لماذا يتجاهل بوتين تهديدات ترامب؟
يمثل تجاهل فلاديمير بوتين المتعمد لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تكتيكًا اتصاليًا محسوبًا، يعكس هشاشة الوضع الروسي
كييف/أوكرانيا بالعربية/ في ظل تصاعد الضغوط السياسية والخطابات القوية الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التزامه الصمت وتجنّبه الرد المباشر، في موقف اعتبره محللون محاولةً لحماية صورته المهزوزة داخليًا وخارجيًا.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاستراتيجي السياسي ورئيس مركز الاستخبارات السياسية، أوليغ بوسترناك، خلال مداخلة على قناة "فريدوم" التلفزيونية، أن بوتين لا ينوي التفاعل مع المهلة الأمريكية المحددة لإحلال السلام في أوكرانيا، ولا مع تهديدات ترامب المتكررة.
وأكد بوسترناك أن "لغة ترامب شديدة وقاسية، لكنها تُوظّف في إطار حرب معلومات ممنهجة تهدف إلى الضغط على الكرملين"، مشيرًا إلى أن بوتين يدرك تمامًا أن الدخول في سجال أو رد علني سيُعرّيه كزعيم ضعيف أمام الداخل الروسي والمجتمع الدولي.
ويرى الخبير أن بوتين لا يملك الأدوات الكافية التي تُتيح له ردًا متكافئًا، سواء عبر عقوبات مضادة أو خطوات هجومية دبلوماسية، وهو ما يُجبره على التزام الصمت واستخدام أسلوب المناورة لتفادي الظهور بمظهر الضعف أو الارتباك، خصوصًا في ظل تصاعد العزلة الدولية وانهيار الاقتصاد الروسي نتيجة الحرب.
وفي معرض تحليله، وصف بوسترناك بوتين بأنه "مقامر في ساحة حرب معلومات"، وأن تجاهله لترامب لا يعكس قوة، بل يُخفي انكشافًا استراتيجيًا. وقال: "عدم رده ليس تجاهلًا سياسيًا فحسب، بل محاولة لحفظ ماء الوجه داخل روسيا، حيث تتآكل الثقة حتى بين النخب السياسية".
وأشار الخبير إلى أن ما يجري هو جولة جديدة من الصراع النفسي والإعلامي، حيث يسعى ترامب لفرض سردية القوة والتهديد، بينما يرد بوتين بالصمت والتصعيد غير المباشر عبر تحركات ميدانية أو دبلوماسية، مثل اجتماعه الأخير مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في دير فالام، ما قد يشير إلى محاولات لتوسيع الجبهة أو البحث عن دعم تكتيكي إضافي.
كما لم يستبعد بوسترناك أن تُقدم روسيا على خطوات تصعيدية مفاجئة كرد على التهديدات الأمريكية، من بينها تعبئة جزئية جديدة أو إطلاق مناورات عسكرية على حدود دول البلطيق، في محاولة لإرسال رسائل قوة وهمية لحلف الناتو والغرب.
واختتم الخبير بالتحذير من أن بوتين، في ظل عجزه عن حسم الحرب عسكريًا، قد يلجأ إلى استراتيجيات خطيرة وغير متوقعة، مما يستدعي يقظة من الدول الغربية وتكثيف الجهود لعزل النظام الروسي سياسيًا واقتصاديًا بشكل أعمق.
يُذكر أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دعا مؤخرًا إلى رفع مستوى التفاوض مع موسكو من المستوى الفني إلى مستوى القادة، وذلك ردًا على تصريح بوتين الذي تحدث فيه عن رغبة مزعومة في "سلام دائم"، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة تضليل جديدة من الكرملين دون أي نوايا فعلية لوقف العدوان.
المصدر: أوكرانيا بالعربية
