تصاعد الهجمات الأوكرانية يشلّ النقل الجوي الروسي ويكشف هشاشة العمق الأمني

شلل واسع في حركة الطيران داخل روسيا بعد إسقاط العشرات من الطائرات المسيّرة، مما أدى إلى إلغاء أو تأجيل مئات الرحلات الجوية في مطارات رئيسية، وسط تصاعد الضغط الأمني والاقتصادي الناتج عن الهجمات الجوية المتزايدة داخل العمق الروسي.
كييف/أوكرانيا بالعربية / شهدت روسيا في 6 يوليو/تموز 2025 اضطرابًا واسعًا في حركة النقل الجوي، بعد أن تسببت الهجمات بالطائرات المسيّرة في إلغاء أو تأجيل ما لا يقل عن 393 رحلة جوية في عدد من المطارات الرئيسية، بما في ذلك شيريميتيفو بموسكو، وبولكوفو في سانت بطرسبرغ، وتشكالوف في نيجني نوفغورود. وامتدت القيود إلى مطارات إقليمية أصغر، ما يعكس اتساع نطاق التهديدات الجوية وغياب السيطرة الكاملة على المجال الجوي الروسي، رغم التعزيزات الدفاعية المعلنة.
شلل جزئي في النقل الجوي
بحسب بيانات وكالة "روزافياتسيا" الروسية ووزارة النقل، فإن هذه القيود "جاءت لضمان سلامة الرحلات الجوية"، إلا أن التوقيت وتكرار الإجراء يسلطان الضوء على أزمة متفاقمة في تأمين الأجواء، بعد يوم واحد فقط من إلغاء وتأجيل أكثر من 520 رحلة. وأظهرت الإحصاءات أن مطار شيريميتيفو وحده سجل إلغاء 171 رحلة وتأجيل 56 أخرى، فيما أُلغيت 90 رحلة من بولكوفو وتأجلت 37، إلى جانب 39 رحلة أخرى تأثرت في مطار تشكالوف.
العمق الروسي تحت ضغط الطائرات المسيّرة
جاءت هذه الفوضى في أعقاب إعلان وزارة الدفاع الروسية أنها أسقطت 48 طائرة مسيّرة بين الساعة 2:20 و7:30 مساءً بتوقيت موسكو، فوق ثماني مناطق روسية، من بينها موسكو وبريانسك وكالوغا وبيلغورود وسمولينسك. ويُشير هذا الرقم المرتفع إلى اتساع الجبهة الجوية داخل العمق الروسي، ويعزز من الشعور بعدم اليقين لدى السكان، خاصة مع استمرار سقوط المسيّرات قرب البنية التحتية المدنية والمطارات الدولية.
تقديرات اقتصادية مقلقة
وفقًا لتقديرات نقلتها صحيفة "كوميرسانت" الروسية، فإن خسائر قطاع الطيران جراء هذه الهجمات وتعطيل الحركة الجوية ليومين قد تصل إلى نحو 20 مليار روبل، ما يعادل أكثر من 220 مليون دولار تقريبًا. وتأتي هذه الأضرار في وقت يشهد فيه الاقتصاد الروسي ضغوطًا متزايدة من العقوبات الغربية والتكاليف المتنامية للحرب، مما يُنذر بتهديد مزدوج: أمني واقتصادي.
حرب المسيّرات وتحوّل قواعد الاشتباك
تدل هذه التطورات على أن الهجمات الجوية لم تعد محصورة في نطاق الجبهة الأوكرانية، بل باتت تصل إلى عمق الجغرافيا الروسية بوتيرة متزايدة ودقة محسوبة. وبالرغم من إعلان موسكو المتكرر عن صد هذه الهجمات، فإن الواقع الميداني يشير إلى أن الطائرات المسيّرة تُرغم روسيا على تعديل استراتيجياتها الدفاعية، وتُحدِث تأثيرًا نفسيًا واقتصاديًا متناميًا.
كما أن الانكشاف الأمني المتكرر في مناطق مثل موسكو وكالوغا وبريانسك، وهي مناطق حيوية سياسيًا وعسكريًا، يعكس خللًا في بنية الردع الداخلي، ويفتح المجال أمام تساؤلات حول كفاءة الدفاعات الروسية في ظل التحولات التقنية في ساحة المعركة، لا سيما مع تزايد استخدام المسيّرات الرخيصة وعالية التأثير.
الهجمات المسيّرة، وإن لم تكن دائمًا ذات تأثير تدميري كبير، تُحدث تحولات استراتيجية في بيئة الحرب. فهي تُربك حركة الطيران، وتؤثر على التجارة، وتزعزع الثقة في قدرة الدولة على السيطرة على أجوائها. وفي السياق الروسي، تُضيف هذه التطورات تحديًا جديدًا أمام القيادة السياسية التي تسعى لتثبيت صورة الاستقرار والسيطرة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وتصاعد الانتقادات الدولية.
في النهاية، تشير هذه الحوادث المتكررة إلى أن الحرب لم تعد فقط على الجبهات الأمامية، بل باتت في الجو، وفي تفاصيل الحياة اليومية للمواطن الروسي.
المصدر: أوكرانيا بالعربية
