الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على بنوك صينية لأول مرة وبكين تهدد بالرد
يُعد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مؤسسات صينية معنية بدعم المجهود الحربي الروسي تحوّلاً نوعيًا في مسار الضغط الدولي على الكرملين. فبينما ظلت بكين تراهن على الغموض الاستراتيجي والمواقف الرمادية، جاءت هذه الخطوة الأوروبية بمثابة تحذير صريح
كييف/أوكرانيا بالعربية / فرض الاتحاد الأوروبي، وللمرة الأولى منذ اندلاع العدوان الروسي الشامل على أوكرانيا، عقوبات مباشرة على عدد من البنوك والشركات الصينية، وذلك في إطار الحزمة الثامنة عشرة من القيود المفروضة على روسيا. وتستهدف العقوبات الكيانات التي سهلت، بحسب بروكسل، التحايل على العقوبات القائمة، من خلال معاملات مالية، من بينها أنشطة في مجال العملات المشفرة، بهدف دعم المجمع الصناعي العسكري الروسي.
وأعلنت وزارة التجارة الصينية أن هذه الإجراءات الأوروبية "تُلحق ضررًا جسيمًا بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية بين الصين والاتحاد الأوروبي"، محذرةً من أن بكين "ستتخذ الإجراءات المناسبة لحماية مصالح الشركات والمؤسسات المالية الصينية"، وذلك في بيان شديد اللهجة نُشر اليوم السبت، 21 تموز/يوليو، ونقلته صحيفة "فريدوم" نقلاً عن مصادر دبلوماسية صينية.
وأكد البيان أن سياسة العقوبات الأوروبية ستكون محورًا رئيسيًا في المفاوضات المرتقبة بين قادة الصين والاتحاد الأوروبي خلال القمة المزمع عقدها في 24 تموز/يوليو الجاري، والتي تتزامن مع الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين. وسيجتمع في القمة كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.
وقالت مصادر أوروبية، وفق ما نقلته وكالة "رويترز"، إن العقوبات الأوروبية الجديدة تستهدف ثلاث شركات صينية متورطة في تزويد روسيا بسلع تُستخدم في ساحات القتال الأوكرانية، مؤكدة أن الهدف من هذه العقوبات هو "الحد من الإمكانات العسكرية الروسية وتقييد وصول موسكو إلى التكنولوجيا المتقدمة".
من جانبه، علّق السفير الأوكراني الأسبق أوليكساندر ليفتشينكو بالقول:
"هذه أول إشارة واضحة لجمهورية الصين الشعبية بضرورة إعادة النظر في دعمها لموسكو. الأوروبيون لا يسعون إلى إطالة أمد الحرب، بل إلى إنهائها، في حين أن بكين، رغم تصريحاتها العلنية، تُظهر تهاونًا ضمنيًا إزاء دعم الاتحاد الروسي. على بكين أن تحسم موقفها".
وفي تصريح متلفز، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون إلى أن الإجراءات التقييدية الأوروبية "تُخالف التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقًا بين القيادات الصينية والأوروبية"، مستشهدًا بأرقام ضخمة توضح عمق العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية 785.8 مليار دولار سنويًا، واستثمارات متبادلة بنحو 260 مليار دولار.
ورغم اللهجة المتشددة من بكين، يرى المحللون أن الصين ليست في موقع يؤهلها لخوض صدام اقتصادي شامل مع الاتحاد الأوروبي، أحد أكبر أسواقها العالمية. ويرجح مراقبون أن تتجه بكين إلى تقليص دعمها العلني لموسكو تدريجيًا، دون أن تقطع خيوط التواصل معها بالكامل.
ويعتقد الخبير السياسي أليكسي بورياتشينكو أن الصين ستتبنى استراتيجية أكثر حذرًا:
"ستواصل بكين الحفاظ على توازنها الاستراتيجي، وستكون أكثر انتقائية في اختيار قنوات الإمداد لروسيا عبر دول ثالثة، باستخدام شركات إضافية ووسائل أقل وضوحًا. لكنها لن تُغامر بعلاقاتها الاقتصادية مع بروكسل".
وفي السياق ذاته، يرى مراقبون أن العلاقات الوثيقة حاليًا بين بكين وموسكو تمنح الصين ورقة ضغط سياسية مهمة. إذ يُعد الكرملين حاليًا في موقع التابع اقتصاديًا لبكين، ما قد يفتح المجال أمام دور صيني محتمل في دفع موسكو نحو إنهاء العدوان.
المصدر: أوكرانيا بالعربية