من رحم الحرب تولد أوكرانيا من جديد .. بقلم د. محمد فرج الله
كييف/ أوكرانيا بالعربية/ لم يكن أبدا في مخيلة بوتين بانه بعدوانه على أوكرانيا سيدفع الشعب الأوكراني نحو التجرد من الماضي والطلاق الشامل مع الشعب الروسي، والعودة للجذور الأوكرانية وإحياء الهوية الوطنية الأوكرانية في كل شيء .. والتي طالما حرص العدو الروسي على محوها ودفنها بدءا من عهد روسيا القيصرية ثم في العهد السوفييتي وحتى بعد الاستقلال، مستغلا ورقة الفساد وقرب الأنساب وورقة الغاز وما إلى ذلك ..
ومع اقتراف بوتين الجُرم الأعظم عندما قرر غزو أوكرانيا هذه الدولة الأوروبية ذات السيادة والتاريخ والعراقة والتي لطالما كان جزءا كبيرا من مواطنيها مخدوعين بروسيا و بدعايتها الكاذبة حول: وحدة الديانة والمصير وأخوة الشعوب السلافية والاقتصاد المندمج ووو .. ولكن هذا الغزو ايقظ الجميع فمن الجانب العسكري سرعان ما بدأت الدولة الأوكرانية بالاستثمار بقواتها المسلحة على شتى الصُعُد ودبلوماسياً قطعت كييف علاقتها الدبلوماسية مع موسكو وسياسيًا استطاعت أوكرانيا أن تعزل روسيا في المجتمع الدولي ..
وها نحن نرى هذا النهج يمتد دينيًا أيضا .. ففي قداس عيد الميلاد المجيد نرى ظهور رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكراني المطران ايبيفانوس بلباسه الديني المنمق بالتطريز الفلكلوري الأوكراني ليرسل إشارة واضحة بأن الهوية الوطنية الأوكرانية أصبحت في أسس الحياة الدينية والكنيسة الأوكرانية. وليصبح واضحا جليا بان أوكرانيا اليوم تتخذ من زرع الروح الأوكرانية في كل قطاعاتها نهجا واضحًا.. فكل ما هو أوكراني هو وطني يعزز بذلك الهوية الوطنية والروح الأوكرانية ولتعود حقبة الدولة الأوكرانية الأولى دولة القوازق قبل خمسة قرون والتي دُمرت غدرا من الروس قبل قرنين ونيف .
وليصبح واضحًا للقاصي والداني وللعالم كله بان "أوكرانيا ليست روسيا" وان هذه هي مرحلة الطلاق الشامل بين البلدين والشعبين .. وهذا اكثر ما كان يخشاه بوتين، فها هو اليوم يُحطم ما بنته البروبوغندا السوفييتية والروسية لقرابة قرنٍ من الزمان، حيث اصبح مما لا شك فيه بان بوتين قد خسر هذه الحرب سياسيا ودبلوماسيا ودينيا قبل أن يخسرها عسكريا ..
بقلم د. محمد فرج الله / رئيس تحرير وكالة أوكرانيا بالعربية
المصدر: أوكرانيا بالعربية