هجوم نوعي على العمق الروسي: أوكرانيا تستهدف مصفاة نفط استراتيجية في كراسنودار بطائرات مسيّرة

هجوم أوكراني بطائرات مسيّرة يستهدف مصفاة نفط استراتيجية في كراسنودار، ما أدى إلى اندلاع حريق وتعليق جزئي للإنتاج. المصفاة تُعد جزءًا من المجمع الصناعي العسكري الروسي
كييف/ أوكرانيا بالعربية / في تطور لافت يعكس التصعيد المتواصل في حرب الطائرات المسيّرة بين أوكرانيا وروسيا، أعلنت مصادر أمنية أوكرانية عن تنفيذ ضربة دقيقة بطائرات مسيّرة بعيدة المدى استهدفت مصفاة نفط في إقليم كراسنودار الروسي صباح ال 7 يوليو/تموز. وأكدت التقارير أن الضربة أصابت منشأة فنية حيوية داخل مصفاة "إيليا شامارا" لتكرير النفط، ما أدى إلى اندلاع حريق وتعطيل جزئي لعمليات الإنتاج في المنشأة.
وبحسب مصادر تحدثت لـ"سوسبيلني"، فإن هذا الهجوم ليس معزولًا بل يندرج ضمن استراتيجية أوكرانية موسّعة لاستهداف البنى التحتية الحيوية التي تساهم بشكل مباشر في دعم المجهود الحربي الروسي. فالمصفاة المستهدفة، والتي تديرها شركة KNGK-INPZ، تُعد واحدة من أبرز منشآت الطاقة في المنطقة الفيدرالية الجنوبية، وتلعب دورًا محوريًا في تأمين الوقود للقوات الروسية.
البنية التحتية النفطية كأهداف عسكرية
يبدو أن أوكرانيا باتت تُعيد تعريف مفاهيم الاشتباك في الحرب، عبر توجيه ضربات دقيقة للبنى التحتية النفطية الروسية التي تُستخدم لأغراض عسكرية. ويعكس هذا الهجوم تحولاً ملحوظًا في قواعد الاشتباك، إذ تم توسيع نطاق الأهداف ليشمل منشآت طاقة تمثل شريانًا حيويًا لآليات الحرب الروسية. وتؤكد كييف أن مثل هذه المنشآت تُستخدم لتغذية الدبابات والطائرات، مما يجعلها "أهدافًا مشروعة" في سياق الدفاع عن النفس.
تصاعد الهجمات في عمق روسيا
اللافت أن هذا الهجوم يأتي ضمن سلسلة من الضربات المركّزة التي شنّتها القوات الأوكرانية خلال الأيام الماضية داخل العمق الروسي. ففي السادس من يوليو/تموز، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إسقاط نحو 48 طائرة مسيّرة أوكرانية في ثماني مناطق، بما فيها موسكو وكالوغا وبريانسك وسمولينسك. وفي اليوم ذاته، هزّت مدينة نوفوروسيسك الواقعة على البحر الأسود انفجارات قوية نتيجة هجوم جوي وبحري مشترك، تخلله تحليق مكثف للطائرات المسيّرة ودوي صافرات الإنذار لساعات.
كما استهدفت أوكرانيا مؤخرًا معهد أبحاث الكيمياء التطبيقية المرتبط بالمجمع الصناعي العسكري الروسي، ما يشير إلى حملة منسّقة لضرب مراكز الدعم اللوجستي والبحثي التي تُسهم في تطوير الأسلحة الروسية.
انعكاسات استراتيجية محتملة
يحمل هذا الهجوم بُعدًا استراتيجيًا واضحًا؛ فهو لا يُلحق الضرر بالمنشآت فقط، بل يُحرج الكرملين داخليًا ويضعف صورة روسيا كقوة غير قابلة للاختراق. وبالتوازي مع السماح الأمريكي الأخير لأوكرانيا باستخدام بعض الأسلحة بعيدة المدى في العمق الروسي، فإن وتيرة هذه الهجمات مرشحة للتصاعد، ما يزيد من الضغوط على القيادة العسكرية الروسية ويضرب مفهوم "العمق الآمن".
وفي هذا السياق، قال مراقبون عسكريون إن استهداف مصفاة نفطية في كراسنودار يُعدّ رسالة واضحة مفادها أن أوكرانيا قادرة على تقويض البنية التحتية للطاقة التي تمثل عصبًا اقتصاديًا وعسكريًا لروسيا، حتى في مناطق غير حدودية.
إن استهداف منشآت النفط والغاز لم يعد مجرد رسالة رمزية، بل يُعبّر عن تحوّل في التوجهات العسكرية لأوكرانيا، والتي باتت تُدرك أن ضرب الاقتصاد الحربي الروسي قد يكون وسيلة فعّالة لتقليص قدراته الهجومية. وإذا ما استمرت كييف في هذه الحملة المنهجية، فقد تشهد الفترة القادمة تغييرات ملموسة في ديناميكية الصراع، سواء على مستوى الجبهة أو داخل الدوائر السياسية الروسية.
وعليه، فإن ضربة كراسنودار ليست مجرد عملية ناجحة فحسب، بل مؤشر استراتيجي إلى أن الحرب تدخل مرحلة جديدة يُعاد فيها تعريف أمن الداخل الروسي، مع توسيع مفهوم الاشتباك بعيدًا عن خطوط الجبهة التقليدية.
المصدر: أوكرانيا بالعربية
