"أغادر بضمير مرتاح"... قائد القوات البرية الأوكرانية السابق يُعلن انتهاء مهامه ويتحدث عن نتائج المرحلة
دراباتي يسلّم المنصب وسط تحولات هيكلية في قيادة القوات البرية، ويؤكد: الطريق إلى الإصلاحات بدأ ولن يعود إلى الوراء
كييف/أوكرانيا بالعربية/ أعلن ميخايلو دراباتي، القائد السابق للقوات البرية الأوكرانية، انتهاء فترة عمله في المنصب بعد ستة أشهر من قيادة إحدى أكثر التشكيلات العسكرية أهمية في ظل الحرب الشاملة التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا. وقال دراباتي، في بيان نشره على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك" يوم الأربعاء 11 يونيو/حزيران، إنه "يغادر المنصب بضمير مرتاح"، معربًا عن ثقته بأن العمليات الإصلاحية والتغييرات التي تم إطلاقها خلال ولايته ستستمر وتتطور.
وأوضح القائد العسكري أن فترة ولايته شهدت بدء إصلاحات عميقة في هيكل القيادة للقوات البرية، حيث جرى تحديث قرابة نصف المناصب القيادية الرئيسية، وهو ما وصفه بالتحول الهيكلي المهم. وأشار إلى أنه يترك وراءه فريقًا يتمتع بالكفاءة والاستعداد لتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الصعبة، مع التركيز الكامل على تحقيق النتائج الميدانية.
كما كشف دراباتي أن العمل بدأ على إعادة هيكلة نظام التدريب القتالي، حيث تم تعيين قيادة جديدة للتدريب، وتحديث البرامج المعتمدة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية في مراكز التدريب. وأكد أن هذه التحولات لا تزال في بدايتها، لكنها مرسومة باتجاه واضح، ضمن مسار إصلاحي طويل المدى.
وقال في بيانه: "قيادة القوات البرية لا تزال في بداية التغييرات. لن يتغير النظام في غضون بضعة أشهر، ولكن تم تحديد المسار، وتشكيل الفريق، وتحديث المناهج". وأضاف: "أنا لا أترك المنصب فحسب، بل أترك خلفي أشخاصًا وعمليات بدأت تنضج، وتُمثل المرحلة القادمة من التطوير".
وكان دراباتي قد أعلن في الأول من يونيو/حزيران تقديم استقالته من منصبه عقب ضربة صاروخية روسية استهدفت موقعًا تدريبيًا للقوات المسلحة الأوكرانية، وأسفرت عن خسائر بشرية، ما أثار حالة من الغضب الشعبي والجدل السياسي.
وفي توضيح لأسباب استقالته، أشار دراباتي إلى "شعوره الشخصي بالمسؤولية عن المأساة التي وقعت في ميدان التدريب رقم 239"، مؤكدًا أنه لم يتمكن من ضمان التنفيذ الكامل لأوامره في ما يخص إجراءات السلامة والجاهزية، ما دفعه إلى اتخاذ قرار الاستقالة. وأضاف أنه يسعى من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز مبدأ المساءلة، والتصدي لثقافة "الإفلات من العقاب والمسؤولية الدائرية" في صفوف القوات البرية.
وقد بادر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فور وقوع الحادث، إلى عقد اجتماع طارئ تناول فيه تداعيات الهجوم، وأعقب ذلك قبول استقالة دراباتي.
رغم الاستقالة من منصبه السابق، لم يُستبعد دراباتي من المشهد العسكري. ففي الثالث من يونيو/حزيران، أصدر الرئيس زيلينسكي قرارًا بتعيينه قائدًا للقوات المشتركة، وهو منصب ميداني يُركّز على الجبهة بشكل مباشر. وعلّق الرئيس الأوكراني على التعيين قائلًا إن "دراباتي سيركز بنسبة 100% على القضايا القتالية"، في إشارة إلى إعادة توجيه خبراته نحو ميادين القتال الفعلية ضمن مرحلة أكثر حساسية من الحرب.
تعكس هذه التطورات توجهًا داخل الجيش الأوكراني نحو تعزيز الاحترافية وإرساء ثقافة المساءلة والشفافية في منظومة القيادة العسكرية، في ظل ضغوط متزايدة على الجبهة وخسائر بشرية متكررة. كما تُشير إلى رغبة المؤسسة العسكرية في تجديد دماء القيادة العليا ومواصلة إصلاحات هيكلية، من شأنها أن تُحسّن فعالية القوات المسلحة، وتستجيب للتحديات المستجدة في مواجهة آلة الحرب الروسية.
ويُنظر إلى استقالة دراباتي كحدث نادر في سياق الحرب، يسلّط الضوء على البُعد الأخلاقي في القيادة العسكرية الأوكرانية، ويُعد مؤشرًا على وجود إرادة مؤسسية للتطوير والمحاسبة، وسط سياق ميداني بالغ التعقيد.
المصدر: أوكرانيا بالعربية