أوكرانيا بالعربية | سفير العراق لدى أوكرانيا: معلومات تؤكد وجود ضباط بعثيون من الجيش السابق في صفوف كيان "داعش" الارهابي.. ومحاولاتهم لاختراق الحدود الكويتية والسعودية والتركية

تعرضت جمهورية العراق في العام الجاري الى هجمة شرسة من قبل تنظيم "الدولة الاسلامية" والتي يرى المحللون بانه أكبر خطر على الشرق الاوسط برمته، وضعت العراق أمام تحديات مصيرية قد تكون بدابة لتغيير معالم المنطقة، الا ان المد "الداعشي" توقف بعد أن أصطدم بقوات "البيشمركة" بأقليم كردستان العراق، كما وتعرض الطلبة العراقيين في أوكرانيا الى أزمة بعد ان سيطرت روسيا على القرم وبعد الحرب الدائرة في شرق أوكرانيا، اضافة الى موقف العراق من الحرب الأخيرة على قطاع غزة المحتل من قبل العدو الاسرائيلي.. أسئلة وتساؤلات وجدت اجابات صريحة وجريئة من قبل سعادة سفير جمهورية العراق لدى أوكراينا السيد شورش خالد سعيد، في لقاء حصري لصحيفة "أوكرانيا بالعربية".

كييف/أوكرانيا بالعربية/تعرضت جمهورية العراق في العام الجاري الى هجمة شرسة من قبل تنظيم "الدولة الاسلامية" والتي يرى المحللون بانه أكبر خطر على الشرق الاوسط برمته، وضع العراق أمام تحديات مصيرية قد تكون بدابة لتغيير معالم المنطقة، الا ان المد "الداعشي" توقف بعد أن أصطدم بقوات "البيشمركة" بأقليم كردستان العراق، وعلى الصعيد الأوكراني - العراقي تعرض الطلبة العراقيين في أوكرانيا، الى أزمة بعد ان سيطرت روسيا على القرم وبعد اندلاع الحرب في شرق أوكرانيا، اضافة الى موقف العراق من الحرب الأخيرة على قطاع غزة المحتل من  قبل العدو الاسرائيلي.. أسئلة وتساؤلات وجدت اجابات صريحة وجريئة من قبل سعادة سفير جمهورية العراق لدى أوكراينا السيد شورش خالد سعيد، في لقاء حصري لصحيفة "أوكرانيا بالعربية". 

- اسمحوا لنا، في بداية اللقاء، ان نتقدم من خلالكم بمواساتنا لكل المواطنين العراقيين على الأرواح الطيبة والبريئه التي زهقت بيد الأرهابيين، داعين الى  الله عز وجل ان يعم الأمن والأمان في بلدكم العراق باقرب وقت..ونحن طبعاً نؤكد دعمنا للعراق وننبذ اي عمل ارهابي او اي ازهاق لأي نفس بشرية مهما كان لونها او دينها او عرقها.

-شكراً على المشاعر الطيبة، ومن المهم جداً في هذه الفترة ان يحظى العراق بدعم من لدن الاشقاء والاصدقاء، لاننا نواجه اخطر مجموعة ارهابية في وقتنا الحاضر.. وكثير من المراقبين يؤكدون ان "داعش" اخطر من "القاعدة" ، واكيد سوف يسهم هذا الدعم في محاربة الارهاب اينما وجد. واصبح تجريم الارهاب ومكافحته ضرورة لا بد منها بالنظر لما يحدثه من اضرار ومخاطر على مستوى الفرد والمجتمع. ولذا يسعى المجتمع الدولي الى مواجهته بمختلف الطرق بعد انتشاره في عالمنا المعاصر.

ان المجتمع الدولي اتفق على ان الارهاب اصبح عابراً للبلدان ومتجاوزاً حدودها الاقليمية، واصبحت خطورته لا تقتصر على العراق فقط، بل سائر بلدان العالم.

سعادة السفير، العراق حالياً اصبح نقطة ساخنة في الشرق الاوسط وطبعاً ظهور ما يسمى بـ "داعش" اثار علامات استفهام كثيرة، ألا تعتقدون  بان "داعش" ربما تكون ذريعة للادارة الاميركية حتى تقوم بتدخل عسكري جديد في جمهورية العراق، تحت واجهة ايقاف مذبحة انسانية ضد الاقليات القومية والاثنية؟

-لا اعتقد باي شكل من الاشكال ان يكون الوضع او التصور الذي قدمته بهذه الطريقة، بل اعتقد ان "داعش" منظمه ارهابية او مثلما تحدثت اخطر من القاعدة ورأينا كيف ان عصابات "داعش" لا تفرق بين ديانة وأخرى ولا تفرق بين قومية وأخرى من حيث مستوى الاجرام.. فهذه المنظمة تمارس الارهاب ضد جميع بني البشر الذين لا يوافقونها الفكر والمعتقد وترتكب عصاباتها المنفلتة جرائم ضد الانسانية. وقد شاهدنا كيف اقدموا على ذبح الصحفي الامريكي، فليس من المعقول أن يقوم الامريكيون أنفسهم بمساعدة هذه المنظمات.. بالعكس أرى باننا بحاجة الى الوقوف يداً واحدة ضد "داعش" مع كل دول العالم.   واليوم نرى التحالف الدولي من كل الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية وجمهورية ايران الاسلامية ضد هذه الحركة الارهابية، لانه ثمة قناعة تامة قد تبلورت لدى الجميع بان "داعش" أصبحت تشكل خطراً على كل الدول. وان حكومتنا العراقية كانت قد حذرت من هذا الخطر منذ بدايات ظهوره في سوريا.. وها نحن نرى الاحداث المؤلمة التي تجري هناك منذ سنتين او ثلاث سنوات وأصبح الخطر لا يهدد سوريا والعراق فحسب، بل واخذ يهدد دول الجوار مثل تركيا والاردن ومن الممكن ان يمتد لبعض الدول الاخرى. لقد كان لدينا تخوف من ان هذه المنظمات الارهابية مثل "داعش" وجبهه "النصرة" قد تعبر الحدود السورية نحو العراق، وبالفعل نراها اليوم للاسف قد تمكنت من ذلك وهي تحاول العبور الى لبنان والاردن او حتى الى دول الخليج العربي.. لذا يجب علينا أن نتكاتف ونتضامن للوقوف ضد تنظيم "داعش" الارهابي والاستفادة من الاصدقاء سواء كانوا في اوروبا أو في روسيا أو في الولايات المتحدة.

- سعادة السفير تحدثتمعن ما قام به تنظيم "الدولة الاسلامية"  بخصوصالصحفي الامريكي، هل تعتقدون ان ذلك قد يكون سبباً لتغير السياسة الامريكية؟ بالذات بعد موقفها من تقديم الدعم العسكري للجيش العراقي؟

السفير: أعتقد ان عمليات قتل الصحفيين بهذه البشاعة ستؤثر على الكثير من الدول وليس فقط على موقف الولايات المتحدة. اذ ان الكثير من الدول الاوربية لم يكن لديها التصور الكافي للمذابح التي يمارسها تنظيم "داعش" الارهابي، او كانوا يغضون النظر عن بعض هذه الممارسات حفاظاً على مصالح تلك الدول. غير ان الوحشية التي تتصرف بها "داعش" ضد الاقليات المسيحية والكورد الايزيديين والشبان التركمان وحتى العرب من الشيعة والسنة في بعض المناطق العراقية وذبح الصحفيين الاجانب بهذه البشاعة، اخذ صداها يتردد في كل بقاع العالم ولم يعد الصمت ممكناً على اعتبارها جرائم ضد الانسانية ومن اخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي.

- تحدثتم عن إمكانية تسلل هذا التنظيم الى دول الجوار، اضافة الى ان ثمة معلومات تشير الى أحتمالية عبوره من العراق الى الكويت مثلاً . فهل سيحمل ذلك دول الخليج على تقديم الدعم الحقيقي للعراق لمواجهة هذا الخطر؟

-تربطنا بدولة الكويت الشقيق علاقات ممتازة. وأعتقد أن التطورات التي نتابعها في العراق بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حيدر العبادي ستؤدي الى فتح صفحة جديدة مع الكثير من الدول العربية وخاصة دول الخليج إن شاء الله. ونعتقد ان خطر "داعش" هو خطر حقيقي على الجميع، وتشير الخرائط التي تم توزيعها من قبل تنظيم "داعش" الارهابي الى نيته باختراق الحدود الكويتية والسعودية والتركية والايرانية وغيرها.. فهذا التنظيم ينوي فرض "دولة الخلافة الاسلامية" المزعومة بحد سيف الارهاب والعنف الدموي على كل دول المنطقة، لذا اعتقد بان الكثير اخذ يفكر حالياً بأهمية التصدي بشكل جماعي لداعش وللحركات الارهابية الاخرى.. وعليه يجب أن نعمل على تطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الاخرى في هذا الاتجاه، علماً بان لدينا اتصالات ومشاورات مع هذه الدول الشقيقة في مجال التصدي للجماعات الارهابية.

- سعادة السفير، من وجهة نظركم، كيف تفسرون قدرة تنظيم "الدولة الاسلامية" بالسيطرة على هذه الرقعة الهائلة من جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية خلال  فترة زمنية قياسية؟

- اعتقد ان هنالك ثمة خلل أمني كان موجوداً داخل الجيش العراقي، علاوةً على ان الوضع السياسي المتدهور في العراق حينذاك كان من العوامل المشجعة للتسريع بالقيام بهذه العملية.. ولكن من المؤكد انه بعد القضاء على عصابات "داعش" الارهابية ، سوف نحتاج الى مراجعة جدية وفعلية لهذه الكارثة حتى لا يتكرر وقوعها ثانيةً في محافظة نينوى اوغيرها من المحافظات العراقية.

- هل تعتقدون بان مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" يتلقون دعماً وترحيباً من سكان المدن التي دخلوها؟

السفير:لربما في البداية تعاطفت معهم بعض العشائر نتيجة لظروف غير طبيعية يمر بها العراق، وكان ثمة نوع من التعاون بين الطرفين، ولكن مباشرة  بعد ان فرض تنظيم "داعش" الارهابي سيطرته على مناطق تلك العشائر، اخذت هذه العشائر تستنجد بالقوات المسلحة العراقية وصارت تقاتل الى جانبها وجانب المواطنين العراقيين الاخرين في تلك المناطق للخلاص من عصابات "داعش" الارهابية.  

-      كيف تعللون فشل الجيش العراقي في مواجهة "داعش" ونجاح قوات "البيشمركة" بصدها؟

- في الحقيقة، النجاح الذي تحقق يعود الفضل فيه الى التعاون والتنسيق الجيد بين قوات الجيش العراقي وقوات "البيشمركة". فلاحظنا انه خلال اسبوع واحد تم تغيير موازين القوى لصالح هذه القوات المشتركة التي تعاونت معها قوات الحشد الشعبي من ابناء العشائر والمواطنين. وبهذا الشكل الوطني المتكاتف وبمساندة طيران الدول الصديقة يمكننا التصدي لعصابات "داعش" الارهابية، التي لديها خبرة بالإجرام والقتل وبين صفوفها ارهابيون من جنسيات مختلفة.

- هل يمكن اعتبار استعادة السيطرة على سد الموصل نموذج لهذا التعاون مثلاً؟

السفير: بلا ادنى شك، وليس فقط تطهير سد الموصل من العصابات الارهابية، بل تطهير الكثير من مناطق محافظتي ديالى وصلاح الدين ايضاً. وقد حققت قواتنا المسلحة العراقية الباسلة، تساندها العشائر العربية في محافظة الانبار، نجاحات جيدة  حيث تمكنت من فتح الطريق المؤدي الى الحدود العراقية مع الاردن الشقيق والطريق المؤدي الى العاصمة بغداد، ومن هنا اهمية وضرورة تلاحم العشائر مع القوات المسلحة لتطهير العراق من "داعش".

- الكثير من الأتهامات وجهت لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي بانه كان يمارس سياسة طائفية شيعية ضد ابناء الطائفة السنية.. فهل تعتقدون ان هذا ربما كان احد الاسباب التي جعلت ابناء الطائفة السنية يشعرون بالظلم والحيف وبالتالي وقعوا فريسة في ايدي من يسمون انفسهم "تنظيم الدولة الاسلامية"؟

- في الواقع، انا لا اعتقد بذلك ..لماذا؟ لان السنة لهم مشاركة حقيقية في الحكومات العراقية التي تعاقبت بعد عام 2003، ولديهم العديد من المناصب السيادية ووزراء، اضافة الى ان رئيس الجمهورية (سني كوردي) ورئيس مجلس النواب العراقي (سني عربي).. وهناك الكثير من كبار المسؤولين في الحكومة ومؤسسات الدولة من الطائفة السنية الكريمة، ولهم الاغلبية في مجلسي محافظتي نينوى والانبار. والحكومة الجديدة برئاسة السيد حيدر العبادي منفتحة بشكل كبير على كل المكونات.. وخلال هذه المدة القصيرة قطعت الحكومة اشواطاً كبيرةً لتعزيز الثقة بين المكونات العراقية، والامر كله متعلق بالتطور الديمقراطي في العراق، حيث تحركت قاطرة التغيير والبناء نحو الامام ولا مجال لعودتها الى الوراء.. ولهذا انا متفائل بشكل كبير.

-      هنالك من يوجه اتهامات بأن ثمة عناصر بالجيش او بين العشائر من الموالين للنظام السابق، لعبوا دوراً في تحقيق النجاح لـ "داعش"..

- بلا شك ان لدى عناصر حزب البعث وجود في هذه الاحداث، وهناك معلومات مؤكدة تشير الى وجود منتسبي هذا الحزب وضباط الجيش السابق بين صفوف تنظيم "داعش" الارهابي، لانهم منذ اليوم الاول من سقوط الدكتاتورية الصدامية في عام 2003 اخذوا يناصبون العملية السياسية العداء ويحاولون استعادة نظامهم البائد الذي وفر لهم امتيازات كثيرة وحقق لهم مصالحهم على حساب الشعب والوطن.

-   سعادة السفير، الا تعتقدون ان دعوة حزب البعث الى المشاركة في العملية السياسية الجارية في بلادكم حالياً سيجنب العراق المزيد من الدمار والخراب؟

- الدستور الذي صوت عليه غالبية الشعب العراقي في عام 2005 يحظر نشاط حزب البعث ويعتبره منحلاً منذ سقوط نظامه الدكتاتوري في 9 نيسان 2003.

- حزب محظور !

- نعم حزب محظور حسب الدستور العراقي، ولكن الحكومة العراقية عفت عن الكثير من منتسبي هذا الحزب الذين اجبروا على ذلك خلال عملية تبعيث المجتمع التي مارسها النظام البائد.  وتوجد لدينا "هيئة المساءلة والعدالة" وهي الجهة المعنية  بالتحقيق والتدقيق مع منتسبي حزب البعث المنحل من ذوي الدرجات الحزبية المتقدمة، حيث يتم الموافقة على ابقاء الموظفين منهم في دوائر الدولة او احالة من تثبت اساءته لمصالح البلاد على التقاعد فيما يحال من تلطخت اياديهم بدماء الشعب العراقي الى القضاء. 

ويوجد لدينا في قوام وزارة الخارجية العديد من الموظفين القدامى ممن كانوا منتسبين الى ذلك الحزب المنحل، وهم يمارسون اليوم مهمامهم الوظيفية بشكل طبيعي سواءاً داخل الوزارة او في بعثاتها الدبلوماسية خارج الوطن.

-      من وجهة نظركم، ما هو السبب الحقيقي لسحب السيد نوري المالكي ترشيحه لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة؟

- برأيي، ان سحب دولة رئيس مجلس الوزراء السابق السيد نوري المالكي لترشيحه كان مهماً جداً واثبت بأنه ليس دكتاتوراً وانه حريص على عدم  اعاقة تطور مسيرة العملية الديمقراطية السياسية في العراق. وقد وفر سحب ترشيحه كذلك افاقاً رحبةً لتشكيل حكومة جديدة ومستقبل واعد للعراق.

-      سعادة السفير، يرى الكثير من المحللين بأن استقالة المالكي كانت سبباً في عودة الوزراء الكُرد الى الحكومة.. كيف تفسرون ذلك؟

 - في الحقيقة، كانت توجد مشاكل في الحكومة الماضية.. وكل حكومة ائتلافية توافقية بهذا الحجم الكبير كحكومة دولة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي لابد وان يعتريها الكثير من الاختلاف في وجهات النظر والمصالح. وقد اثبتت التجارب السياسية بان الحكومة المشكلة من حكومات الاغلبية هي بلا شك اقوى من الحكومات الائتلافية. ولكن الوضع المعقد في بلادنا حالياً والنسيج الاجتماعي يتطلب تشكيل حكومات توافقية تشارك فيها ممثلو كل المكونات القومية والطائفية والاثنية من النسيج العراقي.

اما تشكيل حكومة أغلبية حسب مايرى البعض فاعتقد ان حظوظها في النجاح معدومة في ظل الاوضاع الراهنة في العراق، وبالعكس اذا كان السنة والشيعة والاكراد مشاركون حقيقيون في حكومة الوحدة الوطنية سيكتب لها النجاح وسيبعد شبح تقسيم العراق لا سامح الله.

ان تشكيل حكومة اغلبية محكوم بنضوج العملية الديمقراطية في العراق عندما تتوسع رقعة الاحزاب الوطنية بعيداً عن تمثيلها السياسي المقتصر على هذا المكون العراقي اوذاك.. احزاب تمثل مصالح كل العراقيين بصرف النظر عن القومية والدين.. احزاب عراقية وطنية كشدة الورد.. وكذلك محكوم بوعي الناخب العراقي، الذي نتلمس تطوره الايجابي بعد كل عملية انتخابية.

لقد شهد الوضع السياسي في العراق تطوراً مهماً بعد الانتخابات الاخيرة، حيث تمكنا والحمد لله من انتخاب رئاسة مجلس النواب العراقي ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة وفقاً للتوقيتات الدستورية. 

- هل سيؤدي الانقسام ما بين الشيعة والسنة الى اعادة شبح نار الحرب الاهلية في العراق؟ ومن تعتقدون انه يصب الزيت على نار الطائفية؟

- أنا متفائل بمستقبل العراق.. واليوم متفائل اكثر.

ان الإرهاب في العراق شئ مزري وكارثة إنسانية، حيث نرى في كل بيت عراقي يوجد نازحون عراقيون تركوا مدنهم وقراهم المستباحة من قبل عصابات تنظيم "داعش" الارهابي.. وتشير الاحصائيات الى بلوغ عددهم أكثر من مليون ونصف نازح. ولكن هذه المأساة الإنسانية  تتجلى فيها رغم ذلك وحدة كل العراقيين من العرب والكورد والتركمان والكلدو اشوريين والايزيديين والشبك في وجه الارهاب الاسود.. ومن هنا مصدر تفاؤلي بان الحكومة الجديدة سيكون ادائها احسن من اداء الحكومات السابقة، والوضع الأمني في العراق سوف يكون أحسن كثيراً من السنوات الفائتة.

- هل هذا الأمل وهذا التفاؤل ربما سيكون كفيلاً بولادة تحالف سني شيعي كُردي يؤدي بجمهورية العراق إلى بر الأمان؟

- لا يوجد عندي ادنى شك بذلك.. وإلا سوف يتقسم العراق ليس كما  يردد كثيراً إلى دويلات، بل سوف يتفتت لا سامح الله الى كانتونات وسوف يكون تأثير ذلك سلبياً على العراق وعلى دول الجوار ايضاً. وخاصة ان بعض دول الجوار تعاني من وضع داخلي هش ومجتمعاتها غير متجانسة مذهبياً، فمن المؤكد ان تتأثر بهذا التدهور اذا ما حصل.

- سعادة السفير، في الوقت الذي يراودكم فيه أمل بولادة تلاحم عراقي نلاحظ انه يخالجكم الخوف من تداعيات الاوضاع في المستقبل، فما الذي ترونه حالياً هل بمقدور العراق الحفاظ على وحدة ترابه الوطني أم ربما يكون التقسيم هو الافضل للمكونات المتعايشة عليه؟

- لا خوف مادام توجد عمليه سياسية مستمرة في العراق ، حيث تختلف رؤية الاحزاب العراقية ومواقفها من هذه القضية او تلك. ولكن هذا لا يعني ان الامور سائرة نحو تقسيم البلد.. ليس لدي اي تخوف من ذلك، ولكن من طبيعة الاشياء ان تكون ثمة اختلافات وليس خلافات في تفسير بنود الدستور، ومثال على ذلك يمكننا ان نشير الى  العلاقة بين الحكومة الاتحادية واقليم كوردستان العراق فيما يخص اختلاف الرؤية السياسية لحل بعض الامور كمشكلة النفط ومشكلة البيشمركه ومشاكل اخرى.. فهذه الامور ممكن حلها بالحوار والمفاوضات وهو ما يجري الان بين الفرقاء وهذه هي العملية الديمقراطية. والكورد بالواقع مشاركون حقيقيون في العملية السياسية ومدافعون اشداء عن المصالح الوطنية للعراق.

-       هل ينبغي للاقليم اجراء استفتاء كما اعلن سابقاً؟ وما هو تعليقكم وتوضيحكم على ترحيب رئيس وزراء اسرائيل بقيام دولة كُردستانية؟

- ليس لدي اطلاع على موضوع  الاستفتاء، ولكني سمعت من بعض القياديين في اقليم كوردستان بان موضوع الاستفتاء لا يعني الأنفصال، مجرد استفتاء للرأي العام. وللعلم فان القيادة الكوردية قد اجرت استفتاءاً مشابهاً في عام 1992، وكان معظم المشاركين في التصويت قد صوتوا انذاك الى جانب تقسيم العراق للخلاص من نظام الدكتاتور الشوفيني صدام حسين.. ولكن لم يحصل اي انفصال او تقسيم، بل بالعكس اختار الشعب الكوردي مبدأ الفيدرالية والتي هي معتمدة اليوم في الدستور العراقي.

اما ترحيب نتينياهو فانه على ما اعتقد قد اراد به ان يؤثر تأثيراً سلبياً على قضية أستقلال كوردستان وعلى العلاقات الجيدة القائمة بين حكومة الاقليم وحكومات الدول العربية وعلى التبادل التجاري وعلى الاستثمارات العربية في الاقليم. لقد كان لدى كل الأحزاب الكوردستانية في العراق علاقات نضالية قديمة مع فصائل الثورة الفلسطينية، وشارك الكثير من المقاتلين الكورد في الدفاع عن قضية الفلسطينية وواجهوا الإسرائيلين في سنوات الثمانينات من القرن الماضي .. انها علاقات تاريخية مستمرة لغاية اليوم، حيث يحظى اشقاؤنا الفلسطينيون بقنصلية عامة في اقليم كوردستان، قام بافتتاحها رئيس الاقليم السيد مسعود بارازني وبحضور رسمي وشعبي واسع. لذلك اعتقد ان ترحيب نتينياهو كان سلبياً وليس إيجابياً، ولا يريد الكورد ترحيباً من دولة تقوم قواتها المسلحة في غضون اسبوعين من قتل أكثر من ثلاثة آلاف مدني فلسطيني اعزل، بينهم عشرات الاطفال والنساء والشيوخ.. كما ان الكورد  لا ينتظرون من  دولة مثل إسرائيل الأعتراف او عدم الأعتراف بهم.

سعادة السفير، هل ترون ان هناك حلقة وصل بين الإرهاب الذي يجري في العراق والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ؟

- الموقف العراقي واضح من القضية الفلسطنية.. فنحن نساند مطالب الشعب الفلسطيني الشقيق في كل المؤتمرات الدولية بعيداً عن المزايدات القومية الفارغة التي كانت سائدة  في عهد صدام حسين. وتحرص حكومتنا العراقية في الوقت الحاضر على دعم ومساندة اشقاءنا الفلسطينيين في داخل وطنهم وخارجه وبدون ان تتدخل في شؤونهم الداخلية.

 ومن المؤكد ان ثمة فرق بين ارهاب الدولة وإرهاب المنظمات المتطرفة، ولكن هدف الارهاب بشقيه واحد وهو الانسان. ففي غزة استهدف إرهاب الدولة الأطفال والمواطنين  العزل والعوائل الفلسطينية الآمنة تماماً كما هو الحال في العراق حيث استهدف تنظيم "داعش" الارهابي المواطنين المدنيين الابرياء من العرب والكورد والتركمان والكلدو اشوريين والايزيديين والشبك. لذلك نحن ضد الارهاب بكل اشكاله، لاسيما ونحن قد عانينا  لسنوات من إرهاب الدكتاتورية الصدامية ضد الشعب العراقي .. اننا لا ننسى أبداً جرائم النظام المقبور باستخدام الاسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً ضد الشعب الكوردي، ولا ننسى تجفيف الاهوار في جنوب العراق، ولا ننسى كل الجرائم الارهابية الاخرى ضد شعبنا العرقي وضد شعوب المنطقة لاسيما جريمة غزو الكويت الشقيق.

-       سعادة السفير، ما هو موقف بلدكم من الاحداث الاخيرة في شرق أوكرانيا على الحدود مع روسيا؟ وهل حكومتكم تعتبر "شبه جزيرة القرم" ارض أوكرانية السيادة ام روسية؟

- لقد كان موقفنا واضحاً بخصوص الاوضاع الاخيرة المؤسفة التي اندلعت بين أوكرانيا وروسيا، وقد عبرنا عنه في بيانين منفصلين اصدرتهما وزارة الخارجية العراقية اذ اكدنا على احترام العراق لوحدة وسيادة أوكرانيا واحترام القانون الدولي، ودعونا الى الحوار بين الاطراف المتصارعة لتسوية الامور وفق المصالح المشتركة والاتفاقات المعنية.

ونحن متعاطفون مع الشعب الأوكراني الصديق ونعتقد ان القيادة الاوكرانية قيادة حكيمة وواعية لمصالح بلدها، ولدينا علاقات جيدة مع الحكومة الأوكرانية. وبالرغم من تدهور الاوضاع فان التبادل التجاري بين العراق واوكرانيا مستمر، وقد بلغ في النصف الاول من العام الجاري أكثر من 400 مليون دولار. ونتوقع ان يبلغ هذا التبادل التجاري في نهاية العام نحو مليار دولار.

-      المعروف ان الكثير من الطلبة العراقيين يدرسون في جامعات ومعاهد أوكرانيا، لاسيما في مدينتي "دونيتسك" و"لوغانسك" اللتين تشهدان صراعاً مسلحاً، فكيف تتعامل سفارتكم مع اوضاع هؤلاء الطلبة؟

- هذا سؤال مهم، فنحن كسفارة والملحقية الثقافية التابعة لها نتابع باهتمام اوضاع الجالية العراقية والطلبة العراقيين وبشكل خاص الاوضاع القلقة في المدن الشرقية، حيث توجد متابعة واتصالات يومية معهم. وتمكنا من خلال علاقاتنا الجيدة مع وزارة التعليم والعلوم الاوكرانية من الاتفاق رسمياً على آلية لنقل الطلبة العراقيين الدارسين في محافظتي "دونيتسك" و"لوغانسك" الى جامعات ومعاهد أوكرانية في محافظات اكثر أمناً وآماناً، وقبل ذلك اتفقنا على تقديم موعد الامتحانات النهائية شهراً واحداً ليتمكن الطلبة العراقيين وزملائهم الطلبة الاجانب من تأدية تلك الامتحانات ومغادرة تلك المحافظتين.

ومن خلال صحيفتكم نناشد جميع الطلبة العراقيين الدارسين في "لوغانسك" و"دونتسك" ممن لم ينجزوا معاملة نقل دراساتهم ان يسرعوا بذلك. ونحن في السفارة والملحقية الثقافية ووزارة التعليم والعلوم الأوكرانية مستعدين لتقديم اية مساعدة في هذا الاتجاه.

ونحن بصراحة نشكركم على الجهود الاعلامية التي تبذلونها،  وصحيفتكم التي تصدر بثلاث لغات العربية والروسية والانجليزية محط اهتمامنا واهتمام جميع موظفي سفارتنا، لانكم  تقدموا خدمة جيدة للمواطن العربي من خلال تعريفه بمختلف الاوضاع في أوكرانيا، ونتمنى لكم التقدم والتطور المستمرين.. وأهلاً وسهلاً بكم دوماً.

كما أننا نهنئ الشعب الاوكراني الصديق بعيد أستقلاله الثالث والعشرين متمنين له تحقيق آماله وتطلعاته بالأزدهار والاستقرار والرخاء.

- شكراً سعادة السفير على هذا اللقاء والى لقاءات اخرى..

 

حاوره رئيس التحرير محمد فرج الله

المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

Поделиться публикацией:
Главные новости
Политика
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
Ближний восток
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Разное
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Twitter

© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.