.

بعد محاولة روسيا ضم شبه جزيرة القرم، تدهور الوضع فيها تدهورا شديدا في مختلف مناحي الحياة بدءا بعسكرة المنطقة، مرورا بتغيير التركيبة الديموغرافية لسكان القرم، وانتهاءً بممارسة الملاحقات والمضايقات السياسية وحتى انتهاج سياسات بيئية غير مسؤولة، فضلا عن التمييز العرقي والديني الممنهج وكذا طرد وسائل الإعلام المستقلة من شبه الجزيرة.

تهدف سياسة روسيا تجاه القرم إلى إضفاء الشرعية على محاولتها لضم شبه الجزيرة وتكريس الوضعية الراهنة في ظل مرابطة قواتها العسكرية في القرم داخل منطقة بحر آزوف- والبحر الأسود وما وراءهما.

فمن الواضح أن التخفيف من المعاناة الإنسانية الراهنة داخل شبه جزيرة القرم وتوفير حماية حقوق الإنسان للشعب الأوكراني لن يتم إلا من خلال دحر الاحتلال.

إن عودة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا ستكون بمثابة مفتاح لحل العديد من القضايا الأمنية الأخرى، بما في ذلك التهديدات والتحديات الخطيرة التي يواجهها نظام عدم الانتشار النووي وحرية الملاحة.

ومن هذا المنظور، اعتمد مجلس الأمن القومي والدفاع لأوكرانيا استراتيجية خاصة ترمي لدحر الاحتلال وإعادة إدماج شبه الجزيرة وهي أول وثيقة وطنية شاملة تخص القرم تحديدا التي قام الرئيس الأوكراني بالمصادقة عليها في 24 مارس من هذا العام، وهي وثيقة تحدد الوسائل السياسية والدبلوماسية الكفيلة بإنهاء احتلال القرم.

وهنا يكمن السبب في تركيزنا على التعاون الدولي بخصوص هذه المسألة وإطلاق أوكرانيا لمبادرة منصة القرم الدولية الخاصة بتحرير شبه الجزيرة عبر تشكيل إطار جديد للتشاور والتنسيق من أجل دفع عملية دحر الاحتلال قدما، حيث سيوفر ذلك المنبر الدولي إمكانية صياغة رؤية إستراتيجية واضحة لكيفية تحرير شبه جزيرة القرم من خلال تعزيز جهود وطاقات المجتمع الدولي بالإضافة إلى دعم التآزر المتبادل وتنسيق الجهود التي ستبذل على المستويات الحكومية والبرلمانية والأكاديمية.

وفي الوقت نفسه، تشتمل أهداف منصة القرم الدولية على محاور وجوانب أوسع بكثير من مجرد ضمان وحدة الأراضي الأوكرانية، فإن دعم المجتمع الدولي لتلك المنصة سوف يوجه رسالة قوية لكل طرف حريص على حماية القانون الدولي، وصيانة حرمة الحدود المعترف بها دوليًا والقيم العالمية المشتركة فضلا عن الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وعلى الرغم من الجهود الدؤوبة التي يبذلها الخصم بغية عرقلة تلك الخطة وإيعازه لبعض الدول بعدم الانضمام إليها، فإن أوكرانيا قد تمكنت من تكوين تحالف قوي من المناصرين لقضية إنهاء احتلال القرم، حيث سيجتمع المشاركون في إطار اجتماع القمة الافتتاحية المزمع عقدها في العاصمة الأوكرانية كييف عشية عيد الاستقلال الثلاثين المصادف لـ 24 آب/أغسطس 2021.

و كما ذكرنا أعلاه تنعقد القمة الافتتاحية لمنصة القرم الدولية في كييف في 23 آب/أغسطس ليكون ذلك الحدث الأول من نوعه وبحضور رؤساء الدول والحكومات والبرلمانات، ومن المتوقع أن يتم إصدار إعلان مشترك في ختام أعمال المنتدى الذي سوف يؤكد على دعم المشاركين لاستقلال أوكرانيا وسلامة أراضيها ويحدد الأطر السياسية لتحرير شبه جزيرة القرم وإعادتها لأوكرانيا.

ولقد كشفت عملية الإعداد لعقد هذا الحدث الدولي الكبير وتحضير مشروع الإعلان المشترك عن نقطتين مهمتين ألا وهما:

أولاً، أن أوكرانيا قد نجحت في تكوين نواة التحالف الدولي المؤيد لقضية تحرير القرم، وعددُ أعضاء هذا التحالف ينمو باطراد.

ثانيًا، هناك تفاهم تام فيما بين شركاء أوكرانيا حول ضرورة الاستجابة الواسعة وتكثيف جهود المجتمع الدولي من أجل وضع حد لاحتلال شبه جزيرة القرم وعدم السماح لروسيا بمواصلة تقويض قواعد ومبادئ القانون الدولي وكذا القيم الديمقراطية العامة.

إن القمة الافتتاحية لا تمثل ذروة جهود أوكرانيا الرامية لإنهاء الاحتلال فحسب، بل وإنها نقطة انطلاق نحو الانخراط في المزيد من الأنشطة الفعالة على جميع المسارات من شأنها أن تؤدي إلى الهدف المنشود المتمثل في عودة شبه جزيرة القرم إلى حضن أوكرانيا بالوسائل السلمية.

ومن المرتقب أن تضطلع منصة القرم الدولية بمهامها بشكل متزامن على المستويين الحكومي والبرلماني وكذا على مستوى الخبراء والأكاديميين والإعلاميين.

كما سيجمع الملتقى تحت مظلته نخبة من الخبراء المنخرطين في إطار منصة القرم التي أنشأتها منظمات المجتمع المدني غير الحكومية وتم الاعلان عنها في 7 يونيو 2021 – حيث أنها ستجمع أكثر من 180 خبيرًا وباحثًا أوكرانيًا وأجنبيًا، وستوفر الشبكة الأكاديمية الدعم التحليلي والإعلامي للمشاركين الرسميين، بما في ذلك عن طريق رفع تقارير وتوصيات ذات الصلة.

وستتم مناقشة الأنشطة وآليات التنسيق التي سيجري إنشاؤها في إطار المنصة ضمن مجموعات العمل المتخصصة والمكونة من ممثلي البعثات الدبلوماسية للدول المشاركة، وستعرض نتائج تلك التحاليل والدراسات في المؤتمرات الدورية والقمم رفيعة المستوى. وفي غضون سنوات قليلة قادمة ستجتمع قمة رؤساء الدول والحكومات مجددا لتقييم التقدم المحرز وتحديد الأهداف التكتيكية الجديدة لمنصة القرم الدولية.

وهناك علاقة قوية مع برلمانات الدول المشاركة، حيث سيعمل النواب على تعزيز تنفيذ خطة إنهاء الاحتلال في القرارات ذات الصلة على مستوى الجمعيات البرلمانية الدولية وإنشاء مجموعات دعم لمنصة القرم على المستويين الوطني والدولي، كما وسيتم تنظيم أنشطة المنصة على خمسة مسارات حسب الأولويات الآتية:

ا) حماية حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

غالبًا ما يصبح الاهتمام الدولي المتزايد على المستويين السياسي والإعلامي هو الحل الوحيد لفك أسر المعتقلين السياسيين في القرم، كما وسينظر المشاركون في منتدى القرم في أساليب ضمان مستويات عالية من التغطية والترويج الإعلاميين من أجل فضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شبه جزيرة القرم بوصفها وسيلة ناجعة لحماية أرواح الضحايا ومنع وقوع المزيد من الانتهاكات.

كما سيعمل فريق الخبراء و المختصين في مجال حماية حقوق الإنسان على تعزيز مراقبة الوضع في شبه الجزيرة وتزويد صناع القرار بالبيانات والمعلومات المتوفرة حول الجهات والأشخاص المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان وقواعد القانون الإنساني الدولي بهدف تطبيق الإجراءات القانونية المناسبة ضدهم.

إن جميع هذه الأنشطة سترسل رسالة قوية ومعبرة عن استعداد المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان على الصعيد العالمي، وذلك فضلا عن تحديد سبل حماية مواقع التراث الثقافي الموجودة في شبه جزيرة القرم المحتلة المؤقتة عبر اللجوء إلى أدوات وآليات منظمة اليونسكو مثلا.

ب) توحيد وتعميم سياسة عدم الاعتراف.

يعتزم المشاركون في منصة القرم مناقشة العناصر المشتركة الرئيسية لسياسة عدم الاعتراف بالاحتلال بهدف تحديد “الخطوط الحمراء” فيما يخص القضية القرمية، وسوف يتم ذلك عبر اصطفاء النهج الأكثر اتساقاً وتوحيداً، وتبادل المعلومات حول الانتهاكات المستقبلية المحتملة، ووضع تدابير وقائية للحيلولة دون وقوعها.

كما تستند قائمة المبادئ التوجيهية المشتركة التي يجب مراعاتها من قبل الدول المشاركة إلى مبدأ عدم الاعتراف بتغيير الوضعية القانونية لشبه جزيرة القرم و مدينة سيفاستوبول كونهما جزءاً لا يتجزأ من أراضي أوكرانيا، إضافة الى عدم السماح بزيارة المسؤولين الأجنبيين لها أو تقديم الخدمات القنصلية أو إصدار معاهدات تنص على تقديم المساعدة القانونية فيما يتعلق بجمهورية القرم ذات الحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول المحتلة مؤقتًا، و كذا حظر ضخ الاستثمارات إليها، وتقديم المساعدات الفنية، والصيانة، والتأمين، والتمويل، والوساطة المالية، والتشييد أو تقديم خدمات هندسية، وحظر استيراد السلع القادمة من شبه جزيرة القرم ما لم يكن لديها شهادات منشأ أوكرانية.

حـ) نفاذ العقوبات ضد الدولة المعتدية وتمديدها.

تنوي أوكرانيا أن تقترح على المشاركين في منصة القرم النظر في العمل معًا على تعزيز التدابير التقييدية السارية المفعول، وضمان فعاليتها وعرقلة طرق التحايل والالتفاف عليها. وسيكون مسار سياسة تطبيق العقوبات الدولية في صلب أولويات اهتمام المجتمعين فضلا عن مراجعة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية إضافة إلى قضية عسكرة القرم وحوض بحر آزوف والبحر الأسود وانتهاكات القانون الدولي الإنساني ومجالات أخرى.

وبالنظر إلى التدهور المستمر للوضع في شبه جزيرة القرم، ستتاح للمشاركين فرصة مناقشة تعزيز العقوبات إذا تطلب الأمر ذلك. د) الأمن، بما في ذلك حرية الملاحة.

ستتاح للمشاركين في منصة القرم الفرصة لمناقشة العمل المشترك بشأن مكافحة عسكرة القرم والتوسع العسكري الروسي في المنطقة وخارجها.

ستكون منصة القرم هي الإطار الأنسب لمناقشة سبل مكافحة أنشطة الاتحاد الروسي التي تقوض مبدأ حرية الملاحة.وكمثال على ذلك، تخطط أوكرانيا نهاية العام الجاري عقد منتدى أمني دولي لمنطقة بحر آزوف والبحر الأسود.

هـ) التخفيف من الآثار الاقتصادية والبيئية السلبية على المنطقة الناجمة عن احتلال القرم.

سيتطرق المشاركون في منصة القرم إلى ضرورة تعزيز مراقبة التهديدات البيئية طويلة الأمد التي تتعرض لها منطقة البحر الأسود وما وراءها، والتي يعود سببها إلى أنشطة سلطات الاحتلال الروسية، بما في ذلك تدمير المحميات الطبيعية و الاستغلال غير القانوني للمنشآت الصناعية والاستخدام المحتمل للنفايات الكيميائية والنووية في مشاريع البناء الكبرى، مما يعرض حوض البحر الأسود للخطر و تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى دون تقييم المخاطر البيئية وإعادة فتح أو استحداث المستودعات النووية المهترئة والعائدة للحقبة السوفياتية.

سيُعتبر ضمان التنمية المستدامة للمناطق الواقعة على طول الخط الإداري مع شبه جزيرة القرم أداة للتخفيف من تأثير احتلال القرم وتمهيد الطريق لإعادة دمج القرم مع أوكرانيا، وستكون هناك مشاريع استثمارية مقترحة لتعزيز الاقتصاد الأخضر، وتعزيز البنية التحتية الاجتماعية.

إن نسبة نجاح منصة القرم لن تقاس فقط بمدى إنجاز مهمة إنهاء احتلال شبه جزيرة القرم، وإنما من خلال المساهمة في تعزيز الأمن الأوروبي والعالمي على حد سواء.

ومن خلال المشاركة في أنشطة منصة القرم، سيوجه المجتمع الدولي رسالة قوية وواضحة المعالم مفادها أن مبدأ "القرم هي أوكرانيا" ما زال راسخا رسوخ الجبال.

وبالتالي سوف تصبح أنشطة منصة القرم عنصرا أساسيًا في هرم منظومة الردع العالمي للسياسات العدوانية التي تقوض الأمن الأوروبي والعابر للأطلسي، فضلاً عن نظام عدم الانتشار النووي العالمي.

إن إحراز التقدم في سبيل إنهاء احتلال القرم سيكون عنصرا بالغ الأهمية في رسم السياسة الدولية العامة الهادفة إلى تسوية النزاعات "المجمدة" في أوروبا وعدم السماح بانتشار رقعتها إلى خارج القارة العجوز.

بقلم سفير أوكرانيا لدى الجزائر د. مكسيم صبح

نقلاً عن صحيفة اللقاء الجزائرية.

وتجدر الإشارة إلى أن سعادة سفير أوكرانيا لدى الجزائر الدكتور مكيم صبح بحث تعزيز التجارة والاستثمار بين أوكرانيا والجزائر مع المدير العام للوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية السيد عبد اللطيف الهواري.

المصدر: أوكرانيا بالعربية , صحيفة اللقاء الجزائرية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
في ذكرى الأحداث المأساوية في أوديسا ..أوكرانيا ترد على المعلومات المضللة
سياسة
رئيس أوكرانيا يلتقي وزير خارجية بريطانيا في كييف
سياسة
كاميرون: أوكرانيا لها الحق في ضرب أهداف داخل روسيا بالأسلحة البريطانية
أخبار أخرى في هذا الباب
سياسة
في ذكرى الأحداث المأساوية في أوديسا ..أوكرانيا ترد على المعلومات المضللة
سياسة
رئيس أوكرانيا يلتقي وزير خارجية بريطانيا في كييف
سياسة
كاميرون: أوكرانيا لها الحق في ضرب أهداف داخل روسيا بالأسلحة البريطانية
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.