أوكرانيا بالعربية | اللغة الأوكرانية تتلاشى تدريجا بمناطق الصراع شرقي أوكرانيا
دونيتسك/أوكرانيا بالعربية/يقر التلامذة في مدارس دونيتسك معقل الانفصاليين المؤيدين لروسيا في شرق أوكرانيا بأنهم يواجهون احتمال نسيان ما اكتسبوه من معارف لغوية بالاوكرانية بسبب تراجع دور هذه اللغة في المنطقة التي تشهد نزاعا داميا منذ قرابة ثلاث سنوات.
فمنذ سيطرة الانفصاليين المؤيدين لموسكو على جزء من الشرق الاوكراني في 2014، ارسوا فيما يعرف بـ "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" والمعلنتين من طرف واحد، دستورا جديدا يجعل الاوكرانية لغة رسمية ثانية بعد الروسية، ولا تزال المدارس المحلية تدرس الاوكرانية لكن بدرجة اقل.
ويقول اندري وهو تلميذ في صف الثالث ثانوي يرتدي قميصا عليه رسم لراية الانفصاليين ان التغييرات السياسية الكبرى هي التي اودت باللغة والادب الاوكرانيين.
ويبدي هذا الفتى البالغ 16 عاما وهو ابن مقاتل مع المتمردين ضد القوات الاوكرانية، سعادته ازاء هذه التغييرات.
ويوضح اندري أن "التعليم بات اكثر وطنية. مادتا التاريخ والجغرافيا باتتا موجهتين لاعادة تثقيف السكان في الدولة الجديدة"، لافتا الى ان روسيا قدمت مساعدات كثيرة لهذه "الجمهورية" الفتية من خلال ارسال "كتب دراسية عالية المستوى".
وفي مدرسته التي تنتر فيها شعارات قومية روسية تحولت رمزا لوحدة الانفصاليين في الشرق الاوكراني، سجل تقليص كبير في عدد ساعات تدريس اللغة والادب الاوكرانيين على غرار الوضع في سائر المدارس الخاضعة لسيطرة المتمردين.
وبعدما كانت هذه الدروس تعطى سابقا بواقع ساعتين الى خمس ساعات اسبوعيا، باتت تقتصر حاليا على حصة واحدة في الاسبوع. كذلك اضطر اساتذة الادب واللغة الاوكرانيون الى متابعة تدريب جديد للتمكن من التعليم بالروسية تفاديا لفقدان وظائفهم.
وأكدت بعثة المراقبة التابعة لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا هذه التغييرات في تقرير اصدرته في ايلول/سبتمبر 2016.
وأورد التقرير أن "عدد ساعات التدريس باللغة الاوكرانية قلص من ساعتين الى ساعة اسبوعيا وعوضا عن درس تاريخ اوكرانيا، بات يتم تدريس تاريخ دونباس" وهو حوض منجمي في شرق اوكرانيا يضم منطقتي دونيتسك ولوغانسك الخاضعتين لسيطرة المتمردين.
وتلفت فاليريا ابنة السادسة عشرة الى انها لم تعد تسمع سوى اللغة الروسية في السينما او على شاشات التلفزيون. وتقول "باتت المضامين بالاوكرانية قليلة للغاية لدرجة اني بدأت انسى هذه اللغة".
- دروس خصوصية بالاوكرانية -
تقليديا، تطغى اللغة الاوكرانية على مناطق غرب اوكرانيا التي تسيطر عليها القوى القومية في حين يسجل انتشار اقوى للروسية في المناطق الواقعة في شرق البلاد وجنوبها على الحدود مع روسيا، غير أن اكثرية الاوكرانيين يجيدون ببراعة التنقل بين اللغتين تبعا للظروف.
وأظهر الاحصاء الاخير الذي اجري في اوكرانيا سنة 2001 أن اكثرية السكان في مناطق عدة مصنفة على انها "ناطقة بالروسية" في شرق اوكرانيا وجنوبها يجيبون طبيعيا بأن لغتهم الام هي الاوكرانية وليست الروسية.
لكن في منطقة دونيتسك، اظهر الاحصاء ان ما يقرب من 75 % من السكان حددوا الروسية كلغتهم الام.
وعلى رغم هذه الهيمنة للروسية وتولي الانفصاليين المؤيدين لموسكو الحكم في 2014، لا يزال الطلب على تعليم اللغة والتاريخ الاوكرانيين مستمرا وإن بشكل سري.
ويعطي ايغور وهو استاذ تاريخ في الثالثة والاربعين من العمر دروسا خصوصية لاطفال يأملون في العيش يوما في الاراضي الخاضعة للسيادة الاوكرانية ويرغبون لهذه الغاية في التمكن من اجتياز اختبارات الدخول الى الجامعات الاوكرانية بنجاح.
ويوضح الاستاذ ان "الاطفال يواجهون واقع ان الشهادات الصادرة عن سلطات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك لن تحظى بالموافقة في اي مكان. لذا يسعى كثيرون منذ الان الى ايجاد حل في اوكرانيا، في الجامعات الاوكرانية".
وفي ظل استمرار النزاع بين كييف والانفصاليين المؤيدين لموسكو والذي اودى بحياة اكثر من 9600 شخص منذ اندلاعه في العام 2014، يمثل طلب الحصول على هذه الدروس الخصوصية خيارا ذي ابعاد سياسية مهمة غير ان الاشخاص الذين يطرقون هذه الدرب يفضلون التكتم.
ويقول ايغور "الاهل يبحثون عن اشخاص محط للثقة لأنهم خائفون".