أوكرانيا بالعربية | قـطــــر و الطفل المعجــــزة... بقلم حسن زايد

29.03.2014 - 18:00 #قطر, #حسن زايد

من الطرائف التي أطلقها المصريون في توصيفهم لموقف قطر من مصر ، قول أحدهم أن المنزل الذي ولد فيه أقدم من عمر دويلة قطر ، في حالة من التندر غير المسبوق علي دويلة يتصور نظامها المفتون بوفرة المال في خزائنه أنه بماله قادر علي العبث في أحشاء أقدم دولة عرفها التاريخ الإنساني ، وأن يضع لها تصوراتها عن النظام والإدارة وسياسة البشر. وأن يقف من شعب مصر موقف المعلم الواجب التبجيل ، وأن يقف شعب مصر موقف التلميذ من معلمه . إنها تصورات مريضة لأناس هم في حكم التاريخ أطفال يحتاجون إلي من يعاونهم في قضاء حوائجهم ، وتجفيف مواضعها خشية إصابتهم بالإلتهاب .

كييف/أوكرانيا بالعربية/من الطرائف التي أطلقها المصريون في توصيفهم لموقف قطر من مصر ، قول أحدهم أن المنزل الذي ولد فيه أقدم من عمر دويلة قطر ، في حالة من التندر غير المسبوق علي دويلة يتصور نظامها المفتون بوفرة المال في خزائنه أنه بماله قادر علي العبث في أحشاء أقدم دولة عرفها التاريخ الإنساني ، وأن يضع لها تصوراتها عن النظام والإدارة وسياسة البشر. وأن يقف من شعب مصر موقف المعلم الواجب التبجيل ، وأن يقف شعب مصر موقف التلميذ من معلمه . إنها تصورات مريضة لأناس هم في حكم التاريخ أطفال يحتاجون إلي من يعاونهم في قضاء حوائجهم ، وتجفيف مواضعها خشية إصابتهم بالإلتهاب .

إن التاريخ لن يعطي ظهره لشعب مصر ، لأن هذا الشعب هو الذي صنع التاريخ منذ أدركت البشرية أن لها تاريخ مكتوب علي جدران معابدها . قال أحد الأمراء العرب عندما أراد أن يطيب خاطر مصر عندما تجاوزت قطر كعادتها في حق مصر : " لو بال عليها أحد أحياء القاهرة لأغرقها " . وهي كإمارة لا تتجاوز حدود وصف عبد الناصر لها بأنها : " خيمة وعنزة " . وتاريخها السياسي قياساً علي التاريخ المصري لم يتجاوز حدود الصفر الزمني بعد ، بحيث يصعب وضعها مع مصر في جملة مفيدة ، والتاريخ لا يشتري بالأموال وإلا لاشترت أمريكا تاريخ العالم . وتاريخها السياسي كإمارة قائم علي الإنقلابات العائلية ، حيث ينقلب الأبناء علي الأباء ، وهو واقع غير مشرف علي الإطلاق وغير أخلاقي ، بخلاف إرث الخيانة المتوارث الذي يتأتي من العمالة للقوي الأجنبية في مواجهة المشروع العربي الحلم . من هذا الرحم السياسي الموبوء جاء الطفل المعجزة تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني ، لتمثيل بلاده ـ بوصفه أمير البلاد ـ في مؤتمر القمة العربية المنعقدة في الكويت في دورتها الخامسة والعشرين . فإذا به يتحدث عن مصر ، بصفاقة وإسفاف ، فهو عندما يضع مصر موضع الشقيق لدويلته فإنه يقزم مصر إلي حد يصعب رصده بالعين المجردة علي الخريطة الدولية ، وهو أمر لا يليق ، ولا نقول ذلك من باب التهكم أو السخرية ، وإنما من باب الإقرار بالواقع المرئي ، وتحجيم الأطراف بأحجامهم الحقيقية . فالمترو في مصر ينقل يومياً عدد من الركاب يمثل أضعاف سكان قطر لمن يريد أن يحدد لقطر موضعاً علي الخريطة قياساً علي موضع مصر منها . وحتي هذا اللفظ الذي التجأ إليه الطفل المعجزة لا يعبر في الحقيقة عن واقع وحقيقة العلاقة التي تربط بين الأشقاء كما هو متعارف عليه بين البشر ، وإن كان هذا الأمر غير مستغرب في إطار علاقات الخيانة التي تجري بين أعضاء الأسرة الحاكمة عندهم .

أما عن تمنياته للشقيقة الكبري مصر بالأمن والإستقرار السياسي ودعم تطلعات شعبها ، معرباً عن تمنيه تحقق ذلك عن طريق الحوار ، فهي تمنيات مكذوبة لا تنطلي علي رجل الشارع في مصر والعالم العربي . والدلائل الداحضة لهذا الزعم ، تتمثل في دعم قطر سياسياً ، وإعلامياً ، لكل ما من شأنه ضرب الأمن والإستقرار السياسي في مصر، من خلال سياسة الشيكات وحقائب الدولارات ، التي يحملها دبلوماسييها ، والتي تمول الأنشطة المعادية لتطلعات الشعب المصري ، والمناهضة لأحلامه وطموحاته . فلو كانت مصر شقيقة كبري لتوقف التدفق الغامر المغامرلأموال قطر الحرام التي تغذي الأعمال الإرهابية في مصر علي أيدي مأجورة لشذاذ الآفاق وعصابات الإجرام من الإخوان وأذنابهم . فهل تعاقبون الشعب المصري علي اختياراته ؟ . مصر تعلم أنكم مجرد أيادي قذرة ملوثة بالدماء لأطفال صغار أوكلت إليهم قوي كبري تنفيذ أجندتها في المنطقة ، عرائس ماريونيت جري صناعتها علي عجل لهذا الغرض .

فلست أنت ولا غيرك من هو أهل لإسداء النصيحة لمصر بأن تسعي إلي الأمن والإستقرار السياسي بأي كيفية تريد ، وأن تسول لك نفسك الأمارة بالسوء بأن ترسم لها خارطة طريق تخرج بها من أزمتها . والمفاجأة في حديث الطفل المعجزة تناوله موضوع حصار قطاع غزة ، وهو ما يلمح إلي الموقف المصري المستجد بعد ثورة يونيه من ضبط حركة المرور عبر معبر رفح ، وعبر مئات الأنفاق بطول الحدود مع القطاع ، وما حدث ذلك ـ من الجانب المصري ـ إلا بعد دس حماس أنفها في الشأن المصري ، والدفع بعناصر مسلحة من جانبها للعبث بالداخل المصري سواء في سيناء أو الوادي انتصاراً لجماعتهم الأم / الإخوان . وقد ثبت ذلك من خلال تقارير جهات سيادية وتحقيقات مع من قبض عليه من العناصر التخريبية . ولا نسوق هذا الكلام إلا في إطار البيان لا التبرير حتي تكتمل الصورة في ذهن المواطن العربي ، وكي يكون في مأمن من تلبيس إبليس الذي تمارسه هذه الدويلة بإيعاز من أمريكا والقوي الغربية . ومعبر رفح هو واحد من ستة معابر موجودة علي حدود القطاع ، وحكام قطر لديهم من العلاقات الوثيقة مع الجانب الإسرائيلي ما يسمح لهم بالحديث ، إن لم يكن ممارسة الضغوط عليه ، لفتح معابره ، بدلا من المشاغبة علي الموقف المصري والمزايدة عليه . أو ممارسة الضغوط علي الجانب الحمساوي من خلال إخوانهم الفارين لديهم ، والذين تؤويهم نكاية في مصر ، فيكفوا عن عبث الصغار الذي يمارسونه في الداخل المصري من المتسربين أو المدفوعين من القطاع . إذن فضبط الحركة من خلال المعبر له مبرر سياسي يتعلق بتأمين حدود مصر الشرقية من أي مخاطر أياً كان مصدرها ، كما أن له مبرراً أخلاقياً يتمثل في حماية المصريين من القتل بواسطة التفجيرات والعربات المفخخة من القادمين من غزة . أما موقف الطفل المعجزة من هذا الأمر فهو الذي يفتقر إلي التبرير السياسي والأخلاقي في ظل التواطؤ القطري مع أبناء صهيون ، وأبناء العم سام ، ضد العرب وفي القلب منهم الفلسطينيين . وليت الأمر يقف عند حد التواطؤ ، بل إنه تخطي هذه المرحلة إلي مرحلة العمالة والخيانة فكراً وحركة وتمويلاً .

ثم يأتي بلا حياء ولا تأدب ولا ذوق ليعطي مصر دروساً في الأخلاق والسياسة عما ينبغي أن تفعله ، أو تمتنع عن فعله حيال القضية التي حملتها مصر في موضع القلب منها منذ إعلان قيام دولة اسرائيل وحتي ساعته وتاريخه ، قبل أن تكون هناك قطر ، وهي لا تزال دويلة في عالم الغيب لم تستدع للوجود بعد ، حيث الوجود بالقوة قبل أن تصبح وجوداً بالفعل منذ وقت قريب . ثم يذهب الطفل المعجزة إلي القول : " أنعشت التحولات الواسعة التي شهدتها منطقتنا خلال السنوات الثلاث الماضية ، أمال الشعوب العربية بمستقبل أفضل تستحقه ، وجددت ثقتها بذاتها وشبابها . وإذا تعثر البعض في الوصول إلي الإستقرار بسبب انسداد الأفق السياسي ، فإننا علي ثقة بأنهم سيتجاوزون المخاض الصعب الذي يمرون به ، كما فعل أشقاء آخرون عبر الحوار بين مختلف القوي الإجتماعية والسياسية " . هذا الكلام صادر عن الطفل المعجزة الذي لا شك أنه يعاني انفصاماً في الشخصية ، لأن دويلته لا تمثل واحة الديمقراطية في المنطقة ، فهل يقبل هذا الطفل من شباب قطر أن يجدد ثقة قطر في نفسها ، ويحيي أمل شعبها في مستقبل أفضل تستحقه ؟ . وأن يفتح كوة صغيرة في الأفق السياسي المغلق الذي يحرم الشعب القطري من مجرد المشاركة في الثروة والسلطة في بلاده ، وان يوقف هذا السفه الفج في إنفاق ثرواتها علي نزوات وشطحات الأسرة الحاكمة التي تحكم البلاد بالحديد والنار . ليس هذا من قبيل التدخل في الشأن القطري الداخلي لأن هذا ليس هو الخلق الحاكم في مصر ، حكومة وشعباً وقيادة سياسية . وإنما مقارنة بقصد إدراك ما ينطوي عليه الكلام من مغالطات ، فبضدها تظهر الأشياء . أما حديثه عن الأفق السياسي المغلق الذي الصقت به تهمة عدم الإستقرار فهو كلام لا يقال في حق مصر ، لأن مصر الثورة التي أطاحت برئيسين ، ووضعتهما في السجن ، ورئيسين للوزراء ، وعدد من وزراء العصرين ، لا يقال عنها أن الأفق السياسي فيها مسدود ، لأن انفتاح الأفق أكثر من ذلك لا يعني سوي الفوضي ، وهو أمر غير مرغوب من المصريين . أما عدم الإستقرار يا سيد تمام فأنت تعرف مصدره حق المعرفة ، وتعرف من يمول مخططات هذا المصدر، ومن يقف وراءه ويدعمه علي كافة الأصعدة ، في إطار المخطط المرسوم للمنطقة ، وتمثلون فيه مخلب القط ، آملين أن تجنوا ثمار الخيانة والعمالة . وقد تبدي ذلك واضحاً في دفاعك عن الإرهابيين ، حين أرجعت إرهابهم ـ مبرراً إياه ـ إلي مجرد الإختلاف السياسي وانسداد الأفق المزعوم ، الذي تمثل المتفجرات والأسلحة والعربات المفخخة والقتل والحرق والتخريب أدواته الأثيرة . أما اتهام بلادك بمساندة الإرهاب فلا يرجع إلي فشل الأنظمة القائمة في الحفاظ علي وحدتها الوطنية كما تزعم ، وإنما يرجع إلي واقع موثق لدي هذه الدول . وإن كان الوضع الراهن في مصر الكبيرة قد أغري بها الصغار، ظناً منهم أن فرصتهم قد حانت كي يمثلوا دور الكبار ، فهذا أبداً لن يكون .

وأنت بكلامك عن مصر قد ارتقيت مرتقاً صعباً يا رويعي الخراف .

حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية