أوكرانيا بالعربية | أوكرانيا غير منحازة... الخيار الأفضل للصين .. بقلم بان ليانغ
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم تؤد الصين أي دور في الأزمة الأوكرانية إلى أن تفاقم الموقف منقلباً إلى مواجهة جيو- سياسية مكشوفة بين روسيا والغرب، ونظراً إلى وضع الصين كقوة جيو- سياسية كبرى في أوراسيا وعضو دائم في مجلس الأمن، فإن دعمها يلقي ثقلاً كبيراً على تجاذب التفوق المعنوي ومراكمته بين روسيا والغرب.
فمن جهة، يقول الكرملين إن ثمة «تطابقاً في موقفي روسيا والصين في شأن الوضع في أوكرانيا»، ومن جهة ثانية، يزعم البيت الأبيض أن الصين توافق أميركا و«تتشاركان المصلحة في دعم الجهود للتوصل إلى حل سلمي يحافظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها». ويقرأ الجانبان «أوراق شاي» الديبلوماسية الصينية وفق منظوريهما ويخلصان إلى تفسيرات مربكة.
ولم يضف فك رموز التصريحات الديبلوماسية الصينية أي وضوح.
في الأول من آذار/مارس، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية كِن غانغ، إن «موقف الصين الثابت هو عدم التدخل في شؤون الآخرين. نحترم استقلال أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها». ولكنه أضاف نغمة غريبة: «هناك أسباب للموقف الحالي في أوكرانيا»، مشيراً إلى مقدار من التدخلات والغموض الأخلاقي المحيط بالأزمة.
يشكل امتناع الصين عن الإدانة الصريحة للعمل العدواني الروسي في أوكرانيا، إشارة إلى قبول صيني به، لكن غموض بكين اللفظي يتوجه إلى جمهور أعرض من الزعماء الروس، فالصين تعي أن الموقف في أوكرانيا لا يتوقف فقط على النفوذ الروسي.
ومن «الثورة البرتقالية» الكاسحة، إلى التشويه الغامض لوجه الرئيس المؤيد للغرب فيكتور يوشينكو، إلى السجن الدراماتيكي لرئيسة الوزراء السابقة المؤيدة للغرب يوليا تيموشينكو، وصولاً إلى طرد الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، يطارد شبح التحكم الأجنبي دائماً سياسات أوكرانيا الداخلية.
وقعت أوكرانيا فريسة لعبة شد الحبال المديدة بين روسيا تمر في مرحلة نقاهة وعازمة على الحفاظ على غنيمتها التقليدية، وبين غرب عليل اقتصادياً يبدي فتوراً في الحفاظ على أوكرانيا كمنطقة عازلة مقابل روسيا. لهذا السبب، لم تخص الصين روسيا باللوم، بل دعت «الأطراف المعنيين إلى السعي لحل سياسي لخلافاتهم عبر الحوار والتفاوض المرتكز على احترام القانون الدولي».
هل كان على الصين أن تنحاز إلى جانب روسيا أو الغرب في الأزمة الأوكرانية؟ الجواب هو لا. مصالح الصين الاستراتيجية هناك توفر الأرضية الكافية لموقف مستقل. الكلام المتكرر في وسائل الإعلام عن أن الصين تتحالف مع روسيا وسط ضباب «حرب باردة جديدة» لا يزيد على استعادة لفكرة متهالكة.
سيشكل أي دعم غير مشروط للعدوان الروسي في أوكرانيا خروجاً على مبدأ الصين بعدم التدخل، والذي تتمسك به منذ أمد بعيد، وسيقدم ذريعة للقوى الأجنبية للتدخل في مناطق الصين الغربية، مثل كسينجيانغ والتيبت، التي تعج بالتوترات العرقية والحركات الانفصالية. وسيكون ترحيب بكين بانفصال القرم عبر استفتاء بمثابة نفاق، فهي أقرّت قانون منع الانفصال في 2005، وهو يتيح اللجوء إلى القوة العسكرية ضد تايوان في حال أعلنت استقلالها عن الصين من خلال استفتاء أو غيره من الإجراءات الرسمية والتحالف مع الغرب لإدانة روسيا ليس خياراً سياسياً على طاولة بكين.
وبفضل حالة الانتظار والفراغ الاستراتيجيين اللذين تعيشهما أوكرانيا منذ عقود، تستطيع الصين تجاوز حظر تصدير السلاح الذي فرضه الغرب منذ 1989 وشراء أسلحة منها إضافة إلى تكنولوجيا باتت تشكل جوهرة التاج في الدفاع الصيني الحديث. وما أن تنضم أوكرانيا إلى الإطار الغربي، سيرغمها الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي على وقف مبيعات أسلحتها إلى الصين التي سيكون ذلك ضربة موجعة لها.
بان ليانغ - طالب في دراسات التواصل السياسي في جامعة نيويورك
باحث ديبلوماسي في مؤسسة «آسيا فونديشن»
المصدر: الحياة، غلوبال تايمز الصينية
ملاحظة: نشرت هذه المقالة في بداية النزاع الروسي الأوكراني 2014 وقررت هيئة تحرير "أوكرانيا بالعربية" اعادة النشر لها لاهميتها البالغة وللتقارب الصيني الاوكراني الملموس.