بوبوفيتش: القيادة الروسية تزجّ بالجنود كـ"ذخيرة بشرية" في شمال شرق أوكرانيا

تكتيك "الاستهلاك البشري" يُحرج موسكو ويعزز الموقف الأوكراني دوليًا
كييف / أوكرانيا بالعربية / المراقب العسكري دينيس بوبوفيتش يُحذّر من تكتيك دموي تتبعه القوات الروسية في شمال شرق أوكرانيا، حيث يتم استخدام الجنود كوسيلة لاختراق الخطوط الدفاعية، وسط خسائر بشرية فادحة وتقدم ميداني محدود.
في قراءة تحليلية معمقة للتطورات الميدانية على جبهتي سومي و خاركيف، أكد الخبير والمراقب العسكري الأوكراني دينيس بوبوفيتش أن القوات الروسية تتبنى تكتيكًا قائمًا على "الاستهلاك البشري"، حيث تُزجّ وحدات المشاة في معارك دون غطاء مناسب، في محاولة لاختراق الدفاعات الأوكرانية مهما كانت الخسائر.
وفي حديثه لقناة "فريدوم" التلفزيونية، أشار بوبوفيتش إلى أن روسيا تُرسل مجموعات هجومية صغيرة، من بينها راكبو دراجات نارية، في موجات متكررة تشبه "القصف البشري"، وذلك بهدف إرهاق خطوط الدفاع الأوكرانية، وإجبارها على استخدام الموارد القتالية بشكل مفرط.
ووفقًا لبوبيفيتش، فإن القوات الروسية بدأت محاولاتها لاختراق منطقة سومي في الربيع، لكنها لم تحقق أكثر من 7 كيلومترات من التوغل خلال ثلاثة أشهر، على الرغم من وجود ما يقرب من 53 ألف جندي روسي في المنطقة، بحسب ما أعلنه الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وأوضح: "عندما يتباطأ الهجوم أو يتراجع عدد الغارات، فقد يشير ذلك إلى تكبّد خسائر ميدانية، أو إلى إعادة تنظيم، لكنه لا يعني أبدًا تخلي العدو عن هدفه".
كما توقع أن يشهد قطاع سومي في الجبهة استئنافًا للهجمات خلال الفترة المقبلة، إلى جانب مناطق نوفوبافليفسكا وبوكروفسكا، حيث يسعى العدو لتوسيع خطوط التماس وتحقيق موطئ قدم استراتيجي.
قال بوبوفيتش إن روسيا تستخدم "الإنسان كذخيرة" ضمن تكتيكاتها، عبر إرسال موجات بشرية مستمرة. "إنهم يدركون جيدًا أننا نمتلك تفوقًا عدديًا وتقنيًا، وخاصة في استخدام الطائرات المسيّرة، لكنهم يواصلون الزجّ بالمزيد من القوات الصغيرة. حتى إن قضينا على أربعة، يبقى خامس ينجح في التسلل وتثبيت نفسه".
وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية تشبه "حرب التآكل"، حيث تُستهلك الأرواح مقابل كل متر من الأرض، دون اهتمام بالحياة البشرية أو الكفاءة العسكرية.
ورغم المحاولات المستمرة، فقد شهدت منطقة سومي مؤخرًا انخفاضًا في عدد الهجمات الروسية، نتيجة للنجاحات الدفاعية التي تحققها القوات الأوكرانية، من خلال تدمير المجموعات الهجومية قبل تمكّنها من التمركز، ما يدل على فعالية التنسيق الاستخباراتي والتكنولوجي في صدّ العدوان.
تعكس هذه التكتيكات الروسية توجهًا مقلقًا في الحرب، حيث تحوّلت ساحات القتال إلى حقول استنزاف بشري منظم، يُستخدم فيها الجنود كأدوات ضغط، لا كمقاتلين لهم قيمة استراتيجية. وبينما تعتمد أوكرانيا على التفوّق التكنولوجي، خاصة في الطائرات المسيّرة والأنظمة الدفاعية المتطورة، تواصل موسكو المقامرة برأس مالها البشري.
ويرى مراقبون أن هذا النهج لا يضعف فقط الموقف الأخلاقي لموسكو على الساحة الدولية، بل يُسرّع من وتيرة عزلة الكرملين، في ظل التقارير المتزايدة عن الخسائر البشرية والاحتجاجات المتفرقة في الداخل الروسي.
وفي المقابل، يمنح هذا الوضع أوكرانيا أداة قوية لحشد مزيد من الدعم الدولي والمالي والعسكري، من خلال إظهار أن الطرف الروسي هو من يختار إدامة الحرب، لا الحل السياسي.
وبينما يُزجّ بالآلاف في محرقة ميدانية، تبقى أوكرانيا صامدة، تخطط وتبني تحالفات، وتستعد لمعركة طويلة تُحسم بالتخطيط لا بالتهور، وبحماية الأرواح لا استنزافها.
المصدر: أوكرانيا بالعربية
