براغ تتهم موسكو بتقويض جهود السلام: مئة يوم من التصعيد ورفض المبادرات الدولية
وزارة الخارجية التشيكية تندد بموقف الكرملين الرافض للسلام وتدعو إلى تشديد العقوبات
كييف / أوكرانيا بالعربية / اتهمت وزارة الخارجية التشيكية روسيا الاتحادية بتقويض مساعي السلام في أوكرانيا، معتبرة أن الكرملين يواصل "التخريب، والتصيد، وتقديم مطالب عبثية، وشنّ هجمات متكررة على المدنيين"، في وقت أظهرت فيه أوكرانيا استعدادًا واضحًا للانخراط في مفاوضات بناءة.
وفي بيان رسمي صدر من براغ، ذكّرت الوزارة أن كييف كانت قد وافقت، قبل 100 يوم، على اقتراح أمريكي بوقفٍ غير مشروط لإطلاق النار، إلا أن موسكو رفضت هذه المبادرة، واختارت بدلًا من ذلك تصعيد عملياتها العسكرية.
وقالت الخارجية التشيكية إن "روسيا لا تريد السلام، بل تستخدم المحادثات كغطاء إعلامي لمواصلة الحرب"، مشددة على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بفرض مزيد من العقوبات على موسكو، وقطع سبل تمويل عدوانها.
بوتين يُكرّر شروطه: "السلام مشروط باستسلام أوكرانيا"
في مشهد إعلامي لافت، اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توقيتًا مدروسًا لعقد مؤتمر صحفي يوم 18 حزيران/يونيو، في الساعة 11:40 مساءً بتوقيت موسكو، بما يتزامن مع ساعات الذروة الإعلامية في الولايات المتحدة، ما اعتبره مراقبون "عرضًا إعلاميًا مُوجّهًا للغرب"، وليس خطوة نحو الحوار.
وفي كلمته، كرّر بوتين ما وصفه مراقبون بـ"شروط الاستسلام الفعلي" لأوكرانيا، مشيرًا إلى أن السلام لن يكون ممكنًا إلا إذا وافقت كييف على التخلي عن جيشها، وقبول واقع الضمّ الروسي لأراضيها، ووقف دعم الغرب لها.
من جهته، علّق مستشار رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، ميخايلو بودولياك، قائلًا: "الكرملين أغلق باب التفاهم بشكل سافر. ما زال يقدّم سردية كاذبة، ويطالب بشروط غير قانونية أو أخلاقية".
التصعيد مستمرّ رغم مبادرات السلام
وفي ظل هذه التصريحات، تواصل روسيا هجماتها على المدن الأوكرانية. وفي الأيام الأخيرة، استهدفت مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ مواقع مدنية في كييف وخاركيف ودنيبرو، مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات، بحسب وزارة الدفاع الأوكرانية.
وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا في تصريح صحفي: "مئة يوم من المبادرات، ومئة يوم من العدوان. روسيا ترفض السلام وتستغل انشغال العالم بالصراعات الأخرى، وعلى رأسها الشرق الأوسط. حان الوقت لإجبار موسكو على السلام، بالقوة، ومن خلال تشديد العقوبات وتوسيع قدرات أوكرانيا الدفاعية".
مطالب روسية غير واقعية ومواقف متناقضة
يرى محللون أن تشكيل الوفد الروسي المشارك في أي محادثات لا يعكس نية سياسية جادة، إذ يتكوّن غالبًا من شخصيات ثانوية أو غير مفوّضة. كما تتعمّد موسكو طرح شروط متجددة ومتعذّرة التنفيذ، في محاولة لإفشال العملية التفاوضية من الداخل.
ويشير خبراء إلى أن موسكو تروج لصورة إعلامية مزيفة، تحاول عبرها إقناع العالم بأنها معنية بالسلام. غير أن الوقائع الميدانية – بحسب مركز مكافحة التضليل التابع لمجلس الأمن القومي الأوكراني – تُكذّب ذلك، وتؤكد استمرار الهجمات الروسية بلا هوادة.
وقال أندريه كوفالينكو، رئيس المركز، إن موسكو "تحاول الهروب من مسؤوليتها عن التصعيد، عبر تسويق فكرة أنها منفتحة على التفاوض، بينما تواصل الحرب وتعرقل أي وقف لإطلاق النار".
الموقف الأمريكي: "تفاوض مع نفسك أولًا"
في سياق ذي صلة، رد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على اقتراح بوتين للعب دور الوسيط بين إسرائيل وإيران، بقوله: "افعل لي معروفًا، توسط في بلدك أولًا". وأضاف في تصريحات إعلامية أن عدد الضحايا في الحرب الروسية ضد أوكرانيا "أكبر بكثير مما يُنشر في التقارير"، داعيًا إلى إنهاء القتال فورًا.
من جهته، أكد كورت فولكر، المبعوث الأمريكي الخاص السابق لأوكرانيا، أن بوتين لا يخطط لسلام حقيقي، بل يسعى إلى فرض تسوية تُجبر أوكرانيا على التنازل عن سيادتها. وقال فولكر: "لا أرى أي احتمال لاتفاق سلام حقيقي، طالما ظلّت روسيا تُطالب بمنع عضوية أوكرانيا في الناتو، وحرمانها من جيشها، وتغيير نظامها السياسي".
تحذيرات أوكرانية من طول أمد الحرب
حذّرت السلطات الأوكرانية من أن استمرار تجاهل المبادرات الدولية، وتحويل التركيز العالمي إلى مناطق نزاع أخرى، قد يمنح روسيا فرصة لإطالة أمد الحرب واستنزاف أوكرانيا. إلا أن كييف، في المقابل، أكدت التزامها بمبادئ القانون الدولي، واستعدادها للسلام العادل، الذي لا يقوم على الإملاءات أو نزع السيادة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أن أوكرانيا وافقت بالفعل، في مارس/آذار الماضي، على مقترح أمريكي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، لكن روسيا لم تُظهر أي التزام بذلك.
وقال: "بوتين يُمارس تكتيك التلاعب الإعلامي. ما يقدّمه الآن ليس مبادرة للسلام، بل محاولة لتحويل المسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها جيشه يوميًا في الأراضي الأوكرانية".
المصدر: أوكرانيا بالعربية