أوكرانيا بالعربية | تسيبي ليفني يفرش لها السجاد الاحمر في عواصم خليجية حصلت على تعهدات منها بعدم دعم القدس والسلطة.... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/أكدت تسيبي ليفني وزيرة العدل، ورئيسة الوفد الاسرائيلي في المفاوضات الجارية حاليا مع السلطة الفلسطينية انها زارت دولا عربية 11 مرة خلال خمسين يوما الماضية، وقالت في مقابلة مع القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي قبل يومين انها تلقت تعهدات من المسؤولين في هذه الدول بعدم دفع اموال للفلسطينيين ولمدينة القدس المحتلة.
السيدة ليفني لم تذكر اسماء هذه الدول، وان كان من السهولة التكهن بانها خليجية، لان دولا فقيرة معدمة مثل السودان واليمن وموريتانيا وما شابهها ليس من بينها، وليست محسوبة على الدول المانحة، بل الممنوحة، علاوة على كونها ما زالت متمسكة بالثوابت العربية في عدم التطبيع، بل ان دولة مثل موريتانيا اغلقت السفارة الاسرائيلية فيها في خطوة غير مسبوقة عربيا.
الرئيس عباس لجأ الى الدول العربية النفطية لتشكيل شبكة امان في حال ما اوقفت الدول المانحة بزعامة الولايات المتحدة الامريكية دعمها المالي للسلطة كاجراء انتقامي على انسحابها، اي السلطة، من المفاوضات الجارية مع الاسرائيليين، ولكنه لم يجد اي تجاوب من هذه الدول التي ادارت له ظهرها، وطالبته بالاستمرار في المفاوضات تجاوبا مع الضغوط الاسرائيلية الامريكية، حتى لو لم تحقق اي تقدم، وهذا ما يفسر غرق السلطة في ديون تصل الى خمسة مليارات دولار وتضخم العجز في ميزانيتها السنوية بمقدار مليارين آخرين.
المنطق يقول بان الدول العربية هي التي يجب ان تغلق ابوابها في وجه الوزيرة ليفني لان حكومتها احتقرت مبادرة السلام العربية التي جرى وضع الهيكل الاساسي لها في العاصمة السعودية الرياض قبل ان تعتمدها قمة بيروت العربية عام 2002، ولان ليفني مجرمة حرب وكانت وزيرة الخارجية في حكومة غزت قطاع غزة واستخدمت الفوسفور الابيض ضد مواطنيه، ولكن متى كان المنطق يحكم السياسات والمواقف العربية؟
توقيع الولايات المتحدة والدول الخمس العظمى الاخرى اتفاقا نوويا مع ايران قضى على آمال البعض في منطقة الخليج في توجيه ضربات عسكرية على ايران على غرار ما حدث في العراق وافغانستان، الامر الذي دفع البعض الى اللجوء الى اسرائيل كقوة بديلة محتملة، تقوم بدور كلب الحراسة الامريكي الذي تراجعت عن ادائه ادارة الرئيس باراك اوباما.
الرئيس عباس الذي ادمن الشكوى، واستخدم النكوص العربي كذريعة لعدم اتخاذ اي خطوة على طريق مقاومة الاحتلال، والانسحاب من دائرة المفاوضات العبثية المهينة بالتالي، هو الذي تقدم بطلب انعقاد غير عادي لمجلس وزراء الخارجية العرب ليظهر بمظهر من يريد ان يقدم على قرارات صعبة ويضع العرب امام مسؤولياتهم، ولكننا لا نعتقد انه سيخرج عن سيرته السابقة، ويقلب الطاولة على الجميع، كما اننا نشك في حضور عالي المستوى لاجتماع الغد.
الرئيس عباس هو المسؤول الاول عن فتح ابواب ونوافذ العواصم العربية للسيدة ليفني وغيرها من المسؤولين الاسرائيليين باعتباره عراب المفاوضات وابرز المشجعين على التطبيع مع الدولة الاسرائيلية، وكان صادما انه عارض مقاطعة جنوب افريقيا لها، وكرر الشيء نفسه مع العديد من الدول الاخرى لانه يثق بنواياها في تطبيق اتفاق اوسلو وصولا الى الدولة المستقلة.
الوزيرة ليفني تزور بعض الدول الاوروبية وهي متسللة مثل القطة، خوفا من اعتقالها كمجرمة حرب اياديها ملطخة بدماء اطفال غزة الشهداء، ومن المفارقة انها تتولى حقيبة العدل في دولة قامت على الظلم والاغتصاب والقتل وسفك الدماء وما زالت.
***
نتمنى ان يتحلى الرئيس عباس بالشجاعة ولو لمرة واحدة في حياته، ويلقي خطاب العمر من فوق منبر الجامعة، ويفضح مواقف الدول العربية المتخاذل من القضية الفلسطينية والمقدسات الواقعة تحت الاحتلال، الم يقل اكثر من مرة انه يطرق ابواب الثمانين من عمره وليس لديه ما يخسره؟
ندرك جيدا ان تمنياتنا شيء، وشخصية الرئيس عباس وقدراته شيء آخر، فالرجل بات اسير سياسة المناورات والتأجيل، وكسب المزيد، من الوقت في السلطة، ولكن الرابح الاكبر من هذه السياسة هي اسرائيل التي تغير الوقائع على الارض من خلال حملات استيطانية مسعورة.
ننتظر الزيارة العلنية القادمة للسيدة ليفني الى عاصمة عربية، ونعتقد انها ستكون قريبة جدا للاسف، فما الذي سيحول دون ذلك في ظل هذا الهوان العربي.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي
المصدر: أوكرانيا بالعربية