أوكرانيا بالعربية | أُكْــذُوبــة الـتـعــدديــة الســياســيـة في مصر... بقلم حسن زايد
22.06.2014 - 00:00
المتابع للحياة السياسية المصرية سيكتشف دون عناء أن ما يدور علي السطح يختلف جذرياً عما يدور في الأعماق ، فما يدور علي السطح يشي بأن هناك حياة سياسية فعلية فاعلة حارة وساخنة ، حيث يوجد ما يقارب التسعين حزباً علي الساحة ، والمفترض أن كل حزب من هذه الأحزاب لديه برنامجه السياسي المتميز ، ولديه كوادره التي تعمل علي الأرض بين الجماهير تسويقاً للحزب وبرنامجه السياسي ، سعياً للوصول للبرلمان ، إما كمعارضة أو أغلبية .
وفي الأعماق سنجد أن هذه الأحزاب مجرد بنايات فيها بعض الأثاث المُتَرَّب ، بعضها بنايات تقتصر علي العاصمة ، وبعضها الآخر يمتد إلي بعض عواصم المحافظات ، وأكثرها عراقة قد يغطي عواصم المحافظات ، وقد يمتد إلي بعض المدن الأخري .
كييف/أوكرانيا بالعربية/المتابع للحياة السياسية المصرية سيكتشف دون عناء أن ما يدور علي السطح يختلف جذرياً عما يدور في الأعماق ، فما يدور علي السطح يشي بأن هناك حياة سياسية فعلية فاعلة حارة وساخنة ، حيث يوجد ما يقارب التسعين حزباً علي الساحة ، والمفترض أن كل حزب من هذه الأحزاب لديه برنامجه السياسي المتميز ، ولديه كوادره التي تعمل علي الأرض بين الجماهير تسويقاً للحزب وبرنامجه السياسي ، سعياً للوصول للبرلمان ، إما كمعارضة أو أغلبية .
وفي الأعماق سنجد أن هذه الأحزاب مجرد بنايات فيها بعض الأثاث المُتَرَّب ، بعضها بنايات تقتصر علي العاصمة ، وبعضها الآخر يمتد إلي بعض عواصم المحافظات ، وأكثرها عراقة قد يغطي عواصم المحافظات ، وقد يمتد إلي بعض المدن الأخري . ويقتصر التواجد داخل هذه البنايات في معظم المحافظات علي الموظفين الإداريين به ، وبعض الزوار ممن يهتمون علي استحياء بشأن العضوية في هذا الحزب أو ذاك .
إنه الخواء السياسي إلي حد الهزال . وعلي السطح تجد وجهاء لكل حزب ، دائماً ما يظهرون في وسائل الإعلام ، ليس بالضرورة لأنهم الأكفأ في التعبير عن برنامج الحزب وتوجهاته ، وإنما لأنهم الأقدر مادياً في الإنفاق علي الحزب في مواسم الإنتخابات البرلمانية . وعلي السطح تجد جريدة ناطقة باسم الحزب لا توزع ما يغطي تكاليف طباعتها ، لأنه في الأصل لا توجد الكوادر التي تعد الجريدة بالنسبة لهم النافذة التي يطلون من خلالها علي أنشطة الحزب ومواقفه السياسية علي ضوء توجهه السياسي والأيديولوجي . بل انك قد تجد الجريدة ولا تجد الحزب . وفي الأعماق قد لا تجد الجريدة ولا تجد الحزب ، ولا تجد الوجهاء ، سواء وجهاء السياسة أو وجهاء المال ، ولا تجد الكوادر . ومن هنا فإنني ـ شأن ثلة غيري ـ قد أجد غصة في حلقي ، عندما أسمع ـ أو أستمع ـ إلي بعض اللاعبين السياسيين حين يتحدثون في السياسة ، فتجدهم أساتذة في كل شيء ، أساتذة في المناقشة والتنظير لكافة القضايا المثارة وغير المثارة والمختلقة .
تشعر وأنت تسمع ـ أو تستمع ـ إليهم أن السياسة في البلد بخير ، وأن الأحزاب السياسية مضطلعة بدورها بين الجماهير لولا التضييق الذي تكابد ويلاته من النظام القائم . وفي الأعماق لا تشم بين أحرف كلماتهم روائح عرق العمل السياسي الميداني بين صفوف الجماهير ، وإنما لغة صالونية مكيفة ، تفوح من بين ثناياها روائح العطور الباريسية التي تخلب الألباب ، والكلمات المعطرة لا تروق لخياشيم من إرتوت الأرض بحبات عرقهم ، ولا تطرب لوقع نغماتها آذان قد اعتادت صوت ضربات الفأس ، وخرير المياه وهي تروي الشجر . ومن هنا كان الإنفصام النكد بين السياسيين والواقع السياسي المصري . وقد تضبط نفسك متلبساً بالتميز من الغيظ حين تراهم يشتبكون مع الحياة السياسية باعتبارهم أصحاب حقوق مشروعة في إقتسام " التورتة " مع المقتسمين ، ويستمسكون بنظام القائمة دون النظام الفردي في الإنتخابات البرلمانية ، وأن النظام الفردي يضر بالحياة الحزبية ، ويضعفها ، وقد يقضي عليها .
مع أن الأصل لديهم في الإستمساك بنظام القائمة هو فقدانهم القدرة علي خوض الإنتخابات بالنظام الفردي . والمعضلة التي تواجه الأحزاب المصرية ليس في النظام الإنتخابي المختار ، وإنما في أرضهم القاحلة الجرداء التي لا زرع فيها ولا ضرع ولا ماء ، فليس هناك من الناحية الواقعية تسعون توجه سياسي قامت علي أساسها هذه الأحزاب ، ولا حتي علي مستوي الكون كله ، إذن البرامج متشابهة ، ولا وجه للتمييز أو الإختيار بين حزب وآخر علي أساس التوجه السياسي ، ومن هنا غاب المعيار الموضوعي للمفاضلة بين الأحزاب . ويصبح التعدد الحزبي مجرد أكذوبة شكلية ، وبالتالي تصبح ديمقراطية الصندوق غير معبرة بالفعل عن الإرادة السياسية الغالبة علي الشارع السياسي المصري . وهذا بالقطع يفرز حياة سياسية فاسدة ، قائمة علي الوهم . ومن أجل بناء حياة ديمقراطية سليمة لابد من العودة إلي نقطة البدء ، ونقطة البدء وضع لبنتها الرئيس الراحل / أنور السادات ، عندما أعلن في منتصف سبعينيات القرن الماضي قيام ثلاث منابر سياسية ، وهي الوسط واليمين واليسار ، ثم تحولت هذه المنابر إلي أحزاب .
وما زال تصنيف التوجهات السياسية يخضع لهذا التصنيف . صحيح أن التصنيف الواحد قد يقسم إلي ثلاث تصنيفات فرعية ، ولكنها خاضعة للإطار العام . ثم يبدأ كل توجه في خلق كوادره ، وتربيتها سياسياً ، مع تطبيق النظام الديمقراطي داخل الحزب ، حتي تكون الديمقراطية لدي الكادر قيماً وسلوكاً قبل أن تكون صندوقاً ، ومن خلال هذه الكوادر يجري توسيع القاعدة الجماهيرية المؤيدة لتوجه الحزب . أما قبل أن يتم ذلك ، فستظل التعددية السياسية مجرد أكذوبة ، لأن المواطن المصري بوعيه الآني وثقافته لا ينتخب عضواً في البرلمان لتوجهه السياسي ، وإنما ينتخب نائب الخدمات الذي يتسني له إشباع رغباته وحاجاته ، وغالباً ما يكون هذا النائب هو نائب السلطة ، أو الحزب الحاكم . والسر في حصد الإخوان والسلفيين لأصوات الناخبين هو تلك الخدمات التي كانوا يقدمونها للجماهير ، فضلاً عن الدعوة الملتبسة للسياسة بالدين ، والدين يمثل داخل نفوس المصريين برصيد هائل لا يحتاج إلي دعاية انتخابية . فهل آن للأحزاب المصرية أن تكف عن العبث الحالي ، والعمل من خلال فكر استراتيجي يحفظ عليها
وجودها وتماسكها ومستقبلها ، بدلاً من الهرولة وراء ثمار غير ناضجة ؟ . أتمني ذلك .
حسن زايد
Читать все новости
كاتب مصري ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية
Главные новости
МУС выдал ордер на арест Нетаньяху
ЮНИСЕФ: Более 200 детей погибли в Ливане за последние два месяца
Иран отказался от закупок систем ПВО в России
Ищите нас на Facebook
Ищите нас на Twitter
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.